|
حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8 - 09:45
المحور:
القضية الفلسطينية
من حيث المبدأ، الذي لا وزن له ولا أهمية عملية، لا يرفض نتنياهو وليبرمان، الذي قد يصبح وزيرا للخارجية في حكومة نتنياهو المقبلة، قيام دولة فلسطينية، أو لن يستصعبا كثيرا إعلان قبولهما، في طريقة ما، قيام هذه الدولة.
ويكفي أن يعيا مصلحتهما السياسية المشتركة حتى يجنحا للصلح والتصالح مع فكرة قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة كله، وفي أجزاء من الضفة الغربية؛ ويكفي أن يجنحا لذلك، وأن يعلنا جنوحهما هذا، ولإدارة الرئيس أوباما على وجه الخصوص، حتى يسهل عليهما، وعلى كل من له مصلحة في الإبقاء على شعلة وهم السلام متَّقِدة، تصوير الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي هي التصحر السياسي والفكري لجهة علاقتها بكل نبتة للسلام، على أنها إيجابية لجهة موقفها من فكرة، أو مبدأ، "حل الدولتين".
نتنياهو وليبرمان لن يدَّخرا جهدا لمنع نشوب أزمة، أو أزمة حادة، في العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة، الهشَّة برلمانيا، وإدارة الرئيس أوباما، وسيتوفران على تصنيع خطاب سياسي يمكنه، على ما يعتقدان ويتوقعان، أن يأتي بالفلسطينيين، ولو على مضض، إلى طاولة المفاوضات، وأن يَظْهرا، بالتالي، ولإدارة الرئيس أوباما على وجه الخصوص، على أنهما ساعيان، وصادقان في سعيهما، للسلام مع الفلسطينيين، فتستمر "مفاوضات السلام"، التي هي ركض سياسي موضعي، ما استمرت "حكومة نتنياهو ـ ليبرمان" على قيد الحياة؛ وفي مناخها، أي في مناخ تلك المفاوضات، تستمر وتنمو وتزدهر السياسة الحقيقية.. سياسة تغيير الواقع بما يسمح لـ "وحش التهويد" بافتراس مزيدٍ من مقوِّمات السلام الذي يريده، ويسعى إليه، الفلسطينيون.
وهذا إنَّما يعني أن يتحلى الفلسطينيون، في عهد "حكومة نتنياهو ـ ليبرمان"، بفضيلة "سوء الظن"، وأن يَكْفوا أنفسهم شرور رذيلة "حُسْن النية"، وأن يستمسكوا، بالتالي، بمزيدٍ من الإصرار على أن تقف هذه الحكومة على وجه الخصوص مما يسمى "مرجعية السلام"، أو "مرجعية مفاوضات السلام"، مواقف واضحة، لا لبس فيها، لجهة إيجابيتها، قبل، ومن أجل، دخول السلطة الفلسطينية في مفاوضات معها.
إنَّنا متأكدون أنَّ "حكومة نتنياهو ـ ليبرمان" لا تملك القدرة على (أو الرغبة في) الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين، فيها من "إيجابية الموقف الإسرائيلي" ما يلبِّي، ولو قليلا، المطالب السياسية والقومية الفلسطينية، التي ما عاد ممكنا أن تتضاءل أكثر مما تضاءلت.
ويكفي أن نقتنع بهذه الحقيقة التي لا يخالطها شيء من الوهم حتى نتأكد أيضا أنَّ اتِّجاه بعض الدول العربية التي لها اليد الطولى في صنع القرار السياسي العربي إلى إعادة تأكيد التزام الدول العربية "مبادرة السلام العربية" في قمة الدوحة المقبلة ليس له من سبب أو مبرر إسرائيلي وجيه ومُقْنِع.
إنَّ هذا الاتِّجاه، أو المسعى، يمكن أن يكون مُقْنِعا، ولو قليلا، إذا ما كان لدى أصحابه من الحقائق والوقائع ما يجعلهم مقتنعين، ومُقْنِعين، بأنَّ إعادة تأكيد التزام الدول العربية مبادرتها، في هذا العهد السياسي الإسرائيلي الجديد، والسيئ لجهة تأثيره في "عملية السلام"، غير العملية، يمكن أن تكون زيتا عربيا يُصَبُّ على نار نزاع لا مناص منه بين إدارة الرئيس أوباما و"حكومة نتنياهو ـ ليبرمان"، التي، وإنْ نجحت في أن تُظْهِر نفسها على أنها مؤيِّدة لقيام دولة فلسطينية، ولـ "حلِّ الدولتين"، بالتالي، لن تتخلى عن سعيها لإنشاء ما تسميه "الحل الإبداعي" الذي يمكن، ويجب، أن يَحلَّ محل "حلِّ الدولتين"، بمحتواه الذي نَعْرِف، والذي يبدي الفلسطينيون اعتراضا على تغييره.
أمَّا الفكرة الكامنة في جوهر وأساس "الحل الإبداعي"، الذي يتوفَّر نتنياهو بمساعدة ليبرمان وغيره على إبداعه، فهي فكرة "تبادل الأراضي"، أو "التبادل الإقليمي".
ليبرمان يفهم فكرة "التبادل الإقليمي" على أنها "المُنْقِذ" ليهودية دولة إسرائيل من "القنبلة الديمغرافية العربية (الفلسطينية)"، فعملاً بهذه الفكرة، تَضُم إسرائيل إليها تلك الأراضي من الضفة الغربية التي يتركز فيها الاستيطان اليهودي، و"تتنازل" للدولة الفلسطينية عن "أراضٍ إسرائيلية" يتركز فيها الوجود الديمغرافي العربي (الفلسطيني).
