أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خلف علي الخلف - إنه الطيب صالح أيها الثرثارون














المزيد.....

إنه الطيب صالح أيها الثرثارون


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 2580 - 2009 / 3 / 9 - 01:00
المحور: سيرة ذاتية
    


هناك أشياء تحدث باعتيادية وبشكل متكرر وفي كل مرة نفاجئ بحدوثها، الموت أحد هذه الأشياء التي دائما تداهمنا على غفلة ما، ونحن نرتب لشؤون الحياة التي نظن أنها طويلة. الموت مفاجئ أينما جاء ودائما لا نكون مستعدين لقبول الأمر من دون دهشة: مات!. هكذا فاجأنا رحيل الطيب صالح الغني عن التعريف، وقبل أن يفاجئنا خبر رحيله كنا قد نسينا أن الرجل بلغ من العمر ثمانين حولاً! ليس بوسع المرء أن يكتب كثيراً عن الطيب فلم يترك مبضع إبرة من جسده الروائي لم تغرز فيه دراسة نقدية أو بحث.. لكني أجد طريقة تعرفي «عليه» مازالت غير منطقية رغم حدوثها! ففي المرحلة الإعدادية كنت أثناء العطل المدرسية أساعد أهلي في الزراعة وكانت مهمتي الإشراف على المحرك المنصوب على بئر ارتوازي ليروي القطن.. في تلك الأرض الزراعية على مشارف قرية تتبع مدينة في شمال سورية تصنف بأنها مدينة نامية؛ وجدت كتاباً طمر جزءاً جزء منه في الأرض، أخذته ونفضت عنه التراب لأجد انه يبدأ في الصفحة التاسعة وبقية صفحاته كاملة.. شغفت بـ «القصة» وعانيت صعوبة في فهم بعض مفردات الحوار ولم أستطع التخمين بأي لهجة كتبت؛ إذ بخلاف لهجاتنا لم نكن نعرف سوى اللهجة المصرية التي تسربت لنا من الكتب والمسلسلات. كانت الأحداث تركض وكنت مسلوباً تجاه الحدث وأريد استباق الصفحات لأعرف كل ما حدث دفعة واحدة، انتقلت للعيش في القرية التي تدور فيها الأحداث وأصبحت أحد شخوصها رغم اختلاف تفاصيلها الاجتماعية عن قرانا إلا أني حينها لم أحس بالغربة؛ شغفت بسيرة «البطل» الذي « يبي يعرس»... قرأتها أكثر من مرة في حينها.. لأعرف فيما بعد أنها «عرس الزين» للطيب صالح! مازال الأمر وبعد اكثر من ربع قرن مثار استغراب لي كيف وصل «عرس الزين» الى تلك الأرض الزراعية! في سهول قرية عدد الحاصلين فيها على شهادة الثانوية يعد على أصابع اليد الواحدة في ذلك الحين.

الآن أو قبل ذلك بكثير يمكن لي أن أتلمس لِمَ «عرس الزين» سحرتني! إنها أنشودة حب لإنسان عادي، بل إنه عادي في ندرته؛ ذلك أنه «بهلول» القرية الذي لا تكاد قرية أو مدينة تخلو منه، بقدرة ساحرة من الروائي «الطيب» التقط عادية الحياة وعادية الأحداث وعادية الشخوص في قرية عادية أيضا وشحنها بدلالات عميقة ونسج حكاية فريدة تنبع غرائبيتها وفرادتها من بساطتها.

يستحق الطيب صالح أكثر من وقفة وأكثر من تأمل إنه أحد النماذج الفريدة في الكتابة العربية قاطبة وليس في الرواية فقط! ليس لأنه مبدع؛ بل لأنه أيضاً قال ما لديه في بضع روايات سطرت اسمه كأحد عباقرة الرواية في العالم العربي وأحد رواة العالم. لم يمض في الثرثرة ولم يسترسل في كتابة روايات لن تزيد في رصيده كما فعل كتّاب «كبار» جفت قريحتهم وظلوا يثرثرون المزيد من الكتب البائسة مستندين على أسمائهم التي استهلكوها. كم من الكتّاب كان عليهم التوقف في مرحلة ما عن الكتابة، بل هناك كتّاب كان عليهم التوقف بعد كتاب واحد... القائمة طويلة، من زعماء الشعر الى زعماء الكتابة الروائية الى زعماء النقد والتنظير البائس.. والأسماء تتزاحم لتجعلنا في غنى عن ذكرها..

إنه الطيب صالح أيّها الثرثارون.. رحل بعد صمت طويل وظل حاضرا وسيظل حاضراً إلى أبد الكتابة. فلنتعلم منه إما الإبداع، أو الصمت حينما تكون الكتابة ثرثرة.





#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمين وتقشير الخرفان‏
- فتاشات حماس تحرق غزة
- عن اعتقال -القرآني- رضا عبد الرحمن علي‏
- المفضلات الإجتماعية ما زالت شبه مجهولة عربيًا
- عن مواقع المعارضة السورية ومطابقتها لوسائل إعلام النظام‏
- والآن ماذا تفعل المعارضة السورية دون برابرة...‏
- أيّها الرئيس السوداني توجه إلى دمشق فوراً
- أبناء الأرامل ل علي العمري: رؤى فادحة تتناسلها القسوة والسخط
- تقرير علني إلى السلطات الأمنية السورية بنفسي
- العرب وغياب الضمير والمثال الأخلاقي
- الجمهورية العالمية الإفتراضية: ال فيس بوك الشبكة الأسرع نموا ...
- أنقذوا مطبوعات وزارة الثقافة السورية من جيش المنتفعين
- الوسوم: ماذا يعرف المستخدمون العرب عنها
- يوتيوب عربياً: رقص وجنس وحروب أديان ومعارضة سياسية
- النظام السوري: تطويع المجتمع حسب نظرية القرود الخمسة
- البوكر بنسختها العربية والانتصار للظل
- الأنترنت في سوريا ومحنة النشر الالكتروني
- العم النبيل بوش نكرر لك يأسنا
- الانترنت بوصفها حياة موازية: خصائص النشر الالكتروني
- في الأوهام الطهرانية للمعارضة السورية 1/3


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خلف علي الخلف - إنه الطيب صالح أيها الثرثارون