|
قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 788 - 2004 / 3 / 29 - 08:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء الاعلان عن تأجيل القمة العربية التي كان من المؤمل أن تعقد في تونس قبل يومين من موعدها المقرر، بعد فشل اجتماعات وزراء الخارجية العرب في التحضير لإعداد جدول أعمالها، نتيجة استفحال الخلافات في مجمل المواضيع التي تم إرجائها من الاسبوع الماضي في اخر أجتماع لهم بالقاهرة، وبذلك فأن الانظمة العربية الرسمية تعلن للملأ دون خجل عجزها عن إستكمال خطوات إقامة نظام إقليمي عربي، سبق وان تبنته الجامعة العربية بقراراتها قبل أربع سنوات، لم تستطع لحد الان من إنجاز أولى مقوماته تأسيس السوق العربية المشتركة. يعكس هذا الفشل، الذي تم الاعلان عنه بجرأة غير معهودة سابقاً، الحاجة الملحة لإصلاح الجامعة العربية وتطوير آليات عملها، ذلك هو أحد البنود الخلافية الذي سبب في تأجيل القمة، فقد باتت منهجية عملها والتوافقية التي تنتهجها تقف عاجزة أمام التصدي لإستحقاقات المرحلة الحالية، والمستقبلية أيضا، ولا تستطيع من خلالها الوصول الى أطر الحد الادني من العمل العربي المشترك، فهي الان أمام مفترق طرق، أما البقاء على حالها، والدوران في فلك الاخفاقات المعهودة، من خلال الركون على هيكليتها الحالية، وتبني مشروع إصلاحي قاصر، يندرج تحت بند تحسين المظهر وتزويقه وأبراز عمليات التجميل الغير مجدية هذه، لإستيعاب الاصوات العديدة المطالبة بالإصلاح والتطوير لهذا الكيان الذي بات يدرك هو قبل الاخرين،إحباطاته بشكل جيد، وقد نوه عن ذلك الامين العام للجامعة العربية بشكل واضح لا يقبل اللبس في تصريحاته الاخيرة للصحافة قبل انعقاد القمة، أو تبني مشروع إصلاحي جذري يشرك صوت الشارع العربي في هيكيتها الجديدة، كأن تكون على شاكلة صيغة الاتحاد الاوربي أو أي صيغة أخرى مقاربة تضمن تحويلها الى مؤسسة ديمقراطية توفر مشاركة مديات جماهيرية أوسع وتقترب من طموحات الجماهير، تحد من حالة الانكفاء على البنية الفوقية، والتبضع من دهاليز الانظمة الرسمية فقط، الفعالة في قرارت التعمية والتمويه وتمرير الهزائم. من دون شك أن موضوعة أحتلال العراق وافرازاتها قد القت بظلالها ليس على إجتماعات التحضير لجدول أعمال القمة كموضوع منفصل بحد ذاته فحسب، بل على كل الموضوعات الخلافية التي كانت على مدار البحث، وتداعياتها المنظورة الان وما متوقع بروزه في المستقبل، التي توجست منها الانظمة العربية الرسمية، وتباينت مشاريعها ومقترحاتها وتشتت مواقفها جراء ذالك في أصطفافات تحاول أن تجد ما يكفل لها درء تلك الافرازات والتداعيات، وتأمين حماية أنظمتها من مستجدات الزمن الصعب القادم، الذي نشأت بظل الكثير من تراكمات المعالجات القاصرة التي بدرت من الجامعة نفسها، ومنها التغاضي عن تنفيذ قرارها في قمة بيروت 2002 الرافض للحرب على العراق، وصار حبر على ورق، بالاضافة الى موقفها اللامبالي من موضوعة الحرب على العراق، بعد أن سعت قبل الحرب بشكل محموم للإسراع بعقد قمة شرم الشيخ 2003 قبل موعدها بشهر بعدما شعرت بدنو ساعة ضرب العراق، للتنصل من تبعية ما يستجد من تطورات في الاحداث، حينما سوفت بشكل أو بأخر إتخاذ قرار يلزم أعضائها بعدم تقديم المساعدات اللوجستية للقوات الامريكية التي تريد شن الحرب على العراق، وذلك بالاذعان لمطالب البعض من أعضاء بعدم امكانيتهم التخلي عن معاهداتهم الدفاعية مع الدول الاجنبية، ولكنهم مضطرين للتخلي عن طيب خاطر عن معاهدة الدفاع العربي المشترك، تلك هي مواقف الاخوة العرب قبل الحرب، التي أمتدت على نفس الوتيرة بالضد من آمال وتطلعات الشعب العراقي بعدها بعدها حين سقط غير مأسوف علية النظام الديكتاتوري. تزايدت تعقيدات الوضع الفلسطيني بالوقت الحاضر بعدما صارت ثوابت القضية المركزية تمط في كل