نشأت المصري
الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 07:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في المقال السابق طرحنا عدم جواز كلمة إصلاح على كنيسة المسيح والتي هي أمس واليوم وإلى الأبد, وأيضاً كهنوت المسيح والذي يعتبر امتداد لسلسة كهنوتية بدايتها المسيح ذاته.
وفي هذا المقال نطرح جانب آخر :
العلمانيون في الكنيسة الأرثوذكسية
كلمة علمانيون تحمل معان كثيرة على مواقع الإنترنيت :
• العلمانيون يطلق على مجموعة من البشر ترفض تدخل الدين في السياسة ,, السياسة في الدين , وتدعوا أيضاّ بعلمانية الدول أو عدم خضوع الدول والأحزاب المنافسة فيها لأي مرجعية دينية,, وبالتالي كل سياسة الوزارات المعنية تخلوا تماماً من أي تمييز ديني,,وجميع من بها يخضع للدستور والقانون, ونحن نطالب بهذا المطلب وكل منصف وعادل يرى أن مصلحة البلاد في هذا المطلب,, كما يقول الكتاب المقدس أعطي ما لقيصر, لقيصر, وما لله, لله.
• العلمانيون لفظ أيضاً يطلق على مجموعات البشر التي تدعوا بتكفير الأديان, على مبدأ نعيش اليوم وغداً نموت,, ويعتبرون أن الدين أفيون الشعوب وهو خدعة كبيرة يجتاز فيها البشر المتدينين ,, ونحن نرفض هذا النوع لأنه كفر بكافة الأديان على الأرض.
• العلمانيون لفظ يطلق على جماعة الشعب المسيحي , دون الإكليروس والرهبان , أي أن الشعب المسيحي هو عبارة عن الإكليروس وكل الشعب ( العلمانيون) وهم ليسوا خارج الكنيسة ولكنهم في شركة مع الكنيسة في كل شيء, وهؤلاء ما يعنيهم مقالي هذا لأن مثل هؤلاء هم الكنيسة ( مجموعة المؤمنين ).
• العلمانيون هم أيضاً مجموعة من البشر لهم رؤية نقدية لسياسة الكنيسة ولآباء الكنيسة ,, وتمادى بهم الأمر أنهم وضعوا أنفسهم في مقارنة مع آباء الكنيسة والقائمون على إدارتها روحياً و اجتماعياً وسياسياً, مهاجمين إياهم في جميع المحافل التي تجوز والتي لا تجوز,, معثرين الشعب ورائهم,, مقسمين إياهم لجزء معارض لفكرهم وجزء مؤيد,, وهذا النوع مرفوض تماماً من جملة الكنيسة والتي هي الشعب و الإكليروس.
جميع الأنظمة في كل العالم باختلاف نوع سياستها, بها الرئيس والمرؤوس, والرئيس فيها له آليته في اتخاذ القرار , والكنيسة أيضاً تخضع لهذه المنظومة لها من يرأس الشعب والأساقفة والكهنة ,, وكل الرتب وله أيضاً آليته في اتخاذ القرار, ولا يحق لأحد أن ينتقد القرار مادام هو خارج من هذه الآلية المكلفة باتخاذ القرار,, أم أن الكنيسة هي الحائط المنخفض الذي أصبح مطمع لكل من هب ودب أن يبدي رأيه ناقداً قرارات هذه الآلية والمتمثلة في المجمع المقدس ,, وأعتقد أن قراراتهم في قمة الحكمة لأنها لا تخضع لفردية القرار( الدكتاتورية )بل تخضع لمجمع أعداده فاق 100 عضو, وجميعهم من رؤساء الشعب ( الآباء الأساقفة ).
كما أن قرارات هؤلاء الآباء الأساقفة نابعة من تعاليم الكتاب المقدس وأقوال الآباء المفسرة لآياته, ومجموعة الكهنة المعاونين لهم ومجموعة الخدام الذين هم من الشعب أو من العلمانيون الشرعيون ,, لهذا شرط أن يكون لك صوت في قرارات الكنيسة أن تكون من جماعة المؤمنين وليس خارج عنهم أو منشق عليهم كما الحال في مجموعة من يدعون على أنفسهم,, المصلحون!!, أي أنهم لابد أن يكونوا في وحدانية مع الكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة كما أوضح معلمنا بولس الرسول في رسالته الأولي إلى أهل كرونثوس:
• 4 فانواع مواهب موجودة و لكن الروح واحد 5 و انواع خدم موجودة و لكن الرب واحد6 و انواع اعمال موجودة و لكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل7 و لكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة8 فانه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة و لاخر كلام علم بحسب الروح الواحد9 و لاخر ايمان بالروح الواحد و لاخر مواهب شفاء بالروح الواحد10 و لاخر عمل قوات و لاخر نبوة و لاخر تمييز الارواح و لاخر انواع السنة و لاخر ترجمة السنة11 و لكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء12 لانه كما ان الجسد هو واحد و له اعضاء كثيرة و كل اعضاء الجسد الواحد اذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح ايضا13 لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا كنا ام يونانيين عبيدا ام احرارا و جميعنا سقينا روحا واحدا.
