|
اخوان سوريا والغدر بالقضيتين
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد أن ذاق الاخوان المسلمون طعم الخيبة ونالوا قسطا من الاستصغار والاستهجان من – تعليق - معارضتهم للنظام والذي شكل فعلا معبرا عن موقف سياسي رغم أن ذلك لم يحرك ساكنا على الصعيد العملي بسبب غيابهم شبه الكامل عن الحياة السياسية السورية الداخلية وحجمهم المحدود في خارج البلاد فهم لا يقودون انتفاضة مسلحة في الداخل حتى يقرروا وقف اطلاق النار وينتهجوا سبيل المفاوضات السلمية ولا ينظمون اعتصامات وتظاهرات احتجاجية لافي داخل سوريا ولا في خارجها حتى يقرروا فكاكها وهذه الحقيقة دفعتهم الى اللجوء في حركتهم المسرحية الأخيرة الى العامل الخارجي وليس الى الارادة الشعبية السورية والمعارضة الوطنية التي نبذتهم باستثمار دماء شعب غزة لأغراض سياسية حزبية والتعلق بعباءة حماس وسائر جماعات الاسلام السياسي وسفطاط الممانعة في لحظة هياج – شبه – لهم فيها أن أولئك قاب قوسين أو أدنى من الانتصار وفرض الشروط على الآخرين وقد مضوا في ركوب عامل الخارج الغزاوي مزاودة في أبشع استغلال وكأنهم فطنوا من جديد الى وجود قضية فلسطينية بعد الانقلاب العسكري على الشرعية هناك لينطلقوا نحو الغدر بجبهتهم المفترضة وكل المعارضة السورية وقد قوبلت غدرتهم بالقضيتين بالادانة الكاملة والنقد بما يشبه الاجماع من الأطياف الوطنية السورية المعارضة وبعدم الاكتراث – كما يظهر - من جانب النظام ومن جميع القوى السورية والاقليمية والدولية ولم تتصدر فعلتهم نشرات الأخبار في الفضائيات ولم تجد لها مكانا حتى في باب الوفيات في الصحافة العربية وطال انتظارهم لتلك الساعة التي يمدد فيها البساط الأحمر لشيوخهم في مطار دمشق دون جدوى فهل أصبحوا كالزوج المخدوع - وهو تساؤل افتراضي اشكالي - على وقع مفاوضات حماس مع الاسرائيليين في باريس بوساطة ممانعي قطر ورسائلها الاستنجادية – السرية – الى الادارة الامريكية طالبة فيها الصفح والانصاف وتقاطر الوفود الأمريكية على دمشق لتنظيم خطوط تراجعات النظام حيث يراهن الاخوان المسلمون على صموده وموقفه تجاه شعب فلسطين حسب بيانهم – التعليقي - وفرض الشروط الأمريكية عليه في صفقة معروفة االنتائج والآفاق . سقطت حجة قيادة الاخوان الرئيسية في تغطية غدرة التعليق بالمزايدة فلسطينيا على الآخرين في الجبهة وغيرها أمام تزامن فعلتها مع تواتر معلومات عن قرب التفاهم مع النظام بعد محاولات سرية متعرجة من طرفها دامت سنوات وشهدت استقدام الكثيرين من مسؤولي وشيوخ جماعات الاسلام السياسي من أجل التوسيط لدى المسؤولين السوريين دون الاشارة اليها أمام قيادة الجبهة في يوم من الأيام لامن قريب ولا من بعيد مما أكدت مجددا على سلوكها الانتهازي واخفاء الحقائق عن حلفائها المفترضين حسب الأصول الجبهوية طيلة المدة الماضية حيث أتقنت صنعة التزين المصطنع بلبوس المعارضة لخدمة موقفها التفاوضي مع النظام في الادعاء الباطل بعضوية اعلان دمشق منذ مجلسه الوطني والتغلغل المخطط الى جبهة الخلاص بهدف الاستعلام والتعطيل وبث الفتن القومية في صفوفها وحرمانها من طاقات مكونات وطنية سورية هامة ومن دعم واسناد قوى عربية ودولية محبة للحرية والسلام ومتعاطفة مع الشعب السوري في محنته . السبب الآخر في غدرة التعليق هو انصياع الاخوان السوريين لقرار التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في وقف معارضتهم الاعلامية اللفظية للنظام السوري تمشيا مع أجندته السياسية الطامعة في استحصال امارة غزة من على طبق حماس وتمريرها اسرائيليا في غمرة اللعبة الدولية مدعومة من العوامل الايرانية والسورية الرسمية والقطرية والتركية وهم اخترعوا عبارة التعليق وبما يوحي الى الظرفية وسائر التفسيرات المتناقضة لاستيعاب الهزات المفترضة من أعوانهم برغم صفة - الدكتاتورية الجهوية – ذات اللون الواحد لقيادتهم الراهنة . انها محاولة فاشلة من قيادة الاخوان في وضع القضيتبن السورية والفلسطينية في اللحظة الراهنة على طرفي نقيض والايحاء بالمفاضلة الى حدود التضحية لواحدة من أجل الأخرى في حين أنهما متكاملتان في التاريخ والجغرافيا والأهداف في عملية مواجهة الاستبداد والعنصرية أيا كان لونه ولغته ونشدان الحرية والديموقراطية أينما وجدت وبالعكس من كل تلك الادعات لن يستقيم دعم ومساندة النضال الفلسطيني العادل من أجل الدولة الوطنية الديموقراطية العلمانية وتقرير المصير اذا لم يقترن باتخاذ الموقف الوطني السليم من القضية السورية بما هي مسألة انقاذ الشعب السوري وتحقيق التغيير الديموقراطي ودحر النظام المتلاعب بالنضال الفلسطيني منذ بداية سبعينات القرن المنصرم وفضح محور الممانعة بزعامة ايران ودوره التخريبي العدواني في مختلف قضايا التحرر والتقدم وبالأخص القضية الفلسطينية . فأية صلة بين تضامن مزعوم مع قضية عادلة مثل القضية الفلسطينية وتهادن فعلي الى درجة الانبطاح مع نظام مستبد ؟ هل دعم غزة المنكوبة يمر من دمشق وعبر بوابة قصر المهاجرين هل ان كل المساعدات التي انهالت على غزة مرت بمباركة النظام أليس هناك من النواحي الفكرية والسياسية والأخلاقية تناقض واضح وعميق بين قضية فلسطين التحررية الشرعية من جهة وبين طبيعة النظام السوري المعادي للديموقراطية والحرية وحقوق الانسان ذلك النظام الذي وقع مرشد الاخوان وصحبه على قرار اسقاطه ان هذا السلوك من جملة ما يعنيه جهل قيادة الاخوان بقضية الكفاح الفلسطيني منذ اطلاق الرصاصة الأولى من جانب حركة فتح منذ أكثر من أربعة عقود وحتى الآن مرورا بتضحيات الشعب القلسطيني بقيادة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية مثلها مثل غيرها من أقرانها تبدو غريبة طارئة في دنيا التحرر الوطني وعالمه المترامي الأطراف والغني بتراث مجيد في حب الشعب والحرص على سلامته وأمنه وعيشه الكريم وفي ثقافة الصدق والشفافية وقبول الآخر وفي ربط النضال القومي بالتقدم الاجتماعي وازالة الاستغلال الطبقي والاجتماعي وتحرير المرأة والحرص على الوحدة الوطنية بدون تمييز بسبب القومية والدين والمذهب وصيانة وحدة البلدان والشعوب دون تفريق بين المناطق والقطاعات لأسباب آيديولوجية عصبوية واعتبار الدين لله والوطن للجميع , ان أي تعامل مع القضية الفلسطينية خارج أطر القيادة الشرعية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات يعتبر مناهضا للارادة الفلسطينية ومثيرا للشكوك وفي خدمة أعداء شعب فلسطين لذلك فان المزاعم اللفظية والمبالغات الكلامية التي تصب لمصلحة حماس في غزة نكاية بالشرعية لاتعني الشعب الفلسطيني كثيرا بل تزيد من آلامه وتصب الزيت على نار انقساماته وتهدف الى تكريس الانقلاب العسكري الحمساوي ومحاولة شرعنته والدفع باتجاه اقتراف المزيد من الخطايا رغم الارادة الوطنية الفلسطينية وارادة العرب والعالم الحر . أخيرا هل يملك الاخوان المسلمون قدرة مبدئية في الاعتراف العلني أمام الشعب السوري بصلاتهم القديمة والجديدة مع النظام السوري والكشف عن وسطائهم والاعتراف علنا بالفشل والندم وبخطل مثل هذه الأساليب وتناقضها مع استراتيجية المعارضة الوطنية في الاتيان بالبديل الوطني ومخالفتها مع شعار التغيير الديموقراطي وهل لديهم الجرأة السياسية لتقديم الاعتذار العلني لكافة قوى المعارضة السورية وباأخص لجبهة الخلاص الوطني التي كانوا جزء منها لأكثر من ثلاثة أعوام ؟
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في تصريح نيجيرفان بارزاني حول الكرد والعرب
-
ادارة اقليم كردستان : خطوات بالاتجاه الصحيح
-
خذلان - الاخوان - من جديد
-
الاخوان المسلمون : تعليق - معارضة - أم تعليق الطربوش
-
مفاوضات - غير مباشرة ! - مع الكرد أيضا
-
دفاعا عن منظمة التحرير الفلسطينية
-
عنزة .. ولو طارت
-
المتحول في حروب الشرق الأوسط
-
فلسطين بين - الغفران - و - الفرقان -
-
وداعا محمود أمين العالم
-
تعقيب على بيان الاخوان المسلمين
-
اطمئنواحماس بخير تحت أنقاض غزة المنكوبة
-
نتضامن مع فلسطين ونرفض نهج – حماس -
-
الحل : ترميم البيت الكردي
-
- حذاء - الدمار الشامل
-
نهاية جنرال
-
ظاهرة الحوار المتمدن
-
غزوة بومباي
-
عندما يستغرب نائب الرئيس
-
- ضد العنف .. فلتتحدث المرأة بنفسها -
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|