|
الى متى يبقى الوزير على التل ؟
ياس خضير محمد الشمخاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2585 - 2009 / 3 / 14 - 06:11
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
أنّ فكرة أصلاح المجتمع هو الهاجس الذي شغل بال الفلاسفة والمفكرين والساسة وعلماء التربية منذ القدم . ولاشك إنّ هذا الهاجس بدأ بالنمو والتطور السريع عند منتصف القرن العشرين ، متخذا له أتجاهات علمية ونظرية حديثة في أصول التربية والتعليم مستفيدا من إمكانات الثورة المعلوماتية الهائلة ، التي أستوعبت جميع مرافق الحياة . وقد يبدو ذلك بشكل واضح على مسيرة الدول المتقدمة وقفزاتها العلمية ، مما جعلها تتميــّز عن أخرياتها من دول الشرق النامية . ذلك هو الفارق الحقيقي بيننا وبين الأمم التي قطعت أشواطا كبيرة من الرقي والتقدم . نحن كمجتمع شرقي وعربي لازلنا نئن تحت هيمنة أفكار ومفاهيم أسطورية تقليدية ، أحطناها بهالة من التقديس والعظمة ، ورفعناها فوق مستوى الشك والشبهات ، حيث جعلنا منها خارج نطاق محكمة النقد البنيوي والتفكيك النصي . إذ لازلنا ونحن في عصر التنوير مكبــّـلين بسلاسل الأفكار العتيقة ، ولازال إلى الآن مجتمعنا يخفي تحت أدمغته صنما أيدلوجيا يعبده . إنّ التراجع الحضاري التي سجلته المجتمعات العربية في سجل الإنسانية المعذبة مجبول بالتردد والأنكسار بوحي من الخوف والقلق المؤدلج إزاء تلك الأطاريح والأفكار الحديثة ، خصوصا فيما يتعلق بفلسفة المنظومة الأخلاقية والتربوية للإنسان العربي . لقد آمن أغلب المفكرين والباحثين أمثال أفلاطون وروسو وجون لوك وأنتهاءا بفريدريك فروبل وماريا منتسوري ، من أن مؤسسة التربية والتعليم هي العمق الإستراتيجي لكيان الدولة والمجتمع حيث تبدأ منذ مرحلة مبكرة في حياة الإنسان . وإن لغياب تلك المؤسسة أو تغييب دورها الفاعل يقابله أنهيار تام في طبيعة النسيج الأجتماعي ، ويصبح أكثر عرضة ً للجهل والفقر والرذيلة والتسلط والأستغلال . مصانع الحليب لاتنتج سوى الحليب ومصانع السيارات لاتنتج سوى السيارات ، وهكذا كل المؤسسات والشركات لا أحد فيهم يعطيك إنسان . لكن مصانع التربية والتعليم تنتج المربي والميكانيكي والسياسي والفنان والطبيب والحقوقي ، بل أنها المؤسسة المتفردة في صناعة وإنتاج الإنسان نفسه حيث تقف وراء كل أبداع لديه . تنشئة وتربية الإنسان من أخطر وأشق المهام التي يقوم بها العقل البشري لحد الآن . تحتاج إلى دراسة مستفيضة ومستمرة وجادة في تهيئة الأجواء والظروف المناسبة لها إذا ما أرادت أن تأخذ بأسباب النجاح . إنّ نزعات العلم الحديث قد رفعتنا على ربوة نشرف من خلالها على ذلك اللـّج العميق ، لج الفلسفة ، فلسفة الحياة ، كما يعبر عنها أحد الفلاسفة . منطق المقارنة والتزاحم والتناظر العلمي ، بلا شك سيحفزنا ويؤهلنا أن نركب حافلة التطور ولو في المقاعد الأخيرة على الأقل ، وكفانا منطق المؤامرة المبيتة الذي نتذرّع به لغلق أبوابنا بوجه النظريات الحديثة والأفكار الحرة . ماعاد بوسعنا أن نجلد الإبداع والتجديد بعصا الجهل والتقوقع في عصر يعجّ بالتنوير وحريات الفكر . لابد من مراجعة عامة لسياسة الدولة مع النهج التربوي ومع المؤسسات الراعية وذات العلاقة بالتربية ، خصوصا في بلد مثل العراق ، إذ لازال جرحهُ نديا ولازال يقطر دما من جراء الحروب والويلات والنكبات التي تعرض لها . مؤشر التعليم في العراق ينتكس أنتكاسة مروعة ومؤسساته التعليمية مهددة بالخطر والتلاشي . الفساد والكسل يستشري بين صفوف الطلبة ومعاناة التربوي لازالت قائمة على قدم وساق . كيف يمكننا أن نربي جيل في حجر معلم أصابه الأنهيار والأندثار من كل حدب وصوب ؟! ومتى يستوعب الطالب درسه الأول ، دار ... دور ... داران ، أذا كان أبوه لايملك شبر من أرض الوطن ؟! وما فائدة البطاقة المدرسية التي تحتوي على ستين سؤال ، أولها كم غرفة لديكم فــــــي البيت ؟؟!! هل هناك باحثة أجتماعية ستقوم بدراسة ظروف الطالب ومعالجتها وفق تلك البيانات ؟؟!! هل من جدوى في سؤال الطالب عن أحواله الصحية والنفسية وظروفه المعاشية ، في حال أن المدرسة نفسها تفتقر لمثل تلك الخدمات ؟؟!! لا تنتظر الدولة إذن من المعلم أن يصنع لهم جيل نموذجي في ظل تلك المهزلة . وأن لم تكن مؤسسات التربية والتعليم الآن في الهاوية فأنها حتما واقفة على شفير الهاوية . بلا جدل أن العملية التربوية في العراق تحتاج إلى مسح شامل وكامل كي تتمكن من أعادة دورها الريادي في بناء المجتمع ، ولابد من دراسة جميع الظروف التي أودت بفشلها . العامل الأقتصادي والمعنوي والنفسي يضرب المعلم والطالب وأسرته في الصميم ، ليس العجز في النظرية والتطبيق فقط مسؤولان عن الإحباط . ولكن متى ينظر إليها أصحاب القرار ومن يملكون زمام الأمور ؟؟!! والى متى يبقى الوزير على التلّ ؟؟!! الحقيقة ..... لاندري !! لايعلم ذلك إلا الله واللاصقون على الكرسي . ياس خضير محمد الشمخاوي رئيس منظمة حوار الديانات [email protected] http://www.rezgar.com/m.asp?i=1846
#ياس_خضير_محمد_الشمخاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفريسيون الكذبة
-
الثقافة القانونية والمسميات الأخرى
-
فقراء تحت رحمة النظريات
-
أنحطاط فكري في زمن الحداثة
-
الرومانسية والمصالح السياسية
-
قراءة واقعية لتاريخ الحكومات الدينية
-
الأنسان المسلم وتفشي ثقافة العنف ... كيف ولماذا ؟؟
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|