أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باتريك فاسور - على هامش كأس العالم المافيا في كرة القدم العالمية















المزيد.....

على هامش كأس العالم المافيا في كرة القدم العالمية


باتريك فاسور

الحوار المتمدن-العدد: 155 - 2002 / 6 / 9 - 11:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


Patrick VASSORT      

                                                                       

شهدت السنوات الاخيرة شغفاً مضاعفا بكرة القدم. ففي فرنسا وبعد انتصار العام 1998 في كأس العالم، اتسعت الظاهرة بفضل الفوز ببطولة الامم الاوروبية التي استضافتها كل من بلجيكا وهولندا في العام 2000. وفي مستهل الالفية تبدو فرنسا احد البلدان الغارقة تماما في ايديولوجيا كرة القدم.

ان السنوات الاربع الفاصلة بين آخر كأس للعالم جرت في فرنسا وتلك التي تستضيفها حاليا كوريا الجنوبية واليابان، تميزت بتكاثر قضايا الفساد.

يُنظر في الغالب الى كرة القدم على انها مصدر متعة واجتماع وتدرب على القواعد والقوانين واحترام الآخر. ولا يتردد العديد من علماء الاجتماع والفلاسفة في اسباغ مزايا كبرى على اللعبة وهي تتمتع بها بما لا يقبل الجدل وتبرر الحماسة التي تثيرها في ارجاء المعمورة كافة، لكنهم لا يشيرون الى ما يشكل مفارقتها المركزية كونها في الوقت نفسه صناعة ترتكز على نظام ما فوق وطني ورأسمالي وفي الوقت نفسه على مشاعر محلية واقليمية ووطنية.

ففي الواقع، ليست كرة القدم رياضة فقط، فهي تشكل وخصوصا في مجتمعاتنا، قطاعا اقتصاديا لا يقدَّر حق قدره، ويتبين في مناسبة كأس العالم هذه انه احد اهم "الاجهزة الاستراتيجية الرأسمالية" اذ يحضر الافراد الى تقبل "الرعب الاقتصادي" والعولمة الليبيرالية عندما يجعلهم يوافقون على المنافسة والاختيار والليونة والاوضـاع الموقتة ونظـام الارتزاق الجديد [1] .

فهل تلعب كرة القدم دورا في نشر ايديولوجيا العولمة؟ لا شك في ذلك اذا قبلنا بأن هذه الرياضة ــ الصناعة تبرز الى اعلى مقام المعيارين البغيضين في النظام الرأسمالي. فهناك من جهة آلية مافيوية تقوم على السعي الى تحقيق اكبر قدر من الارباح (لا يتردد المسؤولون في اللجوء الى شركات اوف شور في الجنات الضريبية من اجل تبييض الاموال والافساد والتآمر داخل الاندية وتمويل المنشطات او الترويج للرهانات السرية). ومن جهة اخرى نجد ايديولوجيا مبنية على مبدأ الرجل المتفوق وعلى القوة والعنف كما على شعور وطني منغرس في محليته (ولا عجب في هذا السياق ان تكون جمعيات مناصري الاندية في اوروبا كلها من الاكثر قسوة وعنفا وتحمل لواء الافكار العنصرية وتؤيد اليمين المتطرف).

وعلى غرار كارتيلات الاجرام التي تمثل "المرحلة العليا وجوهر نمط الانتاج الرأسمالي" [2] ، فإن كرة القدم تستفيد من "فقدان المناعة عند قادة المجتمع الرأسمالي المعاصر". فالمجتمع المعولم يوفر امكانات لا حد لها من اجل الالتفاف على القوانين، وتعتبر الاسواق الموحدة "طبيعية" لكنها تجعل من الرقابة عليها مهمة بالغة التعقيد. وبحسب جان زيغلر، فإن فاعلية كارتيلات الاجرام ترتكز على ثلاثة انماط تنظيمية. اولا ان الكارتيل "منظمة اقتصادية ومالية من الصنف الرأسمالي، تنتظم وفق معايير الربح الاقصى والرقابة العمودية والانتاجية نفسها التي تتبعها اي شركة متعددة الجنسي، صناعية كانت ام تجارية ام مصرفية شرعية عادية. في الوقت نفسه ان الكارتيل هو بمثابة تنظيم عسكري(...) اما النمط التنظيمي الثالث السائد في الكارتيل الاجرامي فهو القرابة العائلية الموسعة والبنية العرقية" [3] .

