أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صالح خريسات - في مسألة الوعي واللاوعي . . !















المزيد.....


في مسألة الوعي واللاوعي . . !


صالح خريسات

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 04:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يخيل الى احيانا أن الله تعالى حين خلق الكون ، خص كل نفس بشرية أرسلها الى الأرض ، ببعض المزايا والقدرات الخاصة ، ليست قابلة للانتقال الى الناس الآخرين

ففي كل التاريخ البشري ، وجد أناس خارقون عظيمون ، قادوا الانسانية الى اللحظات العظيمة عبر سلسلة طويلة من الجهد والمقة وبذل الطاقة والصبر الطويل ، بحيث استفرغوا عمرهم كله بالبحث ، والمواجهة والاقناع .

فكل ما نراه من انداز في هذا العالم هو حرفيا النتيجة المادية والتحقيق العملي والتجسيد للأفكار التي عمرت بها مخيلة الرجال العظام الذين أرسلهم الله الى العالم ، بعضهم للهداية واخراج الناس من الظلمات الى النور، وهؤلاء هم الأنبياء والرسل ، وبعضهم من أجل الاصلاح والتنوير والتيسير على الناس واحكام سيطرتهم على الطبيعة التي سخرها الله لهم ، وهؤلاء هم العلماء والمخترعون وأئمة الفكر والمصلحون .

ويجب أن لا يفهم بأن هؤلاء العظماء أرسلوا الى ابناء امتهم فحسب ، بل انهم خلقوا من أجل الانسانية كلها وبذلوا ما وسعهم الجهد في سبيل سعادة الانسان وخلاصة . ولا يكون الرجل عظيما الا اذا كان فعله عاما يخص الانسانية ويملكه الناس في كل زمان ومكان ، الا ما حرمه الناس على أنفسهم .

فالرجل العظيم لا يلج التاريخ الانساني ، ولا يحتفى به الا اذا أحدث تطورا ساعد البشرية على العبور ليس من الشر الى الخير ، وانما من الخير الى الخير الأعظم ، ولا رجعة الى الوراء ، وهو ما اصطلح على تسميته بالتقدم .

والتقدم يقوم بصفة أساسية على الحرية في استخدام العقل . وهذا ما فعله الأنبياء والرسل في مهمتهم اذ أنشأوا حالة من الوعي الانساني ، وقادوا الناس في عملية تغير جذرية تتناول الآراء والمعتقدات من تقاليد وعادات ، ومن قيم أخلاقية واجتماعية يمارس الناس الحياة على أساس منها .

وقام الصراع الفكري الذي ارتكز فيه الأنبياء والرسل على تحير العقل م رواسب الجهل وسيطرة الخرافة والكهانة ونشر الوعي الديني . فكان تصديق الناس للأنبياء


أو تكذيبهم ورفض دعواهم لا يتوقف أبدا على المعجزات ، وانما يتوقف على الاستعداد الذهني وعلى العوامل النفسية وادراك ما جاء به الرسول من مبادئ ومعتقدات صالحة للحياة . أما المعجزات فانما كانت للتخويف ولا علاقة لها بصدق الرسول ، فكان على الأنبياء والرسل أن يتحملوا التبعات الى حين تستعد النفوس وتتقبل الحق بالعقل ، وكان عليهم أن يبصروا الناس بالحقيقة حتى يتم التغيير لصالح الناس وفقا لما أراده الله لهم من الخير والهدى .

ومثل ذلك فعل العلماء والحكماء عبر سلسلة طويلة من تاريخ البشرية ، فدعوا الى التحرر من جميع الأوهام القبلية ، وأوهام الكهف ، وأوهام السوق ، وأوهام السحــر والموت ، وتعاليم رجال الدين ، واعتمدوا التجربة منطلقا ومعيارا ، والشك منهجـــا وتم الاعلان عن ضرورة أن تكون هناك فترة من الزمن يمسح فيها الناس ما علق بأذهانهم من أوهام وخرافات لكي يصلوا الى مستوى مقبول من التحرر من جميع السلطات المعرفية والاعتماد على سلطة العقل وحده ، سلطة البداهة والوضوح وهكذا فما من فكرة جديدة يقول بها هذا المفكر أو ذاك ، سواء في ميدان العلم والفلسفة ، أو في ميدان الأدب والفن ، الا وكانت تخضع لنظرية التجربة والشك . ولكن ما أن تستقر تلك الفكرة وتثبت قدرتها على الصمود أمام ردود الفعل التي تثيرها حتى تتحول الى جسر جديد ليتم عبره نوع جديد من التطور والمعرفة .

