أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!















المزيد.....

أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2596 - 2009 / 3 / 25 - 09:49
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



وأخيراً، وبعد طول انتظار وترقُّب، اجترحها أوباما، فلقد وضعوا في يده ما يشبه "عصا موسى" ليشق البحر بها.

إنَّها "الخطة" التي وإنْ كانت في حجم الجبل، مالياً، لن تتمخَّض، هذه المرَّة، عمَّا تمخَّضت به جبال أموال الإنقاذ من قبل، فالرئيس "مبارك حسين أوباما" ولَّى وجهه الآن شطر "النظام المالي الإسلامي" المعمول به جزئياً في البلاد الإسلامية، والذي ينبذ الربا وشروره، مؤسِّساً لعلاقة بين الدائن والمدين تقوم على "تشريك" الربح والخسارة، وكأنَّ أرباب النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة، وعملاً بميكيافلية اقتصادية وطبقية خالصة، لا رادع يردعهم عن طلب العون والمساعدة ولو من "الشيطانين"، الشيوعي من خلال أخذهم بالتأميم، والإسلامي من خلال أخذهم بـ "اشتراكية" الربح والخسارة!

أوباما، الذي اتَّخذ من "الهروب"، وإنَّه لهروب لو تَعْلَمون عظيم، نهجاً سياسياً واستراتيجياً في العراق وأفغانستان..، لم يستطع أن يهرب من "الحقيقة الاقتصادية العظمى" التي تحاصره من كل حدب وصوب، فالمصارف، وعلى كثرة ما حُقِنَت به من حوافز، وما أنزلوه عليها من مَنٍّ وسلوى، لم تشفَ بعد من مرض الإمساك عن الإقراض، فأباطرتها، الذين أتاهم ما حلَّ بهم من حيث لم يحتسبوا، وقُذِف في قلوبهم الرعب يخرِّبون بيوتهم بأيديهم، يقفون على تلالٍ من أموال خرجت ولم تَعُدْ، وإنْ احتفظوا بأوراق مُثْبَتَةٌ فيها حقوقهم المالية، فكيف لهم أن يَسْتَجْمِعوا في أنفسهم جرأة الإقراض، التي طالما حضَّهم عليها كهنة البيت الأبيض؟!

ما العمل من أجل جعلهم يقرضون الأفراد والشركات، فتدب الحياة في اقتصاد لم يشفَ، ولن يشفى، بإذن الله، من مرض الإدمان على الدَّيْن؟

كان هذا هو السؤال الذي تحدَّى "رئيس التغيير" أن يجترح معجزة إجابةٍ له، يمتثل لها الواقع، فيحيي هذا الرئيس عظام "وول ستريت" وهي رميم!

لقد أوحوا إليه من الحكمة ما مكَّنه من أن يرى "الخطوة الأولى"، فالمصارف لن تبدِّل جبنها جرأة إلاَّ إذا أتاها "شارٍ كريم"، أي ساذج، يشتري منها تلك "الأوراق"، أو ما يسمونه "الديون الهالكة المعدومة"، فإذا اشتراها، ولو بـ "ثمن اسخريوطي"، يصبح لديها من "السائل المالي"، ومن الجرأة المسقية به، ما يحوِّل بعضاً من إمساكها عن الإقراض إلى إسهال.

على أنَّ تلك الفكرة، المفعمة حكمة، والتي نفثوها في روع السيد الأسود للبيت الأبيض، لم تُوْلَد في أذهانهم إلاَّ من موت وهم ليبرالي كبير استبدَّ برؤوس كثيرٍ من الجمهوريين، وأفصحوا عنه، غير مرَّة، إذ دعوا إلى ترك النظام المصرفي الغريق ينقذ نفسه بنفسه، أي ترك المصارف ذاتها تتخلَّص من ديونها الهالكة المعدومة بمعونة قانون العرض والطلب؛ ولكن انتظارهم، الذي يشبه انتظار سقوط السماء على الأرض، طال، وظهر لهم هذا القانون الحي إلى الأبد، على ما يتوهمون، على أنَّه هالك هو أيضاً ومعدوم، ويحتاج إلى ما يعينه على استئناف الحياة قبل، ومن أجل، أن يصبح قادراً على إعانة تلك المصارف على التخلُّص، عبر "شارٍ مخلِّص"، من تلك الديون، المانعة لها من استئناف الإقراض للأفراد والشركات.

كان هذا هو الأبيض من الحلول؛ ولكن النظام المصرفي سوَّد وجوه القائلين به من أصوليي الليبرالية الجديدة؛ أمَّا الأسود فكان الحل الذي يقوم على جعل الدولة، لجهة علاقتها بأباطرة "وول ستريت" المفلسين المهزومين، دولة بِرٍّ وإحسان، فتَسْتَجْمِع المال من دافعي الضرائب المغلوب على أمرهم، لتُنْفِق ممَّا رُزِقت في سبيل تشجيع المصارف على استئناف الإقراض. وكان السبيل إلى ذلك أن تشتري الدولة الديون الهالكة المعدومة، وما تيسَّر لها من أسهم المصارف.

