أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - زخْم رحمته















المزيد.....



زخْم رحمته


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 04:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان الله سبحانه وتعالى هو المرسل والباعث لجميع الرسل والأنبياء، ولابد ان الهدف من إرسالهم هو الخير البحت ونشر الأخلاق والفضائل الإنسانية بين بني البشر، لأن الله خير محض ورحمة صرفة، لذلك لا يمكن أن يظهر منه إلا الخير المطلق، إلا إننا لم نرّ من اعتناق البشر لهذه الأديان (الا في فترات محددة) سوى سوء الاستعمال والمنازعات والتشتت وظهور الفرق المتعددة والمذاهب المختلفة التي ملأت صفحات التاريخ بالحروب والدماء، الى درجة ان بعض العلمانيين أو الملحدين راحوا يتبجحون متسائلين، ولهم بعض الحق في ذلك: هل ما يدور في العالم اليوم من مآسي وحروب وفتن ومصائب ومجاعات وإرهاب وقتل وتعصبات دينية ومذهبية، يرضي الله ورسله وهو العادل الرحيم؟
يمكن تمثيل البشرية بمجموعها، بالإنسان الفرد عندما يولد وينمو ليصبح كاملا، فمنذ القدم وإلى هذا اليوم كانت البشرية تتدرج في مراحل الطفولة والمراهقة ولم تصل الى سن البلوغ والنضج بعد (بدليل ان الإنسان ما زال يتقدم في مدارج العلوم والحضارة ولم يصل الى قمة البلوغ بعد)، لذلك كان من الطبيعي على هذا الطفل وصبي الإنسانية، ان يتمرد على القوانين مثلما يفعل الولد الصغير، إما نتيجة لعدم إدراكه لمغزاها، أو بسبب غريزة التمرد والمعارضة الناتجة عن النفس الأمارة، لأن الإنسان يحمل صفتين متناقضتين تمام التناقض، الأولى تسحبه الى الهوى والملذات والعالم المادي، فيتشبه بالصفات الحيوانية كما نراها واضحة لدى الهمج الرعاع من الناس، والأخرى ترفعه الى العالم الإنساني فيتصف بالمُثل والأخلاق والقيم والمزايا الرحمانية كما تتجلى في تصرفات الناضجين من أهل الدين والأدب والعلم. لذلك، عندما يكون الرسول المعلم بين البشر أو قريبا منهم، يحاول أتباعه الالتزام بالنظام والشريعة بقدر ما تعلموه منه بسبب تأثير وجوده الشخصي الفعّال بينهم باعتباره شمس الحقيقة المحيية للأرواح ومصدر التشريع، وحالما يبتعد عنهم ويرحل من بينهم، تدب بينهم الاختلافات وتزداد الآراء وتتعدد وجهات النظر وتكثر الاجتهادات، فيتشعب الدين وتظهر المذاهب والفرق والأفكار، فكلٌ يقول برأي مخالف للآخر، وكل يفتي برأي جديد، لكن الصورة الواضحة الإجمالية للجميع هي صورة الارتباك والفوضى عدا فترات محدودة قصيرة؛ الا ان الله برحمته ومغفرته يحب أبناءه وعبيده ويحنو عليهم ويغفر لهم ذنوبهم، ويعتبرهم رغم كثرة شقاوتهم وعدم التزامهم بقواعد دروسه وشرائعه وأنظمته من الناجحين في الدورة السابقة، لأنهم لا يدركون ما يفعلون لجهلهم، بدليل معاندة وتعذيب وقتل أنبياءه ورسله، ومع ذلك ينقلهم الى الفصل التالي ويبعث لهم منهجاً جديداً ورسالة جديدة ورسول جديد ويغفر لهم عدم انتباههم وكثرة غيابهم ومشاكساتهم.
ان ما حدث سابقا، مثله كمثل العلاقة بين مدير المدرسة وطلابه، فهناك اتفاق ضمني ومبدئي بين الاثنين، فواجب المدير (الذي يدركه جيداً)، يقتضي تهيئة المدرسين وإيجاد الفصول والمناهج المتسلسلة ومراقبة عملية التدريس وغير ذلك لضمان أفضل النتائج لمستوى طلابه. أما واجب الطلاب (رغم عدم إدراكهم له بشكل واضح) فهو الجد والمثابرة والتعلم والنجاح. لكن للمدير حافز خفي يدركه جيداً، يدفعه لهذه العملية المتعبة الطويلة المرهقة، ألا وهو محبته لطلابه وتفانيه في خدمتهم وتعليمهم وتثقيفهم والأمل بخلق جيل مثقف واع، فهو يهتم بالجميع دون استثناء لتحقيق هدفه النهائي في إنجاح وتفوق أكبر عدد من طلاب مدرسته، وان أكبر آماله وأعظمها، مشاهدتهم وهم ناضجون مثقفون متعلمون يشغلون أماكن مميزة ووظائف حساسة في المجتمع. عندها يفتخر المدير بنتائج أعماله ويشعر بالزهو والفخر والارتياح لنضوج ثمرة تعب سنين حياته الطويلة ومذاقها اللطيف. كذلك يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء ويهيئ لهم الشرائع والمناهج لتعليم البشر لنقلهم من مرحلة الى مرحلة أعلى ومن درس الى درس آخر حتى يصلوا الى الغاية النهائية، وهي إيجاد بشر صالحين مدركين يتصفون بالصفات الإنسانية المثلى.
