أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد حكمت - العشائرية نتاج طبيعي لغياب مشروع الدولة الوطنية















المزيد.....

العشائرية نتاج طبيعي لغياب مشروع الدولة الوطنية


وليد حكمت

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 09:02
المحور: المجتمع المدني
    


عندما تمر الدولة المركزية بمرحلة الانحلال والتفكك وعندما تبدأ منظوماتها السياسية والتشريعية والإقليمية والقضائية والتنفيذية بالانحلال تدريجيا حيث تتحول إلى أجزاء مقطعة ومنفصلة وغير منسجمة مع بعضها البعض و في حال انسحابها من دورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وتحولها إلى سلطة مطلقة بأدوات سياسية استبدادية محتكرة لدى نخبة سياسية واجتماعية ارستقراطية محددة المعالم تمارس وظيفة الجباية ومتابعة الأمور الروتينية وتكريس السياسات الترقيعية بعيدا عن الخطط الاقتصادية العلمية والثقافية والسياسية الممنهجة وفي ظروف الأزمات الاقتصادية واستفحال الفساد المالي والإداري الذي يتشكل في جسم كبير يصعب مقاومته ومحاربته والقائمين عليه وفي حالة عدمية مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية والاكتفاء بإدارة الأمور بشكل اعتباطي وجزافي وممارسة الاجتهادات والمغامرات الاقتصادية المدمرة تتولد ظواهر اجتماعية كثيرة ومتعددة تكون نتاجا طبيعيا لتلك الحالة الرثة ,فتبدو الانقسامات الاجتماعية واضطراب التوازن الاجتماعي واضحة المعالم ويتقوقع الخطاب الاجتماعي وينحصر في دائرة ضيقة ومنظومة محدودة للغاية ألا وهي منظومة العشيرة التي تعد منظومة بدائية لا تشكل مشروعا حضاريا وهي بدورها التي ستعمل عملها في احتواء الفرد في ظل غياب دور الدولة أو مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية التي كان من الممكن أن تقوم بدورها الطبيعي في دمج الولاءات الصغيرة الضيقة المتناثرة والعشائر والتجمعات السكانية ضمن مشروع ولائي وطني يوفر الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأفراده و يحفظ ويبلور الهوية الوطنية لإفراد الشعب ويثريها فالدولة في مراحل معينة من ضعفها تنسجم مع ايدولوجية العشائرية وتدعمها وتتضامن معها وبذلك تقوم العشيرة او الوحدة العشائرية بدور المرتزقة لتوفير الأمن والنظام وجلب المطلوبين والقيام بوظيفة تقديم المعلومات الى اجهزة الدولة وخاصة شيخ ومختار العشيرة فهم بذلك يقدمون خدمات جلى للدولة في حالة تفككها ولذلك يبدو بان استفحال العشائرية يتناسب عكسيا مع قوة الدولة والنظام فإذا ضعفت الدولة المركزية تتقوى العشائرية وتصبح اداة رجعية تقف ضد تطور وتقدم المجتمع ، حينها يكون النظام غائبا والقوانين غير مفعلة او بالأحرى لا تستطيع الدولة لظروف بنيوية ان تفعل القوانين اوان تشكل منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تقوم بدورها الاجتماعي والتاريخي في حفظ وتطوير المجتمع.
وينتج عن تلك الحالة من الهشاشة والتفكك ضعف الولاء الوطني وارتباطه بالولاء للعشيرة أو المنطقة الصغيرة أو الولاء لرموز حكومية مزمنة أو نخبة حاكمة معينة أو رموز قبلية عتيقة او رموز دينية معينة فيتم تشويه مفهوم الولاء للوطن فلا يعدو في نظرهم إلا أن يكون ولاء للحكومة الفلانية وأدواتها فيتم تخوين كل من ينتقد الحكومة أو بعض سياسات الدولة فيتشوه معنى الولاء والانتماء للوطن الذي يشكل الحالة التلقائية لكل إنسان يتولد في هذا الوطن ويمتزج به نفسيا لينحصر في دائرة التأييد والولاء والتطبيل والتزمير فيصبح الولاء للوطن بضاعة تعرض في الأسواق وملصقا شعاراتيا يمنح لفئات ويحرم على فئات أخرى ويصبح العمل في الاحزاب عارا وخيانة وانقلاب على ثوابت الدولة كما يصبح لشيوخ العشائر سلطة وديكتاتورية وفسادا كبيرا ذلك ان العشائري ينظر الى مصلحة عشيرته اولا وعندما يتضخم ينظر الى مصالحه الخاصة.

