أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نقولا الزهر - دستور العراق المؤقت.... يقسِّم أكثر مما يجْمع















المزيد.....

دستور العراق المؤقت.... يقسِّم أكثر مما يجْمع


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 795 - 2004 / 4 / 5 - 09:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لقد بالغ الأمريكيون ومروجو إعلامهم في العالم العربي في إسباغ الكثير من سماتِ التحرر والتقدم على قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت؛ نحن نرى أن هذا القانون لا يتسم شكلاً ومضموناً بدور تاريخي نوعي في انتشال المجتمع العراقي من عقودٍ طويلة من الاستبداد والطغيان والتخلف، إلى فضاءِ التنمية والتقدم والحداثة والديموقراطية.
فإلى جانب ما فيه من ايجابياتٍ وملامحَ تقدمٍ وحداثة، خاصة فيما يتعلق بلائحة الحقوق المدنية والسياسية والحريات، فقد تضمَّن في المقابل الكثيرَ من السلبيات فيما يتعلق بشكل وهيكلية ومستقبلية الدولة العراقية العتيدة. وفي النص الذي انتهى إليه فقد أبقى على الكثيرِ من مكامنِِ العنف والصراع على اقتسام الحصص، التي يمكن أن تنفجر بين الأطراف المكوِّنة للمجتمع العراقي، في أي لحظة يتبدلَ فيها ميزان القوى على الأرض.
-1-
طبعاً لا يمكن للمرء أن يتجاهل لائحة حقوق المواطن العراقي الطبيعية والمدنية والسياسية التي وردت في متن قانون الإدارة المؤقت، وأن يتجاهل مسألةَ تكريس النظام الجمهوري التعددي والديموقراطي، وضمان الحقوق المدنية والسياسية والثقافية لكل مكوِّنات المجتمع العراقي من عربٍ وأكراد وتركمان وآشوريين وكلدان وأرمن ويزيديين وصابئة، وكذلك تكريس مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ومبدأ تبعية وخضوع القوات المسلحة للإدارة المدنية على عكس ما هو سائد في معظم الدول العربية من المحيط إلى الخليج حيث يخضع المجتمع بأسره لهيمنة الطغمة العسكرية والأجهزة الأمنية. وطبعاً من الإيجابيات في هذا الدستور ذلك الحجم المرموق الذي أعطيَ للنساء لتكريس دورهم الجدي وإسهامهم الفعلي في قيادة المجتمع والدولة.
لكن من جانبٍ آخر، بقدر ما للدساتير ونصوصِها أهمية في حياة الدول الحديثة، ما يوازيها في الأهمية هو التوصل إلى محصلةٍ للقوى السياسية في داخل المجتمع تضمن تطبيق هذه الدساتير على أرض الواقع، وحتى لا تبقى للدساتير وظيفة تزيينية وزخرفية إزاء العالم الخارجي. وما يجب أن نشير إليه في هذا السياق هو أن الكثير من الدساتير العربية تتضمن في متونِها مواد وفقراتٍ كثيرة تتكلم على حقوق الإنسان وحرية القول والرأي والتعبير والتنظيم ومشروعية تنظيم الأحزاب السياسية والتظاهر وكذلك على مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء، ولكن هذه الدساتير مرفوعة منذ زمن طويل على الرفوف، مستعاضاً عنها بقوانين الطوارئ والأحكام العرفية المؤبدة.
-2-
وموضوعياً فأي دستور، في أي دولة، وفي كل الأحوال والظروف، عن موازين القوى السياسية في المجتمع؛ ويعبر أيضاً عن محصلةَ تفاضل تأثير العوامل الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية على هذه الدولة المعنية.
وفي الحالة العراقية الراهنة، يحدد قانون إدارة الدولة الذي صدر في منتصف شهر أذار الحالي بدقة اتجاهَ سهمِ هذه المحصلة، المائل بوضوح لصالح قوى الاحتلال الأمريكي وتدخلات حاكمِه المدني (بريمر)، و يعكس هذا القانون أيضاً سويَّة علاقات المحتل مع كل طرفٍ من أطراف مجلس الحكم المؤقت؛ وهذا ما ظهر بجلاء كبير عشية توقيعه حين احتدم الخلاف على الفقرة (ج) من المادة (61) الذي أدى إلى انسحاب خمسة من الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم وتأجيل التوقيع عليه. ويقال أن التوقيع فيما بعد قد جرى تحت ضغط الحاكم بريمر عبر تهديد المنسحبين باستبدالهم بآخرين.
ضمن هذا الإطار نرى أن أحسن من علَّق بموضوعية على هذا الدستور هو رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد كارتر (زبيغنيو بريجينسكي) وأحد المتحفظين على غزو بوش للعراق حينما قال لحافظ الميرازي رئيس مكتب الجزيرة في واشنطن: " صحيح أنه الآن يوجد دستور في العراق ولكن الرهان يبقى موجوداً على مدى إمكانية تطبيق هذا الدستور بعد انسحاب الجيش الأمريكي ".
-3-
وإلى جانب ما يؤخذ على قانون الإدارة المؤقت من عدمُ تمتعه بالمشروعية، حيث لم تضعْه وتصوت عليه جمعية وطنية منتخبة من الشعب العراقي، وبالإضافة إلى كونه حاملاً بصمات الحاكم بريمر الذي يمتلك حق الفيتو على أي قرار يتخذه مجلس الحكم المعين لا يحوز على رضا أمريكا، فهو مليء بالتناقضات والإشكاليات.
وتبدأ هذه الإشكاليات منذ المادة الرابعة التي تنص: " النظام في العراق جمهوري اتحادي(فيدرالي)، ديموقراطي، تعددي، ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية. ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل أو العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب".
فالمادة مليئة بالالتباسات والتناقضات؛ فالدستور هنا لم يتكلم على الفروق بين المحافظات والبلديات من جهة والإدارات المحلية من جانب آخر، في الوقت الذي نعرف أن مفهوم الإدارة المحلية في كل دول العالم أوسع من المحافظات والبلديات ويتضمنها في آن، إلا إذا كان كتبة الدستور يقصدون بها شيئاً آخر لم يبيِّنوه.
أما بالنسبة إلى مفهوم الحكومات الإقليمية الذي ورد ذكره في هذه المادة،فهو يبدو مصطنعاً إلى حدٍ كبير ويؤسس لتفتيت وتمزيق العراق. وإذا كان كتبة الدستور قد لجأوا إلى مفهوم (الأقاليم والحكومات الإقليمية) لتسويغ القبول بالإقليم الكردي في شمال العراق، فهذا الإقليم مشار إليه بكل وضوح في ترويسةِ الدستور وفي موادٍ مختلفة منه، وبالتالي لا نرى حاجة لهذا التسويغ ونرى ضرره أكثر من نفعه بكثير. أما إذا كانت المسألة أكثر من ذلك ويقصد منها التأسيس لإقليمٍ في الجنوب للشيعة وإقليمٍ في الغرب للسنة، فرؤيتنا للموضوع أن هذا يؤسس لدومينو الدول الدينية والمذهبية في المنطقة على سنة الدولة اليهودية، وعدا عن ذلك فهذا النهج يتناقض تماماً مع الدولة الحديثة القائمة على مبادئ العلمانية والمواطنة. وفي هذا الجانب يبدو الدستور متخلفاً إلى حدٍ كبير عن سوية الشعب العراقي، وهذا ما أشارت إليه بعض استقصاءات الرأي الغربية في الفترة الأخيرة التي كانت نتائجها: 70% من مجمل الشعب العراقي يؤيد حكماً لا مركزياً ولكنه لا يحبذ تلك الفيدرالية الفضفاضة جداً التي تضمنها متن قانون الإدارة المؤقت.
وإذا بقينا في المادة الرابعة ذاتها فهناك التباس أكثر خطورة حينما تقول: "النظام الاتحادي يقوم على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية وليس على أساس الأصل أو العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب". فيا ترى ما هي هذه الحقائق الجغرافية التي تدخل في تحديد وتشكيل الأقاليم الاتحادية؟ وهل هي تنتمي إلى الجغرافية الطبيعية التي تدرس المناخ والتضاريس من جبال وأنهار وصحاري أو تنتمي هذه الحقائق إلى الجغرافية البشرية التي تهتم بدراسة الأجناس والإثنيات واللغات والأديان والمذاهب؟ وثانياً ما هي الحقائق التاريخية التي يمكن أن تدخل في تحديد الأقاليم والمحافظات والبلديات في العراق؟ طبعاً هنالك حقيقة تاريخية واحدة وهي حقيقة وجود مسألةٍ كرديةٍ في العراق منذ انهيار السلطنة العثمانية؛ ولم يكن تاريخياً أي وجود لمسألة شيعية أو سنية أو مسيحية. فهنالك مسألة عراقية تتعلق بكيفية حكم العراق وانتقاله من الاستبداد إلى الديموقراطية. لذلك نرى أنه مهما قلَّبنا القسم الثاني من المادة الرابعة لا نجد أي تناقض في دوافع النص مابين النظام الاتحادي القائم على الحقائق الجغرافية والتاريخية والنظام الاتحادي القائم على أساس العرق أو القومية أو المذهب، ونرى أن جملة (وليس على أساس) نافلة ولا ضرورةً لها. وهذا يمنحنا المشروعية في أن نشك في نص هذه المادة فيما إذا كان يعبر عن هوىً عراقيٍ في الأساس يشمل كل أطراف مجلس الحكم أم يعبر عن رغبةٍ أمريكيةٍ مفروضة على المجلس.
-4-
ثم تأتي الثغرات والتعقيدات في المادة السابعة التي تتكلم على هوية العراق الدينية والقومية . تقول الفقرة (ب) من هذه المادة: "العراق متعدد القوميات والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ". بالنسبة إلى تعدد القوميات في العراق فهذه حقيقة موضوعية باتت مدركة من معظم الناس ، وهنالك الكثير من المواد والفقرات الواردة في الدستور التي تؤكد أن العراق يتعايش فيه العرب والأكراد والتركمان والكلدان والآشوريين والأرمن واليزيديين والصابئة جنباً إلى جنب؛ ودستور العراق المؤقت بعد ثورة 14 تموز في عام 1958 يؤكد هذه الحقيقة وخاصة فيما يتعلق بالقوميتين الأكبر العرب والأكراد. ولكن ألا يحق للعراق الذي يشكل فيه العرب الشيعة والعرب السنة حوالي(75%) من سكانه أو أكثر أن يوثِّقَ في دستوره أن العراق(كدولة) هو جزء من الأمة العربية. فالفقرة (ب) من المادة(7)، لا تخلو في هذه الحالة من العلاقة غير الودية إزاء العرب الذين يشكلون أكثرية الشعب العراقي و بالتالي لا تخلو من التزمت القومي وهي تحاول زرع عدم الثقة بين الأطراف منذ البداية.
لا توجد أي دولة في العالم تتألف من أثنية أو قومية واحدة، فالفسيفسائية الإثنية واللغوية والدينية المذهبية تستغرق كل دول العالم. وعلى هذا المنوال هل يمكن تصور أن تكتب روسيا الاتحادية التي تتألف من ثلاث وثمانين إقليماً في دستورها: الشعب الروسي في روسيا الاتحادية جزء من الأمة الروسية، أو أن تكتب الصين: الشعب الصيني في الصين جزء من الأمة الصينية، وفرنسا: الشعب الفرنسي في فرنسا جزء من الأمة الفرنسية. ولننظر إلى الوضع كم سيكون كاريكاتورياً لو نصَّ الدستور البلجيكي: الفالون في بلجيكا جزء من الأمة الفرنسية(يتكلمون الفرنسية وينتمون للكاثوليكية) والفلمنكيون جزء من الأمة الفلمنكية. ولا نعرف إذا كان سكان إقليم جنيف هم جزء من الأمة الفرنسية وسكان إقليم زوريخ جزء من الأمة الألمانية. ولا نعرف لماذا لا يطبق الأمريكيون هذا الكاريكاتير (البريمري) على الولايات المتحدة الأمريكية ويسجلون في دستورهم الإنكليز في الولايات المتحدة هم جزء من الأمة الإنكليزية. ولنفترض في العراق الجديد أن عضواً في مجلس الرئاسة أو مجلس الوزراء أو الجمعية الوطنية كان من الإخوة الأكراد العراقيين أو التركمان أو الآشوريين وذهب ليحضر مؤتمر قمة عربي أو أي اجتماع للجامعة العربية فهو باسم أي شعب من الشعوب العراقية سيتكلم في تلك اللحظة باسم العراق كدولة أو باسم جزءٍ من العراق؟. في اعتقادنا أن الفقرة(ب) من المادة (7) بعيدة كل البعد عن الفكر الجمهوري (res-publique = الشيء العام= الشأن العام)، وكذلك عن الفكر الاتحادي الديموقراطي، وقبل كل شيء عن فكر المواطنة(الحقوق السياسية والمدنية والثقافية المتكافئة لكل مكونات الدولة) .
-5-
أما بالنسبة إلى المادة السادسة والثلاثين حول مجلس الرئاسة المؤلف من رئيس دولة ونائبين له فهي رغم استبطانها لشيء من التوازن بين الشيعة العرب والسنة العرب والأكراد فهي من جانب آخر تجعل العربة العراقية مجرورةً من ثلاث اتجاهات متعاكسة وربما تمنعها من الحركة تماماً وخاصة أن المادة تقرر في الفقرة (ج) أن قرارات مجلس الرئاسة تؤخذ بالإجماع. يبدو أن أعضاء مجلس الحكم لم يتعظوا على الإطلاق من تجربة الجامعة العربية المأسوية في اتخاذ القرارات وتطبيقها ولم يلاحظوا أن( كل الدول العربية تنتمي للأمة العربية). وربما الميثاق اللبناني المتعارف عليه شفهياً في عام 1943 ، الذي يسمي الأسماء بمسمياتها ومخصصاتها هو أكثر تقدماً من الدستور العراقي بالنسبة إلى تشكيل هيئة الرئاسة. فكل قرار من مجلس الرئاسة يمكن أن يصطدم بفيتو من أحد الأعضاء. والأخطر من كل هذا هو إذا لم يتفق مجلس الرئاسة الثلاثي على رئيس للوزراء فتبقى الدولة العراقية سائبة بمجلس رئاسي مشلول وبدون حكومة ووزراء. والدستور لم يلحظ هذه الحالة ولم يضع لها حلاً. ولم يبين الدور المناط بالجمعية الوطنية في مثل هذه الحالة.
-6-
ثم تأتي مشكلة الأقاليم لتبدو أكثر تعقيداً في الفقرة(ج) من المادة الثالثة والخمسين. فهي لم تحدد الدوافع لتشكيل الأقاليم(خارج إقليم كردستان) وعدا(كركوك وبغداد). وإذا كان دوافع تشكيل الأقاليم يتعلق بصعوبات وعوائق جغرافية بين المحافظات فتعديل المحافظات تتيحه القوانين ويمكن أن يجري باستمرار. أما إذا كانت المسألة تتعلق بالمذاهب والإثنيات والأقليات فيكون الدستور بهذا الشكل قد نحا منحىً نكوصياً في تطور الدول وبعكس ما يتطلع إليه الشعب العراقي. وإذا كان استثناء بغداد وكركوك من تشكيل الأقاليم لأنهما مسكونتان من كل مكونات الشعب العراقي السنة والشيعة والأكراد والتركمان والمسيحيين؛ فهذا التداخل الإثني والديني لا يوجد فيهما فقط فهو موجود في الموصل وكذلك في البصرة وبعض المدن الأخرى. في رأينا إذا استطاعت الحكومة العراقية القادمة تكريس مسألة الديموقراطية في المجتمع العراقي فكل مسألة الأقاليم تفقد أهميتها. ربما كان من الأفضل لو اعتمد كتبة الدستور مفهوم (الولاية) الذي كان مستخدماً في السلطنة العثمانية، والمستخدم في يومنا هذا في الولايات المتحدة وكل دول أمريكا اللاتينية وفي الجزائر ودول أخرى مختلفة. في هذه الحالة يمكن إعادة تشكيل المحافظات وتكبيرها إلى ولايات على أساس اللامركزية. نحن نرى أن الإقليم في اللغة العربية يحيل تاريخياً إلى عدم التجانس في الوقت التي تحيل الولاية(من الولاء) إلى الإدارة وترتيب الأمور وفي آن إلى عدم الدمج والصهر القسريين وإلى اللامركزية فهذا المفهوم الأخير بالرغم من تعبيره عن مفاصل بين المركز والأطراف، لكنه في الوقت ذاته يبقي على علاقات وطيدة مع المركز ويحمي الدولة الاتحادية من التفتت والتمزق.