ونورد على سبيل المثال قضيتين، واحدة تتعلق بشركة هي ISL Worlwide واتحاد هو الاتحاد البرازيلي، تظهران الطابع المافيوي لبعض القطاعات المرتبطة بكرة القدم.

كانت شركة ISL Worlwide التي أسسها السيد هورست داسلر مكلفة الرعاية الرياضية الدولية. ولم تكن تنشر حساباتها مما يسمح لها بإخفاء العديد من العمليات الحسابية وخصوصاً تلك المستخدمة في تبييض الاموال [4] . كذلك لم تكن العقود تخضع لاي مناقصة وكان الفرع الفرنسي للشركة مسؤولاً خلال كأس العالم 1998 عن فضحيحة بيع التذاكر الوهمية... واثر هذا الاحتيال قامت الشركة الام المالكة لـ 49 في المئة فقط من اسهم الفرع الفرنسي بشراء الحصص فيه كافة. لكن منذ العام 1999 ازدادت الفضائح ومرت الشركة بصعوبات مالية مرتبطة باستثمارات غير مضمونة في كرة المضرب وايضا في "كرة القدم في البرازيل والصين" [5] .

وفي 18 نيسان/ابريل 2001، انشأ الاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا، شركة للدراسات باسم FIFA Marketing SA . اما خلال شهر ايار/مايو 2001 فقد اكتشفت اوساط الرياضة والمال ان شركة ISL Worlwide كانت تملك، كما هو معهود في اوساط كرة القدم، صندوقا اسود في حساب مصرفي سري في ليشنشتاين. وقد اعلنت محكمة كانتون زوغ السويسرية افلاس الشركة في 21 ايار/مايو كما اقدمت الفيفا في 28 من الشهر نفسه على رفع دعوى ضد الشركة بتهمة "الاحتيال والاختلاس".

ويتهم الاتحاد الدولي الشركة "باختلاس 60 مليون دولار من حقوق النقل التلفزيوني لشبكة غلوبو البرازيلية" [6] والعائدة لمباريات كأس العالم للعام 2002. بيد ان الاتحاد الدولي لكرة القدم برئاسة السيد سيب بلاتر (منذ 1998)، المقرب من السيد هورست داسلر [7] والمتهم بشراء الاصوات لتأمين انتخابه على رأس الفيفا، قد نجح وخلافا للمصارف في انقاذ "اهم موجودات الشركة وهما حقوق النقل التلفزيوني وتسويق دورتي كأس العالم المقبلتين" وذلك بفضل "شعوذة قانونية غريبة" [8] .

من المعروف ان اوساط كرة القدم البرازيلية غارقة في الصفقات، وخلافا لما يعتقد نظرا للاعجاب الكبير الذي يكنه هواة اللعبة لنجومها البارزين، فإن كرة القدم البرازيلية تقوم الى حد كبير على الفساد والاحتيال. فعلى سبيل المثال وُجهت أخيرا التهمة الى مدرب المنتخب الوطنين واندرلي لوكسمبورجو بالتهرب من الضرائب وتزوير الوثائق الرسمية وشهادة الزور وتهريب العملات والتواطؤ لارتكاب الجرائم... وكان يملك 30 حسابا مصرفيا 29 منها غير مصرح عنها رسميا لدائرة الضرائب. وقد دخل هذه الحسابات بين 1995 و1999 حوالى 6،5 مليون يورو. كما اتهم المدرب نفسه بإخفاء الكوكايين والتردد على "علبة ليل لبنات الهوى" تمولها الصناديق السوداء للاندية البرازيلية...

من جهته، رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، السيد ريكاردو تيكسييرا، الصهر السابق لرئيس الفيفا السابق السيد جو هافلانج، اتهم بالمشاركة في 27 عملية تبييض اموال وتهريب العملات والتهرب من تسديد الضرائب [9] . اخيرا وجد المحققون في حسابات احدى الشركات الوهمية التي يستعملها السيد تيكسييرا آثار مرور اموال مصدرها ليشنشتاين تفوق المليون يورو. كذلك اتهم الاتحاد البرازيلي لكرة القدم بتمويل الحملات الانتخابية لبعض المرشحين ووجهت الاصابع الى رؤساء اندية واتحادات محلية بالمشاركة في هذه الارتكابات والتلاعبات.

