|
نحو نقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / الموقف من المسألة الكردية
ثامر قلو
الحوار المتمدن-العدد: 2594 - 2009 / 3 / 23 - 09:07
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
لقد حملت الماركسية الحزب الشيوعي العراقي وجماهيره وزر القضية الكردية منذ انطلاقتها حتى هذه الايام ، انطلاقا من المبدا الاساسي في الماركسية الذي يدعوا لمنح الشعوب المظطهدة حق تقرير المصير ، وعلى خلفية ذلك ، دفع الوف الشيوعيين واصدقاءهم ثمنا باهضا على طريق نصرة القضية الكردية المشروعة ، رغم أن ذلك المسيرلم يكن مفروشا بالورود دائما ، فقد شابه التوترات بين الطرفين في بعض الاحايين ، ولا سيما عندما كان الحزب الشيوعي العراقي يحاول الانطلاق بعيدا في نشر فكره وممارساته السياسية عن سطوة القوى الكردية المتنفذة .
تقدم الايام والسنين ، واذا بالقضية الكردية تتطور شيئا فشيئا ، وتبلغ مستوى متقدم من الاستقلالية في اعقاب انتفاضة اذار وتدخل الجمعية العامة للامم المتحدة بفرض مناطق آمنة للشعب الكردي في كردستان العراق بعيدا عن سيطرة النظام الدكتاتوري البائد ، وتنطلق التجربة السياسية للاحزاب الكردستانية في المناطق الشمالية بمشاركة الحزب الشيوعي العراقي ، وأطلق الحزب في بداية العقد الاخير من القرن الماضي مشروع الفيدرالية لكردستان العراق ، وحينها لم يكن سبق تداول الفيدرالية من اي جهة سياسية كردية أو عراقية . تتطور الاحداث السياسية في المناطق الكردية ، نحو محاولة بناء التجربة الديمقراطية ، وهذه تعني الدخول في المنافسات السياسية مع الاطراف السياسية الاخرى ، فقد وجد كثيرون تخلفا في تطور صور المنافسات ، فكيف يدخل المنافسة حزب عراقي ، هو الحزب الشيوعي العراقي مع الاحزاب القومية الكردية في ظروف ووضع ، لا يتجاوز في افقه الصراع السياسي على تحقيق الحقوق القومية للشعب الكردي وضرورة التحرر من الدكتاتورية ؟
حقا، كيف يتبارى وينافس سياسيا حزب عراقي الملامح مع الاحزاب الكردية الاخرى حول قضية سياسية ، تعتبر هي قضيتهم في الاساس ؟ اذن ، للضرورة السياسية ، كان لابد للحزب الشيوعي العراقي من تطوير ادواته وبرامجه السياسية لكي تتناسب مع الاحداث السياسية المستجدة في الساحة الكردستانية ، وبذلك تم تطوير منظمة الاقليم لتتحول الى الحزب الشيوعي الكردستاني ، وكانت حدثا مهما وتاريخيا بالنسبة للشيوعيين الكردستانينن رغم التأخر الذي واكب ذلك التحول ، فقد خرج من صفوف الحزب العشرات وشكلوا منظمات كردستانية اخرى قبل حدوث التحول المذكور .
الملفت والمثير بعد هذا التحول في هيئات الحزب ، عجز قيادة الحزب الشيوعي العراقي عن استثماره لمصلحة الحزب عموما فقد ظلت القضية الكردية ، قضية اساسية ومركزية في طروحات وبرامج وممارسات الحزب الشيوعي العراقي ، بدلا من أن يتفرغ للقضية الحزب الشيوعي الكردستاني وهي قضية الحزب المركزية منطقيا وواقعيا باعتبار انه حزب كردستاني . يخسر الحزب الشيوعي العراقي الكثير ، لا سيما بعد سقوط النظام الدكتاوري بسبب مساندته المكشوفة للقضية الكردية ، على اعتبار أن سقوط النظام ، أفرز صراعات جديدة ، صراعات عرقية ومذهبية لا يجوز مطلقا أن يدخل الحزب الشيوعي طرفا في أي معتركاتهم ، فقد كان مبررا بعض الشي ، أو كله مساندة الحزب الشيوعي العراقي للقضية الكردية قبل سقوط النظام الدكتاتوري على اعتبار ذلك الدعم والمساندة السياسية المقدمة من الحزب للقضية الكردية ، تدخل في بوابة اسقاط النظام الدكتاتوري ، فقد كان العراقيون يتقبلون أي محاولة ، دون النظر لمدياتها ، تستهدف النظام بالثناء ، اما بعد السقوط ،باتت الموازين تختلف ، فصار ينظر للصراع الكردي في العراق من قبل كثيرين على انه صراعا بين مكونين ، أو أكثر لا يبني أحدهم سعادته الا على تعاسة الاخر ، فكيف اذا يدخل الحزب الشيوعي طرفا في هذه الصراعات ؟
