أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - ثلاثة برامج قتل وفكرة عزلاء














المزيد.....

ثلاثة برامج قتل وفكرة عزلاء


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 794 - 2004 / 4 / 4 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتنافس ثلاثة برامج للسيطرة في المجال العربي: أميركي وإسرائيلي ودكتاتوري محلي.
البرنامج الأميركي يهدف إلى السيطرة على المنطقة ككل، والهيمنة على كل من التفاعلات بين دولها والتفاعلات الداخلية في كل منها. ودوافع البرنامج الأميركي تتعلق بالسلطة العالمية ولا ترتد إلى النفط والحرب ضد الإرهاب ونشر الديمقراطية إلا بقدر ما هذه أدوات في بناء سلطة عالمية لا مثيل لها. المسألة هي السلطة. وهي سلطة على كبار العالم: الأوربيين والصينيين والروس واليابانيين، قبل أن تكون علينا؛ وهذا ما يجعلها أسوأ لا أقل سوءا. فمجالنا ساحة معركة للفوز بالسلطة العالمية.
ويناسب الولايات المتحدة أن نقتل بعضنا وقتا كافيا كي تقوم هي بدور الحكم بيننا. فهي لا تستطيع احتلال موقع السلطة الشرق أوسطية العليا أو سيد الأسياد الامبراطوري إذا استطاعت الولايات الإقليمية أو القوى المحلية داخل كل ولاية أن تحل مشكلاتها بنفسها. في الآونة الأخيرة نال البرنامج الأميركي اسما: الشرق الأوسط الكبير. وهو مشروع سلطة امبراطوري بالغ العجرفة، ويمكن أن يقود إلى غرق أميركا بدلا من إنقاذ الشرق الأوسط الذي دفعته هي إلى الماء واحتكرت حق أنقاذه.
البرنامج الإسرائيلي أن نقتل بعضنا كل الوقت دون أن يحكم بيننا أحد. إنه برنامج تفجير وحروب طائفية وإثنية ونشر الفوضى والدمار. المسألة هنا ليست أمن إسرائيل ولا وجودها ولا حدودها. إنها هنا أيضا السلطة، السلطة المطلقة وغير الدستورية. البرنامج الإسرائيلي منافس للبرنامج الأميركي على المدى الأبعد، وإن يكن مندرجا فيه على المدى الأقرب. هذا البرنامج يريد احتكار حق القتل والضرب والتفوق الأخلاقي معا. فهو لا يخير الفلسطينيين والعرب إلا بين تسليم مطلق بالأولويات الإسرائيلية أو تلقي حنق القدر الإسرائيلي الغضوب والمتحرر من أية وساوس أخلاقية. وهنا ضعفه الأخلاقي رغم جبروته المادي الهائل. فهو برنامج متطرف وعدمي، وينكر بالخصوص مبادئ المساواة وسيادة القانون.
تناقض إسرائيل المحرك يتمثل في حاجتها التي لا ترتوي إلى تعميم الانقسام والعنف ( وهذا يتضمن عنصرا قياميا أو توراتيا لا شك فيه: مثلا ثلاثة صواريخ لقتل رجل) كي تتغلب على طارئيتها ويستقر مقامها. بعبارة أخرى، لا يقوم استقرارها دون نزع جذري للاستقرار في المجال العربي. إسرائيل حرب مستمرة.
البرنامج الدكتاتوري لا يختلف في الجوهر عن البرنامجين السابقين إلا في أن نطاقه محصور ضمن كل واحدة من الدول التي كونها الأوربيون بعد الحرب العالمية الأولى. وهو في الواقع يتحرك بين المنهج التحكيمي الأميركي وبين المنهج العدمي الإسرائيلي. فحين تواجهها مشكلات داخلية تستهدف سلطتها تلجأ الدكتاتوريات إلى استخدام غير اقتصادي للعنف على الطريقة الإسرائيلية. وهي لا تمتنع عند اللزوم عن إعطاء وكالات قمعية خاصة، أو مقاولات قمعية من باطن. في مثل هذه الأحوال تكون الدكتاتورية إسرائيلية في سخائها التدميري الذي لا يقف عند حد، وفي غير هذه الأحوال تكون أميركية، تعتمد سياسة يمتزج فيها التخويف والإفساد والحماية والتفريق. هذا أيضا برنامج سلطة تريد أن تحتكر القتل والتحكيم معا. ومثل برامج السلطة الأخرى هو في العمق برنامج خائفين، برنامج أطراف طارئة على محيط تشعر بحق أنه عدائي لها. إن مشكلة "الشرق الأوسط"، وجوهره الأصيل أن أهله المقيمين مجردون من السلطة. نقول جوهره لأنه حين يحوز المقيمون السلطة فإن "الشرق الأوسط" سيزول.
البرامج الثلاثة المذكورة برامج قتل وسلطة غير دستورية أو مارقة. والعلاقة بينها ليست علاقة انسجام تام. بين البرنامجين الأميركي والإسرائيلي علاقة تكامل وتنافس. التكامل حاليا أكبر من التنافس. وإذا كانت هذه التأملات قريبة من الواقع فإنه أنسب لإسرائيل أن تطول فترة احتضار وتحلل الدكتاتوريات القائمة وان يطول أمد فوضى وتخبط ما بعد الدكتاتورية. هذا يعكس مزيجا من ضعف الثقة بالنفس ومن العدائية الأصيلة من قبل الطارئ الإسرائيلي حيال مجتمعات المنطقة، وهو يصدر بالطبع عن حاجة إلى تمكين موقعها كممر إلزامي للتفاعلات الإقليمية. الأميركيون، ومن موقع أكثر سوخا وأقل انتقامية، يحتاجون إلى الفوضى بما لا يزيد كثيرا عن متطلبات احتلال الموقع التحكيمي. بالمقابل فقد مشروع السلطة المحلي فرصه في التمديد بعد أن ولى شبابه ولى وبات عاجزا عن ممارسة العنف الساحق الذي لطالما اثار في السابق إعجاب الأميركيين والإسرائيليين معا. اليوم أضحى الطغيان المحلي مؤذيا لنفسه ولغيره، ومن الطبيعي أن يلجأ المتأذون منه إلى الحجر عليه وتنصيب أوصياء أكثر شعورا بالمسؤولية حيال من نصبوهم.
هل هناك برنامج يجمع بين تحريم الدم والقتل والاستقلال (السلطة للمقيمين) والتحكيم الذاتي؟ الفكرة موجودة، لكنها ليست برنامجا لأنه ليس هناك قوة تاريخية تحملها. قبل عقود كانت هناك قوى استقلالية لكنها أباحت لنفسها القتل، قبل أن تدمن عليه في وقت لاحق. كان صدام المثال الأفحش فحسب. ولأننا لم نستوعب درس التحرر من الاستعمار، وبنينا على أنقاضه أنظمة أشد برانية وقسوة، وأقل منه رقيا، فقد كتب علينا أن نكرره.
كرؤية، الفكرة التحررية الديمقراطية مضادة لسلطات دكتاتورية ومارقة ثلاثة؛ أما كسياسة فمنهجها هو منهج أية سياسة حيال الخصوم: فرق تسد!
كان تفاهم السلطويين قد جمد تاريخنا لعقود. طابع المرحلة اليوم هو تخلخل التفاهم بين قوى السلطة وبرامجها الثلاثة. هذا من دواعي التفاؤل في وضع مشؤوم.
دمشق 29/3/2004



