|
حكايات في عيد الميلاد
أسعد الخفاجي
الحوار المتمدن-العدد: 793 - 2004 / 4 / 3 - 08:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
جذور النخلة لم يكن سقوط الإمبراطورية العثمانية وتسلل النفوذ الغربي الكولنيالي إلى العراق بأي حال من الأحوال تحدياً لمشاعر العراقيين ، إسلاميين كانوا أم علمانيين ، نظراً لأن الحكم العثماني لم تربطه بالإسلام سوى المصلحة القومية التركية ، والحقيقة أنه إستخدم الدين كأداة للإستغلال الإقتصادي وقمع الفكر الوطني. وسرعان ما إنتشرت في العراق مختلف الحركات والأحزاب السياسية التي أرادت دفع البلاد صوب الهدف الذي تسعى إليه ، إستناداً إلى إنتمائها وموقعها الإجتماعي. فالقوميون منهم أسسوا تنظيمات تنزع إلى توحيد صفوف قومياتهم ، ومنهم القوميون العرب مثل رشيد عالي الكيلاني الذي تحالف مع النازية وأقام حكماً قمعياً لم يدم طويلاً. والإسلاميون تحالفوا مع كبار الملاك ورؤساء القبائل وقاموا بثورة العشرين ضد المحتلين الجدد. من ناحية أخرى تشكلت في العراق وبتأثير أممي مجموعات يسارية تدين بالفكر الماركسي وتدعو إلى الحرية والإخاء والمساواة وترسيخ الأممية ، مثل عصبة سبارتكوس وجماعة نادي الصحافة ونادي التضامن. وكما نقرأ في كتب المؤرخ الشهير حنا بطاطو ، فإن الماركسيين العراقيين أصدروا عام 1927 ولأول مرة جريدة الصحافة. ويذكر بطاطو أن حسين الرحال وبيتر فاسيلي كانا أول الماركسيين العراقيين. بعد ذلك ظهرت بدايات الحركة الشيوعية العراقية في البصرة والناصرية ، ثم جاء تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في الحادي والثلاثين من آذار عام 1934 بقيادة يوسف سلمان يوسف (فهد) ، الموظف في دائرة كهرباء البصرة بالإضافة إلى عاصم فليح و قاسم حسن ومهدي هاشم ونوري روفائيل وحسن عباس الكرباس ويوسف اسماعيل وعبد الرحمن داود وموسى حبيب. والحزب الشيوعي كما يصفه بطاطو كان حزباً منظوماً بدقة و متجانساً آيديولوجياً. وبعد مغادرة فهد إلى الخارج للدراسة في مدرسة كادحي الشرق ، إختار المؤسسون عاصم فليح ليقود الحزب. وقد وزع اول منشور للحزب بعد تأسيسه في عام 1935 ليحث على النضال لتحقيق مطالب الفلاحين والعمال، وانتهى بالهتاف بسقوط الاستعمار ومعاهداته وبحياة الجبهة الموحدة ضد الامبريالية وضد مضطهدي الشعب. وفي تموز 1935 انضم زكي خيري ويوسف متي الى الهيئة القيادية للحزب ، وقد لعبا دوراً نشيطاً في نشر افكار الحزب وشعاراته بين الجنود في بغداد وكركوك كما ونشطا ايضا في المجال الصحفي. وفي 31 تموز عام 1935 صدرت "كفاح الشعب" وهي أول صحيفة مركزية للحزب الشيوعي العراقي. تبنت تلك الصحيفة شعارات حق الشعب الكردي في تقرير مصيره وتأييد الإنتفاضات الفلاحية ضد الإقطاع ، كذلك الدعوة إلى ائتلاف القوى الوطنية في جبهة وطنية موحدة. تلك كانت جذور النخلة العراقية العتيدة!.
مأكول مذموم!