ان الدورات الرسالية الإلهية متتالية لا أول لها ولا آخر، لأن الدين والرسل هم مظاهر رحمة الله، ورحمة الله لا تنقطع، وكل دورة لها مجموعة من الرسل، وكل رسول يعلم ويربي أمة خاصة به ويرتقي بأخلاقهم ويحاول مساعدتهم ويحبهم أشد الحب، فمنهم من وصف أمته بـ (شعب الله المختار) مثل موسى(ع)، ومنهم من وصفهم بـ (أحباء الله) كما سمى المسيح(ع) أتباعه، وكذلك (خير أمة أخرجت للناس) كما شرّف القرآن الكريم أمة الإسلام بهذا اللقب الرفيع. فما هذا التفضيل وهذه المحبة الا لتشجيع الأمم على الدراسة والتقدم والعمل بأوامر الله ومحاولة النجاح في يوم الامتحان النهائي الذي عرف وسميّ في جميع الكتب السماوية بيوم القيامة والساعة والحاقة والطامة والواقعة واليوم الآخر وغيرها، عندما تجتمع كل أمم أصحاب الكتاب وغيرها في يوم واحد لا ريب فيه لتواجه امتحان واحد محدد. ان عمليات الامتحان والنجاح والرسوب في هذه المرحلة النهائية (يوم القيامة) تشمل كل الأمم بكل مدارسها (أديانها) وبكل مناهجها (شرائعها) وبكل طلابها (عبادها). إذ سيكون شكل الامتحان النهائي في (يوم القيامة) مشابها للامتحان العام النهائي الذي يدخله جميع طلاب مدارس الدولة في كل سنة، وإلا فستبطل وستنتهي قيمة ومغزى التحصيل في الديانات السابقة إذا لم يكن هناك نتيجة لهذا السعي، فالغاية النهائية من إرسال كل الرسل والشرائع هو تعليم البشر وتربيتهم والوصول الى موسم جني ثمرة هذا التسلسل، وهو الإنسان المؤمن الناضج الكامل المتعلم المثقف، وإحلال السلام العام بين البشر.
ان التكهنات والتوقعات فيما يخص يوم القيامة وحالة البشر في ذلك اليوم تحتاج الى وقفة صحيحة ونظرة جديدة لغرض فهم معنى يوم القيامة، ولا نجانب الصواب إذا قلنا ان غالبية الناس لا يدركون ذلك وينكرون حقيقة الموقف الذي سيواجهونه بدليل قوله تعالى في الآيات التالية (يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ)(3) وكذلك (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)(4)، وأيضاً (إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(5). اذن لابد من وجود معانٍ خفيّة غير ما هو متناقل عن الأسلاف وما ينتشر بين الناس لمفهوم اليوم الآخر ويوم الحساب المذكور في آيات الكتب السماوية، إذ من غير المعقول أن يكون يوم القيامة حسب المواصفات المادية المنتشرة بين الناس.
ذكر السيد المسيح(ع) مثالا بهذا الخصوص، قال: [اسمعوا مثلا آخر. كان إنسان رب بيت غرس كرماً وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجاً وسلّمه الى كرّامين وسافر. ولما قرب وقت الأثمار أرسل عبيده الى الكرّامين ليأخذ أثماره. فأخذ الكرّامون عبيده وجلدوا بعضاً وقتلوا بعضاً ورجموا بعضاً. ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين أكثر من الأولين. ففعلوا بهم كذلك. فأخيرا أرسل اليهم ابنه قائلا يهابون ابني. وأما الكرّامون فلما رأوا الإبن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث. هلموا نقتله ونأخذ ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه. فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرّامين. قالوا له. أولئك الأردياء يهلكهم هلاكا رديا ويسلم الكرم الى كرّامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاته](6).
ان المقصود بالإنسان رب البيت في القصة السابقة، هو (الله) سبحانه وتعالى، ومن الكرم هو (الشريعة) ومن الكرّامين الذين تركهم عليها ليزرعوها هم (مؤمنون الديانات السابقة)، وفي وقت الإثمار أي (نهاية عمر الرسالة)، أرسل لهم عبيده، أي (رسلاً وأنبياء آخرين) ليأخذوا من الزراع أي من المؤمنون السابقون ثمن المحصول، أي ثمن (العبادة والعمل الصالح) ويسلموه الى صاحب الكرم (الله) سبحانه وتعالى. لكن الكرّامين (المؤمنين السابقين) كانوا أشراراً وقتلوا عمال صاحب الكرم، أي (الأنبياء وأتباعهم الجدد) وامتنعوا عن تسليم محصول أيمانهم لهم، أي (كفروا بالرسالة الجديدة)، فسكت صاحب الكرم (الله) عن فعلتهم وتغاضى عنها وتركهم على حالهم. وفي الموسم القادم، أي في (الرسالة التالية) أرسل لهم عبيداً آخرين، أي (رسلاً ومؤمنين جدد آخرين) ففعل المزارعون، أي أصحاب الدين القديم بالعمال الجدد مثل سابقيهم، ومرة أخرى سكت عنهم الله (صاحب الكرم والشريعة). وتوالت هذه الأحداث، حتى أرسل لهم (ابنه الروحي) أي السيد المسيح(ع) نفسه، ولكن هؤلاء المزارعون الأشرار أصحاب الشريعة السابقة، قتلوا الابن أيضا واغتصبوا المحصول، أي شوهوا تعاليم شريعته وكفروا بها وفعلوا بأوامره (شريعته) كيفما شاءوا. في النهاية لم يجد صاحب الكرم (الله) بُداً من الذهاب اليهم بنفسه لإبادتهم وتشتيت شملهم وقتل كل من اعتدى على عمّاله (مؤمنيه) وقتل ولده ورفض تنفيذ أوامره (شريعته). فيخلص الكرم (حقيقة الدين الإلهي) منهم ويشرف عليها بنفسه ليعم الخير والسلام الأرض.
