|
الحرية النقابية ومشروع قانون النقابات العمالية
إلهامى الميرغنى
الحوار المتمدن-العدد: 2570 - 2009 / 2 / 27 - 09:29
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
الأساس في العمل النقابي هو الحرية النقابية فحين بدأت الحركة العمالية المصرية تشكيل النقابات في مطلع القرن الماضي كان الأساس هو الحرية النقابية وعدم تدخل سلطات الإدارة في العمل النقابي ، فالنقابة منظمة عمالية يشكلها العمال بإرادتهم الحرة لتدافع عن مصالحهم في أجور أعلي وشروط عمل أفضل . وكانت هناك عدة مبادئ ترتبط بالحريات النقابية منها: • حق العامل الحر في الانضمام للنقابة. • كتابة استمارة العضوية والالتزام بسداد الاشتراك النقابي الشهري. • الجمعية العمومية لنقابة المصنع أو المنشأة ( جميع الأعضاء ) هي أعلي سلطة داخل النقابة وتعقد اجتماع سنوي في مكان عام يتسع لكل الأعضاء ويحاسب مجلس الإدارة ويراجع حسابات النقابة وينتخب مجلس إدارة جديد. • مجلس إدارة النقابة مدته سنة يحاسب بعدها أمام الجمعية العمومية. • مجلس إدارة النقابة مسئول عن المفاوضات الجماعية مع صاحب العمل ومسئول عن تنظيم الاحتجاجات ( الإضرابات والاعتصامات والتظاهرات). • حرية النقابة في الانضمام لنقابة عامة تضم عدة نقابات. • يتولي مجلس إدارة المنظمة النقابية اختيار محامي للنقابة. • يتم استئجار مقر للنقابة خارج مكان العمل وسيطرة أصحاب العمل.
هكذا كانت تسير الأمور في ظل الحرية النقابية حتى عام 1942 عندما صدر أول تشريع للنقابات العمالية وبدأت القيود الحكومية وفرض ضرورة التسجيل لدي وزارة الشئون الاجتماعية ( قبل وجود وزارة العمل ) لاكتساب النقابة للشرعية بينما الأصل هو أن الشرعية تكتسب من التفاف العمال حول النقابة وليس من موافقة الحكومة.
عندما بدأ العمل علي ترسيخ الحقوق الديمقراطية التي توجت بتوقيع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 وتوقيع مختلف دول العالم عليه ليصبح وثيقة ملزمة ولا يجب أن تخالفها القوانين المحلية . وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 20 منه علي أنه " لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية"." لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما" وهذا هو جوهر الحرية النقابية.
كما تم توقيع الاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 يوليه 1948، في دورته الحادية والثلاثين وبدأت النفاذ في 4 يوليه 1950. وقد أكدت الاتفاقية علي الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق، وحرية تنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها.مع التأكيد علي امتناع الحكومة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة.كما أن النقابات لا تخضع لقرارات الحل أو وقف العمل التي تتخذها الحكومة.وحددت الاتفاقية حرية النقابات في تكوين اتحادات والانضمام إليها، كما أن لكل منظمة أو اتحاد من هذا النوع حق الانتساب إلي منظمات دولية للعمال وأصحاب العمل.
كما ينص الدستور المصري في المادة ( 56) علي : " إنشاء النقابات والاتحادات علي أساس ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية . وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية ، وفي رفع مستوي الكفاية بين أعضائها وحماية أموالها.. وهي ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية ، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها"
لذلك فإنه وفقاًً للمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر والملزمة لها ووفقاً للدستور المصري فإن حرية التنظيم النقابي مكفولة دون تدخل من الحكومة وذلك هو ما دفع منظمة العمل الدولية في اجتماعها الأخير عام 2008 لاعتبار مصر من أسوء الدول في حرية النقابات وهو ما دفع وزارة القوي العاملة واتحاد العمال الحكومي لبحث إصدار قانون جديد للنقابات ليلتف حول الاتفاقيات الدولية.
