نوروز القاني ..إنتصار النور على دياجير الظلام ..؟

جريس الهامس

الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 09:29
المحور: القضية الكردية
    

في طفولتنا القروية .. كنا ننتظر هذا اليوم لنشاهد كيف انتصرت الشمس على الغيلان الذين حاولوا منعها من الشروق في ذلك الفجر , وما اللون القرمزي الذي يضمخ الأفق مع انبلاجة الفجر الأولي حتى اختراق الأشعة الأولى الهضاب الشرقية التي كان حارسها جبل ( أبي العثا ) الذي يحتضن قرية ( بدّا ) شرقي صيدنايا الحبيبة ... كنا نصعد على سطح المنزل أو على التلة المجاورة لنشاهد تلك القصة الأسطورة التي روتها لنا الجدة ( ريمة ) التي كنا ننام في حضنها , في انتصار إله النور على غيلان الظلمة ...
ياله من منظر أخاذ لايزول من الذاكرة .. إنتصار الخير والدفء والسلام على الشر والصقيع والعدوان الإستبداد ..
إنه نوروز الخليقة ولد مع ولادة أولى الحضارات على الأرض منذ ولادة المدينة الدولة في سومر لتنقذ الحبيبة ( إينانا ) عشيقها ( دموزي ) من عالم الظلام السفلي إلى عالم النور والحب والسلام العلوي ...
وليغامر كلكامش وصديقه أنكيدو بحثاً عن الخلود في أرز لبنان الشامخ الذي كان يعانق السماء ....
وانتقل مشعل نور النوروز من جيل إلى جيل ومن شعب إلى اّخر حاملاً بشرى ولادة الربيع والمساواة العادلة بين الليل والنهار بشرى تحرك نسغ الحياة والتجدد في الأغصان التي صبرت طويلاً تحت قمع صقيع الشتاء الطويل , وهي صامتة صابرة , لتفتح فاه براعمها عن الزهر والورق والثمار المرجوة ...
إنتقل هذا الإبداع السومري إلى بابل واّشور وكردستان شمالاً وصولاً إلى أفغانستان وشرقاً إلى فارس والهند والصين , وغرباً إلى اّرام ومصر ( شم النسيم) وما عيد القيامة عند المسيحيين ( الفصح ) إنتصار الحياة على الموت وانتصار الضحية المصلوب على الجلاد الروماني واليهودي معاً إلا امتداد لهذا العيد ... وبقيت شعوب الشرق ومنها الشعب الكردي الشقيق وفية لهذا العيد الرمز ,أضاف له كل شعب ما يطمح إليه وما يصبو إليه لتحرره وانعتاقه فأضيفت قصة ( كاوا الحداد ) الثائر الشعبي الذي قاد شعبه للتخلص من الطاغية ( أزدهاك ) الذي يستعبده ....
واليوم ونحن نسترجع تلك الأساطير والحكايا , على أرض الواقع الإستبدادي اللصوصي الطائفي الحقير المعاش في سورية الحبيبة منذ 46 عاماً تحت الجزمة العسكرية وفرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية وقوانين المافيا الأسدية الإستثنائية , والإستثنائية من الإستثنائية ضد شعبنا الكردي في سورية بدءاً من حظر الإحتفال بعيد النوروز وإطلاق الرصاص عليهم من حرس حافظ الأسد عام 1968 ومقتل المناضل
( سليمان أدي ) إل مذابح القامشلي وعفرين وعين عرب وغيرها وصولاً إلى المرسوم التشريعي رقم 49 تاريخ 10 / 9 / 2008 العنصري الذي يلغي حقوق الملكية لجميع سكان منطقة الجزيرة السورية من العرب والسريان والأكراد , وعوضاً عن الرد على العريضة الشعبية التي تحمل ( 46009 ) توقيع من جميع سكان الجزيرة وتطالب بإلغاء هذا المرسوم التخريبي , قامت سلطات القمع الأسدية باعتقال أكثر من 22ناشطاً سلمياً لإلغاء هذا المرسوم من مختلف قرى ومدن منطقة الجزيرة من كرام الوطنيين في 28 / شباط المنصرم ولم يعرف مصيرهم حتى اليوم ؟؟
.... وتستمر مأساة شعبنا في سورية تحت وطأة الإستبداد والتمييز العنصري والطائفي في نظام – إذا جاز لنا تسميته نظام – يرى في القمع والإرهاب استقراراً يتباهى به أمام المغفلين . ويرى في إغتصاب حقوق الشعب وخنق كلمات الحرية والديمقراطية في الحناجر شطارة وعبقرية .. ويستمر في كهوف القرون الوسطى , بعد تدمير الإنسان والوطن .....
بعد كل ذلك لابد ياإخوتنا الأحرار في الداخل والخارج قل عددكم أوكثر لآمفر لكم من الوحدة النضالية إن كنتم صادقين , ولابد من أكثر من ( كاوا) الحداد الثائر للخلاص من ( أزدهاك ) الجديد وعصابته التي طال طغيانها وعربدتها على الأشلاء .. وبدون وحدة النضال العربي الكردي الصادق والواضح النيّر كنور النوروز الطاهر لن يكون لنا وطن ولن يكون لنا مستقبل .. وانفضوا أدمغتكم يا أولي الألباب إن كنتم صادقين ....
نهنئ جميع القراء الأعزاء في هذا العيد , عيد التجدد والعطاء والفداء...
تهنئة خاصة من القلب لرفاقنا وأصدقائنا الأكراد والصابئة واليزيديين والعرب في عيد النوروز , الذي نتمنى ونطالب أن يكون 21 أذار – مارس من كل عام يوم عطلة رسمية إحتراماً لتقاليد شعبنا ومعتقداته التاريخية , لينتصر النور على الظلمة والحرية على الإستبداد .. ولتنتصر العدالة والمساواة على التمييز العنصري والطائفي . لندفن معاً كل الغيلان والطغاة لينتصر الإنسان
لاهاي – 21 / اّذار/ 2009

#جريس_الهامس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات