أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كفاح محمود كريم - التأثيرات السلوكية للأعلام الشمولي














المزيد.....


التأثيرات السلوكية للأعلام الشمولي


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 09:55
المحور: الصحافة والاعلام
    


يتعرض الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وربما في الشرق عموما وتحديدا في المجتمعات العربية والإسلامية إلى نمط من البرامج التلفزيونية الموجهة، فكل هؤلاء أي سكان هذه المنطقة يمثلون ثقافة متقاربة، ومنطقة جغرافية متلاصقة، ومجتمعات متداخلة، تدين معظمها بالإسلام عقيدة ومنهجا تربويا واجتماعيا.
إن معظم هذه المجتمعات بكل شرائحها واقعة تحت تأثير نمط من الإعلام الموجه من قبل الأنظمة السياسية الحاكمة ومن أهمها الإعلام المرئي وبالذات قنوات البث الفضائي، وربما كانت شرائح الشباب والنساء والأطفال أكثر تأثرا من غيرها بحكم طبيعة مجتمعاتنا ونظمها التربوية.
إن الطفل وكما يعلم الجميع ورقة بيضاء ونقية وشفافة جدا، تتأثر بنسائم الأحداث والكلمات والصور والأفعال، فما بالك من إغراءات الشاشة ووسائلها السحرية في جذب الأطفال إلى عالمها، ومن ثم ترك بصماتها لاحقا على مسار نموها وتطورها السيكولوجي والاجتماعي والأخلاقي، مما يجعلها أسيرة أنماط من السلوك المرتبط بنوع تلك البرامج وتأثيراته أي ذلك النوع من البرامج التي يراها الطفل.
لقد كانت التجربة العراقية بالغة وقاسية في تأثيرات الإعلام المرئي على شخصية وسلوك الطفل ونموه خلال ثلاثة عقود من تاريخ العراق، فالأطفال العراقيون الذين كانت أعمارهم خمس سنوات ابان الحرب العراقية الإيرانية، شاهدوا وقائع تلك الحرب القاسية من خلال برنامج ( صور من المعركة ) الذي كان يبث فضائع تلك الحرب وصور القتلى وأشلائهم، ولقطات حية من عمليات القتل خلال المعارك إضافة الى صور دفن أكوام من القتلى وأشلائهم في شقوق أرضية تنفذها البلدوزرات، وقبل ذلك عمليات الإعدام العلني وفي الساحات العامة وأمام الناس وفي وضح النهار سواء في العراق أو السعودية والباكستان ولبنان وإيران وأفغانستان والعشرات من هذه الدول، مما ترك آثارا بالغة على شخصية أولئك الأطفال الذين أصبحوا رجالا الآن ومنهم تطورت الكائنات الانتحارية؟.
ولستُ هنا بصدد الحديث عن شكل الشخصية التي تكونت على خلفية ذلك النمط من الإعلام الموجه، والذي لم ينتبه إلى تأثيراته على هذه الشريحة من المجتمع بقدر الإشارة الى ما نراه اليوم من قسوة وأحداث دامية وعمليات قتل بدم بارد سواء بالأسلحة الاوتوماتيكية أو بالذبح من الوريد الى الوريد أو بالقتل الجماعي للسكان بالسيارات المفخخة والانتحاريين المفخخين، إنما يعود إلى ذلك الإعلام والتربية والحروب التي عاشها وعايشها طفل ذلك اليوم وتلك المناطق.
وبقدر تأثيرات هذا النمط من الإعلام على شخصية الطفل، فان النمط المنفلت في البرامج الفنية والثقافية وأفلام ( الأكشن ) والكارتون ونوع الأفكار التي تتبناها تلك البرامج، يكون تأثيرها بليغا على نمو وسلوك الطفل لاحقا وباتجاه لا يقل مأساوية وانحرافا عن السلوك الأولي في القسوة والقتل البارد والنزعة الى حل المشكلة بإفناء طرفها الآخر.
إن الأعلام الفضائي يخترق كل الحواجز وربما يدخل عنوة الى العقل والعاطفة لدى الشباب من كلا الجنسين ويكون تأثيره أكثر عمقا وتقليدا لدى الأطفال.