وفي الدولة الريعية يتناسب طبيعة الانتاج وهو الانتاج الريعي وبيع المواد الخام والاعتماد على الوظيفة البيروقراطية الخدمية مع هذا النمط من التركيب الاجتماعي المرتكز على البنية العشائرية كما ان الدولة الريعية المنغلقة على ذاتها والملغية لحقوق الفرد والقاتلة للمبادرة الحرة والإبداع الخلاق لديه تجعل الترقي على السلم الهرمي الوظيفي منوطا بالولاء المطلق للهيئة الحاكمة دون الالتفات إلى الكفاءة والإنتاج والفكر والإبداع ويتحدد المواطن ويعد ناجحا بقدر التزامه بالقوالب الإدارية البيروقراطية التي رسمت له من قبل تلك الهيئات ولذا تصبح هذه السلطة المنغلقة على ذاتها عاجزة عن دمج العشائر والأفراد في مشروع وطني منتج مبدع وخلاق وعاجزة عن خلق مشروع سياسي أخلاقي وعاجزة عن الالتزام بقضاياها وواجباتها القومية فتقف بينما تسير عجلة التاريخ إلى الإمام وتسير المجتمعات المتطورة الواثقة بنفسها وبأفرادها المنتمين إلى مراحل متقدمة رائعة فلا تعدو أن تتحول هذه السلطة فتغدو أداة تفريقية تحريضية لزرع الإحن والتناحر والفرقة والعنصرية بين العشائر والمناطق والأقاليم فتنمو العشائرية والإقليمية والجهوية والعنصرية في تلك المناخات الموبوءة بالكره والحقد والأنانية والفردية والبراجماتية وتصبح بديلا عن المشروع الأكبر والولاء الأوسع ذلك أن الفرد في تلك الحالة وفي خضم هذا الصراع يبحث عن منظومة للحماية والأمن والرعاية والاهتمام وتلبية الحاجات وتحصيل الحقوق.
فيتطلع الفرد ويتساءل هل من الممكن أن تحقق له الدولة الأمن والاستقرار والغذاء والعلاج ومستلزمات وشروط الحياة الكريمة وهل منظومة الدولة قادرة على أن تؤسس مشاريع وطنية سياسية وثقافية واقتصادية على مستوى عال بحيث يدخل الفرد في معادلتها بما يمتلك من مهارات وقدرات ومؤهلات ويأخذ مكانه ودوره الطبيعي في هذا البناء الكبير ويحقق ذاته وإنسانيته وهويته الوطنية ، فحين يجد أن الدولة تعجز عن توفير تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية وحين ينظر فيجد أن الظلم بكافة أشكاله وصوره هو الذي يطغى المشهد الاجتماعي والسياسي للبلد وحين يرى بعض العشائر الصغيرة التي تحظى برعاية الدولة تتغلغل في أجهزة الدولة والحكم وتحتكرها وتتقاسم النفوذ فيما بينها وتوزع المكتسبات والهبات والامتيازات في حين تستثنى الكفاءات وتستثنى قواعد شعبية كبيرة من تلك المعادلة يخشى الفرد على نفسه وأسرته فيلجأ إلى عشيرته ورابطة الدم والحلف لأنها هي القادرة تاريخيا من خلال التكتل الجمعي والسلطة الجماعية أن تحقق له الحماية أولا من الآخرين وتنتزع له حقه وتذود عنه في مجتمع شريعة الغاب ويتحول المجتمع إلى ساحة من الصراع على الموارد الشحيحة والوظائف المحدودة التي تذهب إلى تلك الفئات المتنفذة والباقون يلتحقون بجيش البطالة الاحتياطي وليذهبوا إلى الجحيم وتتعمق ظاهرة الولاء المزيف والشعارات الولائية الخالية من المضمون ذلك أن اقرب الطرق إلى اخذ الحقوق هو تقديم الولاءات بالجملة وبطريقة ساذجة وفجة ومع ذلك يحرم حتى الكثيرون من الذين يقدمون الولاءات ويلهثون ليلا ونهارا وراء الفتات ولقمة العيش وقد لا نلومهم لأنهم يريدون أن يعيشوا بأية طريقة ، ثم تتحول الساحات والمؤسسات المدنية والجامعات إلى ساحات صراع عشائري سواء في الانتخابات أو غيرها ويعيش المجتمع حالة مقرفة من العلاقات الاجتماعية الهشة القائمة على المصالح الآنية والتناحر ونلاحظ في هذا المشهد المأساوي بان النخب المتنفذة تعزز سياسة فرق تسد بين العشائروكافة المنظومات الاجتماعية لتتتحول بالتالي من مشروع الدولة الوطنية إلى مشروع السلطة المطلقة الاحتكارية .



#وليد_حكمت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستثمر الكويتي يطلق رصاصة الرحمة على مصنع الزجاج في معان
- الرجعية الوهابية تتمترس مجددا في خندق الصهيونية
- ابناء مدينة معان في رسالة نارية الى النائب ناريمان الروسان-ن ...
- ملاحظات حول مقالة السيد قوجمان بشأن الوضع الطبقي في الاردن
- نقابة عمال شركة الفوسفات الاردنية الذيلية بين الشعارات الخاد ...
- من المسؤول عن انتشار ظاهرة التطرف و العنف في مدينة معان الار ...
- وماذا بعد انتفاضة رعاة الغنم في الاردن؟؟؟؟؟؟
- اضراب سائقي القطارات في مؤسسة سكة حديد العقبةالاردنية ... نض ...
- هل سيحرم اطفال الاردن من الحليب ... انها عقيدة تجار عمان وال ...
- لوحة التناقض بين الاردن البرجوازي والاردن الشعبي
- قضية سما السدود والملكيات الاقطاعية
- تقرير هيومن رايتس ووتش مؤخرا بشأن الأردن
- مرة اخرى اعتقال رئيس الحركة الوطنية الاردنية
- مصادرة صحيفة المجد الاردنية خطوة جديدة الى الوراء
- السادة المنظمة العربية لحقوق الانسان في الاردن
- بوركت ايها الحوار المتمدن
- استمرار النضالات المطلبيةلابناء اقليم الجنوب الاردني
- الانتخابات البلدية وخداع الاردنيين
- بعض ملامح التغيير في بنية الطبقة الوسطى الاردنية المعلمون نم ...
- استبداد وجشع ارباب المقالع والمحاجر في الاردن يدفع ثمنه العم ...


المزيد.....




- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد حكمت - العشائرية نتاج طبيعي لغياب مشروع الدولة الوطنية