سعد عودة
الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 07:39
المحور:
حقوق الانسان
بين الحين و الاخر,يطل علينا قائدا عسكريا ميدانيا امريكيا اوشخصية سياسية مماثله او عراقية من خارج العملية السياسية, تتحدث عن هشاشة الوضع الامني في العراق, رغم التقدم الحاصل على المستوى الامني, و رغم ما قطعته المصالحة الوطنية من اشواط مهمه لجهة ترسيخها, و تجذيرها, و جعلها عنوانا يعتد به ضمن العناوين الهامة في طريق ترسيخ بناء دولة القانون والمؤسسات و الحريات و الحقوق.
تأتي تلك التصريحات حول هشاشة الوضع..و امكانية تفجره في اية لحظة, لتشكل عوامل احباط لدى المواطن العراقي, هذا المواطن الذي يريد ان يسمع ما يطمئنه و يوسع رقعة الأمل في حياته التي اصبحت من فرط قسوتها في الماضي القريب, عصية على ان تكون من معقوليات الواقع.
في ذات الوقت, تؤكد لنا تصريحات المسؤولين في الدولة على ان الوضع الامني مستتب, و ان الامن يتوطد يوما بعد أخر, و ان الشراكة في العملية السياسية تتوسع يوما بعد أخر, و ان الاجهزة الامنية و الجيش العراقي بات قادرا على الامساك بالملف الامني في جميع محافظات العراق, بل نحن قادرون ان نحمي مواطنينا و مؤسسات دولتنا و حدودها حتى عند حصول انسحاب عسكري امريكي مفاجيء.
هذه الكلمات المطمئنة المفرطة بالحماسة و التحدي و العاطفه و ربما الرومانسية الوطنية, نجدها تصطدم بوقائع هي من العناد بحيث لا يمكن للمرء اغفالها او تفاديها, وتشكل تحديا جديا للمنجزات التي حققتها مسيرة الاستقرار النسبي التي شهدتها بغداد بعد خطة فرض القانون, و صولة الفرسان في البصرة و ام الربيعين والخطط الامنية المحلية في مدن الجنوب و خطة ديالى الامنية.
نستطيع ان نجمل هذه الوقائع العنيدة, بالتالي
الاستمرار بنظام المحاصصة سواء كانت طائفية او قومية اوحزبية, رئاسة مجلس النواب مثالا, حيث جرى تعطيل انتخاب رئيس بديل للمشهداني لأسابيع عديدة قابلة للتمديد, بالوقت الذي تتبادل الكتل الكبيره في البرلمان الاتهامات بأنها الطرف المعطل في طريق انتخاب خلفا ( للسلفي) السيد محمود المشهداني,
الاحزاب الكبيرة و التيارات المدعومة محليا و خارجيا ,لا زالت محتفظة بمليشيتها و جيوشها و منظماتها المسلحة, رغم ادعائها بحل هذه الميليشيات , حيث ان عامل الثقة المفقود و اعباء ارث الماضي القريب و البعيد, يجعل كل طرف لا يثق بالاخر وبذلك سيكون هذا السلاح المخبأ بالعراق او قرب حدوده كلها,سيكون نذير شؤم و غراب بين ينعب في بيوت العراقيين و يستبيح حياتهم و وطنهم.
عصابات الجريمة المنظمه التي تتحرك كمقاول لدى البعض في تنفيذ جرائمهم السياسية تحديدا, بحيث لا تترك اثرا بعد الانسحاب من موقع الجريمه, لدينا امثال كثيرة , اغتيال الاساتذة والاطباءوالمثقفين و الناشطات و الناشطين السياسيين خاصة اليساريين منهم.
سياسة ليّ الاذرع بين السلطة المركزية و رئاسة اقليم كردستان, و سياسة العناد و التحدي المتبادل و المغالات و الوقوع فريسة اغراء اللحظة, و استبعاد صورة الوطن و مصالحه العليا, و محاولة التفريط بمستقبل العلاقة بين العرب و الكرد و تعريضها للتصدع
.
المنافسة المستمرة بين
الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في قضية الاستحواذ على الساحة السياسية في كردستان العراق, ومسألة النفوذ و السلطة في هذة المنطقة او تلك في كردستان. و نتائج تلك المنافسه و لا اقول الصراع ,هذه المنافسة ستتبدى واضحة في انتخابات محافظات الاقليم المقبله.