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضطرابات الجزيرة ضرورة تجديد التفاهم الوطني السوري
- سوريا أمام المنعطف مــن هنا إلى أيــــن؟
- اعتصام دمشق فاعلون مترددون وإعلام يقيني
- طبائع العمران وصناعة الواقع في الدولة الحزبية
- في السنة الحادية والأربعين فصل حزب البعث عن الدولة ضمانة له ...
- صـــراخ فـي لـيــل عــراقــي
- سوريون ضد حالة الطوارئ!
- هل سيكون 2004 عام التحول في سورية؟ عرض تقرير -التحديات السيا ...
- سورية والتحديات الخارجية عرض لتقرير -مجموعة الأزمات الدولية-
- نقاش حول الدفاع الوطني
- بلاد الموت السيء
- نحو مؤتمر تأسيسي لحزب ديمقراطي يساري - مناقشة عامة لمشروع مو ...
- وقــائــع ثــلاثــة أشـــهـر زلـزلـت ســـوريــا
- من الحزب الشيوعي إلى اليسار الديمقراطي
- لم ننجح في حل المسألة السياسية، فنجحت المسألة السياسية في حل ...
- الآثار السياسية للعولمة واستراتيجية التعامل معها
- بداية العولمة ونهاية إيديولوجيتها1 من 2
- المثقف المستشار والرائي الأميركي
- تغيير الأنظمة وإعادة تشكيل المجال الشرق أوسطي
- المثقفون والأزمة العراقية ردود قلقة على واقع مأزوم


المزيد.....




- ترامب يعلن نيته الإبقاء على -أوباما كير- إذا أصبح رئيسا.. وي ...
- العقيد ماتفيتشوك يتحدث عن المعارك في منطقة كورسك
- حماس ترفض المشاركة في مفاوضات مع إسرائيل
- قتيلان جراء اصطدام طائرتين عسكريتين فرنسيتين
- مصر.. إيقاف لاعب قطري معروف بأمر -الإنتربول-
- خطوات أساسية في تناول الطعام لحرق السعرات الحرارية
- إسبانيا.. ظهور أول خروف معدل وراثيا!
- فوائد الجبن ومخاطر الإكثار منه
- إسرائيل متخوفة من فتح جبهة الأردن
- سلالة -إلهة الشمس-.. قصة صعود وسقوط -الإمبراطور الإله- في ال ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - ثلاثة برامج قتل وفكرة عزلاء