|
التعاون الاستهلاكي وسيلة لمحاربة الغلاء وتفير الإحتياجات الإستهلاكية
محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 04:27
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يتم حاليا في الكثير من الدول اعداد استراتيجيه جديده للتجاره الداخليه وتفعيل دور جمعيات حمايه المستهلك لمواجهه الغلاء.. وجنون الاسعار المتصاعد يوما بعد يوم في جميع السلع خاصة الغذائيه. وتعتبر قضيه تنظيم التجاره الداخليه في كل دول العالم وخاصة الدول النامية قضية مصيرية تستهدف توصيل السلع الضروريه للمواطنين بالاسعار المناسبه وتحقيق العداله في توزيع الدعم ليصل الي مستحقيه، وتعتبر من ابرز القضايا التي تواجه العمل الوطني في أي دولة. وتعتبر الجمعيات التعاونيه الاستهلاكيه باعتبارها منظمات شعبيه ذات اهداف اقتصاديه واجتماعيه من افضل الوسائل المتاحة للدوله لتنفيذ السياسات الاقتصادية اللازمة لاستقرار التجاره الداخليه بعيدا عن الاستغلال وسلسله الوسطاء وهي منافذ التوزيع الطبيعيه وصمام الامان لمواجهه الغلاء ووطاه زياده الاسعار وحمايه مصالح محدودي الدخل. وتبذل الكثير من الدول جهودا كبيره ومتواصله لتحقيق العداله الاجتماعيه بين المواطنين، وتفير الغذاء خاصة في ظل الظروف العالمية حيث يعاني العالم من أزمة غذاء طاحنة. وتتحمل العديد من الدول سنويا الملايين من الجنيهات لدعم السلع الاساسيه لتصل الي المواطنين بالجوده المطلوبه والاسعار المناسبه. ان تثبيت الاسعار مسئوليه الحكومه انه ستتم اقامه اسواق حضاريه دائمه للمنتجات والسلع المختلفه لضرب المستغلين والمساعده في تثبيت الاسعار.وان التحدي الحقيقي الذي الذي يواجه الحكومه هو تثبيت الاسعار والتصدي للجشع وياتي ذلك بتضافر كل الجهود وفتح اسواق ومنافذ جديده في جميع القري والمدن حتي يمكن عن طريقها الضغط علي المتحكمين في هذه السلع بعدم رفع الاسعار بما يخدم المستهلك والتخفيف من مشكله ارتفاع الاسعار المتفاقمة.
ان المسئوليه الاجتماعيه في ظل اقتصاديات السوق تعني في احد جوانبها الا تتخلي الدوله عن دورها في ضبط موازنه الاسعار من اجل حمايه الفئات الاقل قدره و ان من اهم الادوات التي تملكها الدوله في هذا الاطار قدرتها علي منع المضاربه والتلاعب في الاسعار والسيطره علي السوق ويجب علي الحكومه سرعه إصدار قانون تنظيم المنافسه ومنع الاحتكار وتحديد نص يخص علي ان السيطره علي20% من حجم السوق تعتبر احتكارا، مع انشاء جهاز تنظيم المنافسه ومنع الاحتكار ومنح الجمعيات التعاونية وجمعيات حمايه المستهلك حق رفع الدعاوي القضائيه ضد الممارسات الضاره بالسوق والعمل علي احتفاظها بالقدره علي التاثير في الاسعار من خلال امتلاكها لبعض المنافذ التي يمكن من خلالها توفير كميات من السلع الاساسيه للمواطن وباثمان تكبح جماح الاتجاه التصاعدي للاسعار في هذه السلع وتتصدي لاي نقص مفاجيء قد يحدث فيها، مع ضروره تفعيل دور القطاع التعاوني باعتباره احد الاليات المهمه التي تسهم في ضمان الاتجاه التنازلي للاسعار في ظل اقتصاديات السوق. لقد واجهت بلدان العالم جميعا المشكله نفسها وكان النظام التعاوني هو الاداه لتحقيق التوازن والعداله بين الريف والمدن والحد من استغلال الوسطاء للمواطنين وخاصه في مجال السلع الاستراتيجيه. ان التعاون الاستهلاكي علي خريطه العالم يمثل اهم اشكال الحركه التعاونيه من حيث اتساع مداه وانتشاره او بسبب