أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد هادف - الشرط الغائب في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط*الجزائر في أفق 2012(الحلقة السابعة)















المزيد.....


الشرط الغائب في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط*الجزائر في أفق 2012(الحلقة السابعة)


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 09:28
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحلقة السابعة)
الشرط الغائب في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط*
هل أقطار جنوب المتوسط تتوفر على شرط أهليتها كشريك في هذا المشروع؟

مع صيف 2012، يكون قد مر على الجزائر المستقلة نصف قرن. ثلاثة أعوام تفصلنا عن ذلك اليوم. فما الذي سيحدث خلال هذه السنوات التي تفصلنا عن 2012؟ وكيف سيكون العالم وقتئذ؟ وهل ستكون الجزائر على ما هي عليه اليوم؟ أم أسوأ؟ أم تكون قد أسست زمنها الجديد، زمن الديموقراطية والسلم والعدالة؟ وهذا ما نتمناه، ومانعمل في سبيله. لقراءة الحلقات السابقة اضغط على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=150547
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=139145
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=139541
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146973
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=148506
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=150240

يوشك العالم أن يطوي عشريته الأولى من قرنه الجديد، وهو لا يزال يغالب مشاكله وأزماته التقليدية التي ما انفك يعيشها منذ قرون، ومنذ أن جعل أعداء الحياة من المكر وسيلتهم المثلى للسيطرة، وبثوا بذور الحقد والعنف داخل الشعوب وفي ما بينها، كما ظل البحر الأبيض المتوسط مجالا جيوسياسيا حيويا للحضارات والأمبراطوريات على مر العصور. ولأن الجغرافيا معطى ثابت فإن هذا البحر يشهد، مع مطلع قرنه الجديد، طبعة جديدة من الأزمات التي تزداد تفاقما بفعل اللاتكافؤ بين ضفتيه من جهة والسير المضاد للتاريخ لبعض أقطار ضفته الجنوبية من جهة ثانية.
غير أن الإرادات الإنسانية المبدعة لم تفتر ولم تهن في المضي قدما إلى مستقبل أكثر مردودية على مستوى حقوق الإنسان المتطلع دوما إلى السلم والعدل والرفاهية. فهل جاء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط تجليا لهذه الإرادات أم مراوغا لها ومحاولا الالتفاف عليها، ومن ثمة تحويلها في الاتجاه الإمبريالي المعاكس لتطلعات الشعوب؟
ما يثير الإنتباه هو أن المبادرة فرنسية من اقتراح ساركوزي وهي امتداد وتفعيل لمبادرة برشلونة الفرنسية أيضا، والتي كانت من اقتراح سلفه جاك شيراك، ويبدو أن الحضور الفرنسي في أوروبا لا يزال يلقي بثقله منذ بداية القرن الثامن إلى اليوم كقوة اقتراحية وطلائعية، وهذا الحضور الفرنسي هو جزء من الحضور الجرماني، خاصة الانكليز والألمان، وهذه مسألة لا يمكن، بمعزل عنها، أن نفهم المخاضات التي يعيشها عالمنا اليوم(1).