سألني إبني يوماً عن سبب إنتساب جميع الحكام العرب في مختلف العصور إلى الخليفة الرابع علي بن أبي طالب ، بينما يوجد في التراث عشرات الخلفاء المشهورين! وحسب ما نقرأ في سيرة الملك فيصل والملك حسين والرئيس علي عبد الله صالح والعقيد معمر القذافي والملك محمد الخامس ، وغيرهم من الحكام ، إضافة إلى عدد كبير من العرب والمسلمين ، من العامة والخاصة ، من الشيعة والسنة ، وكلهم يصرون على إرجاع نسبهم إلى الإمام علي عليه السلام ، وبأنهم مشمولون بلقب "السيد" ، غير آبهين بمجلدات التأريخ الإسلامي التي تعج بالخلفاء والأئمة والشيوخ وأصحاب الكرامات والمبشرين بالجنة! في الوقت عينه ـ وياللعجب ـ نسمع ونقرأ كل يوم عن إستمرار حملات القمع والإضطهاد الدموية التي يتعرض لها كل مواطن يعلن ولاءه للإمام علي ، ولاسيما في الدول التي يحكمها هؤلاء "السادة" الذين يدعون النسب إلى ذلك الإمام! في الواقع يوجد شبه بين سؤال ولدي وبين سؤال آخر طرحه علي فيما مضى العم الطيب كريم العبيد وهو صائد أسماك بغدادي ، وخلاصته: لماذا يحاول الجميع أن يصنف معتقده السياسي ضمن الأفكار الماركسية ويسعى جاهداً إلى إضفاء صفة التقدمية واليسارية على نفسه ، ويستعير جميع الألفاظ التي يستخدمها الماركسيون واليساريون في خطابهم الأيديولوجي ، بينما ، في نفس الوقت ، يكاد لا يخلو سجن أو معتقل عراقي من مواطن متهم بإعتناق الفكر الماركسي "الهدام؟" للإجابة على هذين السؤالين لابد من العودة إلى المثل البغدادي الشهير: "رُبّ مأكول مذموم"! قبل عدة أسابيع نشر أحد القوميين العرب مقالة في إحدى الصحف العراقية إدعى فيها الإنتماء حتى النخاع إلى الفكر الماركسي. وفي رد مني على الكاتب نشر في الصحيفة نفسها ذكرت أن هؤلاء المنضويين الآن تحت الراية الماركسية من العناصر القومية المفلسة هم أنفسهم الذين أمعنوا في ذبح ومطاردة وإضطهاد الآلاف من اليساريين العراقيين صبيحة الثامن من شباط الأسود عام 1963!. وجعلت العبارة الآتية عنواناً للرد: "قمعيون داخل السلطة وتقدميون خارجها". ياترى ما هو السر وراء هذا الإنتماء المزعوم في كلا الحكايتين؟ أهو دليل قوة وإخلاص للجهة التي يدعون الإنتماء إليها ، أم دليل ضعف وإفلاس ومراوغة؟ لماذا يطلق على أتباع الإمام علي في دهاليز دوائر الأمن والمخابرات الصدامية صفة العجم والرافضة وفي العلن حينما يخاطبون الرأي العام العربي ، المصاب بالشلل الفكري والسلبية المزمنة ، يتوددون إلى إمام المتقين بالإنتساب إليه؟ وعندما تكون هناك هجمة خارجية عارمة على العروش العربية يتحول الجميع بقدرة قادر إلى "مناضلين ماركسيين" و "منظرين يساريين"!. فبعد مذبحة أيلول التي قام بها الملك "العلوي" حسين ضد الفلسطينيين إلتقيت أحد مسؤولي منظمة فتح في بغداد لأعبر له عن مشاعر الحزن لدى الشعب العراقي ، وقد لمست في معنوية ذلك المسؤول إحباطاً شديداً سببه عدم تحرك "حزب الطليعة" ضد تلك المذبحة. والحقيقة لم أفهم ما كان يعنيه بحزب الطليعة حتى وضح لي أنه الحزب الشيوعي الأردني! عجباً لهؤلاء المتلونين! لماذا إذن إشتكى لي أحد الفدائيين الفلسطينيين اليساريين من الموقف الصعب الذي كانت مجموعنه تعاني منه. فعندما تخرج مجموعته لمقاتلة الإحتلال الإسرائيلي كان يتعين عليها أن تنقسم إلى قسمين: الأول في الأمام ويطلق النار على جنود الإحتلال والآخر في الخلف يدافع عن المجموعة من غدر قوات فتح!.
