مثنى حميد مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:01
المحور:
حقوق الانسان
بعد أن أنهى صلواته نظرت إلية وقلت ـ تقبل الله ـ فشكرني بإمتنان وجلس قريبآ مني على الأريكة.وصلتني من جهته نفحة ريح غير طيبة لكنها ليس بعفونة تلك الرائحة التي يمتلكها عادة وكلاء الأمن.قلت متظاهرآ باعجاب ـ أتمنى أن أتعلم الصلاة مثلك ياصديقي .هنيالك !فقال بفرح غامر وقد أشرقت إبتسامة التقوى على محياه ـ ياليتك الإيمان أمر رائع.إبتسمت زوجته فنلدية الأصل وقالت بلكنة عربية مؤيدة إياه ـ السلاة حلو حلو! وذهبت إلى المطبخ لإعداد سمكة للدعوة . قلت ـ أنا مؤمن ياعزيزي لكني أؤدي صلواتي بطريقة عشوائية خاصة وعلاقتي بالله حرة وغير مبنية على تأنيب الضمير. الصلاة يمكن أن تغفر ذنوبنا الصغيرة وحماقاتنا مع أنفسنا بشكل خاص أما الذنوب الكبيرة بحق الاخرين فلا يغفرها إلا الله والشرط الأول لإصلاح أنفسنا هو الإعتراف بها كمقدمة لغفرانها.لم أقل له طبعآ أن الذنوب عادة تعكس رائحة غير طيبة أو نتنة من صاحبها لكنه كما يبدو فهم قصدي فقام ململمآ دشداشته الناصعة البياض وتناول كتابه المقدس ووضع كفه عليه قائلآ ـ أقسم لك إني لم أؤذ إنسانآ خلال حياتي الحزبية.ثم أعاد الكتاب إلى مكانه فقلت مثمنآ ومعربآ عن تأثري ـ بارك الله بك وأنا أصدقك لكني لا أملك أي مرجعية لغفران الذنوب والأخطاء غير محبتي ومباركتي لأي إنسان يكفر عن أخطائه ويصحح مسار تاريخه ومع ذلك فالقسم في الغرف المغلقة لا يكفي ياصديقي إذ عليك أن تنتقد تاريخك البعثي علنآ وجهرآ وبكل جرأة وصدق أمام الناس فهذا وحده يضع أقدامك في الطريق الصحيح.
مكثت معه عدة ساعات صلى وركع خلالها مرات مع أقداح قهوة متتالية أتحفتنا بها زوجته الفنلندية. حاول إقناعي إنه تاب إلى ربه وأنه رجل لا يمتلك إلا عبق الإيمان ونقاوة الضمير ولكي يثبت ذلك أشار بسبابته إلى تلفونه النقال وقال مؤكدآ ـ لقد إنتهت علاقتي بحزب البعث ولو أردت لطلبت الان العودة إلى الحزب فعرفت أنه ما زال يمتلك الصلة بماضيه.
في طريق عودتي إلى البيت طرحت على نفسي هذا السؤال.ماذا يحدث حين يتجاور الله مع الشيطان في نفس المذنب هذا إذا كان محظوظآ ومازال في الضمير ثمة متسع؟ صراع رهيب تستطيع الصلاة بلا شك التخفيف من حدته أو التمويه عليه وخلال هذه العملية التصاعدية المتفاقمة من الصراع الداخلي مع النفس يفرز الجسد أبخرة غير طيبة وعفنة.تذكرت فترة كان فيها صدام يكثر الحديث عن المراحيض والمرافق العامة وقد تم فعلآ بناء العديد منها في شوارع وساحات بغداد بناء على خطاباته المطولة عن المراحيض. تذكرت إني في ذلك الوقت سألت بعض الأصدقاء هذه الأسئلة ـ هل خطابات صدام المطولة عن المراحيض تعكس شعورآ داخليآ لديه بالنتانة .هل يمتلك صدام ضميرآ.هل يفلح الوضوء والتطهر المستمر والمتواصل بالماء وحتى الصلوات من تخفيف أوزار النفس التي تثقل كاهلها
أسئلة أخرى مشابهة كنت أطرحها على نفسي في طريق عودتي وحين بلغت البيت كنت في حالة غثيان وقد إنتابتني رغبة شديدة في التقيؤ.هل هي السمكة التي قدمتها لنا زوجته الفنلندية السبب في ذلك. فتحت إبنتي الباب وسألتني بقلق ـ بابا وجهك أصفر ماذا حدث لك.لم أجبها بل دخلت على الفور إلى المرحاض وتقيأت بعمق وكأني أطرح عن جسدي جرثومة بغيضة.شعرت براحة عميقة وغسلت وجهي وحين خرجت أجبت إبنتي التي كانت تنتظرني مبددآ قلقها الظاهر ـ لا شيء ياحبيبتي كنت في حديث روحاني مع بعثي متصوف . ستوكهولم9- 1-2009
#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