كتب محللون ومتتبعون أن مبادرة برشلونة(2) عام 1995 كانت رد فعل للمتغيرات الدولية والإقليمية التي هيأت المناخ المناسب لطرح هذه الصيغة للتعاون الأورومتوسطي؛ لأن التفكير في قضايا الأمن والتعاون الاقتصادي على مستوى إقليم البحر المتوسط لم يكن متاحاً ولا مقبولاً في ظل الحرب الباردة التي كانت تستقطب معظم دول حوض البحر المتوسط بين المعسكرين. لكن لا يمكن الجزم أن ما حدث هو مجرد رد فعل، ويمكن القول أنه امتداد متجدد لحقبة تاريخية ترجع إرهاصاتها إلى القرن العاشر، الممهدة لنشوء الاتحاد الذي أسسه الإنكليز مع إسكتلندا، ويلز وأيرلندا الشمالية، واكتملت ملامحه مع بداية القرن الثامن عشر تحت اسم المملكة المتحدة(3) ثم مع نهاية القرن الثامن عشر سنة 1776 مع نشوء(U S A)، الكيان السياسي الذي تشكل من المستعمرات البريطانية، وهو كيان انفصل (إجرائيا) عن التاج البريطاني بدعم فرنسي، إذ لا يمكن الفصل بين ما يعيشه العالم اليوم والمشروع الذي تمت صياغته زمنئذ لبناء اتحاد دول أمريكا(4) المعروف لدى العرب بـ (الولايات الأمريكية المتحدة)، ثم يأتي الاتحاد الأوروبي (5).
عام 1995 تأتي مبادرة جاك شيراك المعروفة بمسلسل برشلونة حيث سعى الاتحاد الأوروبي ودول حوض المتوسط إلى تحقيق الأهداف التي ظلت شعارا مهيمنا سواء على العلاقة العربية الأوروبية أو العلاقة العربية الأمريكية منذ نشوء دولة إسرائيل (6). وليس مشروع الاتحاد من أجل المتوسط سوى امتداد لمشروع (الاتحادات الثلاث) وبشكل خاص،الاتحاد الأوروبي ، وتجل لمشروع العولمة(7). إن الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي، وبموازاة بناء مشروعها الداخلي، ظلت على علاقة بمحيطها المتوسطي. وبغض النظر عن مخططاتها الخفية، فإن هذه الدول ما انفكت تبحث عن سبل التعاون مع دول جنوب المتوسطـ التي لم تفلح في التعاون حتى في ما بينها وهذا ما جعل الاتحاد الأوروبي يصف علاقته بتلك الدول بالعلاقة (الأورومتوسطية) (8).
في هذا الإطار جاء مسلسل برشلونة، مع نهاية القرن العشرين، و بعد مضي خمس سنوات على هذا المسلسل الذي حاول إقامة مشاركة اقتصادية وسياسية وأمنية بين جانبي حوض المتوسط، لوحظ على ذاك اللقاء أنه لم يصدر أي قرارات، كما أنه عكس وبوضوح من خلال مناقشاته العديد من التحديات التى وقفت أمام التعاون الأورومتوسطي.
إن إعلان برشلونة الذي عقد في لشبونة خلال شهر مايو 2000، كما رأت بعض الأوساط السياسية والإعلامية زمنئذ، كان محاولة أخيرة لوضع النقاط على الحروف بالنسبة لمسيرة التعاون الأورومتوسطي.
وظلت بعض الأوساط العربية تردد السؤال التالي: هل هناك توجه أوروبي حقيقي لقيام مشاركة أورومتوسطية؟ غير أن السؤال يرى آخرون ينبغي أن يكون على الصيغة التالية: هل أقطار جنوب المتوسط تتوفر على شرط أهليتها كشريك في هذا المشروع؟
وهذا السؤال يبقى في نظر الكثير منطقيا ولا يمكن التغاضي عنه، بغض النظر عن أوجه القصور ونقاط الاختلاف فى مواثيق التعاون الأورومتوسطى.