قد يقول أحد القراء ان هذه القصة من الإنجيل، أو من كتب النصارى، وهذه كتب محرّفة لا يؤخذ بنصوصها ككلام إلهي، فكيف يأتي الله الى الأرض، فهذا أمر غير معقول؟! ولاختصار هذا المطلب، نورد عدة دلائل من آيات القرآن الكريم تشير الى نفس المعنى والمضمون:
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ)(7) و (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(8) و (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ)(9) و (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)(10) و (لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ)(11) و (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)(12) و (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ)(13). ان هذه الآيات وغيرها تؤيد المطلب السابق وتوافق ما جاء في الإنجيل.
والدليل الثاني، لو حاول شخص ما تحريف نص أي كتاب منزل من عند الله سبحانه وتعالى، فهل يستطيع ذلك؟ في الحقيقة سيصعب عليه بل ويستحيل فعل ذلك، لأن الكتب السماوية ليست نسخاً فريدة موجودة في مكان معين، حتى يتمكن من يشاء تنفيذ هذه الفعلة وتحريف الكتاب.
أما ما نراه من اختلافات ظاهرية في الأناجيل الأربعة على سبيل المثال، فما مرد ذلك إلا لأنها كتبت على لسان السيد المسيح(ع) عندما كان يكلم أتباعه، ومن الوارد أنه كلَّم أحدهم بغياب آخر، ثم أعاد الحكاية للغائب عند حضوره بغياب الأول، وعندما كتبا ما سمعاه فيما بعد، جاء الاختلاف في التعبير وليس في المضمون. هذا بالإضافة الى أن المسلمين يقيسون متانة نصوص أي كتاب سماوي بكتاب القرآن الذي نزل بطريقة أخرى وظروف جديدة. لذلك فما نراه ونطلق عليها كلمة "تحريف"، ما هو الا بسبب قدم تاريخ بعض الكتب وتعدد تراجمها الكثيرة.
لكن أخطر أنواع التحريف، هو تحريف المعاني وليس الكلمات، كما قال تعالى (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)(14) و (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)(15) وهذا النوع من التحريف منتشر بين كثير من رجال الدين في مختلف الديانات! فهم يفسرون ويؤولون معاني آيات كتبهم كيفما أرادوا لتتفق مع قدراتهم العقلية غافلين عن مفاهيمها الحقيقية، كما قال تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)(6 لقمان).
والدليل الآخر: ان من يؤمن بهذه الكتب السماوية، يقدسها ويحترمها ويكن لها غاية التبجيل والتعظيم، وإلا لما آمن بها وخضع لها، وفي هذه الحالة لا يمكن ان تسوّل له نفسه التلاعب بمحتوياتها. وحتى لو فرض ووجد من يحاول التلاعب بهذه الكتب المقدسة بدافع المصلحة والنفعية، فلا يمكن أن يكون بمعزل عن غيره ليقوم بفعلته.
والأهم من كل هذا: ان كل كتاب من هذه الكتب المقدسة يحتوي على قوة إلهية مكنونة فيه تمنع المؤمنين وحتى الكافرين من العبث والتلاعب بمحتوياتها، ودليل ذلك استمرارية وجودها.
فلقد ورد في القرآن الكريم (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(16)، ومعنى كلمة الذكر في اللغة العربية كلام الله بشكل عام، الا انه اختص بها القرآن الكريم في هذه الآية، وهذا يعني ان الله يتعهد بنفسه المحافظة على كلمات الذكر من التحريف والتبديل.
ولقد جاء في كتاب الإنجيل ما يؤيد هذا القول:- [لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب](17).
وكذلك جاء في التوراة في سفر دانيال آية تدل على نفس المعنى [اما أنت يا دانيال فأخف الكلام واختم السفر الى وقت النهاية . كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد](18) وكذلك [فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية](19).
وورد في الإنجيل أيضا آية تشير الى نفس المضمون، ففي الرسالة الثانية لبطرس الرسول [عالمين هذا أولا ان كل نبوءة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس](20).
فمجموعة هذه الآيات تؤكد على وجود تلك القوة الإلهية المكنونة داخل الكتب السماوية التي تمنع عملية التحريف. صحيح ان الله سبحانه وتعالى ذكر المحرفين في القرآن الكريم وقصد بهم ملة اليهود، لكن هذا التحريف له شكلان كما ذكرنا، الأول تحريف الكلمات أي تغيير النصوص وقد ثبت استحالة ذلك، والثاني تحريف المعاني، وهذا هو الممكن والمتداول بين اتباع جميع الديانات في كل زمان ومكان وهو الأشد خطورة، أي ان بعض الجهلة المدعين لا يحتاجون الى تغيير كلمات الكتب الإلهية أو زيادة أحرفها أو حذفها لتضليل الناس، بل يكفيهم تفسير الآيات بطرق تتناسب مع مشتهياتهم النفسية وما يتفق معه مصالحهم لتضليل العباد. وما نشر فكرة استحالة فهم الآيات الإلهية بين الناس ووضع شرط دراسة عشرات الكتب والمؤلفات والعلوم والحصول على العديد من الشهادات العلمية العالية، إلا لاحتكار هذه الحرفة وقصرها عليهم لتسهيل مهمتهم في كسب متاع الدنيا، ولم يدركوا انهم بهذا العمل الفظيع يخالفون أمر الله سبحانه وتعالى الذي أنزل الشرائع لجميع الناس، ووعد بمحاسبة جميع البشر فرادى كل لذاته، كما قال تعالى (وكل ألزمناه طائره في عنقه) وكذلك قوله الكريم (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ)(94 الأنعام).