عاصمة عربية كل على طريقة الخاصة، وجاء انفضاض قمة تونس قبل انعقادها، بإشهار سلاح الانبطاح المجرب، وترك أبناء الشعب الفلسطيني لوحدهم أمام تحديات المرحلة الراهنة، دون الاتفاق على أي مشروع مقترح من المشاريع الكثيرة التي خضعت للنقاش في أجتماعات التخضير وزراء الخارجية أو الركون الى مرجعية تستند عليها في خطتها وتكتيكاتها للمرحلة القادمة لتحقيق ستراتيجية النظام العربي الرسمي، السلام مع اسرائيل، الذي تعثر منذ أمد بسبب سياسة الادارة الامريكية في الكيل بمكيالين، وممارسات الاحتلال الصهيوني، الاستيطانية والعدوانية، التي فاقمت من تردي وضع الشعب الفلسطيني، مقرونة بحالة اليأس جراء أفعال السفاح شارون الاجرامية التي استفحلت بالضد من عملية السلام الشامل والعادل، وشملت عدة أشكال، من بناء جدار الفصل العنصري، وفرض الحواجز الاخرى على المدن والقرى، والمداهمات العسكرية المستمرة، وتدمير البيوت والقتل والاغتيالات، الى أخرها جريمته النكراء، أغتيال الشيخ أحمد ياسين بتوقيتها المحسوب قطعاً قبل قمة تونس بأيام معدودة، جعل من إجتماع القمة ينوء بثقل إستحقاقات غير قادر على التصدي، ولا تمثل قرارات الشجب والاستنكار ورصد بعض المبالغ المالية التي إعتدنا عليها بعد إنتهاء مثل هكذا مناسبة، الا عجز وهروب واضح، يجري من خلالها تسويق بيان ختامي هزيل للإستهلاك المحلي، لا تجني ردود أفعاله في أحسن الأحوال غير الاستياء والتندر. شكل ملف الاصلاحات الديمقراطية للبلدان العربية واحداً من مواضيع القمة الخلافية، وهو أحد مقترحات الادارة الامريكية لبلدان المنطقة من ضمن ستراتيجتها في مكافحة الارهاب، وأحد الإفرازات التي فرضها الوضع المستجد في العراق التي تباينت حوله المواقف، وتنوعت المشاريع المقترحة للتعامل معه، بين الاجراءات المحدودة والخطوات البطيئة، التي تتعكز في التهرب منه بحجج عديدة منها وضع المنطقة المعقد حالياً وما تفرضه خصوصية كل بلد، لم يجر استيعابه وتعميم تلك المشاريع المقترحة من قبل الحكومات العتيدة لحد الان رغم مرور بضع أشهر على تداوله في رسائل المبعوثين واللقاءات، ولم تظهر الدول العربية الاستعداد الكامل في تبنيه وخوض غمار اجرائته، بالرغم من إتخاذ بعض الدول خطوات محدودة جداَ لا تشكل أكثر من طلاء لإبرازها كإجراءات ديمقراطية تحاول أن تصطبغ به تحسباً من الاحراجات الامريكية وتلافياً لتزايد النقمة الشعبية والمطالبة بالاصلاحات الداخلية. لا شك أن مشروع الشرق أوسط الكبير، الذي طغى تنظيره من قبل الادارة الامريكية في القريب، ينطلق من أحدى ستراتيجياتها المستجدة التي فرضها واقع القطب الواحد، بهدف تأسيس أرضية تستطيع من خلاله التمهيد لتنفيذ سياساتها على دول المنطقة بشكل الذي يضمن مصالحها المستقبلية والى أبعد حد ممكن، ذلك أحد الشجون الذي يقلق الانظمة العربية، ويجعلها أسيرة للضغوط الامريكية، تحاذر المواجهة معه، ساهم بشكل وأخر في تأجيل قمة تونس الى بعد حين. ترى هل نحسب هذا التنصل تراجع تكتيكي عن مواجهة الاستحقاقات ؟ بإعتباره تأجيل موعد التصدي لتحديات أكبر حين التهيوء وإمتلاك العدة. ترى أ ليس هذا إنهزام بإشهار سلاح الانبطاح ؟ أم نحسبه خسارة معركة وليس خسارة حرب ؟ هل خذلتنا براعة التقدير كما أسلفنا في الماضي وقبلنا شعارات التنويم مرة أخرى ؟ أن الاجدر بنا أن ننتظر شهر أخر أو سنة أخرى كي تطل علينا القمة القادمة، لنعرف أجوبة كل هذه التساؤلات المشروعة.
أحمد الناجي العراق
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر
-
التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق
-
صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غالي
...
-
بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
-
الدم ينتصر على السيف
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|