أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علاء جواد كاظم - المثقف المعاصر .. جدلية التحول والاختفاء















المزيد.....

المثقف المعاصر .. جدلية التحول والاختفاء


علاء جواد كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 08:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" لقد تم التركيز بشكل لافت في الثقافة العربية على إن إشكالية المثقف الأساس تكمن في
علاقته الشاذة مع السلطة.... وهذا ليس حقيقياً أبدا لان المثقف العربي مازال يراوح في نفس
المكان منذ سنيين طوال ، مازال بين ركام التراث وهزائم الماض يبحث عن نفسه . كسلحفاة
صغيرة فقدت ساحلها فانتحرت...داخل قبوها الوجودي الممنوح لها طبيعي

إن إشكالية المثقف المعاصر تبنى اليوم حول مدى قدرته على اجتياز مستويات عدة من المواجهه يمر بها عبر مراحل تشكل بنيته الثقافية و التاريخية، تعمده ،تصقل إمكانياته الاحتجاجية وكأنها " نهر من النار " والتعبير لماركس " يقله إلى بر الأمان ويعده إلى تنفيذ الدور والمسؤوليات المعقدة المناط به تاريخياً، لربما يحكم أداءه فيصل بر الأمان الذي يتوق اليه، أو يفشل وذلك امر أخر لم يحسم بعد .. و مهما كانت النتائج يعد التاريخ الخطى وخط الشروع لتنطلق فصول اللعبة الثقافية من الماضي البعيد على مسرح ..خرافي ..يشغله كلكامش معلناً بدأ الصراع و مواجهته القاسية مع الطبيعة تلك المواجهة المنجزة، والقابعة في لاوعينا الجمعي ..متمردة ًعلى كل محاولات الرصد الموضوعي ، الا على سرير الاعتراف والكشف عن مدفونات الماض السحيق ..." كنبة التحليل النفسي " هذه الكذبة الكبيرة التي أقنع بها فرويد الجميع...
أنها مواجهة ماضٍّية" تم توصيفها ميثولوجياً على إنها أول أشكال العقل البشري مقابل الطبيعة ،أول انبثاق للوعي الانساني المسكون بالتمرد والنقض لوعي المقدس " الاخر" بتعبير هيغل،أرخ له ورسم بأنامل عراقية على الواح الطين وجدران الكهوف الغارقة في القدم ..أولى ملامح :" المثقف الميثولوجي " التي دونت بأصرار في ملحمة كلكامش (ورحلته الخرافية مع الالهة والوحوش بحثاً عن الخلاص من قلق وجودي ، ملتبس بالعقل كانت رغبة في لمس الاشياء من القلب وليس الخلود المزعوم )، ثم ثورة سيزيف على الالهة واتُهامه وتعذيبه لـ " سُخريته من الآلهة . و سرقةٍ أسرارها .... من أجل الماء الذي سيطفئ به ظمأ شعبه الذي تعلم الحقيقة المرة التي حقنها سارتر لسيزيف كامو وابطاله المتمردون بالفطرة :ان كل رجوع الى الله سوف يعطل بالضرورة استيلاء الناس على انسانيتهم الكاملة.. ويليه شيطان ميلتون الذي سجل أول رفض ميثولوجي لاوامر الالهة " ان أمير الشر لدى"ميلتون " يتمرد على خالقه ،مدعيا ان هذا الخالق استخدم القوة لإخضاعه وقهره ...قائلاً : "لقد صار للخالق أندادا في العقل ،فسما عليهم بالقوة " ... ويليه ايضاً تمرد سبارتكوس وأماله في تحرير العبيد من عبوديتهم التي...ثمة شواهد ميثولوجيه كثيرة يمدنا بها تاريخ العالم حول مثقفين خرافيين افذاذ ،ثم تقلنا المواجهة الى مستوى اخر من اللعبة " داخل التاريخ وليس خارجه هذه المرة" ليدخل المثقف من خلاله مواجهه دراماتيكية مع نفسه ،وحاجاته ،وصراعاته الجوانية ، ورغبات الكشف عن ماهيته التي مزقها جدل الذات والموضوع ،وهنا نلمح بعض من صور المثقف التي انتجتها أثار تلك المواجهة مع الذات المغرقة في هموم التكوين والتشكل : المثقف المتردد - الحاسم ، السلبي - الايجابي و النرجسي والعربي المعاصر اليوم أهم أشكاله وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها وليس الهرب منها باتهام الأخر المتسلط وأشكال السلطة بما فيها الرمزية التي أشبعها ميشل فوكو بحثاً وقراءة ..