لهذا فكر عدد من النشطاء النقابيين في قطع الطريق علي محاولة الحكومة إصدار قانون يوافق أهوائها في احتواء الحركة النقابية العمالية والسيطرة عليها وذلك من خلال بناء تحالف نقابي يقود حملة لفرض قانون للنقابات العمالية يستعيد الحريات النقابية التي أهدرت عبر سنوات طويلة حتى تحول البنيان النقابي إلي هيكل غير معبر عم مصالح وطموحات العمال الذين خرجوا في أكثر من احتجاج يهتفون " تسقط النقابة عميلة الإدارة" كما دفع ذلك عمال المحلة لجمع أكثر من 13 ألف توقيع لسحب الثقة من اللجنة النقابية التي وقفت ضد العمال خلال الإضراب ، ونفس الأمر حدث مع موظفي الضرائب العقارية . لذلك واجبنا هو تحديد ماذا نحتاج من القانون الجديد بحيث يكون دافع للمزيد من الفعالية النقابية وبحيث تكون النقابة معبرة عن مصالح العمال وبعيدة عن سيطرة الحكومة وأجهزة الأمن وأصحاب المصانع.
بدأت جهود القادة النقابيين ومنظمات المجتمع المدني تتركز منذ نوفمبر 2008 علي بناء حملة لاقتراح مشروع جديد لتنظيم النقابات العمالية بدلاً من القانون رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته.وقد اتفقت تسع أحزاب سياسية إضافة إلي 23 هيئة ومنظمة مجتمع مدني وحركة اجتماعية علي العمل معاً في حملة من أجل إطلاق الحريات النقابية واستقلال النقابات العمالية وديمقراطيتها.
ولكي لا ننتظر ما تفرضه علينا الحكومة طرح المشاركين في الحملة مشروع قانون جديد للنقابات العمالية يعتمد علي فكرة الحرية النقابية لذلك جاء ضمن مواد الإصدار المقترحة استبدال اللجنة النقابية والنقابة العامة والاتحاد العام بشكل واحد هو" النقابة العمالية " فهي القاعدة الأساسية للتنظيم النقابي وهي التي تحدد مدي مشاركتها في إشكال تنظيمية علي مستوي المنطقة أو الصناعة محلياً أو عالميا بما يخدم مهمتها في الدفاع عن حقوق ومصالح العمال.
يتميز مشروع القانون الذي تقترحه الحملة في تحديد التوجهات العامة للحريات النقابية دون الدخول في التفاصيل الذي تركها للعمال أنفسهم ويحتوي المشروع علي خمسة أبواب تحتوي 25 مادة ومن أهم ما يميزها: 1. أعطي كل عشرين عامل في منشأة أو حرفة أو صناعة أو نطاق جغرافي أن يكونوا نقابة عمالية للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم. بذلك خفف من شرط 50 عضو التي لا تناسب المصانع والورش الصغيرة مما يوسع من دائرة الحركة النقابية. 2. وسع المشروع من تحديد العمال بحيث امتد ليشمل عمال التراحيل وعمال الزراعة وعمال الخدمة المنزلية . 3. تقوم النقابة بمجرد اجتماع أعضائها ودون موافقة الجهات الحكومية أو أي جهة علي أن تقوم بإخطار مديرية القوي العاملة خلال ستين يوم من الاجتماع. وبذلك تقوم الشخصية الاعتبارية للنقابة بمجرد الاجتماع وإرسال خطاب مسجل بعلم الوصول لمديرية القوي العاملة. 4. المنظمة النقابية والعمال وحدهم هم الذين يضعون بإرادتهم الحرة النظام الأساسي للنقابة كشروط العضوية والاشتراكات والموارد المالية والحقوق والواجبات وتحديد الجمعية العمومية ومجلس الإدارة وقواعد حل المنظمة النقابية وكيفية حل النازعات بين أعضائها. وبذلك لا تفرض الحكومة أو أي من أجهزتها علي العمال شكل نقابتهم بل هم الذين يختاروه بإرادتهم الحرة المستقلة. 5. العامل ينضم للنقابة بطلب كتابي بإرادته ولا تفرض عليه عضوية النقابة كما هو الحال الآن ، وعند رغبته في الانسحاب يرسل خطاب موصي عليه بعلم الوصول. بذلك يملك العامل حرية الانضمام للنقابة والانسحاب منها وفق مصالحه دون فرض ذلك عليه بحكم قانون أو تعليمات غير مصلحته . 6. من حق النقابة أن تنضم لنقابات أخري وتكون اتحاد ومن حقها الانضمام لاتحادات عمالية عربية أو دولية. 7. أعاد المشروع السلطة العليا للجمعية العمومية التي تتكون من جميع العمال المسددين للاشتراكات وهي الشكل الذي تم تقيده ثم إيقافه في ظل القوانين الحالية مما افقد العمال رقابتهم وسلطتهم علي مجلس إدارة المنظمة النقابية. 8. الجمعية العمومية فقط هي التي يمكنها أن تسقط عضوية أحد أعضائها أو تسحب الثقة من عضو مجلس الإدارة إذا اخل بتمثيله للعمال دون تدخل من أي جهة أخري غير العمال. 9. مجلس إدارة النقابة هو المسئول عن تسير نشاطها وتوقيع عقود العمل والاتفاقيات الجماعية والموافقة علي الإضرابات والاحتجاجات العمالية لأعضائها. 10. تعتمد موارد النقابة علي اشتراكات أعضائها ولها الحق في جمع التبرعات وإقامة المشروعات التي تحقق عائد يعود علي مجمل أعضائها.