وتأييدا لما سبق وسقناه، ورد في القرآن الكريم (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(21) وهذه الآية الكريمة تدل ان التحريف لا يقتصر على تغيير أشكال الكلمات وحروفها فقط، بل تغيير معانيها أيضا، فهي توضح ان بعض علماء الدين يفهمون كلام الله سبحانه وتعالى، لكنهم يحرّفون معاني الآيات - بقصد أو بدون قصد - ودليل ذلك اختلاف فرق ومذاهب كل دين في تفسير الآيات رغم توافق وتشابه النصوص.
ان الدورة الرسالية التي يعيش البشر أواخر زمانها هذه الأيام، هي التي ابتدأت بآدم عليه السلام وانتهت بالخاتم محمد المصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وان كل ما عمله هؤلاء الأنبياء والرسل الأصفياء، إنما كان بمحض المحبة والعفو الإلهي، حيث أن جميع أمم الأرض، مؤمنها وكافرها، عالمها وجاهلها، كبيرها وصغيرها، دخلوا يوماً عصيباً لم تر الإنسانية شبهه من قبل، فالكل وقع تحت نوع من أنواع العذاب، ان كانوا أفراداً أو أمماً أو جماعات، ومن يعدد أشكال وأنواع بلايا ومصائب البشر في هذا الزمان لن يحصيها. وكما يعلم الجميع، ما للامتحان النهائي من خوف ورهبة وعلامات مميزة، فهو من مزايا يوم القيامة، وإذا افترضنا انه يوم طويل نسبياً وليس عبارة عن يوم واحد حسب توقيتنا وحساباتنا (أربعة وعشرون ساعة)، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بخصوص قياس اليوم الإلهي (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(22) و (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(23)، و(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)(24)، يستدل من هذا، ان معنى اليوم قد يكون طويلا، وقد يدوم سنيناً أو قروناً عديدة؟! أي ان مدة الاضطراب والامتحان والخوف والحروب والفتن، قد تكون طويلة الأمد! وما يدرينا فلعل ما عاشته الإنسانية في القرن العشرين وما ستعيشه في الواحد والعشرين، ما هو الا يوم عذاب الله الطويل، وان ما يشاهد في مختلف بقاع الأرض من محن وبلايا، ما هو الا صورة من صور عذاب يوم القيامة، بسبب ابتعاد البشرية عن الأخلاق والصفات الإنسانية والشرائع الربانية رغم كثرتها، وبالتالي فهي واقعة في يوم الامتحان الكبير الأكبر الذي وعد الله سبحانه وتعالى بدخوله في اليوم الآخر ولا تشعر بذلك، كما قال تعالى (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)(21 النحل). فهل ستتعظ البشرية وتنتبه وتصحو وتفتح عيونها وبصيرتها لترى وتدرك انها تعيش ساعة الامتحان النهائي؟
وهنا يتطابق وصف الآية القرآنية الكريمة لهذا اليوم الرهيب عندما تصف حالة البشر في يوم القيامة الذي يتوافق بصفاته وعلامته مع هذه الأيام (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)(25). ومن الملفت للنظر، إننا لو ناقشنا نسبة كبيرة من أفراد المجتمع من ذوي الاحساسات الروحانية والإيمانية عن أسباب حالة التردي التي يعيشها الناس في هذه الأيام، لسمعنا من غالبيتهم إجابات متشابهة: إننا نعيش في آخر الأيام وعلامات يوم القيامة الصغرى ظهرت بتمامها ووضحت للجميع، وما ننتظره هي العلامات الكبرى حتى تقوم الساعة!
ليست الغاية من كتابة هذه السطور، إخافة الناس ونشر مشاعر الرعب بينهم، بل التذكير والانتباه من هذا اليوم الرهيب، ونبذ التعصبات القديمة البالية والحذر من المتقولين المتحذلقين ممن يدّعون العلم والمعرفة بالدين ويفسرون كلام الله على أهوائهم وما جبلوا عليه وسمعوه من أسلافهم دون تفكير وتمحيص، فمن الوارد جداً انهم يفسرون ويؤولون ويجيبون بأجوبة خاطئة، فيحذو الناس حذوهم ويلاقوا نفس مصيرهم، لذا كان من الضروري الاعتماد على النفس، أي الالتزام بمفهوم بالآية المباركة (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا)(26). فالله سبحانه وتعالى أعدّ للبشر حياة أخرى أعلى مقاما من حياة الدنيا، سينعمون بها في حالة نجاحهم وفلاحهم بعدما يفهمون حقيقة أديانهم حق الفهم، وان مستقبلاً سعيداً ينتظرهم بعد اجتياز يوم الامتحان الإلهي، كما شهدت وبشرت به آيات القرآن الكريم (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)(27) و (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)(28) و (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)(29)، فهل سيعي البشر مسؤولياتهم؟
ان علامات الساعة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة كثيرة، بل وحتى في بقية الكتب السماوية، فمنها على سبيل المثال: ان المال يكثر ويزداد. ولم يحدث في تاريخ البشرية ان كثر المال على الأرض كما هو في الحال الحاضر. ومن علاماتها طيران الحديد والمعادن وتكلمها واقتراب البعيد. وها نحن نرى تحقق هذه العلامات في وجود الطائرات والمراكب الفضائية وأجهزة المذياع والتلفاز والهاتف والأقمار الصناعية. ومن العلامات تفجّر البحار (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)(30)، وها هي القنوات المائية تفتح وتشقق لتلتقي البحار والمحيطات مع بعضها البعض، ومن علاماتها (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ)(31)، وها هم العرب وسائر الملل قد تركوا استعمال الجمال والبغال والخيول والحمير واتخذوا وسائل نقل آلية سريعة بدلاً عنها، ومن علاماتها (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(32)، وها هي الحيوانات الضارية المفترسة تحشر في حدائق الحيوان للتفرج والتمتع بمنظرها. ومن علامات الساعة خروج المرأة من بيتها ومشاركتها الرجل عمله ومهامه، وها هي تطالب بحقوقها وتحتل مكانتها بين الرجال بين مختلف شعوب الأرض، ومن العلامات (القابض على دينه كالقابض على قطعة من الجمر) وها نحن نرى مقدار مشاق ومعاناة المتمسك بدينه ومبادئه ومقدساته في هذه الأيام، وما هي حالته ووضعه بين أقرانه وكيف تجبره الظروف من مختلف الاتجاهات على سلوك سبيل الباطل، ولا نريد التعمق في الموضوع أكثر من هذا، درءاً للخلاف.
