أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود المحاميد - انهيار سدّ أم انهيار دولة؟















المزيد.....

انهيار سدّ أم انهيار دولة؟


محمود المحاميد

الحوار المتمدن-العدد: 157 - 2002 / 6 / 11 - 06:29
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

الذين يعرفون ما آلت إليه الأحوال في سورية بعد استلام حزب البعث للسلطة منذ أربعين عاماً، يعلمون مقدار الفساد الذي عمّ في أرجاء البلاد، وفي مختلف القطاعات، والحديث في أمر هذا الفساد أصبح حديث رجل الشارع والصحفي والسياسي. ولم يعد الكلام فيه مقتصراً على الأوساط المعارضة، التي لا تقدّر وضع سورية "الواقفة في خطّ المواجهة الأول مع العدو".

ويتداول الناس في هذا قصصاً وأحاديث، مبكية مضحكة، كالذي رواه باتريك سيل (وهو ممن لا يمكن أن يُصنّف في خطّ المعارضين السوريين) في كتابه "الأسد: الصراع على الشرق الأوسط"، عن قصّة مبنى صحيفة الثورة، وكيف تحوّل من عشرين طابقاً (كما كانت أصل المخطّطات الهندسية) إلى عشرة طوابق فقط، إذ أضطر عبد الله الأحمر إلى فعل ذلك، بعد تناقص المبلغ المخصص للمشروع بطريقة مذهلة.

وفي الحديث عن المهندسين ومخطّطاتهم، فإنّ المراجع الهندسية تُشير إلى أنّ السّدود تعدّ من أقوى المباني، ويُقدّر العمر الافتراضي للسدّ بخمسين عاماً، ويمكن بعدها أن يفقد قدراته التخزينية نتيجة لارتفاع مستوى "الطمي" فيه، لا بسبب ضعف جدرانه، وقلّة تحمّله. وهو أمر يجعلنا نتساءل عن السدّ الذي لا يعمّر أكثر من خمسة أعوام؟ وكيف تمّ بناؤه؟ وكيف أنفقت الملايين التي خُصّصت من أجله؟

وبغضّ النظر عن الأسباب التي أدّت إلى انهيار سدّ زيزون في حماة يوم 4 حزيران 2002، يتساءل الكثيرون في سورية وفي غيرها عن إمكانيات الدّولة السورية، التي تُعجزها إدارة كارثة صغيرة، تؤدّي إلى مقتل 20 شخصاً، وغمر خمسة قرى حسب الرواية الرسمية، وتدفعها لطلب العون من الأمم المتحدة؟!

ويتساءل هؤلاء أيضاً عن إمكانيات حكومة البعث السورية للدخول في معركة مع العدو، وهي المعركة التي صُودرت الحريات من أجلها، وفُرضت أحكام الطوارئ، وقُتل وشُرّدت عشرات الآلاف باسم الإعداد لها، طوال 40 عاماً مضت؟ (في المقابلة التي أذاعتها قناة الجزيرة مع الأستاذ هيثم المالح، في 5 حزيران 2002، برّر أحد المتصلين بالبرنامج من داخل سورية اختفاء 15 ألف مواطن، بأنّه مبرّر بداعي المعركة القومية التي تخوضها بلاده!).

وفي التغطية التي قدّمها التلفزيون السوري الرسمي لمأساة انهيار السدّ، لم يستطع المذيع أن يُخفي استغرابه من هُزال الخدمات التي تُقدّم، إذ حضرت مجموعة من سيارات الإسعاف القادمة من كلّ أنحاء سورية، لتقف بعيداً عن المناطق المنكوبة، وصرّح هؤلاء عبر التلفزيون السوري أنّهم لا يعرفون لماذا أرسلوا؟ وأنّهم لم ينتشلوا أحداً، لأنهم لم يدخلوا إلى القرى المنكوبة أصلاً؟

وبالتأكيد فإنّ سيارة إسعاف قديمة لا يمكنها أن تقترب من المياه، فضلاً عن أن تخوض فيها للوصول إلى أولئك المحاصرين على أسطح بيوتهم مثلاً.

ولكنّ السؤال الذي يستدعي نفسه وبقوّة هو: أين قوات الأمن، والجيش الذي تُنفق سورية ما يُقارب من 50 في المائة من ميزانيتها سنوياً على تسليحه (كما يُشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد)، والذي كان يُفترض به أن يستخدم طائرات ومدرعاته، بل وجنوده، للمساعدة في انتشال المنكوبين والضحايا؟! وهو الذي استخدم كامل قواته البرية والجوية في "مهمات داخلية" معروفة قبل عشرين عاماً!

وفي الحديث عن التغطية الرسمية للمأساة، فإنّ الهزال الإعلامي كان مضحكاً ومبكياً، في إصرار الإعلام على الحديث عن "مكرمة" منح 200 دولار لكل أسرة منكوبة، وألف دولار لأسر الضحايا! ونحن نعلم أنّ سورية لا تملك إمكانيات ليبيا مثلاً (التي ستمنح تعويضاً لضحايا لوكربي يصل إلى 10 ملايين دولار لكلّ ضحية)، ولكنّ الدّولة لن تعجز عن دفع بضع مئات الآلاف من الدولارات (وهي تكاليف الاحتفالات السنوية بعيد تأسيس الحزب وغيره من المناسبات الكثيرة).

وفي الحديث عن هذا المستوى من الأداء الحكومي، وفي ظلّ غياب أبسط مقوّمات التعامل مع الأزمة (لم تقم حتّى غرفة عمليات لمتابعة المفقودين والمتضررين)، فإنّنا لسنا بحاجة للحديث عن إمكانية استقالة رئيس الحكومة، أو حتّى الوزير المسئول عن الأشغال العامة.

في الانتخابات التونسية الأخيرة، التي فاز فيها الرئيس التونسي بنسبة 99.95 في المائة، علّق وزير الداخلية التونسي على الرافضين لهذه النّسبة والمستغربين منها، بأنّ "هذه النسبة سوف لن تثير سوى من لا يعرفون تونس جيّداً"!.

ووحدهم الذين لا يعرفون سورية جيداً هم من سيستغربون من قصّة السدّ، وما تلاها وما سبقها!

__________ 

* كاتب سوري - حلب

أخبار الشرق - 10 حزيران 2002



#محمود_المحاميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمود المحاميد - انهيار سدّ أم انهيار دولة؟