|
الاردن بين الملكية الدستورية والمطلقة
خالد الكساسبه
الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 08:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
اثار القيادي الااسلامي الاردني (ارحيل الغرايبة) ضجة سياسية كبيرة بعد تصريحه في لقاء اجرته صحيفة( العرب اليوم) الاردنية انه ناقش في واشنطن موضوع تحويل الاردن الى (الملكيةالدستورية) واقول ضجة سياسية وليس اعلامية وهو المصطلح المتداول عادة عند اثارة اي موضوعة مثيرة للجدل لان الاعلام الاردني تعمد تجاهل التصريحات حيث خلت جميع الصحف اليومية من اي مقال لاي كاتب حول الموضوع وذلك حسب تفسيرنا لسببين الاول عدم رغبة هؤلاء الكتاب في اقحام انفسهم في موضوع يعتبر حساسا ويتجاوز الخطوط الحمراء في الاردن والثاني يمكن تفسيره بطلب الجهات الامنية من هؤلاء الكتاب عدم التوسع في النشر حول الموضوع لعدم اعطائه اهمية متزايدة حتى عن طريق انتقاده. وفي حقيقة الامر فانني قد دخلت الى موقع اكبر صحيفتين اردنيتين وهما( الرأي) و(الدستور) وبحثت عن مصطلح الملكية الدستورية ولم اجد حتى مقال واحد تم نشره حول هذا الموضوع وهو ما فسر لي عدم معرفة الكثير من القراء الذين علقوا على تصريحات الغرايبة التي نشرتها بعض المواقع الاخبارية الاردنية على استحياء لمعنى المصطلح بل ان عدد كبير من هذه التعليقات قد طلب من محرري هذه المواقع شرح ماذا تعني الملكية الدستورية وهو ما لم تقم به هذه المواقع لحسابات سياسية. ورغم عدم رغبة الاعلام الاردني بالتضخيم من تصريحات الغريبة الا ان بعض المواقع الالكترونية نشرت مقالات لكتاب غير معروفين هاجموا فيها فكرة الملكية الدستورية الى درجة ان احدهم اتهم من يروج لها يجب محاكمته بتهمة (الخيانة الوطنية) وقال اخر ان الدعوة ل الملكية الدستورية ينسف بشكل كامل وجود الدولة الاردنية السياسي. ان نظام الحكم في الاردن على عكس ما اشار كثير من السياسيين والمحللين ليس ملكي دستوري فهو نظام ملكي وراثي نيابي يحكم من خلاله الملك بموجب الدستور ولكن ان تحكم بموجب الدستور لا يجعل من النظام السياسي لالية الحكم ملكي دستوري فالملك في الاردن يملك و يحكم وهو مايتعارض مع الملكية الدستورية التي تعني ان الملك يملك ولكنه لا يحكم كما الحال في بريطانيا و هولندا وفي المادة الاولى من الدستور الاردني فان نظام الحكم هو نيابي ملكي وراثي وليس دستوري وان كان الملك يحكم بموجب الدستور. الملك في الدستور الاردني مصون لا يمكن انتقاده وهذا امر لا اعتراض عليه في حالة الملكية الدستورية ذلك انه في هذه الحالة يكون الملك رمزا للدولة اما الذي يتمتع بسلطة الحكم فهو المعني هنا بالانتقاد وتحمل المسؤولية. وفي حقيقة الامر فان الدستور الاردني وان احتوى على بعض الثغرات الا انه ديمقراطي بالمعنى النسبي للكلمة عند المقارن بدساتير الدول المحيطة الا ان الاشكالية تكمن في اليات التطبيق ومثال على ذلك المادة التاسعة التي تقول لا يجوز ابعاد اردني من ديار المملكة وكلنا نذكر ما حدث لقادة حماس قبل عدة سنوات عندما تم ابعادهم الى قطر رغم انهم يحملون الجنسية الاردنية. والاردن كنظام سياسي يقع في الوسط بين التصنيفات السياسية ل ( الملكية) فهو وان كان نيابيا فانه لا زال يندرج في خانة (الملكية المطلقة) حيث كل السلطات في يد الملك والملكية المطلقة نظام سياسي لا يصل الى درجة الملكية الدستورية كما الحال في بريطانيا وان كان متقدما على النظام السياسي السعودي القائم على (الملكية اللا نيابية). وقد يرى البعض ان الملكية المطلقة هي خير ضمانة لوحدة الاردن القائم على التقاليد العشائرية وهو رائ يميل نحو (الميكافيلية) القائلة بان الحاكم (المدجج بالسلطة) هو الاصلح لحماية البلاد من خطر الفوضى وان الحاكم الذي نشا في بيئة سياسية قد (تشبع بالحكمة) وبالتالي لهو اقدر على حماية مصالح الوطن من ابناء الشعب (الجهلة الفوضويين) وفي حالة الاردن فان الملك يقود (بعناية الهية) مجازا فهو معصوم من الخطا وحقيقة عبر نسب العائلة