|
الناصرية : لا بالعير ولا بالنفير !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 790 - 2004 / 3 / 31 - 08:17
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الناصرية مدينة بناها أهلها زمن الوالي العثماني مدحت باشا ، وقد أخذت اسمها من اسم الشيخ ناصر السعدون الذي اسهم في بنائها ، حين استقدم مهندسا أوربيا لتخطيطها قبل الشروع باعمال البناء ، وقد صمم هذا المهندس تخطيطا لها على طرز المدن الأوربية الحديثة ، وبهذا فقد تفردت هي عن جميع مدن العراق الكبيرة بهندسة التخطيط الحديثة ، فقامت على اساس من شوارع مستقيمة ، متقاطعة تحضن بينها دوائر الدولة ، ودور المواطنين ، ولا شيء يُذكر فيها بتخطيط المدن العربية والاسلامية القائم على التدوير ، وبناء الأسوار والخنادق . لقد شهد المدينة حركة سياسية متجددة ، ومستديمة ، ففي فضائها ترمي زقورة السومريين برأسها، وعلى طين شاطيء فراتها خط الأنسان أول حرف كتابي ، معلنا بدء التاريخ منها ، ثم تعاقبت حقب من الزمان ، مرّ فيها عتاة التاريخ عليها ، لكنها أذاقتهم الويل ، وقد رأوا فيها اياما عصيبة كما كتب أحد القادة الأنجليز ، ذلك حين وطأوا أرضها في الحرب العالمية الأولى، وغاض الجنود الأمريكان أقسى المعارك على أبوابها في الحرب ألامبريالية – الديكتاتورية الأخيرة ، رغم أن كلا الطرفين كانا كفارا ومنافقين على حد تعبير الحجاج الثقفي . من الناصرية خرج ناصر السعدون ، ذلك القائد الذي أذاق الوهابيين المرّ والعذاب ، وجلس على صدورهم في الاحساء والقطيف ، وقبله أطاح الشيخ ثامر المنتفكي برؤوس الايرانيين المعتدين ، وبعدهما سالم الخيون الذي نفاه الانجليز الى الهند ، وبدر الرميض الذي ستعصى عليهم . ومنها خرج فهد ، مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ، ذلك الشخص الذي أرعب الانجليز بالحزب الشيوعي ، فأمروا الحكومة العراقية ! التي تديرها السفارة البريطانية من على سفح دجلة ، باعدامه ، ولا زالت الدنيا تحفظ لابنها الجسور ، جلجامش ، رحلته نحو الحياة ، وها هو شعاره معلق على وجه كل صيدلية شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا . فهل تجمع حقد الايرانيين ثم الانجليز ثم الامريكان عليها كي تُقصى هي وابناؤها من المشاركة في الحياة السياسية في عراق مجلس الحكم والامريكان ؟ أ تروني لا أقول الحقيقة ؟ هاكم اقرؤوا ما يقوله نائب المحافظ الحالي فيها ، السيد عباس الموسوي : الناصرية من المدن المحطمة ، وإنها متأخرة عن العالم أكثر من ثلاثين عاما بسبب ما عانته من اهمال وعقوبات من قبل النظام وهي تعاني لغاية هذه اللحظة من الأهمال ، وجرى استبعادها سياسيا بعدم تمثيلها في مجلس الحكم والتشكيلة الوزارية ، وكذلك عدم شمولها حتى في مشاريع الاسكان ! وقلة التخصيصات للخدمات البلدية ، وكنا نعتقد أن خطة عام 2..4 ستعالج الكثير مما عانت منه المحافظة ، وأنها ستُشمل بخطة الطوارىء ، مثلما حصل مع مدينتي النجف وكربلاء ، ولكنها لم تحصل حتى على ما هو أساسي ! لقد عاقبت بريطانيا العظمي جنوب العراق ، وبخاصة الناصرية ، بالاهمال بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ، وذلك بسبب من وقوف أهله ضدهم في المعارك التي خاضوها مع الأتراك على أرضه ، وقد ظل هذا الأهمال قائما طوال العهد الملكي ، وبأمر من حكومة صاحبة الجلالة ، ولم يتغير هذا الوضع الى أن قامت الجمهورية ، وحلت امراة في وزارة البلديات هي الدكتور الفاضلة ، نزيهه الدليمي ، فشهدت المدينة وقتها مشاريع كثيرة لازال أهلها يتذكرون القائمين بها بامتنان كبير . والكل يعرف أن الناصرية قد عانت من نظام صدام الجائر ما يعجز عن وصفه واصف ، فقد رماها بظلم ما بعده ظلم ، فهو الذي قد مسح من وجه الارض أكثر من قرية فيها ، وهو الذي شرد أهلها من بيوتهم ، وهو الذي قتل حياة الأهوار فيها ، وهو ، بعد ذلك ، قد ضاعف حقده عليها حين انبرى شبان ابطال منها لابنه المستهتر ، عدي ، فاردوه كسيحا الى ان ضمه قبره ملعونا مذموما ، بعدها راحت ابواق دعايته ، وعملاؤه في الداخل والخارج يشنعون على اهلها ، فتارة هم من شجرة خبيثته بعرفه ، وأخرى هم من سبي محمد بن القاسم الثقفي بلغة اعلامه . لقد حصدت الناصرية من ظلم صدام الكثير الكثير ، لكنها ظلت شامخة مثل مدن العراق على عادتها، أبية لن تلقي اعنة ركبها للذين ينطقون القاف غينا ، ولا لمريديهم من الذين يريدون بيع الوطن ، ولا للانجليزي ، حكام الجنوب الجدد ، الذين ما زالوا يلون أعناقهم نحو ماضيهم الدامي والمرير فيها، ستظل الناصرية ، رغم كل ما يراد لها ، تزدهي بتاريخها ، تغنيها بساتين النخيل ، وتغسل أطرافها مياه الهور ، ويطربها داخل حسن جديد ، لتغفو على شطآن الفرات الدافق بالحياة أبدا !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظرف الشعراء ( 12 ) : إبن قيس الرقيات
-
الحاضر والغابر من حديث البصرة !
-
ظرف الشعراء ( 11 ) : مسلم بن الوليد
-
هروب الظالم وهجرة المظلوم !
-
ظرف الشعراء (10) : حمّاد عجرد
-
ألوان من الشعر : ثلاث قصائد
-
العراقية والتهديدات العماشية-الايرانية الجديدة !
-
ظرف الشعراء (9) : إبن مناذر
-
عام على سقوط القتلة !
-
ظرف الشعراء (8) : كثير عزة
-
صبيحة والموقف الايجابي من المرأة !
-
ظرف الشعراء (7) : أبو نواس
-
الزرقاوي ورسالة مخابرات الدولة !
-
أزمة السكن و تصريحات الوزير !
-
ولكنه ضحك كالبكا !
-
حين صار كوكس مُلا !
-
رشى صدام من القصور الى الشوارع !
-
ظرف الشعراء (6) : ليلى الأخيلية
-
شباط : الماضي والحاضر !
-
ظرف الشعراء (5) : دِعبل الخزاعي
المزيد.....
-
السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون
...
-
القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
-
إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا
...
-
شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين
...
-
كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
-
سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
-
انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
-
ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
-
يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار-
...
-
قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|