المد الأحمر؟
كثيراً ما نقرأ عن ثورة الرابع عشر من تموز وكيف أن الشيوعيين سطوا عليها وحولوها إلى حكم دكتاتوري أسمته الصحافة العربية فيما بعد بالمد الدكتاتوري الأحمر. وقد يبدو هذا الكلام لقارئ بسيط من هذا الجيل أمراً معقولاً ومحتمل الحصول سيما وإن الزعيم نفسه كان يحمل هوية عليها الشينات الثلاثة ، حسب السناريوهات التي وضعتها الطغمة المتضررة من رحيل الإحتلال البريطاني وسقوط الملكية والإقطاع ، ومن صدور التشريعات الحكومية الجريئة ذات الطابع الوطني والمدني!! لكن الحقيقة كما نراها نحن ، الجيل الذي عاصر تلك الأحداث ، تختلف كل الإختلاف عما يصفون! كنت أشاهد بنفسي أفراد الشرطة القاسمية في منتصف عام 1959 وهم يلاحقون "الفوضويين" وهذا هو اللقب الذي أطلقه الزعيم على المواطنين اليساريين. رأيت بأم عيني في الأعظمية عدداً من أفراد الشرطة وهم يركلون مواطناً بالأقدام لأنهم وجدوا معه صورة للزعيم. إذ كان يتعين عليه أن يحمل صورة عبد السلام لكي ترضى عنه السلطة! وبعد أن حررت الثورة رئيس الإتحاد العام لنقابات العمال من سجنه المؤبد في نقرة السلمان ، وكان من القادة الشيوعيين ، عادت لتلقي به ثانية بعد أشهر في غياهب سجن آخر بتهمة سياسية ملفقة. وظل في حبسه حتى إنقلاب عام 1963. ولن أنسى كيف زارني في مقر عملي آنذاك وكنت محرراً في صحيفة "البلاد" ، أحد المواطنين شاكياً من تصرف الحكومة القاسمية. لقد حصل ذلك المواطن على وظيفة مذيع في تلفزيون بغداد عام 1959 ، ولكن التعيين لم يتم ، بسبب تسلم وزارة الإرشاد آنذاك تقريراً سرياً جاءها من دائرة الأمن يحذر من تعيين ذلك المواطن بهذه الوظيفة الحساسة لأنه كان "من أخطر شيوعيي محلة كرادة مريم"!. وبعد إغتيال أحد كوادر نقابة المحامين عام 1959 بأمر من عبد السلام نفذه إثنان من شقاوات الفضل ، أراد رفاق الشهيد وعائلته وأصدقاؤه أن يشيعوه إلى مثواه الأخير. وفي فجر ذلك اليوم جاء وفد من وزارة الدفاع أرسله الزعيم ليأمر عائلة الشهيد بدفن فقيدهم بالكتمان دون تشييع ، لعدم إثارة الرأي العام. ومن باب الشئ بالشئ يذكر أذاعت وكالات الأنباء في مساء ذلك اليوم نبأ يفيد أن أكثر من نصف مليون عراقي وعراقية شيعوا ذلك المغدور في بغداد شارع الرشيد والمحمودية والمسيب وكربلاء والنجف. حدث ذلك رغم أنف الزعيم! ولدى زيارتي المانيا في ذلك الحين صادفت مواطنين عرب باركوا لي "نجاتي من السحل في العراق". ومنهم علمت أن العراق آنذاك كان يحكمه الشيوعيون بقيادة قاسم والمهداوي وطاقم السفارة الروسية ، وأنهم كانوا يسحلون كل عراقي لا ينتمي إلى الحزب الشيوعي!.