الاعتقاد بان الديمقراطية تولد بين عشية و ضحاها, و انها وليدة تجربة او تجربتين او انها نعمة مطلقه, يجب التذكير بان الديمقراطية في اوربا قطعت اشواطا طويلة لجهة تعميقها و تجذيرها
ولا زالت برلماناتها تصدر القوانين تلو القوانين , لتحسين اداء الدولة و ردم الثغرات التي ينفذ منها الخارجون على القانون .
السذاجة السياسية في التعامل مع الاطراف ذي الماضي الدموي, وكلاء دول الاقليم.. و الوثوق بها و تقريبها من مركز القرار و السلطة.. حيث يجري الحديث عن تحالفات محتملة بين اطراف متناقضة, قد تفرضها سياسة لي الاذرع سالفة الذكر,على طريقة, مجبرا اخاك لا بطل,,! و البطل في لحظة كهذه يجب ان يكون الوطن ابدا..
لدينا من القوانين المهمة و الحساسة و المصيرية, التي لم يبت بها لحد الان و ليستريح منها الجميع,اهمها قانون النفط و الغاز حيث يعلم الجميع بأن ليس لدى العراقيين من شيء يغطي نفقات عيشهم سوى النفط و مشتقه الغاز ناهيك عن الإختلاف و الإلتباسات في تفسير مصير الثروات دستوريا, بالاضافة لقانون تشكيل الاحزاب و التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع, خاصة مصادر التمويل .
معضلة جديدة برزت من خلال مراقبتي للاحداث ,هي ان اعضاء مجلس النواب بدلا من ان يكونوا مصدرا للتهدئة حين توتر الاوضاع, اصبحوا بيئة ترعى التوتر الاجتماعي و تغذي التطرف والمغالات مما يشنج العلاقات بين الاطراف السياسية لينعكس سلبيا على القوى الاجتماعية و يؤلمها بالصميم, و يخيل لي و انا المراقب الحائر, بان البعض من هؤلاء ( الأعضاء) يحاولون اختطاف صوت و ارادة المواطن ناهيك عن اختطافهم لارادة الوطن بكامله..هكذا فعل صدام, و هكذا هم يفعلون..
دول الجوار, موقف هذه الدول الشقيقة و الصديقة معروف بعد الحرب والاحتلال و سقوط نظام صدام وزمرته, فالبعض اخذ على حين غره, و البعض الاخر على اطلاع كامل, لكنه لم يكن يحبذ البديل ..فبين شامت وآسف و فرحان , انقلبت السفينة على السفان .المهم اصبح لدينا الان مئات الالاف من المهجرين العراقيين يعيشون كلاجئين في تلك الدول , البعض منهم كان يتمنى المغادرة قبل سقوط الطاغية بأي ثمن.. لكن الحرب, و الحرب بين الاخوة و بمساعدة أخوة اخرين , جعلت لمغادرتهم مسوغا انسانيا يجري استغلاله في كل لحظة من الجيران..
الاندفاع بكتابة دستور حمال اوجه لأشد ما يحيق و يحيط بالوطن من خطوره, الكل يعتقد بانه على حق في هذه الفقرة او تلك او بهذه المادة او تلك من هذ ا الدستور العجيب , ينبغي لهذه القوى التي كتبت مواد الدستور ان تتفق من جديد لتعيد الى الدستور عافيته و لو بعد حين..المهم ان لا تكون صيغة معينة او فقرة ما سبب في اعطاء ضحايا جدد كهدايا دموية مسترخصه دستوريا.
المحصلة التي ينبغي لنا الخروج بها مما تقدم, هي ان الاطراف التي تشكك بمتانة الاوضاع الامنية تتكأ على هذه الاسس و المعطيات الموضوعية, حيث ان القادة الأمريكان يعرفون ما لم يعرفه الكثير ممن هم في مركز القرار العراقي, عن خفايا مراكز القوى الشرعية و الخارجة على القانون, و مصادر قوتها ومكامن ضعفها, و بذلك يتبدى للجميع ان الهشاشة ليست في الوضع الامني , انما الهشاشة في هيكلنا العظمي الوطني...
#سعد_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