لقد وقع في شرك التردد هذا الكثير من مثقفينا وهذا الموقف جلي في أعمال كل من الدكتور خليل احمد خليل في"مستقبل العلاقة بين المثقف والسلطة " على حرب "أوهام النخبة أو نقد المثقف " ، والدكتور أحمد موصلي في " جذور أزمة المثقف في الوطن العربي " ونديم البيطار في "سقوط الانتليجنسيا العربية "وبعض محاضرات حليم بركات... اما العراق فعند عادل عبد الله "المثقف السياسي " وقراءة مهدي النجار لـ"المثقف الاشكالي بين نارين " كذالك الملاحق الثقافية التي دأبت الصحف العراقية في نشرها اسبوعيا حول المثقف وأشكالاته ، لقد تم التركيز بشكل لافت في الثقافة العربية والعراقية تحديدا على إن إشكالية المثقف الأساس تكمن في علاقته الشاذة مع السلطة واستبداد الاخيرة له.... وهذا ليس حقيقياً أبدا لان مثقفنا ظل يراوح في مكانه منذ سنيين طوال ،و مازال بين ركام التراث وتجارب الماض القريب يبحث عن نفسه . كسلحفاة صغيرة فقدت ساحلها فانتحرت...داخل قبوها الوجودي الممنوح لها طبيعياً ... وبالتالي فأن الصورة التي‮ ‬رسمها المثقف عن نفسه لنفسه بأعتبار أنه طرف نقيض للسلطة لا تثبت إلا في‮ ‬حال قدرته على تجاوز حدود الماهية الممنوحة له نفسياً و اجتماعيا .. وهذه قدره مؤجله في العقل العربي "المثقف "الان ..
بعد هذا يدخل المثقف (الخارج تواً منتصرا على همومه الذاتية وعنائه الشخصي ويلقى بالمهزوم والمتعثر بهمومه خارج اللعبة )...!؟
مواجهة ثالثة مختلفة مع المجتمع تحيل " الاخرين في عالمه الى جحيم قاتل.... .." لنواجه بصورة جديدة للمثقف المعاصر انه ـ "المثقف الانقلابي " بسلوكه ورغبتة في التغيير وأنتاج التصورات والقيم والمثل الجميلة التي ستغير وجه الحياة .. فيما يعاني على مستوى اخر صراعاً مريراً مع أشكال السلطة المختلفة في مراحل تطوره الاجتماعي والتاريخي الاخرى ليولد " المثقف السياسي " والذي جسدته شخصيات مهمة جدا في تأريخ الصراع الاجتماعي والسياسي ونذكر منها على سبيل المثال.. لينين ، تروتسكي ، فانون ، ريجيس دوبريه ، زولا ، ماركيوز، جيفارا ....
وبهذا يدخل المثقف ً مواجهتهً الأخيرة على مستوى العالم والقيم المركزية الضابطة والموجه له، ما قد يؤهله للخلود في الذاكرة الجمعية للشعوب كما حدث مع أجداده الميثولوجيين .. هذا الصراع الذي يفرز لنا نموذج " المثقف العالمي / الشامل " واغلب الظن انها مواجهة على مستويات متعددة ومعقدة جداً أنتجت بالفعل وعلى الواقع الثقافي مثقفي التفكيك والبنيوية و الحداثة وما بعدها (، نيتشه، هايدغر ، هوسرل ،سارتر ، ، بورديو ، بودريارد ، فوكو، ليفي شتراوس ، هابرماس،..) وستنتج اخرين في القادم من الزمن ...
ان "نهر النار "و مستويات المواجهة هذه ،بمقدار ما تثقل كاهل المثقف المعاصر ، تعده وتجعله بحجم الدور والتمثيل والمواجهه التي سيخوضها في حياته " بمعنى انها أما ان تقله الى بر الامان او قد تقيله نهائياً ... يحيلنا هذا الى توصيف شديد الاهميه وهو أن تاريخ الانسانية برمته لم "ولن يكن حركة صاعدة وحسب بل ايضاً حركة نازلة .. ولكننا على كل حال مازلنا بعيدين جداً عن المنعطف الذي يبدأ منه تاريخ المجتمع حركته النازلة ..."
وعندها سوف نبحث مرة اخرى عن كائنات انسانية جديدة ، فريدة ، قادرة على التجاوز وفهم القوانين التي تحكم عالمنا الصغير هذا على اعتبار انها تقدم : نماذج تأريخية للفعل الاجتماعي او للمثقف الحقيقي الذي سيوجه العالم والحياة بإرادته ...