لقد عمل المفكرون الأوروبيون على سد الثغرات والبراز عناصر الوحدة الفكرية بتاريخهم ، مبرزين منه ما ييستجيب لاهتماماتهم ومهمشين ما لا يستجيب ، مستعملين المقص لاضفاء المعقولية على صيرورته وتموجاته ، لجعل العقل يسود التاريخ ، وجعل التاريخ يحرك العقل ، هدفه من ذلك كله ، على صعيد الوعي واللاوعي ، هو اقامة استمرارية تشكل اطارا مرجعيا ثابتا وواحصا ترتب فيه الأفكار والمذاهب ترتيبا منطقيا وتاريخيا في آن واحد . ونتيجة لهذه الحركة التوعويـة ،هي أن الأوروبي عندما يقرأ تاريخه يقرأ فيه المنطق والعقل ، فيكتسب من قراءته تلك نظره الى المستقبل تقوم بدورها على المنطق والعقل وليس على الأوهام والغيبيات وتعاليم رجال الدين . فانفتح الباب أمام انبثاق فكر جديد ، وعاد مركز السلطة الفكرية الى تجربة الفرد وعقله .

وقد ذهب على مذبح الكنيسة في العصور الوسطى ، في هذه التجربة المعرفية الكثير من العلماء والفلاسفة ، فمنهم من قتل ، ومنهم من أحرقت جثته مع كتبه وعلومه ، وومنهم من أحرق جدا حيا ، ومنهم من نفي من بلدته ، ومنهم من زج في السجن ومات فيه ، ومنهم من أودع مستثفى الأمراض العقلية وانهم بالجنون . ولا نجد عند هذه الأمم المتقدمة من يحتفل بذكرى قائد حرب أو فليق جيش ولا رئيس حكومة . وانما الاحتفاء لا يكون الا بالعلم ، والانتصار لا يكون الا بالعقل ، والوسيلة


هي الحرية المطلقة في استخدام العقل ، وشعارهم : " فكر بما شئت ، وافعل ما تشــاء ،ولا تلحق الضرر بالآخرين " .

ووفقا لهذه المقاييس ، وحين تحتفل تلك الأمم بدكرى رجالها العظماء ، تستوقفنا ظاهرة طالما كنا نسامح أنفسنا بها ، لكنها في الواقع تستدعي منا الخجل في سلوكنا معهم . لماذا نشعر بالتفوق والسمو عليهم ؟! ان الشيء الذي يجلب الهم ، أن قائمة عظماء أمتنا طويلة ، وتكاد تمتد مع اطلالة كل يوم جديد وولادة كل زعيم أو قائد جيش ، ولا نجد من بينهم من نجرؤ على اضافته الى قائمة عظماء العالم . وحتى الذين نشهد لهم بالتفوق من علماء الأمة ، وبين الوحي والنقل . فما الذي يمكن أن يقدمه هؤلاء مقارنة بالرجل العظيم الذي اخترع الاسبرين مثلا وسكن الآم الملايين من البشر ، أو الرجل الذي اخترع المصباح الكهربائي وانا لنا عتمة الليل ، بل وأنار العالم وأمد في ساعات عمر الانسان ، أو ذلك الرجل الذي اخترع آلة البخار ، أو الراديو ، أو الهاتف ، أو السيارة ، أو الطائرة ، . . الخ . انهم بلا شك عظماء التاريخ الانساني ، والتاريخ تاريخهم هم أنفسهم ، ولا فضل لغيرهم فيه . هؤلاء العظماء من العلماء ، هم ورثة الأنبياء ، وهم أفضل درجة عند الله ، وأعمالهم وتضحياتهم تحمل ختم المصير المطلق المتعالي ، لأنهم عظماء ، وقد أرادوا شيئا عظيما ، ونفذوا ارادتهم وفقا لجاجات العصر . فهم نفهمون الأمور افضل مما يفهمها الآخـــــــرون ويسمعون نداء روح العالم بوضوح أكثر فلماذا نذكر حقهم بالسمو وقيادة التاريخ ؟ أو ليسوا هم عنوان التقدم والحضارة ؟! .



#صالح_خريسات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...
- “سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صالح خريسات - في مسألة الوعي واللاوعي . . !