إن القول أن المشاكل والتحديات التى تواجه التعاون الأورومتوسطي تأتي من إحساس الدول العربية - بأن مغانم ومغارم هذا التعاون لا تتوزع بالتساوي بين الجانبين وأن الاتحاد الأوروبي يسعى بطريق أو بآخر لفرض توجهات معينة على بلدان جنوب المتوسط ، علاوة على المبررات السابق ذكرها، ليس سوى مناورة بلاغية لاتغير من الواقع شيئا؟
و الملاحظ أنه رغم الطموحات الواسعة لمسلسل برشلونة وأهدافه في الجوانب السياسية والاقتصادية فإن الواقع أكد بعد مضي اثنتي عشرة سنة على التعاون الأورومتوسطي في إطار صيغة برشلونة، أن التكلفة كانت أكبر من النتيجة المرجوة وكان هناك إفراط في الطموحات والأهداف وكذلك الأفكار والاقتراحات، ولكن قليلاً ما تترجم هذه الأفكار والاقتراحات إلى واقع ملموس، وذلك ، ليس فقط، بسبب اختلاف وجهات النظر بين دول الاتحاد الأوروبي ودول حوض المتوسط وخاصة من البلدان العربية، التي عبرت عنها بقوة مناقشات المؤتمرات الحكومية المنعقدة هنا وهناك، ولكن بسبب إصرار العرب على رفضهم للديمقراطية (رفض سافر لدى البعض ومقنع لدى البعض الآخر) حيث كشفت هذه المناقشات أن تحديات حقيقية تواجه التعاون الأورومتوسطي، وهذه التحديات سياسية وأمنية واقتصادية تحول دون ترجمة هذه الطموحات والمقترحات والأفكار التي تمت صياغتها طَوَالَ السنوات السابقة إلى واقع ملموس.
وانطفأ القرن العشرون بينما أزماته ازدادت اشتعالا، والتحديات التي شيعته (القرن المنصرم)،هي التحديات ذاتها التي لم تتزحزح بعد مضي اثنتي عشرة سنة على مسلسل برشلونة، وحوالي عقد من الزمن على القرن الجديد، فهل سينجز مشروع الاتحاد من أجل المتوسط ما عجز عنه مشروع برشلونة؟ وبصيغة أخرى، هل سينجح ساركوزي في ما أخفق فيه شيراك؟ يجيب متتبعون أن الاتحاد من أجل المتوسط قام خصيصا لحل مشاكل مشتركة بين البلدان المعنية يتقدمها الإرهاب وحماية الطبيعة وكذا المصادر الطاقوية.