المراجع..
1- بطل اسطوري ، من اساطير العراق القديم أما ملحمة جلجامش فهي ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 11 لوحا طينيا اكتشفت لأول مرة عام 1853 م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى في العراق ويحتفظ بالالواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني. الألواح مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايته توقيعا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان." انظر ملحمة كلكامش ، د- طه باقر ، دار الشؤون الثقافية ، انظر ايضاً "http://ar.wikipedia.org/wiki
2- بطل اغريقي اسطوري : يقول هوميروس ،لقد حَكَمتْ الآلهة على سيزيف بأن يرفع صخرةً بلا انقطاع إلى قمة الجبل ، حيث تسقط الصخرة بسبب ثقلها ثانيةً ليعود الى رفعها من جديد... .وقد اختلفت الآراء بشأن تفسير هذا العناء والشقاء في العالم السفلي ...‏" متهمٌ بالسخرية من الآلهة . لقد سرق أسرارها ." فقد اختطف جوبيتر "إيجينا" ابنة إيسوبس ، وتأثر الوالد من اختطافها وشكا أمره إلى سيزيف .‏ ولما كان سيزيف يعلم بأمر الاختطاف ، فقد عرض على إيسوبس أن يخبره عنه ، على شرط أن يعطي الماء إلى قلعة كورنث . لقد فضل بركة الماء على الرعد السماوي ، وعوقب على ذلك في العالم السفلي ، كما ويخبرنا هوميروس أيضاً بأن سيزيف كان قد وضع الموت في الأغلال .. سيزيف عبر عواطفه بقدر كونه كذلك عبر عذابه . واحتقاره للآلهة ، وكرهه للموت، وعاطفته المتحمسة للحياة ، أدت تلك الامور كلها إلى ذلك العقاب الرهيب ، الذي يكرس فيه الكيان كله من أجل تحقيق اللا شيء .‏ وهذا هو الثمن الذي يجب أن يدفع لقاء انفعالات وعواطف هذه الأرض ... ولا شيء يقال لنا عن سيزيف في العالم السفلي ...لكنها رحلة منتظمة، نحو العذاب الذي لا يعرف نهايته .‏.." انظر "أسطورة سيزيف " : ألبير كامو_ ترجمة : أنيس زكي حسن – دار الحياة . بيروت..‏
3-البير كامو ، الانسان المتمرد ، ترجمة نهاد رضا ،(منشورات عويدات –بيروت ) ،ط2 ، 1980،ص 64

4- فريدريك انجلز ، فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية ،( دار التقدم – موسكو ) الاعمال الكاملة ، الجزء الرابع ،ص12




#علاء_جواد_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكاليات التغيير والتعبير الثقافي .. من منظور أخر


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علاء جواد كاظم - المثقف المعاصر .. جدلية التحول والاختفاء