الجزائر إلى أين؟

عدنان الأسمر

الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

منذ أن أعلن الرئيس الفرنسي شارل ديغول عن استقلال الجزائر في 5/2/1962 والبلاد تعيش جملة من الأزمات المركبة، التي استمر بعضها حتى الآن. فالجزائر التي خضعت لاستعمار كولونيالي استيطاني ثقافي لمدة 132 عاما، استطاع شعبها بنضالاته الطويلة، وتضحياته الجسام أن ينال استقلاله الفعلي أواسط آذار 1962. فالجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، بلد الكرامة والعزة، البلد الذي مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، البلد الذي كان نضاله ملهما لشعوب القارة الأفريقية لتصعيد نضالها من اجل التحرر والسيادة والاستقلال، الجزائر الغني بثرواته الطبيعية وبموقعه الجغرافي.

رغم ذلك فمستويات الرفاه الاجتماعي، والتقدم الاقتصادي والعلمي – التقني، تبعث على الألم والأسف. فهذا البلد الغني بموارده وعائداته من النفط والغاز، يعاني بنائه الاقتصادي والاجتماعي من ظواهر غريبة يجب أن لا تكون في دولة الثورة. ومن أبرزها:- انتشار الثكنات العسكرية، والتعدد الواسع لتشكيلات الأجهزة الأمنية، وازدحام الحواجز الأمنية على الطرق، بالإضافة إلى انتشار ظواهر الانتحار، وهجرة العقول والكفاءات، ومهاجري القوارب، وانتشار ظواهر العنف ضد المرأة والأطفال، وتجارة الأعضاء البشرية، وتأخر الاستجابة لانجاز مشاريع تحديث الطرق وبناء المدن الريفية، وإنشاء السدود وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، فضلا عن ظاهرتي الفقر والبطالة.

يتميز الدور الجزائري في العلاقات العربية والمغاربية بالمحدودية والانكفاء. وأغرب ما في التطورات السياسية الجزائرية، هو تعديل المادة 74 من الدستور الجزائري. حيث تم إلغاء تحديد فترة الرئاسة بدورتين، مما يفتح الباب لأن يترشح الرئيس مدى الحياة. فبرغم من احترامنا وتقديرنا للرئيس المجاهد الكبير عبد العزيز بوتفليقه، إلا أن هذه الخطوة لا تزيد الوضع الجزائري إلا تعقيدا على المستوى الكلي للتطور الحضاري، الذي يتطلب بناء الدولة الديمقراطية التي تحقق التداول السلمي للسلطة، والحريات العامة والاحتكام للقوانين والمؤسسات، والاقتناع بان الفعل في التطور الحضاري الكلي، اقتصاديا واجتماعيا ومعرفيا وثقافيا يعود للقوى الذاتية، والتي بدورها تتطلب السلم الأهلي وإسقاط صفة الدولة الريعية، والأمنية الشاملة.

ويتعين الخروج من تشكيلة الدولة القطرية العاجزة عن تحقيق مستويات التقدم الاجتماعي والاقتصادي المنشود. كما يجب استكمال مهام التحول الفعلي من دولة الثورة إلى دولة المشروع الوطني الديمقراطي، دولة القانون والمؤسسات، واحترام مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان والتنمية المتوازنة في الأرياف ومناطق القبائل.

وينبغي زيادة مستوى التبادل التجاري مع دول المغرب العربي وإيجاد صيغ تكاملية في مجالات الإعلام والثقافة والحقوق على المستوى المغاربي. ولا بد أن ينطلق ذلك كله من إنجاز المصالحة الوطنية الجزائرية الذي قطع الرئيس الحالي شوطا كبيرا نحوها، كي يتمكن المجتمع الجزائري أن يعيش بدون ظواهر القتل والاشتباكات والتفجيرات، والمطاردون في الجبال. فالتقدم المجتمعي الشامل لا يمكن أن يتم في ظل احتكار السلطة، وغياب السلم الأهلي والمصالحة الوطنية.

#عدنان_الأسمر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات