أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هَذه بَضَاعَتُكُم رُدّتْ إِليْكُم














المزيد.....

هَذه بَضَاعَتُكُم رُدّتْ إِليْكُم


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2570 - 2009 / 2 / 27 - 09:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعاني اليوم كثير من الدول العربية والإسلامية من آفة الإرهاب الأسود الذي يكاد يعصف بأمن وسلامة معظم هذه الكيانات العائلية والقبلية والعشائرية الكرتونية ويجعلها على كف عفريت. ولا يكاد يمر يوم إلا وتسمع عن عملية إرهابية هنا، أو القبض على مجموعة سلفية هنا، أو اعتقال خلية نائمة، أو محاصرة فئة ضالة في بقعة يعربية هالكة.

وفي الحقيقة فإن تلك الأعمال برغم دمويتها، ووحشيتها، لما ترتق بعد إلى حجم الدعم، والاهتمام، والتعبئة التي حظيت بها، ولم يكافئ الإرهابيون أنظمتهم بما ينبغي ويردوا لها الجميل "على أصوله"، وما زالت تلك الأعمال، وبرغم كل ذلك في حدود عقلانية وطبيعية، ولم تنفس بعد، عن حجم مكنوناتها الفظيعة التي أشبعت بها على مر السنين. وأعتقد أن أولئك الإرهابيين لم يزالوا على قدر كبير من الاحترام، والأدب، والخجل والحياء والوفاء لـ"الخبز والملح"، لأنظمتهم التي ربتهم على ثقافة القتل والموت واحتقار الحياة كما الآخرين واسترخاص حياتهم ودمائهم، وحيث لم ينجـّروا حرفياُ وراء كل تلك الدعوات والفتاوي والخطب التي يسمعونها من وزارات الأوقاف، والإعلام الرسمي العربي الذي لا يكل ولا يمل من حشو رؤوسهم بالخزعبلات والأباطيل والكلام الفارغ والتحريض الطائفي والعنصري البغيض. ومن يستمع يومياُ "لبواجيق" الإعلام الرسمي العربية، وهي تدعو بالفناء والموت و"العزاء والشحار"، والويل والثبور للآخرين، يعتقد أن القيامة ستقوم بين ساعة وأخرى، وأن حروباً جهادية ومقدسة ستقع بين طرفة عين وانتباهتها، وأن دول العالم قاطبة قد تركت كل أعمالها ومشاريعها وطموحاتها، وتفرغت للتآمر علينا، وتحسدنا، نظراً لما نتمتع به من قوة وحضارة ورقي.

فلقد سعت منظومة الاستبداد الشرق أوسطية، تاريخياً، للتحالف مع القوى الماضوية والتيارات السلفية لمواجهة مشاريع الحداثة واستحقاقات العولمة الضاغطة، واستعانت بهم لمطاردة القوى العلمانية ومحاربة الفكر النيـّر الذي لن يكون لها مكان، لو استشرى وانتشر التنوير، لا سمح الله وقدر، والكل يتذكر كيف تم اغتيال المفكر فرج فودة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، وكذلك محاولة الاعتداء الآثم على نجيب محفوظ عما يعتقد على خلفية روايته أولاد حارتنا التي يتطرق فيها برمزية تامة للمكبوتات التاريخية. وقد استطاعت هذه الأنظمة أن تعيد مجتمعاتنا إلى عصور ما قبل الجاهلية والحجرية عبر تاريخ مديد من تقزيم العقول ومسخها وحشوها بالأباطيل الأسطورية التي لم يعد لها مكان، ولا يقبضها أحد في عالم اليوم، وكانت هذه النتائج الكارثية الرهيبة، مجتمعات رثة هشة مفككة تقبع على براميل بارود بسبب من ضخ أجوف لأفكار بالية وميتة وفاقدة الصلاحية. لا بل مارس هذا الخطاب نوعاً ممنهجاً من تزييف الوعي عبر إيهام أولئك الجهلة والمغفلين من الإرهابيين بأن سبب بؤسهم وتعاستهم هو ذلك المختلف الديني والآخر الكافر وليس نفس الوكيل المحلي الذي يجرّعهم سموم الإرهاب المشبعة بالدسم القاتل بشكل يومي.

هل توقع أحد بعد كل هذا أن تنجب مجتمعاتنا نسخاً من المهاتما غاندي، أو الأم تيريزا، أو بوذا العالم المسالم المتأمل المتنور؟ فهؤلاء الإرهابيون والقتلة لم يهبطوا من السماء ولا تم استيرادهم من الصين ولا من سنغافورة أو ماليزيا وبقية الدول التي نستورد منها حتى حفاضات أطفالنا. إنهم منتج سلطوي عربي بامتياز، تعبت عليه الأنظمة العربية، ويا عيني عليها، وربتهم برموش العين وأطلقتهم، ليعودوا إليها محملين بالعبوات والأحزمة الناسفة وينفجروا وسط الأبرياء، هكذا من غير "إحم" ولا دستور ولا ميعاد. هذه هي بضاعة الأنظمة العربية الخالصة المـُخلصة رُدّت إليها، لأن لا مكان لها سوى في هذه المجتمعات المتفجرة.

وإن بيانات الاستنكار والشجب العربية لهذه الأعمال العربية مردودة، وغير مقبولة منها، وعذراً، فهذه هي بضاعتها الأصلية بأمانتها التاريخية، وإن كنا نعتقد، جازمين، أن الإرهابيين لم يردّوها كما ينبغي وكما تلقفوها منذ نعومة أظفارهم بملاعق الأنظمة، إياها، التي تذرف الدموع مدراراً على استشراء وتفشي أوبئة الإرهاب السلفي، في كل مكان.

واللهم لا لا شماتة. (ولا يوجد أي خطأ إملائي هنا).



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتكرر سيناريو العراق في إيران؟
- سنة إيران وشيعة الخليج الفارسي
- رداً على فؤاد الهاشم
- حروب خمس نجوم
- العرب وتركيا: القرعاء وبنت خالتها
- لماذا لا يرحّب العرب بإيران؟
- نضال نعيسة في حوار صحفي عن ادراج اسمة ضمن قائمة الكتاب العرب ...
- هذا هو مقال الخارجية الإسرائيلية!!!
- القوميون العرب: تاريخ أسود وفكر خبيث
- مَن هُم الكتاب العرب الصهاينة ؟
- تعقيب على رؤية إسراطين للعقيد معمر القذافي
- نقد للنظام أم جهل بموقع الذات؟
- الشأن السوري واقتراح حول نظام التعليقات
- الهزيمة الأخلاقية للمعتدلين العرب؟
- هل بدأ أوباما عملية التنظيف -وراء- بوش؟
- ماذا تبقى من المعارضة السورية؟
- بين المخابرات والمغامرات
- خيبة القرضاوي
- لا عروبية و لا اسلاماوية
- إسلام في خدمة الغزاة: المظاهرات تُلهي عن الصلاة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هَذه بَضَاعَتُكُم رُدّتْ إِليْكُم