أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جهاد علاونه - فلسفةُ نهر النيل














المزيد.....

فلسفةُ نهر النيل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 07:39
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    



نهر النيل , طالما كان هذا النهرُ مبعث إلهامٍ للشعراء وللفلاسفة , وللفنانين , وللملحنين وللمغنيين , حتى قيل عنه أنه واهب الحياة , وقال عنه المؤرخ اليوناني (هيرودوتس):
(مصر هبة النيل).

وجلس أمامه الفلاسفة وبحثوا في مشاريع ضخمة , ومنهم من قال أن قلة الإمكانيات حالت بينه وبين تسخير النيل لخدمة البشرية , ومنهم من إعترف بعجزه أمام هذا المخلوق المائي الطويل.

ولكن من يدري أن النيل هو الذي ساهم بصبغ العقلية المصرية بطابع الهدوء والتريث والإصغاء لحكمة الأرض والسماء ؟.

ونهر النيل هذا كان هو أولُ عالمِ رياضياتٍ يدخلُ على الطالب المصري في بيته ومنزله وأرضه ليعلمه أن فيضانه يفيض بإستمرار وبأوقاتٍ معلومة كل سنة , وحين ترقب المصريون لفيضانه نظروا للشمس وهي تشرقُ وتغربُ فحسبوا عدد طلوع الشمس وغيابها من وقت فيضان نهر النيل حتى يأتي الفيضانُ مرةً أخرى , وبهذا أوجد المصريون نظام العد الشمسي , ونظام الشهور والحسابات الدقيقة المتعلقة بنظام العد الشمسي .

ووضع النيل القوانين الرياضية , أو قل أنه بسببه وُضِعتْ القوانين الرياضية المنطقية .

لقد كان فيضان نهر النيل المُنظم يزيل معالم الحدود بين التجمعات السكنية , بسبب جرفه للأتربة والطمي والغرين التي تعتلي كل سنة مشكلة طبقة تربية جديدة , لذلك إحتفظ المصريون القدامى بأحبال من الكتان ,وكلُ إنسانٍ على قدر نمرته أو أرضه , فكانوا إذا فاض النيل أتى كلَ واحدٍ منهم بحباله ووضعها على الأرض ليثبت حصته وحقه في ملكية الأرض , وكانت هذه الحبال بمثابة أربعة أضلعٍ متساوية في الطول , ومن ثم إختصروا تلك الحبال الأربعة وجعلوها ثلاثة بشكل مُثلثٍ قائم الزاوية َ, وحين جاء فيتاغورس هذا العالم الفيلسوف , إستنتج قانون حساب الوتروهو المعروف بإسم : الوتر المنشأ على ضلعي الزاوية يساوي مجموع المربع القائم على الضلع الأول والضلع الثاني , ولستُ أدري كيف يصيغونها علمياً بشكلٍ دقيق ولكنها معروفة بإسم قانون فيتاغورس: وهو هكذا :
إذا كان طول الضلع الأول 5أمتار والضلع الثاني 3أمتار فإننا نقول 4*4=16, وأيضاً 3*3=9, ومن ثم نجمع حاصل الضربين معاً فنجده أنه يساوي=25, و25هي حاصل ضرب 3*3=9 و 4*4=16,وبهذا يكون طول الوتر 5أمتار .
هذه الفلسفة المصرية الرياضية عملت منذ زمنٍ على فتح علمي كبير وبغض النظر عن توابع هذا القانون , غير أنه لم يوجد مثيلٌ له في أي حضارة عربية أو شرقيةٍ, والسبب في ذلك أن الإستقرار الأمني والسياسي والجغرافي في مصر قد ساعد العقول المصرية النيرة على الإختراع والإكتشاف وبناء الأهرامات , ومن الظاهر أن بناء الأهرامات ما كانت لتبنى في خضم نظام سياسي وإجتماعي قلق .