وكان يكفي أن تبتسم لهم الدولة هذه الابتسامة حتى يظنون بها السوء والغش، ويرون في ابتسامتها البريئة تكشيراً عن "أنيابها الاشتراكية"، فالدولة، التي هي دولتهم قلبا وقالبا، في السراء والضراء، مُغْرِضة في عزمها على شراء الأسهم، فهي ستتَّخِذ من هذا الشراء مدخلا إلى التأميم، الذي هو رجس من عمل "الشيطان الأحمر".

أوباما أنعم النظر في هذا "الحل الأسود"، الذي يشبه آخر العلاج وهو الكي، فتوصَّل بمعونة من حوله من حكماء لا وزن لحكمتهم عندما يُصْدِر التاريخ حكمه وقد أصدر ـ إلى أن الأخذ بهذا الحل سيُغْضِب "الشعب" و"الطبقة" معاً، فالشعب سيموِّل من لقمة عيشه عملية إنقاذ "وول ستريت"، فإذا أُنْقِذ أباطرة المال من الغرق فسوف يغرق الشعب المموِّل في فقر أشد وأعظم، ويتأكَّد، عندئذٍ، لدافعي الضرائب أنَّ أموالهم هي التي خرجت ولم تَعُدْ. أمَّا "الطبقة" فتخشى أن يتحوَّل "التأميم" من استثناء إلى قاعدة، ومن حلٍّ مؤقت وانتقالي إلى حلٍّ دائم ونهائي.

لقد تذكَّر أوباما أخيراً، وعلى ما يبدو، أنَّه ينتمي، ولو جزئياً وشكلياً، إلى "أُمَّة وسط"، فمزج الحلَّين الأبيض والأسود، ليأتينا بهذا "الحل الرمادي"، فالدولة والقطاع الخاص يتقاسمان شراء تلك الديون الهالكة المعدومة؛ ولكن على الدولة أوَّلاً أن تعرف كيف تغري المستثمرين من القطاع الخاص بشراء تلك الآفات والسموم.

المستثمِر من هؤلاء سيحصل من الدولة على ما يشبه "القرض الحَسَن"، فالدولة المتصرفة في أموال دافعي الضرائب، ستعطيه مبلغاً من المال على شكل قرض زهيد الفائدة، فيشتري به بعضاً من الديون الهالكة المعدومة بثمن بخس.

منتجو ومسوِّقو الوهم، ممَّن قنطوا من رحمة السوق الحرة، غرسوا في رأس هذا المستثمِر من الأوهام ما يغريه بهذا الاستثمار، فهذا الذي اشتراه من تلك الديون بثمن بخس سيترفع ثمنه في القريب العاجل، أو مستقبلاً، فإذا باعه بهذا الثمن المرتفع فسوف يربح ربحاً جزيلاً، وسيعيد، بالتالي، إلى الدولة أموالها، أي القرض مع فوائده الزهيدة.

ومع تضافر الدول والقطاع الخاص على شراء تلك الديون تصبح المصارف قادرة على استئناف إقراضها للأفراد والشركات، فتدور عجلة الاقتصاد.

أمَّا إذا ذهبت الحقائق بالأوهام، وخسر هذا المستثمِر، فعندئذٍ تقاسمه الدولة خسارته، وكأنَّ الدولة تقول له في "خطتها": إمَّا أن تربح ربحاً جزيلاً وإمَّا أن تمنى بخسارة يسهل عليك ابتلاعها.

قد يوفَّق أوباما في حملته لشراء الديون الهالكة المعدومة؛ ولكن تلك الحملة لن تنتهي إلاَّ إلى ما يقيم الدليل على أنَّ النظام كله أصبح هالكا معدوما، يبحث بلا جدوى عن شارٍ له ولو بثمن بخس!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّحدِّي اللغوي!
- -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
- في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
- -أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
- شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
- على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
- وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
- -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!
- أزمة -مقالة الرأي-!
- -العدالة الدولية- بين إقليمي غزة ودارفور!
- حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
- رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
- أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
- -إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
- -تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
- أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
- على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
- أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
- تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
- جريمة الإنكار وإنكار الجريمة!


المزيد.....




- مصر تبحث استخدام زيت الطعام لإنتاج وقود الطائرات
- سفير قطر يتحدث عن استثمارات بلاده في الاقتصاد الروسي
- ترامب يدعو رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى التنحي
- تزايد دعوات مقاطعة السلع الأميركية في ألمانيا
- بكين لواشنطن: لن نكترث لحرب الأرقام الجمركية الأميركية
- بورصة طوكيو تنتعش بفضل محادثات إيجابية بين أميركا واليابان
- 2.6 مليار دولار صادرات الساعات السويسرية في شهر
- 646 مليون دولار أرباح شركة -CSX- بالربع الأول.. هبوط بـ27%
- الصين تُشهر أوراقها الاقتصادية... فهل يتراجع ترامب؟
- ارتفاع أرباح ومبيعات شركة TSMC التايوانية خلال الربع الأول


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!