|
العراق وإيران هل بإمكان أفضل مما كان
احمد البديري
الحوار المتمدن-العدد: 2587 - 2009 / 3 / 16 - 04:42
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
أثارت زيارة الشيخ هاشمي رفسنجاني إلى العراق الكثير من اللغط والمواقف المتباينة من قبل الأحزاب والشخصيات المشاركة وغير المشاركة في العملية السياسية ، وتفاوتت المواقف بين الرفض والتنديد بهذه الزيارة والترحيب والتهليل وهو مؤشر واضح للتقاطع والاختلاف بين المكونات السياسية الذي لا زالت تشهده الساحة العراقية على الرغم من الائتلافات والاتفاقات المشتركة ويعكس أيضا عدم وجود خطوات عملية ملحوظة للبدء بمرحلة جديدة من العلاقات المبينة على الاحترام الكامل والتعاون المتبادل على جميع الأصعدة والمستويات .
ولسنا بصدد الخوض في تفاصيل هذه الزيارة وتلك المواقف ولكن نحاول استقراء تلك الزيارة وأبعاد توقيتاتها مع الحالة المضطربة للعملية السياسية في العراق بسبب الصراع الخفي القائم بين المكونات المشاركة بها ، فلقد شخص الكثير من المراقبين توقيت الزيارة مع حالة المخاض السياسي الناتجة من قرب تسلم المرشحين الفائزين بمجالس الحكومات المحلية الجديدة أدارة شؤون محافظاتها وسط تضارب الأنباء والتصريحات حول نوع التحالفات المقبلة وعدم حسم موضوعها إلى ألان ، وهو ما قد يدعو الجارة إيران للتدخل لمعالجة هذه الإشكالات والاختلافات بين الأحزاب الشيعية الحاكمة بحكم العلاقات التاريخية بين الطرفين وقد يكون الحل والتوصية الإيرانية لتلك الأطراف تحث على تشكيل حكومات ائتلافية تحافظ على وحدة الائتلاف الموحد وتضمن أدارة فاعلة ومتفاعلة فيما بينها لشؤون تلك المجالس وبعيدا عن التقاطعات والانشقاقات ..
كما أن الزيارة التي قام بها الشيخ رفسنجاني على قدر كبير من الأهمية لما يتمتع به من سلطات وصلاحيات ومركز قوي جدا سيما وأنه يتربع على رأس هرم القيادة الإيرانية ويتبؤ رئاسة مجلس تشخيص مرحلة النظام منذ سنين عديدة ، ويمكن ملاحظة الأهمية التي حضيت بها هذه الزيارة من خلال متابعة الأضواء التي سلطت عليها مقارنة بزيارة الرئيس الإيراني نجاد للعراق قبل فترة ليست بالقصيرة ..
ولأن الدور الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية على الساحة العراقية لا يقل نفوذا وحجما أن لم يكن الأكبر كماً ونوعاً عن باقي الجهات الأخرى اللاعبة على الساحة العراقية فأن مقدار التدخل في السياسة العراقية سوف يكون أشد فاعلية لأسباب عدة وقد يرجع أهم عناصر التفوق في التأثير والنفوذ الإيراني كونه يتناسب مع الواقع الديموغرافي والاجتماعي للمكونات والأطياف العراقية ، الا ذلك لا يمنع القول في أن الاتجاه العام للتدخل الإيراني لا يميل لمصلحة الشعب العراقي ولا حتى للطائفة الشيعية على وجه الخصوص كونه كان سلبيا أكثر منه ايجابيا وفتح مجالا للصراع والتنافس الداخلي بين أبناء الطائفة الواحدة على وجه الخصوص وتسبب في اهتزاز ثقة فئات وشرائح كثيرة من المجتمع بالسياسة الإيرانية ورفض أي نوع من تدخلاتها في الشؤون العراقية .