وسبر النيل ُأغوار العلوم والفنون بكافة أشكالها , ولولى وجود النظام الإجتماعي المستقر لما كان في مصر أيضاً نظاماً سياسياً عسكرياً مستقراً , كل ذلك أصلاً بسبب هدوء النيل , لأن النيل لو كان أصلاً مزعجاً لهاجر منه المصريون ولما سكنوا أطرافه , ولقرأنا عن آلاف الثورات السياسية والإجتماعية والتي سنتحدثُ عنها لاحقاً..إلخ

والنيل العظيم هو الذي أوجد نظاماً مصرياً إجتماعياً مستقراً , بسبب فيضانه الهادىء....والناعم ..بتوقيت دقيق وبشهرٍ معروف من شهور السنة , وبذلك إتخذ الإنسان المصري إحتياطاته , وزرع على حوافي النهر أراضيه وأطيانه , في الطين الذي يجرفه معه نهر النيل من أقاسي أفريقيا , وبذلك وبسبب هدوء النظام الطبيعي والمُناخي في مصر ظهر في مصر نظاماً إقتصادياً مستقراً ومن ثم نظاماً سياسياً مستقراً أيضاً , ولهذه الأسباب كانت الحضارة المصرية أقل الحضارات في العالم القديم حباً للثورات والإنقلابات العسكرية والسياسية , بسبب إستقرار الإنسان المصري وحياته الهادئة على ضفاف هذا النهر الطويل , طبعاً ما عدى ثورة الكاهن (آموس) على الفرعون , وهو ما عرف بالمصادر التاريخية التوراتية بإسم (موسى اللاوي-أو-المصري).
طبعاً هذا النظام الجغرافي المصري هو الذي صقل العقلية المصرية وجعلها هادئة وما زال حب الهدوء والإستقرار معششٌ في شخصية الإنسان المصري ,حيثُ من الظاهر أن الإنسان المصري قد جعل الهدوء والإستقرار جيناً ثقافياً.
لذلك صدقت المقولة القائلةُ : أن الكُتبْ تغيرُ العقائد,..... والمُناخ يغير الطبائع,.... والثراءُ يغيرُ العادات والتقاليد.
وفعلاً كان بقاء مُناخ نهر النيل على طبيعته قد ساعد على ثبات الفلاح المصري وعدم هجرته , فلم يكن المواطن المصري محباً للهجرة من النيل , أو ترك نيله ومزروعاته , لذلك قال المصريون :(إللي يشرب من نيلك يرجعلك تاني).

لقد أحب المصريون نيلهم بقدر ما أحبهم هو , وقد أعطوه إهتمامهم بقدر ما حافظ هو على إستقرارهم الإجتماعي والسياسي , ولم يهجروه أبداً لأنه ما فاض يوماً ليكون سبباً في خراب النظام الإقتصادي المصري القديم , لذلك تعلق به المصريون, وعانقهم وعانقوه هُم كما يعانقون محبوباتهم ومعشوقاتهم , ونسجوا حوله الحكايات الهادئة والمثيرة أحياناً ورموا لإله النيل (عروساً) مصرية جميلة كل عام , لأنه كان أحياناً يفيض بغضبٍ ودون إهتمام ٍ فيتضرر الفلاح المصري , ولكن ذلك كان يحدثُ نادراً جداً , المهم أنه ساهم في إستقرار المصريين وصبغ عقليتهم بحب الهدوء , وغنوا له ولحنوا له وكتبوا به القصائد والحكايات المثيرة .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة نهر النيل
- سرُ أسرارِ اللهْ
- التعديل الوزاري الأردني
- أوقفوا بناء السدود المائية وحفر الآبار الإرتوازية
- يقولُ اليابا نييون: نحن لسنا عرباً!
- إنهض يا عبد الله
- سقوط الحضارة الإسلامية
- نعمة الله
- الديانة الشعبية أقوى من الديانة السماوية
- رسالة من الديوان الملكي الهاشمي الأردني العامر
- وجهُ الشبهِ بينَ الله وبعض الحُكّامِ العَرب
- الشعب العربي والياباني
- جَرَسُ الكنيسةِ
- كلُ شيءٍ يبدأ صغيراً ما عدى الأحلام فهي تبدأ كبيرة .
- الرجل الرأسمالي الحيوان والمرأة الإشتراكية العادلة
- التعايش ُمع المقهورين 2
- القراءة بحاجة لإستثمار أوقات الفراغ
- وجه الشبه بين المرأة العربية والسيارة
- الفردية والجماعية في ضوء التطور , نسخة الكتاب النهائية , الط ...
- أحمد شوقي أمير الشعراء ,ماسح الأحذية


المزيد.....




- سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص ...
- السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
- النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا ...
- لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت ...
- فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
- -حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م ...
- -الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في ...
- -حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد ...
- اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا ...
- روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جهاد علاونه - فلسفةُ نهر النيل