-7-
أما المادة التاسعة والخمسون فهي تجرِّد العراق تقريباً من سيادته حينما تنص في الفقرة(ب):" تماشياً مع مكانة العراق كدولة ذات سيادة ورغبتها بالمساهمة مع دول أخرى في حفظ الأمن والسلم ومكافحة الإرهاب خلال المرحلة الانتقالية ستكون القوات المسلحة العراقية مشاركاً رئيسياً في القوة المتعددة الجنسيات العاملة في العراق تحت قيادة موحدة وفقاٌ لقرار مجلس الأمن رقم 1511 لسنة 2003 وأي قرارات أخرى لاحقة وذلك إلى حين المصادقة على الدستور الدائم وانتخاب حكومة جديدة وانتخاب حكومة جديدة وفق لهذا الدستور". في الحقيقة كان يجب أن تُلْحقَ كلمة الدستور الأخيرة بصفة (الدائم) حتى لا تتكرر مسرحية (أل التعريف) في قرار مجلس الأمن 242 حول قضية الشرق الأوسط. وتصبح الأمور محط خلاف مابين الدستور المؤقت الذي بين أيدينا الآن والدستور الدائم الذي ستضعه الجمعية الوطنية المنتخبة. وأيضاً تتمة الفقرة(ج) من المادة ذاتها تبقي على تكبيل العراق بقوى أجنبية بشكل أو بآخر.
-8-
ثم تأتي فقرة الخلاف الأساسي بين أطراف الحكم وخاصة بين الأكراد والشيعة؛ وهي الفقرة(ج) من المادة(61) التي تعطي حق الفيتو على مسودة الدستور لثلثي الناخبين في ثلاث محافظات(إذا لم يرفض مسودة الدستور ثلثي التاخبين في ثلاث محافظات أو أكثر).
بالفعل هذه الفقرة عجيبة ومحيرة.إذا افترضنا أن المحافظات العراقية الثمانية عشر متساوية بعدد سكانها فثلثي ثلاث محافظات تشكل حوالي 12% تقريباً من سكان العراق وهذه النسبة يمكن أن تفرض رفضها لمسودة الدستور إذا أقرت من 88% من سكان العراق. والمسألة تصبح أكثر دراماتيكية إذا رجعنا إلى الواقع لأن المحافظات العراقية ليست متساوية بعدد سكانها وفي بلدان العالم الثالث العاصمة تحوي ربع السكان. وهذا يعني بالتالي أن حق الفيتو متاح لأقل من 10% من سكان العراق لكي يرفضوا مسودة أي دستور لا تعجبهم ولا يمكن للمرء إلا أن يحتار في هذه (الديموقراطية العجيبة).
-9-
أخيراً نرى أن هذا الدستور لن يؤدي إلى الاستقرار في العراق ولن يسحب فتيل العنف من الساحة العراقية ، وفي الواقع يحتوي هذا الدستور على تناقض كبير بين لائحة حقوق المواطن، وبين شكل الدولة وهيكليتها، وهو يعبر عن الوضع الراهن لميزان القوى داخل العراق الذي تجثم فيه قوات الاحتلال. وفي رأينا أن الخروج من المأزق الراهن هو توحد كل القوى السياسية العراقية باتجاه تشكيل دولة ديموقراطية عراقية لا مركزية قائمة على فكرة المواطنة التي تضمن كامل الحقوق المدنية والسياسية والثقافية واللغوية والدينية لكل المكونات العراقية الديموغرافية. فمصلحة الشعب العراقي لا تكمن في العودة إلى دولة استبدادية قائمة على الدمج والقسر والافتقار إلى المفاصل، ولا تكمن في المقابل في التطلع إلى دولةٍ مخلَّعة مفككة ضعيفة ومشلولة.



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخلة حول الإصلاح والتصليح
- صور متقاطعة من شرقِ المتوسط
- ليلة أحلام وثلوج وشموع في البرج السادس
- أبوسلمى
- لجوء الموتى - قصة قصيرة جداً -
- رسالة إلى أمي
- فنجان القهوة -قصة قصيرة جداً-
- أبو شمعة - قصة قصيرة جداً
- مصلحة كل التنويعة العراقية في دولة قائمة على الوِفاق والمواط ...
- رسالةإلى وردةٍ بيضاءْ
- ساحة ...في عاصمةٍ مملوكية
- مداخلة في مفهوم الفصل


المزيد.....




- مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا ...
- 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
- رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح ...
- مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في ...
- -حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي ...
- -أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور ...
- رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر ...
- CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع ...
- -الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب ...
- الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نقولا الزهر - دستور العراق المؤقت.... يقسِّم أكثر مما يجْمع