طارق حربي
الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 08:50
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كلمات
-244-
يجلس رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم حسن العكيلي مع دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في مكتبه، بينما يوقع على الاستمارة الخاصة بكشف مصالحه المالية، في صورة نشرت في وسائل الاعلام العراقية، في سابقة من الشفافية لم تعهدها السياسة العراقية من قبل، وربما قلَّ عدد الزعماء حتى في الأنظمة الديمقراطية، ممن يوقعون على استمارات براءة الذمة من المال العام!
في أوروبا الغربية والولايات المتحدة لاينتخب الناس السياسيين، ليس ممن يهدرون المال العالم حسب، بل أي خرق قانوني أو دستوري، يرتكب من جانبهم أو من جانب أحزابهم، ليبدأ عمل الصحافة الحرة بنشر الفضائح على الشعوب، وقد يصل التنافس بين المرشحين للمناصب العليا في الحكومات الديمقراطية، إلى قضايا شخصية أو تحرشات جنسية، الغرض من ورائها تسقيط الخصم السياسي، ثم الفوز عليه بالضربة القاضية، وقبل ذلك ثمة طرق قانونية عديدة للتعرف إلى مصالح السياسي المالية قبل تبوئه المنصب، لكن هذا لايمنع حتى في العالم المتحضر بعض الخروقات القانونية.
ويبدو أن نظام كشف المصالح الذي أعدته هيئة النزاهة في استمارات، توزع على المسؤولين والوزراء والمدراء العامين والمحافظين والقضاة وغيرهم، لن يكون ذا بال مالم تشرع له القوانين اللازمة والساندة، والقانون المعلن هو حسب تصريح العكيلي نفسه القسم (8) من القانون النظامي الملحق بالأمر ( 55 ) لسنة 2004، الذي سيطبق في حال عدم إيداع الكشف عن المصالح المالية، في دائرة الوقاية التابعة إلى الهيئة، مايعني إيقفاف المسؤول عن العمل، وهذه الفقرة تثير الكثير من الشكوك حول جديتها، إذ كيف تستطيع فقرة في قانون غير مفعل أصلا، ولم تتفق عليه الأحزاب الحاكمة، إيقاف المسؤولين العراقيين الذين نهبوا المال العام، وسوقهم إلى المحاكمة العادلة، وأحزاب المحاصصة الدينية القومية ترقص على نغمات شيلني وأشيلك باختصار شديد!؟
لقد بددت أو افتقدت أو اختلست منذ سقوط نظام صدام حتى اليوم، مليارات الدورلات في مشاريع إما أن تكون لاحاجة لها أو غير مكتملة أو وهمية، لم يسأل عنها أحد مع السف، ولم تشكل لجان تحقيقية للبحث عن مصيرها وإدانة مرتكبي الجرم بسوقهم إلى المحاكمة العادلة، ومما يؤسف له أن يصبح العراق حسب منظمة الشفافية الدولية، في الدرجة الثانية بعد مينامار والصومال، في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، بفضل الأحزاب الدينية والكردية الحاكمة، مادعا الأمم المتحدة (هي فاسدة أيضا!) إلى إطلاق برنامج مكافحة الفساد قبل سنتين، حيث بقيت جهود الحكومة أمام هذه الآفة قاصرة للسبب أعلاه، زائدا عدم وجود مؤسسات تمنع الفساد، أو تشريعات تطبق القانون ناهيك بعدم وجود مؤسسات رقابية!.
خطوة السيد المالكي مطلوبة ومريحة في هذا الزمن الصعب، يجب أن يحذو حذو هذا الرجل الذي أثبت نزاهة ووطنية، كل الشرفاء في الحكومات الاتحادية والمحلية، ومن يضع شعبه ووطنه أمام عينيه لامصالحه الآنية الضيقة، للقضاء على آفة الفساد التي لم يشهد مثلها العراق في كل تأريخه.
#طارق_حربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