|
العولمة الإسلامية..!؟ 1
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 2581 - 2009 / 3 / 10 - 10:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شهدت بعض المجتمعات العربية وبخاصة بلدان الانقلابات العسكرية منذ أواخر القرن الماضي نشاطاً ملحوظاً في ميدان مناهضة العولمة، وقد كان هذا الحراك تعبيراً محدوداً وهامشياً عن ظاهرة تفكك وانشقاق معظم الأحزاب السياسية وخصوصاً اليسارية منها بحيث انصرف بعضهم بشكلٍ منظَّم أو فردي إلى ميدان نضالي جديد لا يستدعي المخاطر الأمنية المعتادة في مثل هذه البلدان ( الثورية ).!؟ لقد كشفت هذه الظاهرة العربية المضادة للعولمة من جديد، عن استمرار تركز العقل السياسي، والثقافي، والمعرفي، في بؤرة الثنائية الأيديولوجية المعروفة: الداخل الوطني.. والخارج الاستعماري الكولونيالي، ومن ثمَّ الإمبريالي العابر للحدود..! الأمر الذي عنى إلى حدٍ كبير أن حراك معظم الأحزاب تلك بقي تحت مظلة الموروث الثقافي المهيمن..! وبما يعني أيضاً حقيقة هروبها الدائم نحو الأمام كتعبير واضح عن الخشية من أو العجز عن مقاربة المفاصل الرئيسية للثقافة السائدة وبخاصة مفصل الأديان..! وقد ساعد هذا الهروب وواكب حالة التراجع المجتمعي التي تشهدها الدول العربية على حساب التقدم المستمر لظاهرة التديين، والتطييف، والتمذهب..!؟ وهكذا، فقد استقطب النضال ضد العولمة عرباً كثيرين، منظَّمين ومنفرطين، لكنهم جميعاً يجهلون، أو يتجاهلون عمداً، أن بين ظهرانيهم عولمة إسلامية راسخة في شرايين وعقول أبناء مجتمعاتهم وإن لم يحدث من قبل أن لفتت أنظارهم، أواستدعت حماستهم كما هي حالتهم مع العولمة الرأسمالية بالرغم من امتداداتها المكشوفة في بعض الدول الأكثر فقراً كالباكستان وبنغلاديش وأفغانستان التي أمطرتها الوهابية بالأموال الطائلة و بملايين النسخ المجانية من القرآن وكتب الأحاديث ونتاجات بعض الفقهاء الأشد تطرفاً كابن تيمية لتنشأ على أثر ذلك مئات المدارس لتعليم وتحفيظ القرآن ولتتأسس عشرات المنظمات الدينية العنفية وليبدأ بعدها انتشار الإرهاب المنظَّم في كل مكان..!؟ وفي الوقت الذي استمر فيه الفقهاء، و المفكرون، والنشطاء، الإسلاميون، في العمل والانشغال بعولمتهم على قاعدة قناعاتهم الإيمانية بحتمية انتصارها مهما طال الزمن لأن ذلك مشيئة الرب..!؟ استمر ( المناضلون ) العرب في تركيز أبصارهم نحو العولمة الرأسمالية الليبرالية المتوحشة من دون مقاربة ما يحيطهم من مخاطر الداخل العولمية الأصيلة، فخلت الساحات العربية إلا من عدد ضئيل من المفكرين التنويريين الذين جابهوا ولا زالوا مخاطر التكفير، والتأثيم، والتفريق، والتهجير، وغير ذلك من موبقات الظلامية...!؟ إنه لمن الإنصاف القول: إن الفقهاء والمفكرين والنشطاء الإسلاميين، اجتهدوا في متابعة أنشطتهم العولمية وهم في غاية الانسجام مع ذواتهم.. وكامل اليقينية الإيمانية التي توفرها عقيدتهم الدينية ذلك لأن الدين الإسلامي جبَّ الأديان التوحيدية السابقة عليه بعد أن وصل الإله الواحد في نهاية المطاف إلى اختتام مسلسل الرسل والأنبياء الطويل فأوعز إلى رسوله الأخير ـ محمد ـ للتبشير بالدين العولمي العابر للحدود، والأديان، والأوطان، والأمم.! وطالما أن الله يملك الأرض قاطبةً فلا شريك له فيها.! والمسلمون صاروا أهله المعتمدين، فقد استخلفهم فيها كلها وليس في جزءٍ منها جاء في القرآن (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض )) فالله لم يحدد قارة بعينها ..! وكان منطقياً أن يرث المسلمون الأرض باعتبارهم العباد الصالحين فهي سُجِّلت باسمهم منذ تبلَّغ ـ محمد ـ إشعاراً عقارياً بذلك (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحين )).. وتأسيساً على هذا الاستخلاف والتوريث الرباني كانت نبوءة ـ محمد ـ المبكِّرة عن حتمية انتصار العولمة الإسلامية ( يبلغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار ). وانطلاقاً من هذه النبوءة الرسولية الحاسمة كتب آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي كتابه الموسوعي ( فقه العولمة ) ليشرح صدور المسلمين ويطمئنهم على هزيمة العولمة الحديثة وانتصار العولمة الإسلامية وهذا برأيه محتَّم لأنها عولمة الفطرة فطالما أن الدين الإسلامي هو دين الفطرة فعولمته فطرية وانتصارها فطري والسلام المعولم عليكم فطرياً.!؟ ثم إن المفكر ـ حسن حنفي ـ الغني عن التعريف يرى أنه من البديهي أن تنتصر العولمة الإسلامية لأنها مسالمة وعادلة بطبيعتها والإسلام بفتوحاته العولمية لم يكن يغزو بهدف الهيمنة على العالم أبداً نهائياً وحق الكعبة بل كان يهدف إلى مجرَّد هدايته سلمياً، وتظبيط أحواله مهدوياً، و يثبت ذلك ببساطة حقيقة أن جحافل المسلمين استخدمت في فتوحاتها المباركة باقات الياسمين وأغصان الرياحين عوضاً عن السيوف والمنجنيقات.! ثم وأيضاً العولمة الإسلامية هي العولمة الوحيدة التي تأخذ شرعيتها من السماء على عكس العولمة الغربية التي لا شرعية سماوية لها ولا من يحزنون والسيد ـ حنفي ـ متأكد من ذلك منذ أن ولد لأبوين مسلمين...!؟ ويرى ـ السيد المهري ـ أن خطورة العولمة الراهنة تكمن أولاً في الثقافة التي ينشرها أنصارها في المجتمعات الإسلامية من خلال ثورة المعلومات والاتصالات والقنوات الفضائية.. فهي ثقافة كافرة ، و منحطة، ومنحلة..!؟ وكيف لا تكون على هذا النحو المدمِّر وهي تقوم على إشاعة ثقافة المشاركة السياسية على أساس الديمقراطية.. وفصل الدين عن السياسة لعزل الحاكم عن الدين القويم.. وترويج ثقافة الفساد الأخلاقي.. وترويج المنكرات الكلكاوية من رقص وموسيقى وغناء ونحت ومعاقرة الخمور..!؟ وخلص السيد إلى ضرورة أن يواجه أنصار العولمة الإسلامية الأوادم ذلك بالعمل الدءوب على نشر ثقافة العولمة الإسلامية النبيلة لتحل محل ثقافة العولمة الغربية الرذيلة..!؟ ويرى الفقيه العولمي ـ سعيد حوى ـ في كتابه ( الإسلام ) أن العالم الآن ينقسم إلى دارين دار إسلام ودار حرب هي دار البدعة والبغي ومن الواجب الشرعي أن يقوم المسلمون بتوسيع دارهم حتى يصبح العالم كله وطناً للأمة الإسلامية كما جاء في القرآن والسنة فوحدة الأرض الإسلامية كوحدة الأمة لا يجب أن يقف أمامها حائل ومن حال دون ذلك فقد أهدر دمه وماله ولو كان مسلماً..! ويرى أن الخطوة الأولى على طريق انتصار العولمة الإسلامية تتحقق في إقامة الدولة الإسلامية وكل مسلم لا يعمل من أجل أن يقوم هذا الأمر فهو آثم فالدولة المسلمة هي الدولة التي تحكم الشعب بإلزامه بشريعة الله وسنة نبيه والتقيد بهما تحت طائلة التجريد من الحقوق البني أدمية..! ويخلص العولمي الإسلامي النبيه إلى أن كل إنسان لا يلتزم بذلك يسقط من رتبة الإنسانية ويصبح بمنزلة البهائم (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا )) ولهذا ولغيره يعلو نداء أم علي: يا بهائم العالم اتحدوا...!
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وإن سرق وإن زنى...!؟
-
زعماء ومزعومون وزعامات...!؟
-
فقهاء الاستنجاء والاستجمار...!؟
-
الخريع والكبكابة والدياصة..!؟
-
خذوا العلم ولو من الممالك...!؟
-
أحلام وكوابيس إسلامية...!؟
-
العلمانية الناقصة...!؟
-
خرافات دائرة النفوس الإسلامية...!؟
-
العقلنة المتبادلة...!؟
-
الروافع المقصِّية...!؟
-
مساجد.. وسجون...!؟
-
فيما خص السماحة الإسلامية...!؟
-
هذيان وعواطف وشعارات...!؟
-
من حصار الخارج إلى حصار الداخل...!؟
-
الحق في البهجة...!؟
-
الحلال والحرام في مسألة التعدد...!؟
-
في أن الحوار المتمدن ( مسبَّع الكارات )...!؟
-
إبليس والعبيد...!؟
-
المضطهد مرة والمضطهدة ثلاث مرات...!؟
-
معضلة التقدم في المجتمعات العربية...!؟
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|