|
من ليس له دراسة حول قضية ما فليصمت حتى لا يقع في أخطاء بائسة بخصوصها ، ردا على فؤاد النمري
شهاب المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 07:41
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ورد في الحوار المتمدن بتاريخ 26 فيفري / شباط الحالي نص لصاحبه فؤاد النمري بعنوان : تراث ماوتسي تونغ و قد استهله بقوله " هاأنذا، وعلى كره مني، أصدع لإلحاح قرائي علي في أن أكتب عما أضافه ماوتسي تونغ إلى علوم الماركسية، أو الأدق إلى سبل العبور الاشتراكي إلى الشيوعية . أقول على كره مني وذلك لأنني لم أدرس عن كثب التجربة الصينية " و من يقرأ المقال يلاحظ انه يخلو من مناقشة " تراث " ماو ، فقد حصر كاتبه المسالة في تصور ماو للعبور إلى الاشتراكية ، أي انه رأى شجرة فاعتقد انه رأى الغابة كاملة ، لقد وقف عند مسالة جزئية فأهمل ما هو عام بل انه حتى عند الحديث عن الجزئي و الفرعي لم يقدم حججا و إنما كلمات لا تسمن و لا تغني من جوع ، و مساهمات ماو أوسع من ذلك بكثير ، و لكن النمري غير مطلع عليها ، و هو نفسه يعترف بذلك فهو يقر بجهله للتجربة الصينية ، كما انه لا يعرف بالتأكيد نصوص ماو حول بناء الاشتراكية التي نجدها في المرجع التالي على سبيل المثال : Mao tsé toung et la construction du socialisme / Textes inédits traduits et présentés par Hua Chi hsi .ed seuil.paris .1975 و من هو في وضعه كان عليه التريث و القيام بالدراسة ثم بعد ذلك الكلام ما شاء له أن يتكلم ، و هناك قول كان يردده ماو كثيرا وهو : من لا يمتلك دراسة حول أمر ما فالأفضل له أن يصمت ، و بالفعل كان على فؤاد النمري ان يصمت عوض كتابة مقال لا يتضمن و لو إحالة مرجعية واحدة تبين انه يحترم قراءه و يقدم لهم أفكارا مبرهنا عليها لا مجرد تداعي خواطر. . ما كتبه النمري في هذا المقال ينتمي إلى ذلك الصنف من الكتابات المتسرعة التي يتصور أصحابها أنهم قادرون على البت في معضلات كبيرة و إشكاليات عويصة ، بمجرد إصدار أحكام جاهزة ، و لو تروى صاحبنا قليلا و قرأ ليس فقط مؤلفات ماو و تاريخ الثورة الصينية ، وإنما اطلع أيضا على ما جاء في أبحاث مفكرين مختصين مثل شرام و بوب افاكيان و سمير أمين و شارل بتلهايم و ادغار سنو ... ربما لشعر بالخجل قبل أن يكتب إن ماو كان فاشلا و انه لا حاجة اليوم للينين و لا لستالين و إنما لماركس و ماركس فقط ، و إذا استمر النمري في مثل هذه المطارحات التصفوية التي لا تستند إلى منهج علمي في الدراسة فانه سينتهي إلى إعلان انتهاء الماركسية نفسها ، بحجة أن العالم قد تغير ، و هي حجة ظل التحريفيون يرددونها طوال عقود .
لا أعرف حقا ما إذا كانت هناك حاجة لمناقشة كتابات النمري ، إذ من اليسير كشف الغطاء عنها باعتبارها كتابات مليئة بالأحكام المتسرعة الخاطئة ، و قد اكتسب صاحبها بعض الاحترام لدفاعه عن ستالين و لكن ذلك الاحترام ربما جعله يتصور انه صاحب كفاءة نظرية فراح يخبط خبط عشواء عند تحليله لقضايا تفوق قدراته الذهنية ، و من هنا فان تطاوله على عظام مثل ماوتسي ليس مستغربا. يتحدث النمري عن الماركسية كما لو كان يتحدث عن دين ، لذلك لا يجد غضاضة في الإشارة إلى " كمال الماركسية " ، و لكنه يفعل ذلك لكي يدق إسفينا بين ماركس و لينين و ماركس و ستالين و ماركس و ماو . لقد تحولت الاشتراكية على يد ماركس و انجلس من طوباوية الى علم ، ومن حيث هي كذلك فإنها لا تكتمل أبدا فالعلم مفتوح أمام الإثراء الدائم بعكس الأديان و الأساطير و ما شابهها ، التي تدعي الاكتمال و الصلاحية لكل مكان و زمان . و قد أكد انجلس على هذا الذي نقوله في كتابه الاشتراكية العلمية و الاشتراكية الطوباوية كما في كتابه ضد دوهرينغ ، فالاشتراكية العلمية يجب أن تطور نفسها باستمرار على ضوء تطور