ويرى باحثون أن تجربة التعاون الأورومتوسطي طيلة السنوات الماضية عرفت بعض أوجه القصور ونقاط الاختلاف فى جميع جوانب هذا التعاون سواء السياسى أو الاقتصادي، وكانت بعض الدول العربية فى حوض المتوسط تدرك صعوبة هذا المسعى، ومع أنها أثارت مكامن هذه الصعوبة فى عدة مناسبات، إلا أن مقاربتها ظلت تفتقد للرؤية السياسية الواضحة في بعدها الديموقراطي، ولعل هذا ما دفع بالاتحاد الأوروبي لابتكار صيغ جديدة من أجل تفعيل مشروع التعاون الأورومتوسطي في صيغته الساركوزية، ويمكن أن نشير في هذا المضمار، على سبيل التمثيل لا الحصر، إلى الوضعية التي حظي بها المغرب في علاقته بالاتحاد الأوروبي.
جهات وشخصيات عديدة ترافع من أجل هذا المشروع، وفي هذا الإطار دافع السيد جون بيار رافاران، الوزير الأول الأسبق الفرنسي عن الاتحاد من أجل المتوسط، مقترحا نظرة خاصة يتم من خلالها احترام خصوصيات كل دولة من الدول الأعضاء، وتشجيع الحوار على المستوى الثنائي، دون إغفال البعد متعدد الأطراف (الخبر01-12-2008 )، ثلاثة أشهر من بعد ذلك كشف جان ماري بوكل، كاتب الدولة الفرنسي لشؤون الدفاع والمحاربين القدماء، أن بلاده تبحث إمكانية إقامة مركز مغاربي ـ أوروبي، يعنى بقضايا الدراسات والأبحاث المتعلقة بالشؤون الدفاعية والأمنية، تجسيدا لجولات الحوار التي جمعت بين دول الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وتركزت على وجه الخصوص حول محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية وجاء الكشف عن المشروع في زيارة رسمية قادت الوزير الفرنسي إلى تونس، أكد من خلالها أن فكرة إقامة مركز للدراسات الإستراتيجية المغاربية والأوربية، تشكل إحدى نتائج حوار مجموعة الخمسة زائد خمسة وتحدث بوكل عن فشل مشروع "أفريكوم" (9)والعمليات الجوية الفرنسية -البريطانية في منطقة الساحل (الشروق2009.03.02).
كما شنّ نائب رئيس اللجنة الأوروبية المكلف بالعدالة والحريات، الفرنسي جاك بارو، انتقادات عنيفة ضد كل من الجزائر والمغرب وبدرجة أقل ليبيا، على خلفية ما أسماه عدم التعاون المطلق في ملف الهجرة السرية واقترح قوة بحرية قرب السواحل المغاربية لمحاربة الهجرة (الخبر 2009-03-11).مشروع الاتحاد من اجل المتوسط "جثة هامدة" هكذا وصفه الناطق باسم رئاسة اتحاد المغرب العربي ، وذلك ردا على تصريحات سابقة لمساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فريدريك دايزانيو، وعلى المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.
وتحت عنوان "الاتجاهات العالمية في 2025: العالم المتحوّل" أصدرت الاستخبارات الأمريكية، شهر نوفمبر 2008، تقريرا حول وضع العالم في العام 2025. و قد رسم التقرير صورة سوداوية ومخيفة لمستقبل العالم الذي سيكون محل تهديد من الصين وبعض الدول الأخرى الصاعدة و بلدان المغرب العربي والشرق الأوسط. ومكمن الخطورة-حسب التقرير- هو تحوّل الإرهاب من شكله التقليدي الحالي إلى إرهابيين من مستوى "عال"، حيث سيسعى "الجيل الجديد من الإرهابيين إلى امتلاك أسلحة نووية، وإذ ذاك يكون تنظيم "القاعدة" قد اندحر بفعل "الفشل في تحقيق استراتيجياته وعجزه عن جذب الدعم الخارجي ويُصرّ التقرير على أن لا تغادر عين أمريكا منطقة الشروق الأوسط والمغرب العربي. ويبدو أن التقرير يهيئ الإمبريالية إلى الخروج السافر لتحقيق مخططاتها، حيث أكد على انبعاث السباق نحو التسلح من جديد ونطلاق "المد الاستعماري" باشتداد المنافسة العسكرية بين قوى عديدة في سبيل السيطرة على مناطق النفوذ (الشروق2008.11.21 ). قبل ذلك بحوالي شهر حذرت الاستخبارات الأوربية من تنامي الإرهاب في المغرب العربي حيث أعرب خبراء غربيون في مجال الاستخبارات خلال اجتماع لهم عقد ببرلين عن خشيتهم من امتداد الشبكات الإرهابية في المغرب وتنامي نفوذ تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي إلى أوروبا، وأن شمال إفريقيا يمثل اليوم «مزيجا متفجرا» لاسيما بعد عودة العنف إلى الجزائر وأن القاعدة تسعى كذلك إلى إقامة «علاقات مع المغاربة المهاجرين إلى أوروبا». (المساء/المغرب، 26 أكتوبر 2008).
وفي جميع الأحوال، فإن المشروع يحمل صفة (الاتحاد)، وحينما يتحد طرفان أو أكثر فإنما يتحدون ضد طرف آخر، أو ضد خطر، أو من أجل مكاسب ومصالح... ونتساءل: هذا الاتحاد من أجل من؟ أوضد من؟ ومن أجل ماذا؟ أو ضد ماذا؟
ودون أن ننتظر ما ستسفر عنه الأيام يجدر بنا نحن أبناء الضفة الجنوبية من المتوسط، أن نعمل بوعي على توفير شرط هذا الاتحاد من أجل المتوسط وهذا الشرط هو الديموقراطية كثقافة إنسانية أولا، وثانيا كآلية للتدبير بمعناه الواسع في مجالات الشأن العام.