كل هذه العلامات وغيرها الكثير، تعتبر من علامات يوم القيامة، الا ان البعض يسميها (العلامات الصغرى)، ويقول بوجوب حدوث العلامات الكبرى للوصول الى النهاية، مثل خروج الدابة التي تكلم البشر وطلوع الشمس من مغربها وسقوط النجوم على الأرض وتفتت الجبال وقيام الأموات من قبورهم وانفطار السماء وانشقاقها وغير ذلك من العلامات الخارقة للطبيعة ومقاييس العقل. وهنا لنا وقفة، ولنسمح لأنفسنا بمناقشة الفكرة، رغم رفض العديد من رجال الدين من جميع الديانات والمذاهب دخول غيرهم في نقاشات دينية أو فقهية وقصر الموضوع على أنفسهم دون سواهم ووضعهم شروطاً صعبة بل مستحيلة على من يود الخوض فيها، مما أدى الى تردد غالبية أتباع الديانات من مناقشتها خوفاً على أنفسهم من اقتراف ذنب عظيم بمجرد انحراف النقاش عن مساره الصحيح. وهذا ما حدا بالكثيرين الى تجنب الكلام في أمور الدين والاعتذار بقولهم: هذا ليس من اختصاصنا ولا نفهم فيه، انه من اختصاص رجال الدين. فيبتعدون ليغلقوا الموضوع تماماً، رغم ان الله سبحانه وتعالى أمر بكتابه الكريم جميع الخلق بتفهم دينهم ومناقشته والتفكّر والتعقل في كلماته، وألزم كل واحد تبعة عمله وأفعاله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(33) و (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(34) و (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا)(35) و (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(36) و (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(37) و (لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(38) و (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا)(39) و (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)(40) (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)(41) و (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)(42).
إذن هناك فئتان من الناس، واحدة تقول بعدم جواز تدخل أي مؤمن في التفاسير والمفاهيم الدينية الا إذا حاز أعلى الشهادات في اللغة والفقه والتفسير والترتيل والتبيين وعلم الاجتهاد والنحو والصرف والفلسفة والاجتماع وعلوم كثيرة أخرى. وفئة ثانية تقول بعدم إمكانية الدخول في مجال فهم الآيات الإلهية الا بسؤال رجال الدين واتباع تفاسيرهم. من هذا يفهم ان الرأيين متفقان على ضرورة ابتعاد الناس عن مناقشة أمور دينهم. لهذا فالرأيان يحتاجان الى نقاش وتأمل بدليل الآيات آنفة الذكر التي يحث فيها الله سبحانه وتعالى عباده ويأمرهم جميعاً بدون استثناء على التفكّر والتمعن في الآيات وفهمها بأنفسهم، وإلا فكيف سيحاسب الله سبحانه وتعالى الخلق فرداً فرداً ان هم تركوا أهم أوامر الدين وهو التبحر والتفكّر في تعاليمه وآياته؟ وهل سيقتصر حسابه على رجال الدين فقط؟ هذا ما نرى جوابه في الآية الكريمة التالية (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ)(38 الأعراف). وإن في ذلك لوقفة تأمل.
يبدو من الضروري مناقشة ما استنتجه علماء الدين من الكتب السماوية حول مفهوم يوم القيامة، باعتبارها المصدر الرئيسي وحجر الأساس في المفاهيم الدينية، وهل كانت استنباطاتهم موفقة في الإجابة على جميع التساؤلات؟
ان أول الكتب السماوية (على سبيل الأسبقية لا التفضيل) هو (التوراة)، لكن هناك مشكلة دقيقة ستبرز أمامنا عند استقرائه، فالتوراة مثله كمثل غيره من الكتب السماوية، أسراره مختومة ورموزه صعبة، ولا يمكن لأي بشر مهما عظم شأنه فك رموزه وفهم معانيه وبخاصة الإشارات والكلمات التي تحتمل أكثر من تفسير، بل ان بعضهم ونتيجة لهذا الإشكال تمادوا في التقليل من قيمته حتى وصفوه كتابا موضوعاً. وإذا اعتبرنا ان المتكلم هو الله سبحانه وتعالى، وان الخطاب موجه الى البشر بعقولهم البسيطة آنذاك، بدليل ان إنسان اليوم أكثر إدراكا وفهماً من سابقيه الذين عاشوا قبل مئات أو آلاف السنين. فيدرك من ذلك ان الله العالم الخبير يكلم الناس في ذلك الزمان على قدر عقولهم وهو عالم ان كتبه ستبقى عصوراً عديدة لتقرأها الأجيال القادمة بما تمتاز به من عقول متفتحة في زمن الاكتشافات والاختراعات، وانهم سيدخلون عصر التكنولوجيا وسيزدادون في العلم الذي لن تقف مراحل تقدمه عند حد من الحدود، وفي النهاية، لابد وان تُحل رموز هذه الكتب ويُفك ختمها بقدرة الله وإرادته ويفهمها الجميع، كما ورد في القرآن الكريم ما يؤيد ذلك (هَلْ يَنظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)(43) و (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)(44). فمن معنى هاتين الآيتين ومن خلال ما ذكرناه وما سنأتي على ذكره من آيات التوراة والإنجيل، يدرك أن تأويل أو تفسير القرآن الكريم أو بقية الكتب السماوية سوف يأتي في مستقبل الزمان، وتكشف أسرارها وتظهر معانيها الخفية ويتنعم الخلق بمذاق أثمارها الإلهية، لذلك قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(45).