جميع الأعمال الروحية في الآية السابقة وكذلك التعليم والوعظ والإفراز ليس قاصراً على الإكليروس بل يشترك فيه كل جماعة المؤمنين كل واحد حسب عطية الروح الواحد من مواهب.
لهذا فهناك كثير من الأعمال والخدمات داخل الكنيسة يقوم بها علمانيون,, وهم أيضاً في قمة النشاط في تأدية أعمالهم كما أنهم لهم بصمتهم الخاصة بهم في إدارة القطاعات المكلفون بالخدمة فيها,, داخل إطار عام يحافظ على المنظومة العامة لهذه الخدمات,, ولهم حق في اتخاذ القرار داخل الخدمة موضوع نشاطهم وخبرتهم.
كما أن جميع الخدمات الاجتماعية يقوم بها علمانيون , منفردين بها :
• لجان البر وخدمة المرضى والمسنين واللجان المالية ومجالس الكنائس , والمجالس الملية العامة والفرعية,,كلها أعمال وخدمات ليست بالهينة وتقع على عاتق العلمانيين في الكنيسة كما أوضح سفر أعمال الرسل الإصحاح السادس:
2 فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ و قالوا لا يرضي ان نترك نحن كلمة الله و نخدم موائد3 فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم و مملوين من الروح القدس و حكمة فنقيمهم على هذه الحاجة4 و اما نحن فنواظب على الصلاة و خدمة الكلمة5 فحسن هذا القول امام كل الجمهور فاختاروا استفانوس رجلا مملوا من الايمان و الروح القدس و فيلبس و بروخورس و نيكانور و تيمون و برميناس و نيقولاوس دخيلا انطاكيا.
وأيضاً النساء, وهن أيضاً ضمن العلمانيين يعملن أعمال البر والصدقة في الكنيسة:
36 و كان في يافا تلميذة اسمها طابيثا الذي ترجمته غزالة هذه كانت ممتلئة اعمالا صالحة و احسانات كانت تعملها37 و حدث في تلك الايام انها مرضت و ماتت فغسلوها و وضعوها في علية38 و اذ كانت لدة قريبة من يافا و سمع التلاميذ ان بطرس فيها ارسلوا رجلين يطلبان اليه ان لا يتوانى عن ان يجتاز اليهم39 فقام بطرس و جاء معهما فلما وصل صعدوا به الى العلية فوقفت لديه جميع الارامل يبكين و يرين اقمصة و ثيابا مما كانت تعمل غزالة و هي معهن40 فاخرج بطرس الجميع خارجا و جثا على ركبتيه و صلى ثم التفت الى الجسد و قال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها و لما ابصرت بطرس جلست41 فناولها يده و اقامها ثم نادى القديسين و الارامل و احضرها حية42 فصار ذلك معلوما في يافا كلها فامن كثيرون بالرب.
• خدمات التعليم والنبوة والترجمة ,, فنجد الأساتذة المعلمين في كليات اللاهوت والتربية والكنسية ومنهم أيضاً الوعاظ في خدمات الشباب ,, والخدمات المختلفة على مستوى كل أباروشية ,,فنجد الكثيرون منهم يتمتعون بقامات روحية هائلة ,, كما كان العلمانيين في شخص المريمات ومن معهن ,قد سبقن إلى قبر المخلص لوضع الحنوط والأطياب على جسده , غير خائفين أو مبالين بما قد يحث لهن من اليهود ,,كما جاء في إنجيل لوقا الإصحاح الرابع والعشرون:
1 ثم في اول الاسبوع اول الفجر اتين الى القبر حاملات الحنوط الذي اعددنه ومعهن اناس
وأيضاً النبوة لم تقتصر على الإكليروس بل كانت أيضاً ومازالت لدى علمانيون:
8 ثم خرجنا في الغد نحن رفقاء بولس و جئنا الى قيصرية فدخلنا بيت فيلبس المبشر اذ كان واحدا من السبعة و اقمنا عنده9 و كان لهذا اربع بنات عذارى كن يتنبان.
في كل ما سبق نجد أن دور العلمانيون في الكنيسة لا يقل أهمية عن الإكليروس ,, كما إن كثير منهم من لديه الحكمة والمشورة,, يكون موضع ثقة ,و مشورة في أوضاع كثيرة ,,كما أن العلمانيون في الكنيسة الآن يتحكمون في اختيار الرعاة لمناطق كنائسهم.
وهذا طبعاً قليل من كثير , في وضع العلمانيون بالكنيسة ,,, لهذا نحن ندعو طائفة المصلحين هؤلاء لفتح نافذة حوار لطرح أجندتهم وما بها من تطلعات حاضرة ومستقبلة ,, ومن خلال روح الخضوع والبنوة يدخلون إلى قداسة البابا والمجمع المقدس لعرض أجندتهم ,,, وأنا واثق كل الثقة سوف يقابلون بروح الأبوة لتجد رئيس الشعب يتحنن ويركض ويذبح لهم العجل المسمن.
ولكن إن دخلوا بأجندتهم بروح الفلاسفة والمصلحون ستغلق أمامهم الأبواب ويقولون لهم لماذا اجتمعتم على تجربة روح الله؟.
نشأت المصري
#نشأت_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