الحاكمة الى الرسول. موضوعة الملكية الدستورية التي اعلن عنهاالغرايبة ليست موضوعة جديدة ف الزعيم المعارض( ليث شبيلات) طرح مثل هذه الافكار في بداية التسعينيات من القرن الماضي بد ما سمي ب (هبة نيسان) وهو ما كلفه السجن بتهمة اطالة السان والاعتقال عدة مرات كما ان الاسلاميين في الاردن الذين دأبو على الامساك بشعرة معاوية مع الاردن طرحوا هذه الفكرة عدة مرات بشكل علني احيانا كما كان معه الحال مع تصريحات الغرايبة الاخيرة وموارب في احيان اخرى كما كان معه الحال في المبادرة التي اعلن عنها الاسلاميون في شهر كانون الثاني يناير الماضي وان حملت المبادرة توقيع اسلاميين بصفتهم الشخصية وليس القيادية ذلك ان الاخوان المسلمين في الاردن يحاولون النيء بانفسهم عن مثل هذا المشروع (التصادمي) مع النظام وهو ما دفع الرجل الاول في الجماعة زكي بني ارشيد الى المسارعة بالقول بان تصريحات الغرايبة تعبر عن وجهة نظره الشخصية وليس عن وجهة نظر الجماعة. ان الاردن اليوم الذي يروج لديمقراطيته في العالم الغربي يواجه ازمة في موقع صنع القرار سواء الداخلي او الخارجي وينحو في مستوياته العليا نحو مركزية مفرطة تجعل من الملك البوصلة التي يدور فيها الجميع بعيدا عن روح الابداع والابتكار ومثال على ذلك ان الحديث في هذه الايام عن مسالة الوطن البديل قد اضحى خطا شبه احمر لا لشئ الا لان الملك قال قبل ايام " يا ريت نبطل نحكي عن الوطن البديل" فاصبح كل من يطرح الموضوع متهما رغم ان موضوعة الوطن البديل كانت حتى ما قبل تصريحات الملك بعدة ايام الموضوعة المفضلة للسياسيين والاعلاميين الاردنيين بل انها كانت مثل البيضة التي تلد ذهبا لبعض الكتاب المرتزقة والمنافقين. ابان حكومة عبدالكريم الكباريتي استدعيت شخصيا لدائرة المخابرات وقال لي ضابط المخابرات انه لا يجوز لي انتقاد الكباريتي لانه خيار الملك وبانتقاده فانت تنتقد الملك ، وبتطبيق هذا المبدا فانه لا يجوز لي انتقاد الوزراء لانهم خيار من اختاره الملك فتكر السبحة الى انه لا يمكنك حتى انتقاد فراشا يعمل في دائرة حكومية ومن هنا فان الدستور الاردني الذي يحصر السلطات في يد فئة معينة فانه يسرق السلطة من يد الشعب ويعمق الفساد. اقرار الملكية الدستورية هو تشكيل ل (عقد اجتماعي جديد) بين السلطة والشعب واعادة حق مسلوب من الشعب لممارسة حقوقه السياسية عبر حكومة يشكلها الحزب الفائز في الانتخابات اما لوحده ان ملك النسبة المطلوبة او بالتحالف مع احزاب اخرى بما يضمن مزيد من الشفافية والحريات ويؤدي بالضرورة الى محاربة الفساد وتسريع عجلة التنمية. لا نريد ان نحلق بعيدا ونحلم في اليقظة ولكننا نريد جلبابا يناسبنا من خلال الاستفادة من التجارب البشرية بما يمكن الاردن من التطلع للمستقبل مع ادراكنا التام الى ان الدول ذات الملكية الدستورية لم تصل إلى ذلك إلا بعد أن مرّت من الملكية البرلمانية الثنائية، التي يتقاسم فيها الملك السلطة مع ممثلي الشعب كما ان الملكية في الاردن ليست هي الملكية في هولندا بل ملكية متجذرة مارست الصلاحيات التنفيذية على مدى تسعين عاما خلقت لها هالة في ذاكرة الشعب الاردني يصعب محوها بجرة قلم او مبادرة سريعة وانما يتطلب الامر اصلاح سياسي تدريجي و هنا نذكر بما قاله الملك شخصيا قبل ايام من ان"مشروع الإصلاح والتطوير والتنمية السياسية هو مشروعنا، وبناء الديمقراطية هو خيارنا". و إلى أنه قال منذ سنوات أنه لا يوجد إصلاح اقتصادي من دون إصلاح سياسي و"إنه يريد أن يرى برنامجا لبلورة وتنفيذ إستراتيجيةالإصلاح ". كاتب اردني مقيم في الولايات المتحدة
#خالد_الكساسبه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاكمة دولية ل(الديكتاتوريين)
-
السلام يحتاج قادة حقيقيين راغبين ب (المصافحة)
-
والجنس - حاجه انسانيه
-
عيد الحب -- ليس مجرد ورده حمراء
-
اكثر من طعام -اكثر من شراب
-
بورصة (الحياة)
-
انه ديننا مثلما هو دينكم فلا تسرقو الاسلام منا
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|