أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الناجي - إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه على العراق















المزيد.....

إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه على العراق


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 795 - 2004 / 4 / 5 - 08:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


لا أحد يستطيع أن ينكر حق الشعوب المحتلة في مقاومة قوات الاحتلال بشتى الوسائل الممكنة، ولا أن يطعن في مشروعية المقاومة، وهي ليست مثار اختلاف على الإطلاق، مادمت قد كفلتها كافة الشرائع والقوانين كحق مشروع للشعوب المحتلة، ولكن عمق خلافنا اليوم في مأزق العراق التاريخي المعقد مع الأدلجة المزيفة التي تتمحور حول الزمان والمكان، متى وأين، ذلك الهم العراقي الكبير الذي يضع وطنية الجميع أمام امتحان صعب يتجلى بوضوح منظر الاصطفاف فيه عند قراءة وتحديد أولويات النضال وسياقاته في المرحلة الحالية على المستويين الوطني لإنهاء الاحتلال والديمقراطي لبناء الكيان المنشود، دولة المؤسسات.
لم يعد خافيا على أحد دواعي احتلال العراق، ولا حتى طول أمد انتظار هذه الخطوة في دهاليز الإدارة الأمريكية رغم جهوزيتها المبكرة كإحدى ستراتيجيات القوة التي فرضها زمن تفرد القطب الواحد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بداية تسعينات القرن الماضي الى حين تبنيها من قبل إدارة المحافظين الجدد بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 في محاولاتها الرامية لمعالجة ما يواجهها من أزمات وما يقلقها من تحديات، حينما شعرت في لحظة وهن عدم إمكانيتها تجنب ما حصل رغم كل الإمكانيات المادية والبشرية الموظفة لدرء مثل هكذا مخاطر.
لقد أعطى نظام صدام كل مبررات تحويل خطوة احتلال العراق الى واقع فعلي على الأرض، ويحتمل مسؤولية كل الكوارث التي ننوء بها اليوم، بسبب تزمته الساذج، ومراهنته زمن طويل على ممارسة لعبة القط والفأر في إدارة علاقته مع الأمم المتحدة، في واحدة من سلوكياته النضالية الجوفاء، التي انطلت على الكثيرين من الهائمين بالنضالات الوهمية بعد انحسار منصات وثوبهم الثورية، متغاضين عن كل ما جناه العراق والعرب جراء ذلك من تداعيات وانتكاسات.
فقد كان يمعن في انتهاج سياسة المماطلة في الإيفاء بما كبلته خطوته الرعناء في غزو دولة الكويت، رغم كونها التزامات دولية جائرة غير معهودة سابقاً، يرفضها في البداية ثم يذعن لها في الأخير على حساب معاناة يدفعها الشعب العراقي آلاماً تتراكم على ما سبقها من آلام، يسوق تنازلانه بتبريرات واهية تتناسى شطط مباهاته بقيم (مكاونات) البداوة التي يدخرها للمنازلة الوهم، عمد طوال هذه المدة الى أسلوب المتاجرة بمعاناة العراقيين وآلامهم جراء الحصار الجائر المقيت، غير آبه بتراكمات الزمن المهدور، ولا صعوبة تأمين مستلزمات العيش بأدنى شروط الإنسانية والكرامة، ولا التفريط بالكفاءات من أبناء البلد، ولا الاكتراث بازدياد أعداد طيور النوارس المهاجرة الى الخارج بعد أن تقطعت السبل بهم، كل ذلك مقرون باستفحال السياسة القمعية، ديدن الديكتاتورية ومتنفسها في البقاء، ولم تأتي موافقته الأخيرة في الوقت الضائع على قرارات مجلس الأمن إلا بعد أن شعر بدنو نهايته الحتمية، في مناورة مكشوفة كي يبقى مسمراً على كرسييه، متلافياً المواجهة الغير متكافئة، التي كان يطبل لها مع زبانيته، ولا يحسن خوض غمارها كما عهدناه من قبل، بانت جدية نويا العزم الأمريكي هذه المرة أكثر من سابقاتها.
