|
الإيرانيون يجرون عمليات جراحية لأنوفهم لكي لا يشبهوا العرب !
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 792 - 2004 / 4 / 2 - 09:58
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
التحقيق الذي نشرته المجلة الفرنسية الشهيرة ليبدو "L’HEBDO " في عددها الصادر في 19 /2/2004 يستحق وقفة تأمل لما يحمله من إشارات عما آل إليه حال المجتمع الإيراني بعد ربع قرن من قيام الدولة الدينية الطائفية . فتحت عنوان "الملالي يتشاجرون والحياة تستمر " يطلعنا الصحافي سيرج ميشيل " serge Michel " على ظاهرة غريبة ومثيرة تجتاح المجتمع الإيراني والعاصمة طهران خصوصا حيث بدأ آلاف من الشباب من الجنسين بالتوافد على مشافي و عيادات أطباء التجميل لإجراء عملية جراحية لأنوفهم لكي يستعيدوا شكل أنوفهم الفارسية الحادة والمستقيمة التي ( لا تشبه الأنوف العربية المعروفة بأنها كبيرة وتشبه أنوف الجمال ) كما ورد حرفيا في التحقيق . وقد زار الصحافي الفرنسي المذكور واحد من تلك المشافي التي تجرى فيها العمليات الجراحية التجميلة وهو مشفى الدكتور "كلنتار" الذي قال بأن مشفاه يجري يوميا ما معدله ثلاثمائة عملية جراحية أما في يوم الخميس الذي يسبق العطلة الأسبوعية في إيران فأن عدد العمليات يرتفع إلى خمسمائة . وتكلف العملية من هذا النوع مبلغا يتراوح بين ألف وألف وخمسمائة دولار أمريكي في بلد – يستطرد ميشيل – يعتبر فيه مبلغ 200 دولار راتبا شهريا جيدا . وحين سأل الصحافي أحدهم ويدعى مرتزى " مرتضى " إن كان يعتقد بأن ما فعله بأنفه جائز دينيا قال هذا الشخص بأنه يعتقد بأن الله لا يعارض هذه العملية الجراحية لأنه يحب كل شيء جميل . أما "شارلا" وهي فتاة إيرانية في التاسعة عشرة من عمرها فكانت أكثر وضوحا في طرحها لسبب إجراء العملية الجراحية على أنفها حيث قالت ( أنني لا أحب أنفي لأنه كبير مثل أنوف العرب ) . إن هذه الظاهرة الواسعة النطاق تشير أول ما تشير إلى مقدار الأزمة الروحية والمجتمعية والثقافية التي يتخبط فيها المجتمع الإيراني اليوم بعد أن أفلست تجربة بناء دولة شمولية باسم الدين والطائفة إفلاسا تاما لدرجة إننا نسمع من يتحدث اليوم ،ومن الإيرانيين أنفسهم ، عن خلو المساجد والجوامع خلوا شبه تام في أوقات الصلوات من المصلين وخصوصا من الشباب . و لقد استنفذت تلك الدولة شعاراتها الكثيرة والبراقة وجعلها الواقع والمشكلات الحقيقية تتآكل بسرعة وعمق تاركة المجتمع والفئة الشابة منه على جهة الخصوص في مهب الرياح والضياع وفقدان المثل العلى والطموح . وفي حالات شمولية تفرض فيها السلطات مثلها وشعاراتها وطريقة عيشها ومفردات حياتها اليومية المبرمجة حسب الفقه الديني تارة أو حسب النظريات الطبقية كما في النموذج الستاليني تارة أخرى يكون الشباب عرضة للتأثيرات الوافدة أو المنبجسة من داخل البيئة نفسها وهي غالبا ما تكون تأثيرات وظواهر قشرية وضبابية تنفس عن الاحتقان قليلا ولكنها لا تعالج مشكلة حقيقية واحدة . وعلى الرغم من أن فشل الدولة الدينية الثيوقراطية أصبح ظاهرة عامة في عصرنا وتكرر في إيران والسودان ،وفي السعودية التي هي أقدم دولة دينية في الشرق أقيمت بمساعدة حاسمة من قبل الاستعمار البريطاني ، دع عنك مثال إمارة الطالبان في أفغانستان التي حولت البلد إلى ميدان لتنفيذ أحكام الإعدام بالنساء خاصة ، على الرغم من ذلك فلازلنا نجد عندنا في العراق ،وبعد احتلال