عائلة واحدة!
أهو لغز من الألغاز أم ماذا؟ قالها لي أحد الأخوة الأكراد. "كلما قرأنا لشاعر عراقي فطحل قالوا عنه أنه شيوعي"! وإسترسل في الكلام قائلاً كلما شاهدنا لوحة فنية رائعة وصفوا مبدعها بالشيوعية. كذلك الكتاب والأدباء والفنانين وكافة المفكرين والمثقفين في العراق تجدهم بهذه الدرجة أو تلك قريبين من هذا الحزب!. ولا تجد في العراق من الناس غير الحاقدين من ينزعج إذا إلتقى شخصاً شيوعياً. على عكس الحال في البلدان العربية. فلا يستنكف الفنان العراقي المبدع من أن ينتمي إلى الفكر اليساري ويلتزم المنهج الماركسي في ممارسة فنه. ونادراً ما نجد مواطناً من العراق ممن له إهتمامات وطنية أو فكرية أو ثقافية ويتحلى بدرجة كافية من الوعي السياسي ، وليس عنده أصدقاء ينتمون إلى ذلك الحزب. والعراقيون يتقبلون ، في معظم الحالات ، فكرة العمل والتعامل مع اليساريين دون أن يصابوا بإغماءة التطرف والتعالي أو التكفير والتسقيط. وفي أثناء تنظيم المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية ضد العهد الملكي ، كان الناس البسطاء يفتحون أبواب بيوتهم في بغداد وغيرها من مدن أمام المتظاهرين الذين تطاردهم شرطة نوري السعيد ، دون إبداء أي نوع من التزمت أو الحساسية. حدثني أحد الأصدقاء وهو عراقي مسيحي كان يعمل محاسباً في مؤسسة "توماس كوك" في بغداد أنه كان في مكتبه المزدحم بالمراجعين الذين يودون الهروب من قيظ بغداد إلى الخارج. وفجأة نفد صبر أحدهم لأنه إنتظر طويلاً قبل أن تنجز معاملته فصرخ في وجه صاحبي: "إلام تبقون أنتم المسيحيون تخدمون أسيادكم الإنجليز أفضل مما تخدمون شعبكم؟". ساد على الفور في المكتب هدوء وإختفى ضجيج المراجعين بإنتظار ردة فعل صاحبي المسيحي. يذكر أنه في ذلك العهد كانت وتيرة ملاحقة الشيوعيين على أشدها. لقد فارت في شرايينه دماء مابين النهرين الحارة وأشرقت في روحه شمس الإعتزاز الوطني فرد على المراجع بهدوء مصطنع قائلاً: "إعلم أيها السيد أنني شيوعي قبل أن أكون مسيحياً! والشيوعي لايخدم بالأساس سوى شعبه!". لحسن الحظ كان جميع المراجعين في المكتب آنذاك "مستعجلين" لمغادرة حر بغداد ، لذلك إنتهت الحكاية بسلام!.
