|
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2588 - 2009 / 3 / 17 - 09:00
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
من الممكن تغيير مسار الشعب باكمله باتباع اساليب و مناهج تربوية سليمة وفق ما تفرضه ظروف المجتمع الثقافية و الاجتماعية الخاصة و ما تتطلبه الامال التطورية المنورة ، مع الاخذ بنظر الاعتبار الواقع و الاخلاقيات التي يعيش في و يتمسك به الشعب . المعلوم في المجتمع الشرقي التزامه بالعديد من العادات و التقاليد مهما كانت تاثيراتها و افرازاتها و تداعياتها وابعادها سلبيا على الوضع العام للمجتمع ، و به تكون تاثيراتها واضحة على الاتجاه التربوي و التعليمي بكل ثقلهما و مضامينهما . ولو ارادت اية امة ان تتقدم خطوة ملحوظة في مستوى حياتها و معيشتها من الجوانب كافة ، لابد من اعادة النظر في جوهر و اساليب و فاسفة التربية و التعليم فيها من ادنى مرحلة الى اعلاها ، و لابد ان تستفيد مما توصلت اليه الشعوب و البلدان من التقدم و ما اثمرت طرق تدريسهم و تعليمهم و تربيتهم ،و مما انتج المبدعون من العلماء و الصناع الحاذقين و النوابغ و الجهابذة في اختصاصات العلم و المعرفة . من الواضح جدا بان هناك علاقة جدلية متينة بين المؤسسات و كيفية عملها و ما تعيش فيه الاسرة و افراد المجتمع مع ما يتصف به المجتمع بشكل عام ، و من ثم مستوى الثقافة العامة و مدى الوعي و معرفة الشعب بجواهر ما تتوقف عليه المسيرة التقدمية و درجة التطور للبلد مع العقليات و محتوى التفكير و النظرة الى العلوم بكافة فروعها . و اذا اُريد اعلاء شان العلم و المعرفة و التقدم التكنولوجي في اي مجتمع لابد ان يلمس الشعب ما تنتجه العقول من الثمار و يعيش في ظلها و يستفيد من نتاجات التطور يوميا . ولو درسنا طبيعة الانسان النفسية و ما تحويها من الغرائز و ما تكتسبه في الحياة في مراحلها المتعاقبة منذ الولادة ، و ميزنا وضع اي مجتمع استنادا على ما يتصف به من الناحية الاجتماعية الثقافية السياسية و حددنا ما يدعم عمل الفرد او المجتمع و يدفعه الى الابداع و الابتكار ، فننا ما نتاكد منه ان الطريقة المثلى هي الاعتماد على العقلانية المرتبطة بشكل واضح مع ما يدفع الفرد من العوامل الذاتية و الموضوعية للتنافس و الصراع من اجل اهداف خاصة، او حسبما يعتنق من الافكار و يضحي من اجله و يجهد بكافة الطرق في سبيل الابداع و الانتاج الذي يفيده مع المجموع ، و هذا ما يتطلب المساندة باليات و وسائل ضرورية متوفرة ، سوى بتوفير المناهج الملائمة او التكنولوجيا وما توصل اليه العالم من التقدم ، و تسهيل الطريقة للتعرف على ما يكمنه من الوصول اليه ، والتركيزعلى كيفية تحفيز الفرد من اتباع الطرق الملائمة للمنافسة و الحصول على الاحسن للتقدم و تجاوز الاخر و ليس التركيز على الصراع و ايجاد العرقلة و العواقب امام الاخر ، اي التعاون و العمل المشترك بين المؤسسات بكافة انواعها ، وهو العامل المساعد الاهم لابتكار الطالب في هذه المنطقة بالذات . و لابد ان نقول ان الظروف التي تعيش فيه الدول في هذه المنطقة من كافة جوانبها الاقتصادية و السياسية و الثقافية لم تصل الى حال يمكن ان توفر امام الكثير من المختصين الوسائل العلمية الانسانية و المعرفية المناسبة لتسهيل عملهم ، و حتى الفلسفة المتبعة مستندة على ترسبات التاريخ و الواقع و ما خلٌف لهذه المجتمعات و سد الطرق امامه لمواكبة التقدم الحاصل في العالم . اضافة الى المعوقات الاجتماعية و السياسية ، فان الفرد يشغل معظم تفكيره و وقته في ما يمكنه من الحصول على الحاجات الشخصية الضرورية المرتبطة بكيانه الجسمي و النفسي و الاجتماعي ، و المجتمع بما فيه يضع مجموعة من العوائق امام تسيير اموره و اشباعه النفسي الجسمي الضروري، والضرورة هذه تتطلب توفيرها قبل انعكافه على ما يمكنه من الابداع و الابتكار . المدارس المختلطة ستوفر للطالب و بغير جهد يذكر الوسط المناسب للتنافس و الاستناد على ما يمكنه الفوز بالمكانة الاجتماعية الملائمة في قلوب الاخر، و ما تفرضه عليه غرائزه و متطلباته ، و به سيصرف الطاقة الكامنة فيه في موقعها الصحيح و المطلوب من اجل الوصول الى ما يفيده بذاته ،و من ثم ما يفيد المجتمع بشكل مباشر او غير مباشر ، و يبعد عن الجنسين الممنوعات التي تكون دائما من المرغوبات لدى الانسان كطبيعة بشرية غريزية ، اي اننا يمكننا ان نقول بان اهم العوامل بعد تعاون المؤسسات الحكومية و الثقافية و المدنية و الاسرة ، هي المناهج و الفلسفة التقدمية و النظام التربوي العام و الوسائل المطلوبة مع الدعم و الاسناد و اتباع الطرق العلمية التقدمية ، و في جو من الحرية و الامان مع المكافئة و المتابعة و المساعدة بشكل عام في ازالة العوائق و توفير الارضية المناسبة لطالبي العلم و المعرفة بعيدا عن التمييز و الفروقات الطبقية بشرط استقلالية التربية و التعليم و ابتعاده عن السياسة و العقائد و الايديولوجيات و من اجل التقدم العلمي الحقيقي فقط ، و هذا ما يتطلب جهدا لعزل المناهج و المدارس بجوانبها الانسانية و المعرفية و العلمية عن اي نظام اوفكر او عقيدة سياسية و فلسفية حاكمة بعيدة عن التقدمية و العلمانية.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
-
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
المزيد.....
-
السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون
...
-
القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
-
إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا
...
-
شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين
...
-
كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
-
سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
-
انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
-
ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
-
يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار-
...
-
قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|