إلا أن ذلك لا يسوغ المواقف التصرفات الانفعالية الطائفية من بعض الجهات السياسية السنية من تلك الزيارة والتي صدرت عبر بيانات وتصريحات تناقلتها وكالات الأعلام ورفضتها اغلب الفصائل والمكونات السياسية والجماهيرية لكونه موقف ازدواجي يعبر عن مستويات خطيرة من الحقد والكراهية التكفيرية المتطرفة مقابل الدور الذي تمارسه بعض الحكومات العربية الإرهابية والذي تميز بالعدائية والتشكيك والمواقف المخزية من الأحداث الدموية التي عاشها العراقيون نتيجة العقلية الطائفية العربية القومية السلفية البغيضة التي تحولت الى جحيم مستعر لأبناء العراق راح ضحية أتونه اللاهب آلافا من الأبرياء بين شهيد وجريح وخلف آلافا من اليتامى والأرامل الثكلى ولم ينجوا من تلك الريح الصفراء المسمومة بالفكر التكفيري والشعور القومي أخضرا ولا يابسا ، ناهيك عن الفتنة الطائفية التي لا زالت تلقي بقطع من حممها على أرض العراق لتصيب به من تشاء من عباد الله ..
وعوداً على موضوع زيارة الشيخ رفسنجاني التي اقتصرت على اللقاء ببعض القيادات العراقية السياسية الحاكمة وعدد من مراجع الدين ، فأن أهداف ونتائج تلك الزيارة لم يتطرق إليها المسؤول الإيراني او الحكومة العراقية وبقيت الموضوعات الرئيسية محل الاختلاف بين العراق وإيران عالقة إلى اجل ومسمى غير معروف ، وفي الحقيقة لا نعرف الأسباب التي تقف وراء تأجيل بحث هذه الموضوعات ومن هو الطرف الذي يماطل في مناقشتها ، وهذا الأمر لا اعتقد أن في صالح البلدين لأن موضوع ترسيم الحدود وضبطها من المتسللين وقضية مياه شط العرب والتجاوزات على الثروات النفطية ومسألة التعويضات حرب الثماني سنوات والموضوع الأمني والكثير من المواضيع والقضايا الأخرى سوف تكون محلا للتنازع والاتهامات المتبادلة بين البلدين الجارين وهو ما يصب في صالح الكثير من أعداء إيران والعراق من الذين يسعون إلى القطيعة بين الدولتين أو إلقاء الفتنة بينهما وتعبئة الرأي العام العراقي تجاه إيران شعبا وحكومة .
أن مثل هذه الزيارة كان يجب أن تكون بوابة لفتح صفحة جديدة من العلاقات والاتفاقات على جميع الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية والخدمية للتخفيف من معاناة الشعب العراقي والمساهمة في إعادة بناء بلده والسعي لإنجاح التطور الأمني الذي شهدته البلاد وتدعيمه لما يترتب عليه من سحب تدريجي لقوات الاحتلال من العراق وهو ما يشكل نجاح كبيرا للحكومة العراقية ونصرا لشعبها وآمانا لجيرانها المهددين بالعدوان من قبل الإدارة الأمريكية ، هذا ما نأمل أن يكون أتفق عليه الطرفان العراقي الإيراني في الزيارات المكوكية المتبادلة بينهما ..
#احمد_البديري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق وايران هل بلإمكان أفضل مما كان
-
الفاسدون في دولة القانون؟!
-
ومن البصرة يأتيك الخبر اليقين
-
ما بعد الاتفاقية ...أول الغيث قطرة
-
مواصفات رجل الدولة في خطاب المرجع اليعقوبي
-
عندما تتجسد الوطنية في رجل ..عبد الكريم قاسم أنموذجا
-
تأجيل الانتخابات وإجهاض العملية السياسية في العراق
-
وزير النفط ولعبة المزايدات الإعلامية
-
ديمقراطية الوزير الجذماء
-
حكومة الوحدة الوطنية.. المشروع الذي لن يرى النور؟
-
أزمة الرياضة العراقية..أسبابها وآلية تلافيها
-
الدول العربية والهروب من الواقع الديمقراطي في العراق
-
قربان من نوع اخر....الى دعاة المدرسة اللاواقعية
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|