* هذا المقال هوتطوير للورقة التي قدمتها في الملتقى الدولي الرابع لشباب السلام/ محور التعاون الأورومتوسطي: الواقع والآفاق، بمدينة العيون المغربية، أيام 9/10/11 يناير 2009.
(1)الدور الطلائعي الذي لعبته فرنسا على المستوى الأوروبي منذ معركة بواتيي ولا تزال، وقد ظهر ساركوزي بقمة باريس في عنفوان الشباب، في قمة حيويته،كما لو أن فرنسا الثورة، تتجلى فيه، في نظراته وفي نبراته وحركاته. كان بريق النصر يلمع في عينيه وهو يستقبل ضيوفه بكل تناقضاتهم ومفارقاتهم ، بينما كان بوتفليقة وقد أنهكه المرض والخسارات يبدو مترهلا زائغ البصر يغالب أهوال الدهر، كما لو أنه امتداد لذلك الزمن الجزائري العثماني المريض.
(2)انظر مغاوري شلبي (التعاون الأورومتوسطي :مغانم لأوروبا.. ومغارم للعرب) وصلاح نيوف، ووجهات نظر متضاربة على الموقع التالي http://www.aljazeera.net/NR/exeres/CCC80E78-9BB9-4C30-9A79-9C0C26665EC1.htm. على مستوى آخر يرى عبد المقصود الراشدي، منسق الشبكة الأورومتوسطية المغربية للمنظمات غير الحكومية ونائب رئيس الشبكة في الفضاء الأورومتوسطي للمنظمات غير الحكومية أن التجربة بالنسبة للمغرب فريدة ومتميزة، لأن المغرب بات يتمتع الآن بدينامية متوسطية، بتاريخه كدولة ومجتمع مدني وحركة جمعوية، وهي عوامل تؤهل المغرب لهذه العملية ذات الطابع المسؤول والبناء.
(3) انظر الموقع المملكة المتحدة - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
إن النفاذ إلى إلى التاريخ، يكشف لنا عن النسق السياسي والفلسفي العقلاني للتاريخ البريطاني في تعامله مع الجغرافيا، ويبدو لي أن بريطانيا ذات تجربة متميزة في تأسيس الاتحادات، ويبدو أن وجهة النظر الشائعة التي تقول بتبعية بريطانيا لأمريكا لا أساس لها من الصحة. وعن الأزمة المالية:كتب مارك رايس أوكسلي مقالا في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية يقر بقيادة بريطانيا للعالم بسبب الخطة المصرفية التي أعلنت عنها لندن وطبقتها أمريكا بعد عدد من الدول الأوروبية.
(4) أنبه القارئ الكريم إلى الأسباب التي جعلتني أستبدل (الولايات المتحدة الأمريكية) بـ(الدول المتحدة الأمريكية)، وهي كما يلي:
•إلى غاية 1776، لم تكن هناك مستعمرة واحدة في ظل التاج البريطاني، بل كانت مستعمرات بالجمع، لكل مستعمرة حدودها وعملتها. وهذه المستعمرات كانت دولا ولم تكن ولايات.
•ثارت هذه المستعمرات ضد التاج البريطاني، وفي ذات الوقت دخلت في نقاش حول تصور للكيان السياسي المفترض تأسيسه عند الاستقلال، وبلا شك أنها عندما ارتضت الاتحاد، فإنما اتحدت كدول في نظام فدرالي، وهي بذلك دول متحدة، إذ لا يعقل أن يكون الاتحاد بين الولايات. فالجزائر مثلا تتكون من 48 ولاية، فهل هذا يعني أن الجزائر ولايات غير متحدة، فلا معنى أن نسمي دولة ما بالولايات المتحدة، فكل الدول القطرية هي متحد من الولايات.
•يبدو أن المؤسسين الأوائل للدول المتحدة الأمريكية، كانوا يتمتعون ببعد النظر وبعبقرية تجاوزت نظام الدولة الوطنية كنمط سياسي أوروبي في تلك المرحلة، فاجتهدوا وأبدعوا نظاما مختلفا، تمثل في نظام فدرالي، أصبح في ما بعد محل استلهام عدد من الدول. كان هدفهم تجاوز نظام الدولة إلى نظام الفدرالية (اتحاد اندماجي لمجموعة من الدول، كل دولة تحافظ على استقلالها، وفي الوقت ذاته، تخضع للحكومة الفدرالية).
•البند العاشر من القانون يقول:"إن هذا الاتحاد يبقى مفتوحا على كندا" و كندا ليست ولاية، بل دولة. وما دام الأمر كذلك فهذا يعني أن الاتحاد كان مفتوحا على أي دولة في الجوار، وهذا يعني أيضا أن الدستور الأمريكي عصرئذ وضع أسس إمبرياليته المنشودة التي اشتهرت في عصرنا هذا بالعولمة.
•وأخيرا، فإن المصطلح الانكليزي (State)، المترجم إلى الفرنسية(Etat)، كلاهما يعني (الدولة) و ليس (الولاية). ومادام معجمنا العربي يتوفر على هذه الكلمة (الدولة) فلماذا أشاح المترجم العربي عنها، وحرّف اسم كيان سياسي، أثبت التاريخ أنه لم يكن مجرد ولايات؟ يبدو أن المترجم لم يكن مؤهلا، وهومعذور. ولكن أن يتم تكريس هذا التحريف على أوسع نطاق عربي، زمانا ومكانا، فهذا ما لا يمكن استساغته.
(5)انظر موقع الاتحاد الأوروبي - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة -
(6)ظلت هذه الأهداف تدور في حلقة مفرغة حول تسوية الخلافات في المنطقة وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، والربط بين الأمن في البحر المتوسط والأمن الأوروبي. فضلا عن التنمية، ونقل التكنولوجيا والتغلب على البطالة والفقر والإرهاب و الهجرة.

