أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - النظم الشمولية وصناعة الآخر؟














المزيد.....

النظم الشمولية وصناعة الآخر؟


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حديث مطول لرئيس ما كان يسمى بالجبهة الوطنية والتقدمية العراقية أبان السبعينات من القرن الماضي السيد نعيم حداد لقناة البغدادية التي تبث برامجها من القاهرة، وصف تلاشي الجبهة بتبخر المؤتلفين فيها خلال سنوات الحرب القاسية مع إيران حيث ابتلع حزب البعث أحزاب ما كان يسمى بالجبهة الوطنية والتقدمية التي صنعها في عقد السبعينات وغدر فيها بالديمقراطي الكوردستاني ومن ثم الشيوعي العراقي و(علس) الباقي كما تقول الدارجة العراقية وانتفت الحاجة لتلك الأحزاب الملساء التي حاول استنساخها ( بعد انسحاب الديمقراطي والشيوعي ) وبدت أكثر رخاوة وربما تبخرت تدريجيا أو اندمجت اندماجا قذافيا بعد منح أعضائها نفس درجات الرفاق في الحزب القائد، حيث برزت أمور أكثر زينة وبهرجة للمشهد السياسي والاجتماعي العراقي في دولة الانتصار الدائم على العدو الامبريالي الانفصالي الشعوبي الاستعماري الفارسي المجوسي إلى آخر قائمة التسميات التي أنتجتها دوائر إعلام وفكر النظام السابق ضد معارضيه حتى وان كانوا ملائكة أو ممن يتغدون ويتعشون مع الأنبياء والرسل، والتي ما زالت تستخدم بجدارة من تلاميذ ومريدي القائد الضرورة حتى يومنا هذا.

أن هذه الثقافة التي تنتج الآخر وتستنسخ أجيالا من الانتهازيين الضعفاء لم تسقط مع سقوط تلك التجربة المريرة في العلاقات مع معطيات الحياة في حقولها المختلفة في عراق يتدحرج إلى الأعلى تارة ويتسلق الحضيض تارة أخرى، فعادت فايروساتها تنشط من جديد منذ الأشهر الأولى لسقوط النظام وتنمو بشكل مضطرد خارج أجواء المختبرات هذه المرة لتخرج من أقبية مخابرات دول الجوار بأجمعها دونما استثناء لأحد، ولتتكون أحزاب ومنظمات مستنسخة جديدة تم تدجين أفرادها في عواصم الدق والرقص على أنغام ذبح العراقيين وسرقة خزائنهم، وامتلأت مدن العراق بمقرات أحزاب وأسماء أمناء عامين ومكاتب سياسية رنانة تم صنعها وفبركتها في ما تبقى من تنظيمات حزب الطليعة الأوحد ورجال مخابراته واستخباراته ممن انقطعت بهم السبل بين الشعارات التي كانوا يتناولونها صبح مساء وما حصل لهم ولنظامهم خلال اقل من عشرة أيام من دولة تم بناؤها في أكثر من ثلاثين عاما، إضافة إلى عشرات الآلاف من الذين أنتجهم ذلك النظام سواء ما أطلق سراحهم قبل سقوطه فيما سمي بعمليات ( تبييض السجون ) أو ما تم تربيتهم وإعدادهم من داخل العراق ومن خارجه لتحويل العراق إلى حفنة تراب كما تعهد الرئيس الضرورة في تدمير العراق أرضا وشعبا إذا ما سقط هو ونظامه.

وبعد سنوات من انهيار وسقوط ذلك النظام ما زالت تلك الثقافة تفعل فعلتها في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي وقد أفرزت فيما أفرزته سلوكا منافقا ومزدوجا في التعاطي مع العملية السياسية فأصبحت هناك أحزابا تعمل في قاعات البرلمان بينما تنشط مؤسساتها الأخرى ليلا وحتى نهارا ( بالتلثم ) في التخريب والاختطاف والاغتصاب للمال والبشر وإشاعة الفوضى والإرهاب في أبشع عمليات القتل والتعذيب التي تجري في دهاليز مقراتها أو حتى في كثير من بيوت الله والشعب من خلال قواتها المسلحة ( الجيش الشعبي ومستنسخاته وان اختلفت التسميات ) أو من خلال بعض سفراء الحزب القائد والقاعدة في مجلس النواب العراقي؟.*

لقد أثبتت الأحداث التي وقعت وما تزال منذ سقوط النظام إنها نتاج تلك الفترة المظلمة من تاريخ هذا البلد وتربية ذلك النظام لعدة أجيال من الناس الذين ينفذون اليوم ما تعلموه خلال أكثر من 35 عاما وشاهدوه وهم أطفال وفتية وشباب، ابتدءاَ من كرنفالات الإعدام التي كان ينفذها النظام في الشوارع والساحات العامة وكيل الاتهامات الكاذبة جزافا لكل من يعارضه وانتهاء بتلك المشاهد البائسة والقاتلة من ( صور من المعركة ) التي كانت تبث يوميا وتُظهر آلاف الجثث الممزقة الأشلاء وعمليات دفنها بالبلدوزرات على أنغام الأناشيد الوطنية، الى تسطيح عقول ووعي الناس بتصنيع أحزاب وجمعيات للرقص أوقات الحاجة لها من ما كان يسميه النظام بالاتحادات والنقابات المهنية والفرق الفنية التي لا هم لها ولا غم إلا التغني بالقائد الذي لا مثيل له في الدنيا وربما لو بقوا عدة سنوات أخر لقالوا انه متعهد الآخرة أيضا.

إن تراكمات هائلة من النظم التربوية الخاطئة والتي وصلت في كثير من مفاصلها إلى الخطيئة والسلوك المنحرف في تعليم وإشاعة الكذب والخوف والتدليس والاستكانة والقسوة وتحليل وإباحة المحرمات في المال والأعراف وإرعاب الناس باعداءٍ مفترضين لا وجود لهم إلا في مخيلة ذلك النظام الذي أراد بواسطتهم إشغال الملايين عن الإبداع والإنتاج، كما ساهم النظام من خلال برامجه الإعلامية والتربوية من إلغاء وتحطيم مفهوم المواطنة العراقية وذلك من خلال إذابتها بمفاهيم شوفينية ووهمية أساسها العرق والمذهب الواحد، على حساب تهميش وإلغاء الملايين من أبناء العراق الشيعة والكورد والكلدان والتركمان وبقية الأعراق والأديان بإذابتهم في بودقة الأمة العربية والوطن العربي.

إن سقوط النظام لم يسقط ثقافته وتبعات تربيته وسلوكيات أفراده وعقود من تراكمات التلقين والتصرف الببغائي والكيل بمكاييل وليس بمكيالين، فهم أي ما أنتجه النظام مما نشاهده اليوم ذوو أوجه وألوان حرباوية وأشكال هلامية وملساء تصلح للزينة وللقبح وتمارس كل الأدوار الانتهازية والوصولية وخصوصا ما كان له علاقة بالحملة الوطنية للأيمان والذبح والتفخيخ والإبقاء على كل ما له علاقة بالنظام السابق وقراراته وقوانينه وبدائيته، من خلال إشاعة اليأس والتشكيك في قدرة العراقيين على بناء تجربتهم الديمقراطية.


* أعلنت وزارة الداخلية أكثر من مرة تورط أعضاء وأحزاب وكتل في مجلس النواب بعمليات إرهابية وآخرها النائب محمد الدايني.






#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآخر بين القبول والتصنيع ؟
- تداول السلطة والقطار الديمقراطي
- النظم السياسية والاصولية الدينية
- جمهورية القرية!?
- العراق والمواطنة
- دكتاتورية الهزائم
- استنساخ المزايدات وذبح غزة ؟
- البحث عن بطل من ورق ؟
- الشرق والهروب من الحرية؟
- الشرف المعلق !؟
- ذيول الذيول
- الانتهازيون وتدهور القيم الاجتماعية !
- ( العراق بين الاسلاف والاخلاف )
- الحيتان تغزو العراق ...؟
- بقايا الإمبراطوريات والمثلث الملتهب!
- ( التعصب القومي والتشويه الديموغرافي في العراق )
- ( همسات تحت المطر )
- الموصل.. تاريخ مشرق وحاضر بائس!؟
- ( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )
- يا بؤس من يعادي شعباً ؟


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - النظم الشمولية وصناعة الآخر؟