فكرة "التبادل الإقليمي" أخصبت كثيرا الخيال السياسي لكثير من الإسرائيليين الذين ينفقون جُل وقتهم وجهدهم في تغذية الفكر السياسي للأحزاب الإسرائيلية المتطرفة في عدائها للحقوق القومية للشعب الفلسطيني.
وها هو الرئيس السابق لـ "مجلس الأمن القومي الإسرائيلي" غيورا آيلاند ينشر مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يُضمِّنه حلا نهائيا، أبدعه هو، ويقوم على فكرة "التبادل الإقليمي"، أو على الإفراط في مسخها.
وفق هذا "الحل الإبداعي"، كل قطاع غزة يصبح جزءا من إقليم الدولة الفلسطينية المقبلة؛ ولكن الفقر الاقتصادي لهذا الشريط الساحلي الفلسطيني الضيق، وضيقه بسكانه، وبنموهم المتعاظم، يشددان الحاجة إلى توسيعه وتكبيره جغرافيا من خلال ضم أراضٍ مصرية إليه.
وينبغي لهذا الضم أن يجعل مساحة قطاع غزة أكبر ثلاث مرات، فتُحَلُّ، بالتالي، مشكلته الديمغرافية، وتُعزَّر قدرته الاقتصادية، ويَقْوى لدى أهله الميل إلى "الاعتدال السياسي".
وثمَّة ضمٌّ آخر، فأراضي الضفة الغربية التي يتركز فيها الوجود الاستيطاني اليهودي تُضَم إلى إقليم الدولة اليهودية.
آيلاند حسب الكلفة المالية لإجلاء نحو 100 ألف مستوطن عن أراضٍ من الضفة الغربية يستوطنونها الآن فتوصَّل إلى أنها تزيد عن 30 بليون دولار. وخفضاً لهذه الكلفة المالية الباهظة، يدعو آيلاند إلى أن يشمل الإجلاء 30 ألف مستوطن فقط!
وبعد هذا الضم وذاك، يأتي "التعويض الإقليمي" الإسرائيلي، فإسرائيل "تتنازل" للفلسطينيين عن جزء ضئيل، وعديم، أو ضئيل، الأهمية، من أراضيها (الصحراوية) ليضموه إلى إقليم دولتهم المقبلة؛ وتتنازل، أيضا، لمصر عن جزء من أراضيها الجنوبية المحاذية لشبه جزيرة سيناء.
وبفضل هذا "التنازل، أو التعويض، الإقليمي الإسرائيلي للمصريين تستطيع مصر إنشاء "ممر بري" بينها وبين الأردن؛ ولكن هذا الممر لن ينشأ إلاَّ إذا كان الجزء الأخير منه، أي المتَّصل مباشرةً بالأراضي الأردنية، في شكل نفق، أي في شكل ممر تحت أرضٍ خاضعة للسيادة الإسرائيلية، أو في شكل جسر فوق أرضٍ خاضعة للسيادة الإسرائيلية، أو في شكل طريق بري في أرضٍ خاضعة للسيادة الإسرائيلية.
ومع مزيدٍ من "الإبداع"، أو التخصيب للخيال السياسي الإسرائيلي، يمكن أن يصبح هذا الممر صِلَة الوصل الجغرافية بين شطري إقليم الدولة الفلسطينية، أي بين قطاع غزة والضفة الغربية، أي ما بقي للفلسطينيين من أراضي الضفة الغربية.
وصِلَة الوصل الجغرافية هذه لن تكون مباشِرة، فعَبْر هذا الممر المصري، ثم عَبْر الأراضي الأردنية، ينتقل المواطنون والبضائع.. من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، التي قد تبقى جسورها مع الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية؛ وعَبْر تلك الجسور، ثم عَبْر الأراضي الأردنية، ثم عَبْر الممر المصري، ينتقل المواطنون والبضائع.. من الضفة الغربية إلى قطاع غزة (الكبير).
هذا "الحل الإبداعي"، وأشباهه، يمكن أن يغدو "البنية التحتية" للتصالح بين "حكومة نتنياهو ـ ليبرمان" وبين فكرتي "الدولة الفلسطينية" و"حلِّ الدولتين"!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
-
أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
-
-إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
-
-تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
-
أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
-
على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
-
أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
-
تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
-
جريمة الإنكار وإنكار الجريمة!
-
نتنياهو يملك وليبرمان يحكم!
-
-العبثية- في وجهيها!
-
الفلسطينيون بين ليبرمان وأشباهه من العرب!
-
خُبْث اولمرت!
-
الرسالة الجوابية الفلسطينية!
-
-المبادرة العربية- تتمخَّض عن ليبرمان!
-
إذا ما -فازت- استطلاعات الرأي!
-
الأهم من -إعادة بناء- المنظَّمة!
-
أين -الرباعية الدولية- من هذا الحزب الإسرائيلي؟!
-
معركة -إعادة البناء- في قطاع غزة
-
عندما يتكاثر -القادة- وتتلاشى -المرجعية.. فلسطينياً!
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب
...
-
مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة
...
-
إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي
...
-
الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
-
محاذير تناول المكسرات
-
أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|