ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:07
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
من قال بأن أميركا تغيرت ؟ وما هو شكل التغيير الذي حصل فيها ؟ إذا كان التغيير اقتصر على استبدال رئيس برئيس في بلد تعددي وديمقراطي كأميركا ، فهذا ليس تغييراً بقدر ما هو تقليد يتكرر مرة في كل أربع سنوات، وكأننا أمام فيلم طويل مضمونه واحد لكن التغيير يقتصر على شخصياته المحورية .
هي كذلك أميركا ، وهذا لا يمكن اعتباره بيروقراطية ، صحيح أن البيروقراطية ، غالباً ما تطال المؤسسات ، لكن من الصعب أن تطال مؤسسة الرئاسة في بلد كأميركا ، من هنا يساءل البعض ، ما الذي تغير في أميركا ؟.
هذا التساؤل يأتي في سياق الأخطاء الكبيرة التي وقعت بها إدارة الرئيس السابق جورج بوش على مدى ثمانية أعوام داخل أميركا وخارجها ، وتكاد تقترب لشدة تجاوزاتها وحماقاتها من أخطاء ألمانيا في العهد الهتلري من حيث ارتفاع مستوى التدخل في شؤون الدول الأخرى .
رغم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها بوش التي لا تقل فداحة عن أخطاء هتلر ، فإن أميركا لم تتغير ، ولا يمكن تشبيه ألمانيا النازية بأميركا المحافظة ، نظراً لأن ألمانيا تغيرت تغيراً راديكالياً من بعد هتلر ، بينما أميركا بقيت على ذات النهج ، بغض النظر عن شعارات التغيير الكبيرة التي أطلقها الرئيس باراك اوباما في حملته الانتخابية والتي ساهمت في إقناع الرأي العام بأن التغيير قادم لا محالة ، وهو ما لم يتحقق على المستوى العالمي وأن تحقق اقتصادياً على مستوى الداخل الاميركي .
التغيير في مفهوم دول الشرق الأوسط يعني القطع مع سياسة الإدارة السابقة ، على هذا الأساس جرى فهم التغيير ، وعليه بنيت الأحلام بربيع أميركي دافئ يزهر على دول الشرق بعد شتاء بوشي طويل .
للوقوف على واقع التغيير ، علينا بداية قراءة التصريحات التي أدلى بها الرئيس اوباما حول محاربة الإرهاب في أفغانستان وتجميد الملف النووي في إيران وكوريا الشمالية واستكمال منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية ، ودعم المحكمة الدولية الخاصة في لبنان ، ورفع الصوت عالياً دعما لإسرائيل ، هنا يتساءل قادة وشعوب الشرق الأوسط ، لماذا لا تتغير أميركا ؟.
أميركا لا تتغير ليس لأنها تسير وفق استراتيجية كونية ، بل لأن مصالح المجتمع الاميركي مسنجمة انسجاماً كاملاً مع تلك الاستراتيجية التي يتولى سيد البيت الأبيض - مهما كان لونه - تنفيذها ، فعسر التغيير الحاصل هو بسبب ثبات هذه المصالح الواسعة ، مصالح الفرد الاميركي .
قد يغير اوباما بعض السياسات الخارجية ، لكن لا يعدو كونه تغييراً لأجل إنعاش المصالح والحفاظ عليها بأي وسيلة كانت بما فيه التدخل في شؤون الغير .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