ففي مجمل مناطق الشرق، والأوسط أكثرها، والإسلامية جميعها تقريبا، تسخر هذه الوسائل لإشاعة العبودية والاستكانة من خلال تأليه القائد أو الرئيس أو الملك أو النظام وجعله صورة أخرى للإله، حيث توظف ألاغاني والأناشيد والألحان الجميلة في تصنيع صورة للقائد لا مثيل لها على الأرض وربما في الكون في مخيلة وذاكرة الأطفال، بما يقلل من شأن المتلقي وتحويله تدريجيا الى ما يشبه قطيع الأغنام أو غيرها من الحيوانات التي يقودها الإنسان، ولست مغاليا إذا ما قلت ربما تكون الحيوانات معذورة في انقيادها للإنسان كونه من نوع ارقي في التكوين والجنس، والكارثة حينما يلقن ويربى الإنسان على انه هناك من صنفه ونوعه مما هو أرقى منه ويمنحه حق أبادته أو استعباده وإلغاء إنسانيته تدريجيا.
وبالتأكيد هناك فروقات قيمية وأخلاقية وحضارية بين مجتمعاتنا هنا في الشرق عموما عما موجود هناك في غرب الأرض، وليس كل ما ورثناه فاسدا أو لا يصلح للحياة المعاصرة، وربما كان التطرف واحدا من أشد أمراضنا حتى في موضوعة التربية والسلوك والأعلام.
علينا إذن أن ندرك تماما بأن مجتمعاتنا تتميز بثقافة خاصة بها، ولا يمكن استنساخ تجربة الأوربيين هنا، في نوع توجهاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والفنية والدينية، وعليه يجب أن نكون أكثر جدية في تحصين أطفالنا وتوجيههم وتوعيتهم ببرامج ملائمة لنمط ونوعية ثقافتنا وحضارتنا دونما الانغلاق والتقوقع أو التطرف والغلو بما يشوه منظومتنا الأخلاقية والقيمية العليا، واخذ ما هو مفيد فعلا والابتعاد عما لا يتناسق مع ثقافتنا وبنائنا الأخلاقي والاجتماعي لا بعدوانية وكراهية للآخرين باعتبارهم أقوام منحرفة أو ساقطة كما يشيع المتطرفون للتعريف بالآخرين، بل بالتأكيد على وجود حضارات وثقافات مختلفة تصلح في مكان ما وربما لا تصلح في أمكنة أخرى.
إن الإعلام المرئي ذو تأثير بالغ أكثر من أي شكل من أشكال إيصال الأفكار وأنماط السلوك، لما يتمتع به من مميزات الصورة والصوت وفنون الإخراج والحيل السينمائية والخيال الذي يعتمد عليه أساسا الطفل في تصوراته للأحداث من حوله، ولذلك كان تأثير الشاشة واضحا على سلوك وثقافة أطفالنا وخاصة الأكثرية الساحقة منهم والذين يعيشون في القرى والأرياف ويعتبرون هذا الجهاز أي التلفزيون منارا تربويا وسلوكيا.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظم الشمولية وصناعة الآخر؟
- الآخر بين القبول والتصنيع ؟
- تداول السلطة والقطار الديمقراطي
- النظم السياسية والاصولية الدينية
- جمهورية القرية!?
- العراق والمواطنة
- دكتاتورية الهزائم
- استنساخ المزايدات وذبح غزة ؟
- البحث عن بطل من ورق ؟
- الشرق والهروب من الحرية؟
- الشرف المعلق !؟
- ذيول الذيول
- الانتهازيون وتدهور القيم الاجتماعية !
- ( العراق بين الاسلاف والاخلاف )
- الحيتان تغزو العراق ...؟
- بقايا الإمبراطوريات والمثلث الملتهب!
- ( التعصب القومي والتشويه الديموغرافي في العراق )
- ( همسات تحت المطر )
- الموصل.. تاريخ مشرق وحاضر بائس!؟
- ( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )


المزيد.....




- لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف ...
- أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
- روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ ...
- تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك ...
- -العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
- محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
- زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و ...
- في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا ...
- النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
- الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كفاح محمود كريم - التأثيرات السلوكية للأعلام الشمولي