البلاد وإسقاط نظام الطاغية صدام حسين ، مَن يجاهر وينادي بإقامة الدولة الطائفية الدينية ويدعوا إلى اضطهاد أبناء الطوائف العراقية غير المسلمة أو يجبر النساء على ارتداء الحجاب الديني ويهدد بقطع رؤوس الأساتذة الجامعيين الذين يعترضون على ممارسات الأحزاب الدينية الطائفية وتحويلها الجامعة إلى مواكب عزاء وميادين لتصفية الحسابات ( للمزيد راجع تحقيقا عما يحدث في الجامعات العراقية اليوم في جريدة الشرق الأوسط 1/4/2004 ) ولكن هؤلاء "الأبطال " الذين يستعملون اليوم لغة البعثيين الصداميين في ( قطع الرؤوس وقص الذيول ...الخ ) لا يحركون ساكنا في وجه دبابات "بريمر" التي تحصد البشر والشجر والحجر بل ويتملقون زعماء أحزاب مجلس الحكم المعين من قبل سلطات الاحتلال ويسكتون على فضائحهم وسرقاتهم ومحاولاتهم تزوير الإرادة الشعبية واستبعاد الخيار الديموقراطي الانتخابي واستبداله بطرق الفرض والتعيين والوراثة . إن السلفيين المنادين بإقامة دولة طائفية دينية في العراق وبغض النظر عن الطائفة أو المذهب الذي يزعمون الانتماء إليه هم دعاة حرب أهلية وغربان خراب متجدد وشامل يريدون أن يجعلوا من البلاد مختبرا لنظرياتهم وممارساتهم ضد النساء وأبناء الأقليات الدينية الأخرى والمختلفين معهم وعموم المجتمع .. الخ . إنهم يخلطون عن عمد أحيانا وعن جهل في أحيان كثيرة أخرى بين هدف إقامة حكومة إسلامية " أي تلك التي يشكلها حزب أو مجموعة أحزاب إسلامية وتحكم لعهدة انتخابية معينة وبين الدولة الإسلامية التي تعني هدم الدولة القائمة وتشييد دولة بوليسية شمولية كما هي الحال في إيران أو أن تكون محمية غربية كما هي الحال في المملكة السعودية . أما تشدق بعض السلفيين بالشعارات الدينية والثورية الزائفة فيفضحه سلوكهم ومواقفهم العملية التي لا تقيم اعتبارا حتى لشهداء إسلاميين شرفاء يقاتلون من أجل تحرير بلادهم من الاحتلال الصهيوني بل إن بعض المنادين بإقامة الدولة الدينية الطائفية لا يخجلون من التعبير عن أفكار صهيونية مرفوضة كما فعل المدعو محمد حسن الموسوي حين هاجم الشهيد الشيخ أحمد ياسين الذي قتله العدو الصهيوني ، موردا مزاعم طائفية وأحقاد حزبية فضحت الجوهر القذر لكتابات هذا الشخص المشبوه وأمثاله ممن رهنوا ولاءهم لإيران ونظامها الطائفي منذ زمن بعيد وصاروا من أزلام الاحتلال الأمريكي ومجلس حكمه الفاسد العميل ونستطرد بأن النظام الإيراني ذاته وعلى أعلى المستويات أدان جريمة اغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين ومجد الشهيد تمجيدا صادقا وهذا مثال نادر على أن الرأس قد يتحرك أحيانا بعكس حركة وأداء الذيول من أمثال هذا "الموسوي" المتصهين ! والحقيقة فإن نضال الإسلاميين العراقيين السياسي وحقهم في النشاط السلمي من أجل أن يصلوا إلى الحكم ويشكلوا حكومة إسلامية ( وليس دولة إسلامية ) أمر لا يرفضه إلا ذوو العقليات الشمولية والدكتاتورية فهذا الأمر أو المطلب حق لهم كما هو حق للاشتراكيين النشاط السلمي والسياسي لتشكيل حكومة اشتراكية دون المساس بطابع الدولة المحايد والذي يجب أن يكون بعيدا عن الصراعات الحزبية والسياسية والتنسيب الأدلوجي أيا كان . ملاحظة أخيرة بصدد ظاهرة " تقريم الأنوف " الإيرانية وغيرها من الظواهر الجديدة كتغيير الأسماء ذات الأصول العربية والعودة إلى الأسماء الفارسية و المجوسية فهذه الظاهرة الواسعة تعكس في أحد جوانبها الميل العنصري