المعارف العلمية المختلفة ، و قد أدى كل من لينين و ستالين و ماو بوجه خاص هذا الدور باقتدار ،و اللافت ان النمري يقدم نفسه على انه معاد للدغمائية بينما هو بمثل هذه الأحكام يقبع بين أسوارها . يردد النمري معزوفة تحريفية مشهورة كان لينين نفسه قد أشار إليها ، و مطلعها أن العصر قد تغير و أن الامبريالية لم تعد موجودة و المراكز الامبريالية تبخرت دون رجعة ، هذا ما ردده كاوتسكي على سبيل الذكر و رد عليه لينين مثبتا أن العصر هو عصر الامبريالية و الثورة الاشتراكية ) لينين الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية / لينين الثورة البروليتارية و المرتد كاوتسكي ( انتهت اللينينية ، انتهت اللينينية !!!!!!، هكذا يعلو الصراخ التصفوي على لسان النمري ، المراكز الرأسمالية و أطرافها لم يعد لها وجود و الحديث عن كهربة و تصنيع هذا البلد أو ذاك أصبح من الماضي !!!، أين يعيش النمري يا ترى ؟ لا اعرف بالضبط ،،، و لكني أرجح انه يعيش في إحدى العواصم الغربية فنسي معاناة الريف في المستعمرات و أشباهها حيث لا كهرباء و لا ماء و لا بنية تحتية ، نسي مدن الصفيح في تلك البلدان حيث لا صناعة وطنية ثقيلة و إنما صناعات تعليب الحليب و مشتقاته و ما شابه ذلك، أعمت العولمة و شعاراتها الزائفة النمري فتصور أننا في عصر جديد تماما فصاح وداعا لينين ، وداعا ستالين ،وداعا ماو!!!! ولو أكمل الصياح و وصل به إلى نهاياته المنطقية لهلل مرحى فوكوياما مرحى هنتنغتون . من الواضع لأي مطلع على تاريخ الصين المعاصر أن النمري جاهل بذلك التاريخ جهلا مفجعا فقد كتب يقول مثلا "في العام 68 عاد كل من (دنغ هساو بنغ) و (ليو تشاو تشي) إلى القيادة"، و الحال ان ليوشاوشي كان خلال هذا العام في السجن وقد توفي فيه بعد عام أي سنة 1969، أما دنغ فلم يعد إلى السلطة إلا سنة 1974 في ظل انتصار الخط اليميني التحريفي. أما بخصوص نظرية العوالم الثلاث فانه يجهلها تاريخا و محتوى ، و يكفي أن نطالبه بالبرهنة على نسبتها إلى ماو ، و ان يبرهن أيضا على أن أنور خوجا قد أخذ بها لكى نكتشف عجزه ، علما أن صاحب النظرية الحقيقي هو دنغ سياو بنغ و قد قرأها بصوته في خطاب شهير على منبر الأمم المتحدة ، و علما أيضا ان خوجا الذي انحرف في اتجاه الترتسكية كان اكبر منتقديها Enver Hoxha . Réflexions sur la chine .Tirana 1979، أتحدث هنا عن بعض أخطاء النمري و ليس كلها بسبب أن الرجل قال انه لولا هذه النظرية الملعونة ما كان لينقد ماوتسيتونغ .
انه لا يعرف حتى متى ظهرت نظرية العوالم الثلاث فبينما ظهرت هذه النظرية في النصف الأول من السبعينات و صاحبها هو دنغ سياو بنغ يزعم النمري أنها ظهرت سنة 1965 و ينسبها إلى ماو! و بينما تضع هذه النظرية بريطانيا و فرنسا في العالم الثاني يزعم النمري انها تضعهما في العالم الأول باعتبارهما قوتان نوويتان ، و يزعم انها صنفت الاتحاد السوفيتي الكروتشوفي البريجنيفي كدولة امبريالية و الحال ان هذا التصنيف أقدم من تلك النظرية و يستغرب هذا التصنيف معتبرا أن نمط الإنتاج في الاتحاد السوفياتي خلال الستينات كان اشتراكيا !!!مما يعني انه لا يعرف أصلا عما يتحدث ، لأجل هذا نطالبه بالتفرغ للدراسة و التحري مستقبلا حتى لا يلحق الضرر بقضية كثيرا ما يردد انه حريص عليها و نعني الشيوعية .
#شهاب_المغربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دماء غزة .... ما ثمنها ؟
-
حيث هناك اضطهاد هناك مقاومة ! ردا على مقال : ما هي الصلة بين
...
-
مملكة الظلام الوهابية السعودية
-
الليبراليون الواقعيون و الماركسيون الطوباويون
-
ليبراليون قولا و فاشيون فعلا
-
سمير القنطار و دلال المغربي شابان عربيان يلعبان بالشهب
المزيد.....
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|