ان الكتب السماوية تنقسم في مجملها الى قسمين، الأول: الآيات المحكمات، والثاني: الآيات المتشابهات، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..)(46)، فالمحكمات أي القوانين والأحكام، هي آيات واضحة الدلالة تتفق على مفاهيمها غالبية المذاهب، أما المتشابهات فهي التي تحمل أكثر من وجه للتفسير والتأويل وبالتالي يختلف العباد حول مفاهيمها، لذلك سميّ القرآن الكريم (حمّال ذو وجوه)(47) يعني ان المفسرين يمكنهم إيجاد تفاسير متعددة لهذه الآيات، كل حسب مذهبه وأفكاره وقوته الذهنية. من هنا جاء وجه الاختلاف بين أتباع المذاهب من الديانات المختلفة، فرغم إشارة الآيات المحكمات المتينة الواضحة بعدم إمكانية تفسير الآيات المتشابهات، الا انهم لم يمتنعوا، وراح كلاَ منهم يدلي بدلوه ويفسر ما يريد ابتغاء الخير وإظهار الحقيقة وخدمة خلق الله، أو ابتغاء التظاهر ومحاكاة الآخرين وتقليدهم، ومنهم من أجل المصلحة والفائدة الشخصية، ودليل ذلك ما جاء في القرآن الكريم (وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(48) وأيضاً (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(49) وكذلك (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(50).
ولإثبات عدم إمكانية الاعتماد بشكل جازم على ما توصل إليه المفسرون بمختلف أفكارهم ومعتقداتهم ومذاهبهم في تفسير الآيات المتشابهات، نورد الأمثلة التالية. منها على سبيل المثال، ما جاء في التوراة في سفر دانيال الإصحاح 12 الآية 4 النص التالي: [اما أنت يا دانيال فاخف الكلام واختم السر الى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد. فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية].
ان هذا النص يدل بشكل واضح، ان ما جاء في كتاب التوراة، لا يمكن لأيّ كائن بشري سبر غور معاني كلماته او تفسير آياته المتشابهة، وهذا بالطبع لا يشمل الآيات المحكمات التي لا يختلف أصحاب الديانات الثلاث كثيراً على تفسيرها (اليهودية والمسيحية والإسلام) من التي وردت في كتبهم، لاقتصارها على المعاملات والقوانين الاجتماعية مثل أحكام الزواج والطلاق والميراث والبيع والشراء والقتل والسرقة وغيرها. أما الآيات المتشابهات التي اختصت بالغيبيات والمستقبل ويوم القيامة واليوم الآخر والجنة والنار والحساب والعقاب والثواب والقصص والحِكم والأمثال، فهذه التي لا يمكن لأي بشر الخوض بها.
أما في الإنجيل فهناك آية مشابهة لما جاء في التوراة، توضح ان الآيات مختومة الى يوم الآخر ولا يمكن تفسيرها أو فهمها، ففي الرسالة الثانية لبطرس يقول السيد المسيح: [عالمين هذا أولا ان كل نبوءة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس]. وهذا يعني ان آيات الإنجيل المتشابهات أيضا، لا يمكن فهمها أو تفسيرها من قبل البشر.
أما في القرآن الكريم، فجاءت الآية التالية لتدل على ذات المفهوم (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ)(51). أي أن تأويل آيات الكتاب المتشابهة، لا يعلمها الا الله وحده، أما الراسخون في العلم فيدركون انهم لا يستطيعون تفسيرها، فيقولون آمنا بها كما أنزلت، فلا نخوض في تأويلها أو تفسيرها. أي انهم يجهلون تأويلها، وهذا لا يزعزع ايمانهم بحكمة الله سبحانه وتعالى في حصر سر تأويلها به.
من هذا نستنتج، أن الكتب السماوية الثلاث قد اتفقت على عدم إمكانية تأويل آياتها المتشابهة الا في نهاية الزمان، كما وعد سبحانه وتعالى بقوله (هَلْ يَنظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)(52) وكذلك (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)(53). وبهذا يمكن القول ان ما يوجد من تفاسير كتبها المفسرون أو العلماء العظام على مختلف مشاربهم بخصوص الآيات المتشابهات، هي نوع من أنواع الاجتهاد الذي لا يمكن التأكد من صحته والجزم به تماما، كما قال تعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ..)(54).
اذن لزم مناقشة بعض علامات يوم القيامة الكبرى التي يتوقع البعض حدوثها، مستندين على كتاب الله كميزان حق لا ريب فيه، فإن اتفقت هذه العلامات مع معانيه أخذنا بها، وإذا اختلفت وتباينت فلنتركها الى أن يشاء الله أمراً كان مفعولا.
أولها علامة خروج دابة تخاطب البشر وتتكلم معهم، وهي منصوصة في القرآن الكريم (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ)(55). وهذه الآية يفسرها القرآن الكريم بنفسه في آيات أخرى، فيقول (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)(56) و (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(57)، و(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ)(58) و (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ)(59)، فهذه الآيات المنزلات توضح ان معنى الدابة التي ينتظرها بعض الناس ما هو الا إنسان مثل غيره من البشر، إذ لا يعقل ان يقول الله سبحانه وتعالى ان شر الدواب الذين لا يعقلون، وهو العالم ان الدواب لا تعقل ولا تفهم. أو يقول ان شر الدواب الذين كفروا، وهو العالم ان الدواب لا تعقل حتى تكفر، أو يقول لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة، حيث ليس من العدل الإلهي ان يكفر الناس ويظلِموا أنفسهم وغيرهم، ثم ينتقم من الحيوانات جزاء كفر البشر! وهو الذي يقول بعدم أخذ مخلوق بجريرة غيره (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا)(60) و (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(61).