عشرون يوم كانت كافية لسقوط النظام والدولة، وهذا الانهيار السريع أرجأ بعض من المواجهات، بعدما فرضت ظروف الحرب على قوات الاحتلال تخطيها لاهية بزهو حجم انتصارها أو ربما في فسحة لالتقاط الأنفاس، تطول أو تقصر مدة حسمها حسب ما تفرضه عليها الظروف، ستضطر خوضها في قوادم الأيام ضد الكثير من المتضررين المصرين على عنتهم في الدفاع عن مشروع صدام الفردي، الذين يتراكضون وراء العنف والاحتراب، محمومين بروحية القتل والافتراس، وإشاعة حالة اللااستقرار على البلد في محاولة لتعقيد حياة الناس أكثر مما هي عليه.
لقد انتهجت إدارة الاحتلال بعد سقوط النظام مباشرة خطط قاصرة وسياسة غير حكيمة، وتراخي غير معهود في مثل هذه الحالات، باعتمادها على دراسات وفرضيات مسبقة لم تأخذ الواقع العراقي على حقيقته بالفعل، عجزت عن أداء مسؤوليتها في الحماية والقيام بدورها في الحيلولة دون انتشار أعمال التدمير المتقن للبنى التحتية لمعظم المنشأت الحكومية، من حرق ونهب منظم نتيجة يأس المأزومين بسقوط النظام، الذي اتسع نطاقه ليعم مشاركة قطاعات واسعة من الشعب المكبوت بعد أن تمادت تلك المجاميع في واحدة من ممارسات تعبيرها المنفلت تسعى لكسب منافع على حساب المال العام، استطاعت أن تطالها في تلك اللحظة، حين جعلت من أعمال النهب طقوس تتحسس بها حريتها وتكسر كل قيود ارتهانها التي كبلتها الديكتاتورية المنهارة خلال حقبة طويلة معتمة، عانت فيها أقسى الظروف، تلظت من أهوال الحصار الجائر على مدى ثلاثة عشر سنة.
لقد ساعد الفراغ الأمني الحاصل نتيجة قصور قوات الاحتلال وتقاعسها عن أداء مهامها على تنامي أعمال الجريمة المنظمة وعبث شبكات المتاجرة بالمال العام والتهريب الى خارج البلد، طالت هذه الأعمال معظم ممتلكات الدولة، بما فيها الآثار، وحتى بعض ممتلكات الأهالي.
أعقبتها بعد ذلك صدور قرارات متسرعة عالجت ملفات حساسة بطريقة قاصرة، تعني شريحة واسعة من المجتمع، مثل حل وزارتي الدفاع والأعلام وبعض الدوائر الحكومية الأخرى، كل ذلك زاد من تأثير الثغرات العميقة داخل المجتمع الناشئة بسبب اهتزاز قيمه الاجتماعية إثر هذا التغيير الشامل السريع الذي طال النظام والدولة، وما تبع ذلك من إفرازات عديدة لممارسات قوات الاحتلال على الأرض، وسعت من مساحة المتضررين وزادت من رقعة ردود الفعل لأعمال العنف، التي هيأت أجواء مناسبة لتنامي النقمة، أضافت زخما ساعد على اشتداد وبروز المواجهات المؤجلة مع الحالمين في الضحى بعودة الزمن الى الوراء.
إن من سخرية القدر أن يتوافق معهم في تفريخ الإرهاب والرعب بعض العرب ممن ينوء بعقدة العداء لأمريكا، الذين راحوا يتقافزون من خارج الحدود على عجل، يحمل كل إرثه المتهالك المليء بالضغائن، يطمح في الخلاص بإشاعة الخراب على أرض العراق، أولئك الوافدين الذين يلوكون إرهابهم بالإسلام، ظلاميين مغيبين بأوهام الوقوف على باب جنة الله يطرقونها بزناد المفخخات التي تحيل أجسادهم النتنة والأبرياء من أبناء البلد الجريح الى أشلاء متناثرة.
يناصر هذه الأعمال اللاانسانية شلة من الموهومين التي قولبها الزمن نواعير تفرغ ما امتلأ في جوفها كل دورة، نهازي فرص، ابتلينا بتنظيراتهم، والغريب أن بعضهم كان من ضحايا النظام، لاك المرارة أيضا وارتضى أخيراً الاصطفاف مع مشروع الجلاد الفردي بالعودة الى حيث ما صار في حكم الماضي مركون في مزبلة التاريخ ضد تطلعات الشعب وآماله.
في هذا الزمن الصعب الذي يعصف بالعراق، يتراقص البعض من الثوريين العرب عهراً لتلك المناظر المحزنة التي صاروا يحسبونها في عرفهم المأزوم دفاعاً عن المشروع القومي المخروم أصلا حد النخاع، حتى في أيام سطوته، أولئك ممن ارتضوا مقايضة الموقف والمبدأ بالهبات السيئة الصيت، أو من الذين كانوا يمنون النفس في أخذ دورهم بالرصف على قوائم العطايا البرميلية.
أن عجلة الزمن دوارة ولن تنتظر أحد ممن تخلف عنها ولأي سبب كان، فلا يصح إلا الصحيح، ولم يرحم التاريخ يوماً من حاول أن يقف بالضد من أماني الشعوب، لنزوة عابرة أو موقف خاطئ كان يحسبه الصواب، ونحن العراقيون لنا في ذلك عبر كثيرة، حري بنا الآن أن نتلمس واحدة منها وردت في كثير من مذكرات البعض من رجال الانقلاب الدموي في عام 1963 حين استقتلوا فيها بكل ما يملكونه من قوة، عبر محاولاتهم للتنصل من دماء ضحاياهم، ينشدون بياض الوجه في أخر أيام العمر، يروم الواحد منهم على انفراد أن ينسل من مسؤولية فعل أو موقف تقبله بالأمس وقت العنفوان، وصار اليوم رجس لا يتشرف به أحد.
ترى ماذا يخبأ الغد لكل الذين راحوا اليوم يقومون بأعمال العنف، يعرضون العراق والعراقيين للمخاطر، يشيعون الخراب في كل مكان، والآخرين ممن يستلون ألسنتهم السليطة وما يكتبونه معاضدين ما يسمى بهتاناً بالمقاومة، يزايدون بأسم الوطنية المسفوحة غدراً بأيديهم من قبل.
أن قطرات دماء الضحايا من العراقيين ما انفكت تسيل من بين أيادي الفاعلين، وكلمات المتقولين، وأوراق المحبرين، وهم شركاء في تنفيذ تلك الجرائم البشعة، لا تنقذهم كل حرفنة التباري والتراشق بالكلمات الذي يجيدون، ولا تشفع لهم بكائياتهم على العراق المحتل، ولا أظن ستنطلي على أبناء العراق كل محاولاتهم في لي عنق الحقيقة وتبرير مقاصد تلك الجرائم كي يستروا عورات العنف والإرهاب الذي تنفرد له أساريرهم، بعدما فضلوا البقاء مرتهنين لارتباطاتهم ومواقفهم السابقة، يعومون بالنظرة القاصرة بعيدين كل البعد عن الواقع ولا يعيرون أي اعتبار للظروف الموضوعية والذاتية، التي يمر بها البلد، واضعين المصالح الضيقة نصب أعينهم، لا يريدون أن يفقهوا شيئاً من هول وجسامة حياة العراقيين السابقة واللاحقة، بعيدين كانوا ولا زالوا، عن استمرار معاناتنا ومشاكلنا كل هذه السنين، ندرة الماء الصالح للشرب، انقطاع الكهرباء، عجز المستشفيات بسبب شحة الدواء، أهوال معاناة الحياة التي تزيد أعمالهم من شظف العيش بفقدان الأمن والأمان، وما ينسحب على ذلك من ارتفاع في الأسعار، وهم لا يعلمون نتائج مقاصدهم التي صار جل الضحايا فيها من العراقيين قبل قوات الاحتلال، تلك الأعمال التي ترتع بظلها جرائم القتل والسرقة والتسليب والخطف وكل الشائنات، لا يدركون ما يدركه غيرهم من أبناء العراق ممن أثروا العمل والبناء على الكلام والسفططة وراحوا ينطلقون عن دراية وفهم غير آبهين بمن تخلف في تحديد متطلبات وأسلوب النضال الوطني وأولياته في الوقت الحاضر يحدوهم الأمل بإنهاء الاحتلال ولو بعد حين.
أن من يدعي الوطنية الحقة عليه أن يفرد متسعاً من الحكمة في طروحاته ويضع مصلحة العراق وأهله فوق أي اعتبار، يعمل أولا على شل الجراحات الغائرة الندية التي طال تدفق نزفها بعد كل سنين الحصار العجاف، يقف وسط الخراب مع الجميع، ولو بالمشاعر والنوايا الطيبة، للشروع في البناء، وصد الأخطار المحدقة بالعراق والعراقيون من خلال مشاركته في إرساء الثوابت الوطنية التي يجتمع عليها الجميع بكافة أعراقهم وأديانهم وطوائفهم كي يأخذ دوره في سبيل أعادة سيادة العراق واستقلاله والتصدي بحزم لمعالجة كل الإخفاقات والنواقص التي يراها بعيداً عن المهاترات والاصطفاف مع المشروع الفردي للنظام المقبور، ذلك هو الذي قلبه على العراق بحق.


العراق



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الذكرى السبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي... صار ...
- قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
- قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر
- التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق
- صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غالي ...
- بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
- الدم ينتصر على السيف


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الناجي - إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه على العراق