الكامن في المجتمع الإيراني وفي النخب المتعلمة خصوصا هذا الميل الذي زادته حدة ممارسات الحكم الديني هو ميل قديم ومعروف بأنه معاد للعرب عموما ولعرب وعروبة العراق خصوصا ، غير أن الجوار الجغرافي بين العراق وإيران والمشاركة التاريخية بين العرب والفرس وأبناء الأمم الشرقية الأخرى كالترك والكرد طوال قرون عدة والذي أثمر عن بناء واحدة من أنضج الحضارات الإنسانية ألا وهي الدولة العربية الإسلامية في طورها العباسي أقوى كما نعتقد من أن تطوح بها نزوات ونزعات فائرة قادمة من مجتمع مخنوق بسوط الحكم الديني الطائفي . ولنأمل – أخيرا - كل الخير للشعب الإيراني الجار والخير كل الخير في زوال النظام الطائفي الديني وقيام دولة ديموقراطية تجعل الناس تفكر في أمور أخرى أبعد من أنوفها ! وبعد هذا وذاك فكل إنسان حر بأنفه الخاص شرط أن لا يؤثر على أنوف الآخرين !
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الأربعون :المنصوب على التحذير
-
إعلان هام حول حملة جمع التواقيع ضد قانون إدارة الدولة الانتق
...
-
توضيح حول حملة جمع التواقيع ضد دستور بريمر !
-
المبسط في النحو والإملاء درس خاص في الإملاء:الأسماء المقصورة
...
-
نفاق النظام السوري : السجادة الحمراء للبر زاني و الرصاص لمن
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الثالث
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 : - الجزء الثاني
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الأول -
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس التاسع والثلاثون : المنصوب عل
...
-
وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !
-
دستور -بريمر - ولد فاطساً ، والفيتو الكردي سيواجه فيتو في مث
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والثلاثون : المنصوب عل
...
-
تحالف الأمر الواقع بين الاحتلال الأمريكي والإرهاب السلفي يحص
...
-
المبسط في النحو والإملاء .الدرس السابع والثلاثون : المفعول ف
...
-
المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السادس والثلاثون : الم
...
-
العراق - الأمريكي - يزحف نحو النموذج الطائفي اللبناني !
-
بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي
...
-
بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي
...
-
المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس الخامس والثلاثون : الم
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الرابع والثلاثون : المفعول لأ
...
المزيد.....
-
بعد سنوات من الانتظار: النمو السكاني يصل إلى 45.4 مليون نس
...
-
مؤتمر الريف في الجزائر يغضب المغاربة لاستضافته ناشطين يدعون
...
-
مقاطعة صحيفة هآرتس: صراع الإعلام المستقل مع الحكومة الإسرائي
...
-
تقارير: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بات وشيكا
-
ليبيا.. مجلس النواب يقر لرئيسه رسميا صفة القائد الأعلى للجيش
...
-
الولايات المتحدة في ورطة بعد -أوريشنيك-
-
القناة 14 الإسرائيلية حول اتفاق محتمل لوقف النار في لبنان: إ
...
-
-سكاي نيوز-: بريطانيا قلقة على مصير مرتزقها الذي تم القبض عل
...
-
أردوغان: الحلقة تضيق حول نتنياهو وعصابته
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يبلغ عن الوضع الصعب لقواته في
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|