اذن يتضح ان معنى الدابة من هذه الآيات، هو خروج إنسان لا غير، وهذه سنة الله في إرسال الرسل (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)(62) و (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)(63).
ان قليلا من التأمل في الأهمية التي يسبغها الله على هذا الإنسان الذي سيخرج في يوم النهاية، بينما ملايين من البشر تولد وتموت كل يوم، يوضح ان هذا الإنسان لابد وانه سيفعل شيئاً كبيراً لا يقدر عليه غيره، أو يقوم بعمل لا يستطيع عليه سواه. وهنا يجب التفكير في ماهية هذا العمل الكبير وعظمته. ومرة أخرى يترك للقارئ الكريم التفكير في هذا الموضوع! فنحن لا نريد التصريح بهذه المهمة العظيمة مباشرة، واللبيب من الإشارة يفهم.
كذلك هو الحال بشأن علامة طلوع الشمس من مغربها، ولنأت بالجواب من القرآن الكريم أيضا حيث يقول الله سبحانه وتعالى ان الشمس ثابتة لا تتحرك (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(64)، وكذلك يقول سبحانه وتعالى باستحالة اختلاف حركتها أو تبديل مواعيدها (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)(65). اذن، لماذا ينتظر البعض طلوع الشمس من مغربها في يوم القيامة؟ وهل يعلم القائل بهذا المفهوم الظاهري للآية الكريمة، ان حدوث مثل هذه العملية، هي في حقيقتها تخريب لنظام الكون؟ فهل يعاقب الكون بكل ملايينه وبلايينه من المجرات والكواكب والمخلوقات بسبب كفر أهل الأرض؟ وما علاقة دوران الشمس بالكفر والايمان؟ وما علاقة سقوط النجوم على الأرض بيوم القيامة؟ وكيف ستسقط هذه النجوم وتلك الشموس على الأرض، والكل يعلم ان حجم الأرض بالنسبة لبقية الكواكب لا يساوى شيئا يذكر، وان هذا السقوط مثله كمثل سقوط العديد من الجبال العملاقة على حبة قمح أو حبة حمص! اذن ما معنى هذا السقوط؟ وأين الحكمة منه؟ كما ان معنى كلمة السقوط هو سقوط الشيء من أعلى الى أسفل بفعل جاذبية الأرض، لكن هذه الجاذبية تنعدم بمجرد الخروج من المجال الأرضي ولا يعود لها تأثير في الاتجاهات ولا يكون هنالك شيء اسمه فوق أو تحت. ثم ان موضوع السقوط يعني ان الأرض هي القاعدة بالنسبة للكون، فهل هذا صحيح؟ بعد ان ثبت علمياً ان الكون لا بداية ولا نهاية له، وان الأرض جرم صغير جداً يسبح مثل غيره في هذا الفضاء اللامتناهي ولا يمكن معرفة موقعها بالنسبة للكون بالتحديد، خاصة بعد اكتشاف علماء الفلك ان المجرات الكونية تسبح بشكل دائري وليس هناك شيء اسمه قاعدة للكون.
ان المعجزات التي ينتظر وقوعها كثير من الناس في يوم القيامة حسب زعمهم، لا تمت بصلة واضحة الى مجيء ذلك اليوم العظيم، فكما ورد في القرآن الكريم عن علامات مجيئه، كذلك وردت آيات تدل على مجيء ذات اليوم بدون سابق إنذار وبدون إدراك أو انتباه أحد، وبدون ان تكون هناك مقدمات أو علامات صغرى أو كبرى لمعرفة ماذا سيحصل، فالله سبحانه وتعالى يقول (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا)(66) و (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)(67) و (فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(68) و (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً)(69) و (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(70) و (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ)(71) و (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)(72) و (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(73) و (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(74) و (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)(75) و (هَلْ يَنظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(76)، هذا وغيره الكثير من الآيات الإلهية الدالة على ان مجيء يوم القيامة سيكون بغتة ومفاجئاً لا تحذير ولا تنبيه فيه. فلماذا نتمسك إذن بتلك المعاني ونترك هذه؟ هذا بالإضافة الى وجود آية قرآنية أخرى تدخل كل الطمأنينة والسلام والهدوء والأمل في قلب كل مؤمن وتزيد ثقته وإيمانه برحمة الله الواسعة وعفوه ولطفه بجميع خلقه، قال تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ)(77).
لقد طلب المشركون من الرسول محمد(ص) عمل بعض المعجزات المادية الخارقة لاثبات صحة دعوته. فكانت هذه الطلبات التعجيزية بالنسبة لهم، والمقدور عليها من الرسول الكريم، بعيدة العلاقة جداً بين ما يهدف إليه في دعوته وما يريده المشركون، مثلهم كمثل الذي يطلب من شخص يدعي انه رسام يمكنه رسم أجمل اللوحات، اختراع مولد كهربائي لإثبات مدعاته. أو آخر يقول أنه موسيقي باستطاعته عزف بديع الألحان، فيطلب منه وضع خطط عسكرية. فلا علاقة لهذه الادعاءآت بتلك الطلبات. لذلك نزلت الآية الكريمة التي تدل على ان الله يرفض طلب المشركين في إظهار معجزة من الرسول الكريم ويأمره بالترفع عن تحدياتهم، حينما قال سبحانه وتعالى (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(78)، ومفهوم هذه الآية يدل على ان تحدي الكفار للرسول الكريم محمد(ص) كان مرفوضاً لا يؤخذ به. فدعوة الرسول الكريم هي لهداية الناس الى الصراط الحق، وهؤلاء المغفلون يطلبون منه المعجزات المادية لاثبات أحقية دعوته.