وتمر السنون ليدعوني ذلك الصديق المسيحي لحضور أمسية جميلة في ناد إجتماعي أحياها جمع من جاليتنا العراقية في شيكاغو وكالعادة بدأوا يتحاورون ويتبادلون وجهات النظر فيما تخبؤه الأيام لشعبنا العراقي بعد أن إنعتق من ربقة الدكتاتورية المقيتة. نظرت إلى وجوه الحاضرين فلم أستطع أن أتبين القومية أو الدين الذي يجمع هؤلاء. كان بينهم العربي السني والعربي الشيعي والتركماني والكردي والكلدوآشوري. إن الأحزاب القومية أو الدينية إذا دعت للقاء من هذا النوع فلن ترى مابين الحاضرين "غريباً" وكلهم ينتمون إلى نفس الطائفة أو القومية. فهمت على الفور أن الطرف الذي دعا لهذه الأمسية هو حزب فهد الذي يجمع بين صفوفه كافة أجزاء الطيف العراقي. لا تجد في صفوف هذا الحزب تكتلات على أسس عرقية أو دينية أو طائفية. والقيادة تنظر إلى كل المنضوين في هذا الحزب نظرة واحدة دون الإلتفات إلى خلفيات الإنتماء المجتمعي. وفي الواقع نقرأ في الأدبيات البعثية أن حزب البعث ليس حزباً دينياً لأنه حزب الأمة كلها. من ناحية أخرى نرى المناصب المرموقة في القيادات البعثية تنتمي بنسبة 85% إلى قومية واحدة وطائفة واحدة!. لقد تعاقب على قيادات الحزب الشيوعي ، عكس ذلك ، عراقيون من العرب والأكراد ومن الكلدوآشوريين والفيليين والشيعة والسنة والصابئة ، وحتى اليهود. ونادراً ما تجد عربياً يقود حزباً قومياً كردياً أو العكس ، أو مسيحياً يقود حزباً إسلامياً أو العكس. وقبل شهرين رحل ذلك الصديق عن غربته وأصدقائه قبل أن تتكحل عيناه برؤية العراق المنعتق من الإستبداد. حزنت كثيراً لرحيله وبكيت أثناء التشييع. لقد بكى عليه أصدقاؤه ، وجلهم من غير المسيحيين ، بحرقة وكأنهم أهله.
إشتراكيتان
في منتصف الخمسينيات كان لي صديق في بغداد ينتمي إلى الفكر القومي العربي. وكانت تجمعني به إهتمامات مشتركة في الثقافة والسياسة. كلانا كان ضد العهد السعيدي ، وكنا في حينها نتعاطف مع فكر جمال عبد الناصر ونقرأ سوية المنشورات الماركسية والقومية السرية ، وإذا ما عثر أحدنا على كتاب جيد مثل روايات مكسيم غوركي أو مؤلفات ماركس وأنجلز وغيرها من الكتب الممنوعة ، سرعان ما كان يحمله سراً إلى صاحبه لقراءته. وفي أحد الأيام الأولى لثورة الزعيم جاءني ذلك الصديق وعرض علي أن أحضر معه إحدى الحلقات الثقافية لميشيل عفلق الذي كان يعقدها حينذاك في أحد فنادق بغداد. ذهبت معه مدفوعاً بالفضول السياسي وإحتراماً لصديقي الذي كان يحمل فكراً قومياً تقدمياً بعيداً عن التعصب والإستعلاء. إستمعنا للضيف السوري الذي هرع إلى بغداد لضمان مساحة أكبر من الكسب الحزبي. شرح المحاضر المفاهيم الثلاثة: الوحدة والحرية والإشتراكية. والحق يقال فقد أجاد التنظير فيما يخص الوحدة والحرية. وتوسمت في حديثه أنه كان مقتدراً على الكلام في هذين المفهومين. ولكن وما أن إنتهى إلى مفهوم الإشتراكية حتى راح يتعثر بالكلمات ويلوي الجمل و يزاوج العبارات والكلمات والحروف بشكل عشوائي. وظهر وكأنه قد نسي الدرس الذي حضّر له!. ومازلت أذكر أن العبارة اليتيمة التي قالها وكان لها معنى لغوي على الأقل هي: " تختلف إشتراكيتنا العربية عن إشتراكية الشيوعيين البغيضة كونها تدعو الشعب العربي إلى أن يقف بكافة طبقاته حول الحكومة القومية