(7) ليست العولمة في صميمها سوى التوسع والانتشار : توسع القوي في نفوذه وهيمنته. وإن كان هذا القوي هناك في الجهة الغربية من شمال الكوكب الأزرق فله أنصاره وشركاؤه، وله امتداداته في الجهات الأربع. وهي في هذا السياق ليست سوى نزعة طبيعية قد ترقى إلى مقام الحاجة التي يصعب كبحها أو الفكاك منها. التاريخ البشري مليء بهذه الأمثلة، فالمجتمعات القوية باختلاف مرجعياتها الدينية والإيديولوجية عرفت التوسع سواء كان هذا التوسع احتلالا أو قتحا أو تعميرا…وفي عصرنا الحديث مايغنينا عن أي مجادلة، فقد عرف المجتمع البشري عدة صيغ من العولمة، لقد تنازع الفرنسيون والبريطانيون جهات الأرض، كما دخل المعترك الاتحاد السوفياتي بنزعته الشمولية و الدول الأمريكية المتحدة بنزعتها الإمبريالية، وألمانيا الآرية بنزعتها النازية.
(8) إن مفهوم (الأورومتوسطي) مركب من كلمتين (أوروبا و المتوسط)، فأوروبا تدل على الدول والشعوب الأوروبية، وعلى الفضاء الجيوسياسي الأوروبي، لكن المتوسط لا يدل سوى على البحر. فكيف تتعاون أوروبا مع البحر؟ إن المتوسط لا يدل على دول ولا على فضاء جيوسياسي، وهذا ما جعل بعض العرب يتحفظون أو يعترضون على هذه التسمية. إن الاعتراض موضوعي، وإذا بحثنا عن البديل فلن نفلح. إن من يطمح إلى هذا التعاون هو الاتحاد الأوروبي، وهو الذي يقترح ويبتكر ويفاوض ويصوغ القوانين..... وفي غمار هذه المعمعة يبحث عن طرف متجانس للتعاون والتحاور، فمن هو هذا الطرف؟
هذا الطرف لا وقت له للتفكير في المستقبل، فهو مشغول بقضايا كبيرة جدا، أغلب زعمائه وساسته متعجرفون وجهلة لم يتلقوا تربية مدنية في صغرهم، تافهون وهمجيون، أنانيون ومتخلفون وكذابون، يستميتون في محاربة الديموقراطية واستغلال شعوبهم ويتفننون في اختلاق الخلافات... على المستوى المغاربي، لم تنجح كل المساعي الرامية إلى رأب الصدع المغربي الجزائري، على المستوى العربي لم تزدد العلاقة العربية الإسرائيلية إلى تأزما وغموضا.... فمع من تتعاون أوروبا؟ مع من تتحاور؟ ليس أمامها سوى البحر، وهو ما يعنيها، وما يحدث اليوم عبر البحر المتوسط يمكن وصفه بـ (الحرب الصامتة). ويمكن القول أن الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي لاتذهب مجهوداتها سدى في أشكال التعاون والعلاقات مع الضفة الجنوبية، فهي في جميع الحالات تجني الفوائد، ويبقى الفشل والخسارة من نصيب شعوب الضفة الجنوبية.
(9)انظر مقالنا http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146973





#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعديل الدستوري الجزائري
- في صميم الجدل الدائر حول تصريحات أدونيس
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- نصف قرن على مؤتمر طنجة: الشرط الغائب في مسألة الاتحاد المغار ...


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد هادف - الشرط الغائب في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط*الجزائر في أفق 2012(الحلقة السابعة)