|
رسالة الى عائلة كردية قضت بالكيمياوي رسالة الى عائلة صبحي خدر حجو
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 791 - 2004 / 4 / 1 - 09:21
المحور:
حقوق الانسان
بمهابة عراقية ووجع آدمي لم يزل طرياً أستنطقت حروف رسالة اهلك وعائلتك من الكرد الذي وجهته للورود العطرة منهم و التي قضت في حرب الغازات والقنابل الجرثومية التياطلقتها يد آثمة وعقل ملوث في الزمن الأغبر الذي صار العراق فيه ضيعة من ضياع صدام . بأجلال وتقدير يليق بالشهداء والقديسين اضع قبلتي فوق قبر ( سندس ) ذات العشرة سنابل والوجة الطفولي الممتليء بعبق كردستان ، سندس التي تتدلى ظفيرتي شعرها خلفها ترقص معها ولاتفارقها حتى في دفنها ، واسقي شقائق النعمان التي نبتت على حافة القبر من ماء الضمائر والعيون التي تحلم بعراق جديد يؤمن الحياة التي تليق بالأنسان . بكل مالدي من قدرة في التعبير عما يحمله الأنسان من أنين وألم دفين يغوص في عمق أعماق الروح ويتغلغل بين الضلوع ليظهر الوجع الأدمي وأنا أستدل على قبر ( سربست ) الذي تتباهى حفنات التراب فوقه بتشبعها من شمس الكون ضوءاً مثل وجهه البهي ، والزهور في تفتحها النيساني المقدس ، ونجلس عند أطراف القبر نلم بقايا تراب عجنته قطرات الندى المتساقطة من العشب البري ونبتت فيه ورود ملونة كثياب الكرد منحها الله لنا ، لسربست نقول أنت معنا وبيننا وستبقى . وللحبيبة التي حملت الهم والغم فتكسرت احلامها المتواضعة في صدرها ، وتحملت من ويلات الطاغية أناشيد معارك التحريرالتي ماحررت عقولهم ، ووحشة الطريق وطول المسافات وأحاسيس الجوع والعطش ومفارز التفتيش والربايا والكمائن وكلمة السر والثكنات والتقارير السرية والرفاق وجهاز الأمن الوطني ، والموت المختبيء خلف التلال والصخور والرصاص الذي لاتعرف مصدره ولا أتجاهه . للحبيبة (( آسيا )) التي لم تفارق الرضيعة (( سندس )) على صدرها فألتصقتا معاً في لتصيرا وردة من ورود البابونج المنتشر في سهول وقفار كردستان الصابرة . لمنيف الذي رحل دون وداع ودون أن تتمكن خطيبته من لقاءه للمرة الأخيرة أو تسمع صوتة للمرة الأخيرة ، لمنيف الذي لم يقل لنا سوى انه يرحل مع الالاف التي سترحل بمشيئة الدكتاتور وبأوامر الطاغية تحت سمع وبصر العالم المتمدن الذي ربما يستنكر بحياء رحيلكم هذا ، وسيصدر هذا العالم بيانا طويلاً عريضاً يحتوي على أستهجان لماحصل دون أن تعلق شاهدة على قبر ( منيف ) . وجع الأنسان وألم الفراق ووحشة العمر والغصة التي يتركها الحبيب حين يغيب . وآه ياصبحي .. ياوجع الطيبين من اهلي ، والعطاء الذي يميز هم عن كل شعوب الدنيا حين يعيشون بصمت ويرحلون بصمت دون ضجيج كما ورد الربيع وشقائق النعمان ، كما مطر نيسان . غير أن كل الأسماء الحلوة من الأطفال والشباب والحلوات من الكرديات يعانقن تراب الأرض تنقش صفحة أخرى و شموعاً تنير طريق الظلمة التي يعيش فيها الضمير ، وفانوساً يهدي من يريد أن يدع الأنسان يعيش بمحبة وأخوة وتسامح وحرية كما يدعو اليها الله ويريدها للأنسان ، وصرخة لعل الضمائر النائمة تصحو من غفوتها فترتعد لمنظر الأطفال المبتسمين ابتهاجاً بالموت . قبورهم لم تكن لك وحدك مزاراً ايها الكردي الطيب ، وأنما كانت لنا ملاذاً من قسوة الطغاة وظلم القساة ، وتعبيراً على انتهاك أنسانية الأنسان في بلادي . ومثل عائلتك العديد من أهلك في الفرات الأوسط والجنوب راحت فلذات اكبادهم وأخوتهم وأمهاتهم في حفر المقابر الجماعية ، ربما كانوا متخلفين عن الخدمة العسكريمة وربما سراق ومجرمين وربما خانوا الوطن وتحالفوا قبل أن يدخل الأحتلال ، وربما اعاقوا تقدم البلاد ورفاهية العباد ، وربما وربما ، لكنهم لم تزل ملابسهم معهم وألعاب أطفالهم معهم وهوياتهم معهم وعباءاتهن معهن ولحية الشيوخ منهم لم تزل بيضاء ياصبحي . لن أقل لك أن تصبر فقد زدنا على الصبر صبر ، حتى بات الصبر يخجل مما تحملنا . لك ولكل الكرد الطيبين مني ومن كل الذين يعشقون حرية الأنسان وكرامة الأنسان وحقوق الأنسان كل الود والمحبة والى أن نلتقي .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القائد الضرورة مرة اخرى
-
قمم .. قمم
-
زمن كتبة التقارير والمخبرين
-
رحيل الكاتب والباحث العراقي أدهام عبد العزيز حسن الولي
-
الفرح في الزمن الحزين
-
ولكن من يحاسب الأمم المتحدة ؟
-
الشهداء يحضرون نوروز هذا العام
-
القوات الامريكية تستخف بحقوق الأنسان في العراق
-
تحية الى الشاعرة الفلسطينية سلافة حجاوي
-
الى انظار السيد هوشيار الزيباري – وزير خارجية العراق المحترم
-
الموت العراقي الجميل
-
الذبح على الطريقة الأسلامية
-
الدعوات المريضة للنيل من الأيزيدية
-
الكتابة بعيداً عن الحقيقة
-
ملاحظات سريعة على نصوص قانون أدارة العراق للمرحلة الأنتقالية
-
وصايا أيلي زغيب الى صدام حسين
-
من المسؤول عن الأرهاب في العراق ؟
-
أصرار أم أسرار
-
المسؤولية الجنائية في مذكرات حازم جواد
-
مسيلمة العراقي وروائح النفط
المزيد.....
-
اعتقال وفرار واغتيال: ما أبرز الادعاءات المضللة التي لاحقت ي
...
-
دول الاتحاد الأوروبي تدعو -بشكل عاجل- إلى سن قانون يسرع عملي
...
-
-تعذيب واعتداء جنسي-.. في قلب مراكز الاحتيال الإلكتروني بكمب
...
-
البعثة الايرانية في الامم المتحدة: روح المقاومة ستقوى بعد اس
...
-
بعد استشهاد السنوار.. حماس تعلن شروطها لتبادل الأسرى مع الإح
...
-
RT ترصد حركة النازحين بين لبنان وسوريا
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: التهجير القسري الذي ينفذه الجيش
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: نتائج التقرير الاخير للتصنيف ال
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: لا يمكن للعالم ان يسمح بحدوث مج
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: -اسرائيل- ملزمة بتسهيل تدفق الم
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|