لكن ما حصل فيما بعد، أثبت أحقية دعوة الإسلام التي جاء بها محمد(ص)، عندما هدى أمماً كثيرة كانت تعيش في منتهى الوحشية والذلة والتخلف الى الدين الحق والصراط السوي وتمكن من نشر الفضائل والأخلاق بينهم وأصلح وهذّب قبائل كانت أقرب الى الحيوانات المتوحشة في تصرفاتها منها الى الإنسان (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)(79). فمثلما كانت هذه المطالب غير منطقية وغير معقولة ولا توجد بينها وبين صحة الرسالة الإسلامية نسبة ولا صلة، كذلك لا توجد صلة بين يوم الحساب ومفهومه الحقيقي، وبين سقوط النجوم والكواكب على الأرض وطلوع الشمس من مغربها. فما هي الا رموز إلهية لا يدرك كنهها الا هو.

الهوامش

1 - سورة البقرة 2/285.
2 - انظر فصل عوالم الروح (الجزء الثاني).
3 - سورة النحل 16/83.
4 - سورة الروم 30/8.
5 - سورة الفرقان 25/44.
6 - إنجيل متى الإصحاح 21 الآيات من 33-42.
7 - سورة البقرة 2/210.
8 - سورة الفجر 89/22.
9 - سورة البقرة 2/223.
10 - سورة البقرة 2/46.
11 - سورة الأنعام 6/154.
12 - سورة الروم 30/8.
13 - سورة فصلت 41/54.
14 - سورة النساء 4/46.
15 - سورة المائدة 5/13.
16 - سورة الحجر 15/9.
17 - رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح الأخير (22) الآيات 18،19.
18 - توراة - دانيال - الإصحاح 12، الآية 4.
19 - توراة - نفس الإصحاح السابق الآية 9.
20 - الإنجيل - الإصحاح الأول الآية 20 و 21 رسالة بطرس الرسول الثانية.
21 - سورة البقرة 2/75.
22 - سورة الحج 22/47.
23 - سورة السجدة 32/5.
24 - سورة المعارج 70/4.
25 - سورة الحج 22/2.
26 - سورة الإسراء 17/13.
27 - سورة البقرة 2/25.
28 - سورة آل عمران 3/15.
29 - سورة النساء 4/13.
30 - سورة الانفطار 82/3.
31 - سورة التكوير 81/4.
32 - سورة التكوير 81/5.
33 - سورة الزمر 30/9.
34 - سورة البقرة 2/282.
35 - سورة آل عمران 3/30.
36 - سورة آل عمران 3/161.
37 - سورة الأنعام 6/132.
38 - سورة إبراهيم 14/51.
39 - سورة النحل 16/111.
40 - سورة طه 20/15.
41 - سورة ق 50/21.
42 - سورة الطارق 86/4.
43 - سورة الأعراف 7/53.
44 - سورة القيامة 75/19.
45 - سورة الحجر 15/9.
46 - سورة آل عمران 3/7.
47 - كتاب نهج البلاغة الجزء الثالث رقم الوصية 77 محمد عبده المصري.
48 - سورة الروم 31/32.
49 - سورة الأنعام 6/159.
50 - سورة الأنعام 6/65.
51 - سورة آل عمران 3/7.
52 - سورة الأعراف 7/53.
53 - سورة القيامة 75/19.
54 - سورة يونس 10/39.
55 - سورة النمل 27/82.
56 - سورة الأنفال 8/22.
57 - سورة الأنفال 8/55.
58 - سورة النحل 16/61.
59 - سورة فاطر 35/45.
60 - سورة الإسراء 17/13.
61 - سورة الأنعام 6/164.
62 - سورة الأحزاب 33/62.
63 - سورة فاطر 35/43.
64 - سورة يس 36/38.
65 - سورة يس 36/40.
66 - سورة الأنعام 6/31.
67 - سورة الأنعام 6/44.
68 - سورة الأعراف 7/95.
69 - سورة الأعراف 7/187.
70 - سورة يوسف 12/107.
71 - سورة الأنبياء 21/40.
72 - سورة الحج 22/55.
73 - سورة الشعراء 26/202.
74 - سورة العنكبوت 29/53.
75 - سورة الزمر 39/55.
76 - سورة الزخرف 43/66.
77 - سورة الرحمن 55/39.
78 - سورة آل عمران 3/183.
79 - سورة الأنبياء 21/107.



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلق الجديد
- نزع السلاح وأثره على البيئة
- ستعرفون الشجرة من ثمارها
- بين القرن التاسع عشر والعشرين
- صفحات تاريخ من نور
- ماهية النظام العالمي الجديد
- من أسباب تخلف العالم العربي وسبل الخروج منها
- يا أهل الشرق والغرب هلموا لنزع السلاح وكفانا حروب وعنف وأهلا ...
- السلام هو الأساس في حياة الإنسان
- العولمة والمجتمع البهائي في العالم الإسلامي
- السلام العالمي وعد حق من الله للبشرية
- جناحا الإنسانية
- الطبيعيين ومقولة-(أن الطبيعة خالقة للإنسان)
- محو التعصّبات بجميع أنواعها
- الدين الإلهي هو النور المبين والحصن المتين
- هشاشة النهج السياسي
- المنظورات الروحانية
- العلاقة بين الإنسان والطبيعة
- تحريف الكتب
- دروس فى الإسلام-محمد (الرسول النبي)-6-الأئمّة الأطهار -الأخي ...


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - زخْم رحمته