في مجال آخر، يتهم المحققون البرازيل بلعب دور المحطة لقضايا الجوازات المزورة حيث اتهم عدد من اللاعبين البرازيليين المنتقلين الى اوروبا بالحصول على جوازات برتغالية مزورة تتيح لهم اللعب مع الاندية بصفتهم مواطنين اوروبيين وليس كأجانب...

ففي فرنسا مثلا، وجهت التهمة الى لاعبي سان اتيان بامتلاك جوازات مزورة [10] مصدرها البرازيل حيث يمكن الحصول عليها مقابل 20 ألف دولار [11] . ويؤكد المدعي العام المكلف القضية: "ان الشبكات التي تؤمّن الجوازات المزوّرة هي نفسها التي تبيعها من المهاجرين غير الشرعيين والمومسات القادمات من اوروبا الشرقية". ومن اجل تأمين هذه التجارة قام "خبراء" بسرقة ألوف الجوازات المزورة من القنصليات البرتغالية قبل اعادة بيعها من لاعبي كرة القدم من المحترفين.

تبرهن هذه القضايا على ان كرة القدم تعمل وفق نمط الشركات الرأسمالية الهادفة اساسا الى تحقيق الربح الاقصى. ويتم في الغالب احترام التراتبية العمودية وقانون الصمت المرتبطين بفلسفة الطاعة الواجبة للرؤساء. في الوقت نفسه تقوم كرة القدم وعلى مثال المنظمات المافيوية على قاعدة عرقية ونظام قبلي يعيد انتاج "العرابين" داخل المؤسسات. فالصفقات شائعة لدى مختلف "عائلات" كرة القدم التي تكوّن المؤسسة بأكملها.

في اغلب الاحيان ان كواليس هذا المشهد الجميل الذي يثير حماسة الملايين ليست سوى قاذورة مافيوية.

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظرRichard Sennet, Le Travail sans qualités, Paris, Albin Michel, 2000 ; Malek Chebel, La Formation de liidentité politique, Paris, Payot, 1998 ; et Cornélius Castoriadis, La Montée de liinsignifiance, Paris, Le Seuil, 1996

[2] Jean Ziegler, Les Seigneurs du crime. Les nouvelles mafias contre la démocratie, Paris, Seuil, 1998, p. 11

[3] المرجع السابقpp. 21-22

[4] اقرأ تحقيق دوني روبير حول الاوساط المالية الاوروبية العليا فيLa Boîte noire, Paris, Les Arènes, 2002

[5] La Tribune, 23 avril 2001

[6] La Tribune, 29 mai 2001

[7] اقرأAndrew Jennings, La Face cachée des Jeux olympiques, Paris, LiArchipel, 2000, p. 206

[8] La Tribune, 3 juillet 2001

[9] Le Monde, 7 décembre 2001

[10] حكم على ثلاثة لاعبين بهذه المخالفة وهم فريد موندراغون وبابلو كونتريراس و اميليانو روماي وقد منعوا من الاقامة في فرنسا لمدة سنتين.

[11] Le Monde, 13 janvier 2001


جميع الحقوق محفوظة 2001© , العالم الدبلوماسي و مفهوم
 



#باتريك_فاسور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كان بمقدوري وضع سلاح نووي عليه ولكن اخترت عدم ذلك-.. لسان ح ...
- زيلينسكي يثور غضبا على البرلمان بعد إلغاء اجتماعه إثر ضربة - ...
- قتلى وجرحى في قصف ببيروت وعمليات الإنقاذ مستمرة
- مودي سيستقبل بوتين بغضّ النظر عن امتعاض واشنطن
- كمسومولسكايا برافدا: روسيا حذّرت كييف والغرب.. ماذا يعني تصر ...
- ألمانيا تكشف عن دورها في الخطة العملياتية لحرب -الناتو- مع ر ...
- ترامب يعتزم إقالة مكتب المدعي الخاص جاك سميث بأكمله انتقاما ...
- كوريا الشمالية تتهم واشنطن بمفاقمة الوضع في المنطقة
- إسرائيل تفكر بتزويد أوكرانيا بالسلاح
- هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باتريك فاسور - على هامش كأس العالم المافيا في كرة القدم العالمية