|
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2592 - 2009 / 3 / 21 - 09:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سمعنا العديد من التصريحات و التعليقات حول دعوة البعض للتصالح العام الشامل مع كافة القوى المعارضة و في مقدمتها حزب البعث العراقي السابق . ان الموضوع يحتمل العديد من المواقف و الاراء من الناحية الفكرية و السياسية ، بعد دراسة الوضع العراقي الراهن و ما توصل اليه بعد السقوط و ما بقى مترسبا فيه من المؤثرات التاريخية الحديثة و ما يتطلبه الواقع و العقلية التقدمية المنفتحة المبنية على الحوار و قبول الاخر في مثل هذه الظروف الدقيقة و المرحلة المتنقلة التي يمر بها العراق ، و ما عانته شعوبه من الويلات و الثبور على ايدي جلاوزة النظام الذي حكم و جاهر باسم البعث و عقيدته و منهجه و فكره و نظرته الى الشعب و تعامله مع ما موجود على الارض ، و ايمانه بالمباديء التي ادعاه ، و تطبيق مناهجه و شعاراته من قبل مختلف قادته ، و في المراحل المتعاقبة خلال ثلاثة عقود و نيف من حكمه بالحديد و النار دون اين يرمش له جفن ، و عدم احساس اي منا انه كان يفكر ولو للحظة بتقبله للمعارضة و التعددية و الاراء المختلفة مهما كان ، و شاهدنا ما اتبعه من نظام دكتاتوري للحزب الاوحد في بداياته و من ثم الدكتاتورية الفردية التي انهى به القدر و عمله العبسي الى حبل المشنقة . انطلاقا من النظرة التقدمية الديموقراطية لكيفية اداء العمل السياسي استنادا على الايمان بمباديء التقدمية في التوجه و العلمانية الحداثوية في الفلسفة و النهج ، و من ثم تقييم الفترة التي فرض البعث نفسه على رقاب الشعب ، و خطاباته و ادبياته المستقاة من الفكر القومي الشوفيني بقشرة ملمعة من الفكر اليساري التضليلي في البداية ، و من ثم التبدل و التغيير الذي حصل على عقليته و فكره و نهجه بالكامل و اتباعه للطرق و الاساليب التضليلية في العمل السياسي الفكري ، فلم يدع لنا اية بارقة امل من ان هذا التجمع اوما يشبه التكتل العشائري و المناطقي و باسم الحزب من النظر الى الحياة العامة للشعب وفق ما تتطلبه مستلزمات الحياة السياسية الثقافية الاجتماعية الاقتصادية العصرية المستندة على اركان الديموقراطية و المباديء الانسانية . من الناحية السياسية ،ان ما يتطلبه واقع العراق اليوم هو سد المنافذ امام اية احتمال لاعطاء و ايهاب الامال لمن لا يؤمن بالتغييرات الحاصلة على الارض ، و يتربص و بمساعدة من له المصالح في اعادة الاوضاع الى ما يصب الماء في المجاري الخاصة بمصالحهم الاستراتيجية العامة في المنطقة . و اي ارتخاء لشد الاحزمة في هذا الوقت امام من لا يؤمن بالديموقراطية و العلمانية او التغييرات ما بعد السقوط سوف يعقٌد الامور ، و يفرض الفوضى و يضع العراقيل امام المسيرة السياسية الحالية التي تتقدم رغم العوائق امامها مهما كانت لدينا من الانتقادات لها . في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة و في ظل الظروف الاقليمية و الدولية و الصراعات الحادة حول ما يمكٌن الاطراف من التقدم على الاخر لترسيخ الافكار و المواقف و تثبيت الاقدام و بمختلف التكتيكات الوقتية المتعددة الجوانب و من مختلف الاطراف ، اية زلة في السياسة لاعطاء اية فرصة يمكن استغلالها من قبل من عاثوا في الارض فسادا حتى الامس القريب دون ان ينبس العالم ببنت شفة لافعالهم ، و اليوم يتحالفون مع اعتى القوات و الافكار في سبيل العودة و باي ثمن و كما كان نهجهم الدائم و شانهم فيما مروا به من الوقات العصيبة من قبل لحين اعادة تثبيت ما ينوون من الاركان الخاصة بهم و بمساعدة من له تلك المصالح المعروفة ، و ينقضون الوعود و كما يشهد التاريخ لهم مع القوى الاخرى في بداية