لا استطيع أن انسى مناشدة رفيق الحزب الفنان فيصل لعيبي قيادة الحزب النأي عن تسلم مسؤولية لجنة تطبيق المادة 140 التي تخص مدينة كركوك ، محذرا هذه القيادة ومنوها لهم بان حل قضية فلسطين هي أسهل من حل قضية كركوك ، فأنا لا يساورني أدنى شك من صوابية هذا الراي ، كما لا يساور الاغلبية من العراقيين حسب كل المعطيات المتوفرة في الساحة السياسية العراقية ، لكن القيادة هرعت وما زال بعضهم يهرعون لتطبيق الحل المنشود ، دون النظر للعواقب الوخيمة لاي حلول منتظرة ، ثم ما الذي يجعل قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، وضع الحزب في الامكنة التي لاتقدم شيئا ايجابيا لمسيرة الحزب ، أليس ثمة مشروعية لمثل هذه التساءلات من جماهير الحزب وأصدقاءه ، ومن الجماهير العراقية عموما ؟
لم يكن الدخول طرفا في حلحلة قضية كركوك ، آخر المطاف ،حتى لو تم الامر بقرار مستقل ، وحدث عن قناعة ، الغرض منها تقديم الخدمة للمجتمع العراقي ، فقد فاقم الحزب تخبطاته أكثر، عندما دخل الانتخابات المحلية طرفا مع التحالف الكردستاني في المناطق التي لا نبالغ عند تسميتها بالمناطق الساخنة عرقيا في العراق وهي مناطق الموصل ومناطق ديالى ، فكيف تبرر قيادة الحزب الدخول طرفا مشاركا مع أحد الاطراف المتخاصمة في هذه المناطق ، كيف دخل الحزب طرفا في صراعات الموصل ، والمحافظة تشهد غليانا عرقيا ، شاء من شاء ، وأبى من أبى؟ مثل هذه الممارسات تدفع الحزب للتخلي عن عمقه العراقي ، وهي الساحة العراقية كلها ، ويتقوقع في مساحة ضيقة ، بينما يفترض أن يحمل أمرها الحزب الشيوعي الكردستاني في حال اقتنع الشيوعيين العراقيين بصوابية الفكرة ، والا ما جدوى تشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني ؟
في الماركسية ، هناك قوانين أساسية ، من قبيل الشكل والمضمون والجزء والكل ، يسخر في العادة حسبها الشكل للمضمون ، أو الجزء للكل ، لكن العجب أن يسخر الحزب الشيوعي العراقي وهو الكل لخدمة الحزب الشيوعي الكردستاني وهو الجزء ، أليس هذا تناقضا غريبا يتكرس في ممارسات الحزب الشيوعي العراقي؟
للاكراد قضيتهم المشروعة، بما في ذلك حريتهم المطلقة بالانقصال ، ويحق لهم الدفاع عن حقوقهم بكل الطرق ، ولكن للحزب الشيوعي العراقي قضية اخرى ، وهي قضية الشعب والوطن ، ينبغي له الدفاع عنها بكل الطرق ، وليس بالضرورة أن تلتقي الفكرتان في كل شي دائما ! على أية حال ، لقيادة الحزب ممارسات ، قد تكون بريئة ، وهي كذلك حقا ، لكن متى يرحم التأريخ المغفلين؟
#ثامر_قلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي / قطب لليسار العراقي
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي /عاشقوا الحزب ويلكم !
-
نحو تقويم مسيرة الحزب الشيوعي العراقي/ الحلقة الاولى
-
هل يحقق العلمانيون مفاجأة كبيرة في الانتخابات المحلية ؟
-
طائفي يلعن الطائفية ، فهل تصدقون!؟
-
هل لليسار الشعبي موقف من الاتفاقية العراقية الامريكية ؟
-
بعد أن هدأت العاصفة ، هل استوعب مسيحيوا العراق مضار المادة 5
...
-
قراءة في المشهد العراقي .....3 _ الاكراد بين خيارين أحلاهما
...
-
قراءة في المشهد العراقي ....2 ..ثورة العشيرة على المليشيات ا
...
-
قراءة في المشهد العراقي ....1 ..تطورات الموقف الامريكي !؟
-
نحو بلورة التيار المعارض في الحزب الشيوعي العراقي ؟
-
انهيار الائتلافات الطائفية ، يشرع الانطلاقة لاقامة المشروع ا
...
-
لماذا يؤرق قانون النفط حكومتنا الموقرة ؟
-
يوما .... كانت مواقف الحزب الشيوعي بوصلة للوطنيين العراقيين
...
-
هل يشهد الائتلاف الشيعي أيامه الاخيرة ؟
-
أميركا أربع سنوات من الاحتلال يكفي !
-
نصيحة لقادة القائمة الوطنية العراقية حول التطورات الاخيرة في
...
-
ويل للمالكي، اخفاق خطة أمن بغداد !
-
هل استفاق التيار الليبرالي العراقي من صحوة الحلم الامريكي ؟
-
نثرية الطلباني والمالكي تفوق نثرية صدام!
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|