هذه هي أهم ملامح مشروع قانون النقابات العمالية الذي طرحته الحملة والتي تدعوا الشرفاء في كافة المواقع العمالية للالتفاف حوله وتبنيه . لقد بلغت الحركة العمالية سن الرشد ومن حقها أن تتحرك بحرية بدون تدخل من الحكومة وجهات الإدارة والأمن ، فالعامل وحده صاحب الحق في اختيار النقابة التي ينتمي إليها وهو فقط الذي يضع نظامها الأساسي ويختار مجلس الإدارة الذي يمثله ويسحب الثقة منه إذا عجز عن التعبير عن مصالحه.
لن ننتظر الحكومة حتى تفرض علينا قانون يأتي بالمحاسيب والعملاء ، الحق معنا مدعم بعشرات المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر وبتوصيات منظمة العمل الدولية وكافة الأحكام القضائية الصادرة لصالح الحرية النقابية. إنها فرصتنا لتحرير النقابات واستعادتها لحيويتها كمدافع عن مصالح العمل من اجل الأجور والمزايا الأعلى وشروط العمل الأفضل. وما ضاع حق ورائه مطالب.
إذا الشعبُ يوماً أرادَ الـحياةَ فلا بدَّ أن يستجيبَ القـدرْ ولابـدَّ للّيـلِ أن ينجـلي ولا بـدَّ للقيـدِ أن ينكسـرْ
#إلهامى_الميرغنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيوعيون المصريون .. ويناير و مسيرة العطاء المتواصل
-
هل يتأثر المواطن المصري العادي بالأزمة العالمية؟!
-
التمييز الايجابي والمرأة وقضية الديمقراطية في مصر
-
الحرية النقابية والتعددية هي الحل
-
رؤية لما حدث في 6 أبريل
-
ارتفاع الأسعار إلي أين؟!
-
ياحلاوة ياحلاوة ضحكوا علينا بالعلاوة
-
عمال مصر لن ينتظروا اليسار
-
العشوائية والفوضى وإعادة تقسيم المحليات
-
الجهاز المركزي للمحاسبات بين الاستقلالية والتبعية
-
انتخابات المحليات بين المشاركة والمقاطعة
-
خصخصة الرياضة وهروب عصام الحضري
-
رفع الحد الأدنى للأجور فقط .. لن يصلح الأمور
-
الانحياز الفني في فيلم حين ميسرة
-
التأمينات الاجتماعية بين الحل الحكومي واجتهادات اليسار
-
الملكية المشتركة هل هي طريق لتجاوز الرأسمالية ؟!
-
قصة موت معلن
-
الفساد الحكومي .. بين الواقع والتقارير المضروبة
-
المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل
-
التغيرات في السياسة الخارجية المصرية
المزيد.....
-
مباحثات تعاونية بين الاتحاد العام لنقابات عمال مصر والاتحاد
...
-
ما هي حقيقة زيادة الرواتب؟ .. المالية تكشف عن جدول صرف رواتب
...
-
WFTU Declaration in Solidarity with the Arrested Unionists i
...
-
العملاق الألماني فولكسفاغن يعاني: إضراب وسط تفاقم الأزمة!
-
ألمانيا.. إضراب ما يقرب من 100 ألف عامل في -فولكس فاجن-
-
بعد مشاركة 100 ألف عامل.. إنهاء إضراب فولكس فاغن التحذيري
-
بيان الذكرى 72 لاغتيال الزعيم الشهيد فرحات حشاد على الع
...
-
دعوى على أبل بسبب -التجسس على الموظفين-
-
المرصد العمّالي يطالب بتحسين البنية التحتية بالقطاع الخاص لت
...
-
المرصد العمّالي يطالب بتحسين البنية التحتية بالقطاع الخاص لت
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|