استلامهم السلطة في حينه ، و هم يعملون بكل التكتيكات و بمختلف التوجيهات الاقليمية و البعثية الذاتية و تياراتها المتعددة ،و كما نعلم وهم اليوم معلقين في الوحل و يحاولون بكل جهدهم التعلق بالقشة من اجل الخروج و النجاة من الغرق النهائي على الرغم من ادعائهم عدم التنازل ، و هم لازالو يتنفسون برئة غيرهم و مماثليهم منذ ست سنوات . اما من الناحية الفكرية العقيدية و ما يؤمنون به هو الميكيافيلية الحقيقية و بمختلف الاسماء و التسميات التضليلية و المحتويات الدكتاتورية و بشتى الطرق و التفسيرات التضليلية ، مغيرين من خطبهم استنادا على قراءة الظروف الذاتية من دون الاعتماد على المباديء الحقيقية ، و يضحون بكل ما يمت بالفكر و العقيدة من اجل منفعة سياسية مؤقتة ، اي الانتهازية بكل معنى الكلمة ،و ليست في السياسة فقط و انما في الفكر و الفلسفة و العقيدة ايضا ، و الهدف الوحيد هو السيطرة على السلطة و حكم الشعب باية وسيلة كانت ، و هذا ما يدلنا عليه تاريخهم و من يشابههم في الشكل و المضمون . و كم شاهدنا التقلبات المفاجئة في اقوالهم و افعالهم و من اجل تكتيكات سياسية معينة ، و هم يطفرون من اليسار الى اليمين و من العلماني الى الاسلاموي التضليلي و باسم الحملات الايمانية عندما وصلت بهم الحال الى ما كانوا عليه من المضايقات في جميع الجوانب . ان كانت هذه هي نظرتهم و فكرهم و عقائدهم و سياساتهم ، من اين يمكن ايجاد المنفذ للتحاور مع مثل هؤلاء المضللين و اعادة النظر في التعامل معهم و سماع اقوالهم ، و من اين يمكن كسب الثقة دون خوف من صفاتهم المعلومة ، و هل بالامكان عدم تكرار ما اعتادوا عليه في تاريخهم ، و ان كان الواقع الثقافي السياسي و الفكري العصري يحتم علينا اسس و مباديء الديموقراطية و عدم الغاء الاخر و اعطاء الفرص للجميع في التعبير عن الراي و العقيدة التي يؤمن به و يعتنقه ، و من اين ناتي بالضامن و الرهان لعدم اعادة التاريخ لنفسه و استغلالهم الفرص لحين تقوية موقفهم و كما عملوا من قبل ليقذفوا و ينكثوا بكل شيء ، و هم لهم التجربة في ذلك ، و ان تاكدنا نحن و على ارض الواقع بعد دراسة تاريخهم من انهم ليسوا بمؤمنين بمباديء الديموقراطية الحقة ، بل استغلوا المفهوم من اجل اهدافهم الذاتية ، الى ان وصلوا الى اعتى دكتاتورية و باسم المفاهيم البراقة . و بهذا يمكننا ان نقول ان الفكر و العقائد و الفلسفات العلمانية التقدمية و الديموقراطية و السياسة قبل اي فكر مثالي اخر يفرض علينا عدم فسح المجال لمن يلغي هذه المباديء الضرورية الحديثة ، ومن اجل تقدم الشعب و ضمان مستقبله . المصالحة الحقيقية تبدا من عودة من كان منتميا الى هذا ما سمي بالحزب الى حياته الطبيعية و النزول من الافكار و الاستعلاء الذي زرع في كيانهم و لازال يسير في دمهم ، و افساح المجال لهم للعيش بسلام و امن ، ومن اجل تربية وتعليم اجيال اليوم على ما تتطلبه الحياة الحرة الكريمة دون تاثير المضللين و بحرية و الانفتاح و عدم الحقد و الضغينة ، و به نقذف باي امل لعودة الدكتاتورية الى اعماق التاريخ الذي لا عودة منه و من دون رجعة و الى الابد و الا المصالحة غير المشروطة و من اجل المكتسبات السياسية المؤقتة سوف تنقلب على اصحاب الراي انفسهم قبل غيرهم و لا يضرون بمكتسبات هذا الشعب و مستقبله و حريته و ما يهم اجياله القادمة فقط و انما يتضرر المتصالح بنفسه ان كان بقصد او غير قصد ، و هذا نكوث علني بكافة الوعود و نقض للوعود و في مقدمتها تطبيق الدستور بما فيه من الديموقراطية و الحرية و مخالف و بالضد من العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة و للحقوق الانسانية العامة للشعب .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|