التي تعمل لصالح مجموع أفراد الشعب، وليس لصالح طبقة معينة من الناس، سواء كانت الطبقة العاملة أو الطبقة الرأسمالية. وعلى هذا الأساس فإن أسطورة الصراع الطبقي لا توجد في الإشتراكية العربية فجميع العرب أخوة تجمعهم عائلة واحدة هي الأمة العربية وأي صراع في تلك الأمة يمكن حله سلميا عن طريق الوحدة والحرية. عليه ينبغي أن تتضافر الأهداف الثلاثة المترابطة: الوحدة والحرية والإشتراكية كشرط أساس لتحقيق الوحدة العربية الشاملة من المحيط إلى الخليج." شاهدت الملل بادياً على وجوه الحاضرين وأولهم صاحبي ، الذي سأل المحاضر لماذا إذن نحتاج إلى إشتراكية مادام الدين ، مثلاً ، يضمن للمجتمع نفس هذه الشروط التي وردت في تعريفكم للإشتراكية؟. في المقابل نقرأ عن الإشتراكية في الأدبيات الماركسية للحزب الشيوعي ، فنجدها أسلوباً لإدارة عملية الإنتاج الإجتماعي ، يقوم على العدالة التي لا تتحقق إلا بإنتهاء جميع أنواع الإستغلال والإضطهاد ، والكف عن إستحواذ فئة قليلة جشعة لقوة عمل أكثرية الناس المنتجين في المجتمع من العمال والفلاحين والطلاب والموظفين والمثقفين والكسبة. والصراع الطبقي الذي يتحدث عنه مؤسس البعث عفلق هو ليس قتالاً أو مواجهة مسلحة بين أجزاء المجتمع ، وإنما تناقض مبدأي وتنافس سلمي ديمقراطي يقوم على أسلوب المطالبة والتظاهر والإضراب ، وكل هذه الحقوق الإنسانية مضمونة بحسب القوانين الدولية . وحالما تمتنع تلك الفئة الجشعة عن إستغلال الآخرين ، وتُجرد من جبروت رأس المال الذي يمكنها من إبتلاع خيرات المجتمع وبالتالي إفقاره ، ينتهي ذلك الصراع ويسود العدل ويعم الرخاء والسلام ، دون الحاجة إلى الوحدة الإندماجية مع مصر!!
***
عذراً إذا جاءت تحيتي لحزب الجماهير الكادحة من شغيلة اليد والفكر على شكل حكايات أسردها بتواضع لتعبر عن مشاعر الإعتزاز والإحترام للشيوعيين العراقيين. لم أحاول أن أكتب مقالة سياسية تحليلية لخشيتي من الفشل أمام باقة المقالات "الثقيلة" الرائعة التي قرأتها وما أزال أقرأها لعشرات المحللين السياسيين %
#أسعد_الخفاجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثوابت والمتغيرات في فكرنا السياسي
-
واقعة عاشوراء الدروس والعبر
-
نهاية الثقافة الانعزالية
-
العولمة الإسلامية والتغيير الأمريكي
-
مستقبل الديمقراطية مرهون بدستور عقلاني
-
دمعة على الشهيد أبي جناس
-
الطاقة النووية سيف ذو حدين بين بشاعة الاستخدام العسكري وحتمي
...
-
الضالان- في غابة شيكاغو لمحمود سعيد متن روائي واقعي مفعم بال
...
-
وجهة نظر لإغناء جدل قائم - عجز الخطاب الطائفي عن إطفاء الحرا
...
-
ثلاث نصائح ذهبية للمقاومة أبعثها مع -شيخنا الجليل -
-
السلطة السياسية العراقية اختيار القيادة الجديدة للعراق اشكال
...
-
الأحزاب العراقية والديمقراطية أول أختبار حقيقي للحياة الحزبي
...
-
قراءة نقدية في قصة ( سلامة ) للكاتبة أميرة بيت شموئيل
-
أشكالية العلاقة بين المبادئ ومعتنقيها
-
مازن والكابوس
-
ذريعة الوطنية في مناهضة الحرب القادمة
-
مصفوفة المعارضة العراقية
-
قل الحق ولو على نفسك
-
تنوعه الأيديولوجي هو سر قوته
-
المواقف المتناقضة من تغيير النظام العراقي
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|