|
أحتكار حق المواطنة .. و تكرار المأساة
مصطفى القرة داغي
الحوار المتمدن-العدد: 788 - 2004 / 3 / 29 - 08:06
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
على حد علمي البسيط و المتواضع بالديمقراطية فأنه ليس من الديمقراطية في شيء في بلد يراد له أن يكون ديمقراطياً بل و قبلة للديمقراطية في الشرق الأوسط جعل المناصب الحكومية لا بل و حقوق المواطنة فيه حكراً على قومية معينة أو دين معين لكون أبناء هذه القومية أو ذلك الدين بمثلون الغالبية في ذلك البلد .. فكون أصحاب هذا الدين أو تلك القومية أغلبية في بلد ما لا يعني أن يقوموا بمسخ و تغييب بل و ألغاء باقي مكونات المجتمع في ذلك البلد أو أن يفرضوا عليهم تعاليم دينهم و أبجديات قوميتهم و يجبروهم على العمل بها . لذلك فمن المضحك ما نسمعه في هذه الأيام من تصريحات للبعض يرفضون فيها قانون أدارة الدولة العراقية للمرحلة الأنتقالية أو ( الدستور المؤقت ) كونه يعيد حقوق المواطنة و الجنسية العراقية لواحدة من أقدم السلالات البشرية في بلاد ما بين النهرين خوفاً من توليهم مناصب عليا في العراق الجديد بعد أن نزعت عنها قبل أكثر من نصف قرن لأسباب فرضتها ظروف سياسية معينة آنذاك ... و السؤال هنا لماذا مثل هذا الطرح ؟ .. أليس هؤلاء بعراقيين و كل الشواهد و القرائن و البراهين تثبت ذلك ! ... و هل أن أصحاب هذا الطرح المرفوض أكثر عراقية منهم ؟ .. أم أنها مزايدات لدغدغة مشاعر الشارع العراقي المُضَلّل و المهيأ أصلاً بفضل التثقيف الأعلامي لنظام بطل التحرير القومي لتقبل مثل هذا الطرح ؟ .. أم أنهم لا يروقون لفكر معين يريد أن يهيمن على مقدرات البلاد كما فعل ذلك من قبل الفكر الصدامي الفاشي الذي نزع الجنسية عن كل من كان لا يروق له و لفكره الشوفيني المقيت ؟ .. أسئلة تحتاج الى أجابات سريعة و واضحة قبل وضع اللبنة الأولى لبناء العراق الجديد . كما أن من المؤسف ما نقرأه أحياناً من كتابات لبعض الأخوة العراقيين و بعضهم من أصحاب العلم و من الضالعين في القانون ينتقدون فيها الدستور المؤقت كونه يسمح بفكرة تعدد الجنسية المعمول بها في أغلب دول العالم المتمدن بأعتبار أن الشخص الذي يملك جنسيتين أو أكثر يكون له برأي هؤلاء الأخوة ولائين أو أكثر و بالتالي فأما أن يتنازل عن جنسيته التي أكتسبها من دولة أجنبية ليسمح له أن يمارس حياته بشكل طبيعي في بلده الأم و يُقرّ له بعراقيته و حبه و ولائه للعراق أو أن يُحرَم في حال أبقائه عليها من المشاركة في أي فعالية سياسية و أجتماعية في العراق كونه مزدوج الجنسية و الولاء بنظر هؤلاء .. أي بمعنى آخر .. أما أن تكون ناكراً لجميل الدولة التي آوتك و أحتضنتك و منحتك جنسيتها يوم تخلى عنك من يسمون أنفسهم بالأخوة ! و الأشقاء ! و ترمي بجنسيتها في سلة المهملات كونك ستستعيد جنسيتك العراقية أو أن ترضى في حال كنت وفياً لمن أحسن أليك أن تُعامل أنت و أولادك و أحفاد أحفادك في العراق الجديد كضيوف على العراق لا كعراقيين أصلاء لهم حقوق العراقي و عليهم ما عليه من واجبات كما كان الحال في زمن الطاغية صدام و كأن شيئاً لم يكن . و يبدوا أن هؤلاء الأخوة قد فاتهم بأن هنالك ما بين 3 الى 4 ملايين عراقي أضطرّهم نظام صدام الديكتاتوري الى الخروج من العراق و طلب الأمان في أرض الله الواسعة و بالذات في أرض الله التي يسكنها أناس من عالم آخر يختلفون عنهم في الدين و القومية فتحوا لهم صدورهم و بلدانهم في الوقت الذي أوصد فيه الأخوة ! و الأشقاء ! الأبواب و الحدود في وجوههم بل أن أجهزة مخابرات بعض الأشقاء ! كانت تلاحق العراقيين في بلدانها من حي الى حي و من شارع الى شارع لغرض الأمساك بهم و تسفيرهم أو أعادتهم الى نظام صدام لتضاف عظامهم الى عظام أهلهم و أحبتهم التي أحتضنتها مقابره الجماعية و التي لم يخل منها شبر من أرض العراق .. فهل يخشى أصحاب هذا الطرح الغريب من تطابق آراء هؤلاء العراقيين مع آراء دولهم الجديدة في بعض الأمور ( مما قد لا يتفق مع النظرة العربية العامة لقضايا الأمة المصيرية ) في حال توليهم مناصب عليا و مواقع حساسة في عراق المستقبل ؟ .. و هنالك سؤال أخير أود طرحه على الرافضين لفكرة أزدواج الجنسية و هو ... ما العمل في حال رَفَضَ هؤلاء العراقيين أو لنقل عراقيوا الخارج التخلي عن جنسياتهم الجديدة ؟ .. هل سنحرم 4 ملايين عراقي تعقد على أغلبهم الآمال في بناء العراق الجديد ( مع الأحترام و التقدير لمن في الداخل ) من المشاركة في بناء بلدهم خصوصاً و أن أغلب هؤلاء قد عاش في ظل أنظمة ديمقراطية و تعلم أحترام الرأي الآخر و تقبل الفكر المخالف على عكس من هم في الداخل ممن عاشوا العقود الماضية في ظل نظام ديكتاتوري يحاسب على الهمس و يعتبر الرأي الآخر و الفكر المخالف جريمة و خيانة يعاقب عليها القانون مما أنتج مجتمعاً شمولياً مصاباً بمجموعة من الأمراض يحتاج الى وقت طويل ليتعافى منها . لذا فمن الضروري عقد مؤتمر عام لممثلي جميع أطياف العراق و قواه السياسية لحسم هذا الموضوع الذي يعتبر من الأمور الخطيرة أن لم يكن أخطرها في هذه المرحلة التي تشهد بناء العراق الجديد و على أصحاب الطرح الأول ممن يرفضون أعادة الجنسية العراقية لمن أسقطت عنهم أن أستطاعوا ( و لن يستطيعوا ) أن يقدموا في مثل هذا المؤتمر الأدلة و البراهين التي تثبت كون العراق وطنهم هم فقط دون الآخرين و بالتالي فحق المواطنة فيه من حقهم هم فقط دون الآخرين من العراقيين الأصلاء أو فليصمتوا لأن العودة الى التأريخ لن تكون في صالحهم .. و ألا فنحن أمام تكرار لحوادث مخجلة في تأريخ العراق بدئاً بمأساة فرهود اليهود في الخمسينات مروراً بمأساة الكرد الفيلية و ذوي التبعية الأيرانية في الثمانينات و ما رافقهما من سلب و نهب و أهانة و أغتصاب للأعراض و صولاً لما قد يخبأه لنا المستقبل من مآسي ممكنة الحدوث في حال تمكين أصحاب هذا الطرح من السيطرة على الأوضاع و التحكم في مقدرات البلد و مصير أبنائه خصوصاً بعد ظهور بعض المؤشرات التي تدل على نجاح أمثال هؤلاء في أيصال طرحهم هذا الى عوام الشارع العراقي في بعض المحافظات كبغداد و البصرة و التي طبعاً ما خفي منها كان أعظم .
#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق الجديد بين الثرى و الثريا
-
أزنار .. بالاثيو .. لا نقول وداعاً بل الى اللقاء
-
الفضائيات .. و صفقات التسويق المفضوحة
-
أمريكا .. ما بين مسمار جحا و قميص عثمان
-
عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات
-
الأرهاب ملّة واحدة .. صدام و بن لادن
-
المتقاعدون .. لماذا لم ينصفهم العراق الجديد ؟
-
مجلس الحكم و سياسة المحاصصة و التوافق
-
لسنا فقط أمة قاصرة .. بل أننا القصور بعينه
-
مرتزقة و مزورون
-
نعم للفدرالية .. من أجل عراق مستقر و آمن
-
العرق الجديد .. و خطوة الى الوراء
-
وزير الدفاع الأمريكي وأسير حربه !
-
لماذا ما هو حلال لكم حرام علينا ؟
-
و أَ سكَتوا صوت الحق
-
العراق الجديد و هيستيريا القومجيون العرب
-
العراق الجديد و بعض الأصوات النشاز
-
رياح التغيير و الأنظمة العربية
-
هل أصبح للطغاة حقوق يدافَع عنها ؟
-
هكذا ينتهي الطغاة
المزيد.....
-
نتنياهو يتعهد بـ-إنهاء المهمة- ضد إيران بدعم ترامب.. وهذا ما
...
-
روبيو: إيران تقف وراء كل ما يهدد السلام في الشرق الأوسط.. ما
...
-
بينهم مصريان وصيني.. توقيف تشكيل عصابي للمتاجرة بالإقامات في
...
-
سياسي فرنسي يهاجم قرار ماكرون بعقد قمة طارئة لزعماء أوروبا ف
...
-
السلطات النمساوية: -دافع إسلامي- وراء عملية الطعن في فيلاخ و
...
-
اللاذقية: استقبال جماهيري للشرع في المحافظة التي تضم مسقط رأ
...
-
حزب الله يطالب بالسماح للطائرات الايرانية بالهبوط في بيروت
-
ما مدى كفاءة عمل أمعائك ـ هناك طريقة بسيطة للغاية للتحقق من
...
-
ترامب يغرّد خارج السرب - غموض بشأن خططه لإنهاء الحرب في أوكر
...
-
الجيش اللبناني يحث المواطنين على عدم التوجه إلى المناطق الجن
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|