ما يحدث من تحولات اقتصاديه واجتماعيه عميقه وهو الحل الحاسم لمواجهه الغلاء وزياده الاسعار. ولقد نجح التعاون الاستهلاكي علي امتداد دول العالم في تقديم الخدمات للجماهير العريضه بالاسعار المعتدله بعيدا عن ارباح الوسطاء واضافات التجار والقضاء علي السوق السوداء والسماسره لانه يقوم علي الخدمه الانسانيه لا للربح. ويمثل التعاون الاستهلاكي احد الحلول الحاسمه لقضيه ضبط الاستهلاك القومي.. علاوه علي انه سلاح المواطنين الغلابي وذوي الدخل المحدود في مواجهه الغلاء المتزايده.. والحد من اساليب الاستغلال والغش في السلع والخدمات. والجمعيات التعاونيه الاستهلاكيه هي جمعيات شراء وبيع وانتاج وتوزيع السلع الغذائيه والملابس والمفروشات والمواد والادوات الكهربائيه وهي جمعيات ذات فروع عديده ومتكامله تقوم علي توزيع البقاله والخضر والفاكهه واللحوم والطيور والاسماك وتملك وتدير متاجر بيع مستلزمات المنازل والملابس كما تملك وتدير المقاهي والمطاعم والفنادق ودور العلاج وبعض وحدات النقل الداخلي. والهدف من التعاونيات الاستهلاكيه بصورة عامة، تحقيق وفره السلع وحمايه المستهلك من سلسله الوسطاء وخاصه تجار التجزئه والغش والسوق السوداء كما انها تهدف الي تنقيه التعامل من الاستدانه وتداول السلع الضاره وتسعي الي تحقيق سيطره المستهلكين علي الاسواق، وتوفير السلع الغذائية وغير الغذائية بالجودة المناسبة. ومن امثله هذه الجمعيات كل التعاونيات التي تؤسس في المدن والقري في شكل مستقل او ملحق بالجمعيات التعاونيه الزراعيه وكذلك الجمعيات التعاونيه المهنية التي تتكون داخل البنوك والشركات والوزارات والمصانع حيث يكون المساهمون من ابناء المهنه الواحده او العمل الواحد او الروابط المسجله وكذلك الجمعيات المدرسيه. ومن فروع التعاون الاستهلاكي الجمعيات المتخصصه في الخدمات مثل النقل والعلاج والتوفير والتسليف غير الانتاجي والتامين. والتعاون الاستهلاكي بصوره عامه يختص بتلبيه كافه احتياجات الانسان من الماكل والمشرب وسائر الخدمات الصحيه والتامينيه ومايحتاج اليه الانسان من حمايه دخله وكيفيه التصرف فيه بالادخار والانفاق بعد ان يعطي هذا الدخل قوه شرائيه اكبر وهو يعتبر راس المال خادما لاسيدا ومن ابرز مميزاته ان الارباح التي تكونها الجمعيات تعود الي مشتركيها من المستهلكين كعائد معاملات.
وتضم خريطه النشاط الاستهلاكي في السودان آلاف الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والتي يبلغ حجم عضويتها الملايين من الاعضاء.. ورغم ان هناك عددا من النماذج التعاونيه السودانية الرائده.. الا ان البنيان التعاوني السوداني بصفه عامه ضعيف ويفتقر الي المقومات الاساسيه، ويفتقد في قمته في الاتحاد التعاوني القومي للقياد التعاونية ذات الكفاءة والخبرة والمعرفة والعلم، بالاضافة الي التجديد والابتكار. التعاون الاستهلاكي في السودان بحاجه الي هزه عنيفه وثوره شامله وتغيير كامل ليواجه التغيرات الجديده ويكون بحق سلاح الجماهير في مواجهه ظاهره الغلاء.. وندره السلع.. وزياده سيطره الوسطاء علي سوق التجاره الداخليه، وهو مسئولية مباشرة للتعاونيين وللقيادة التعاونية، خاصة في الاتحاد التعاوني القومي الذي أخفق إخفاقا بينا في الارتقاء بالتعاونيات السودانية وجمد التجربة التعاونية السودانية الثرة، في وقت حرج وظروف معيشية قاهرة تحتاج حوجة فعلية لخدمات التعاونيات بصورة عامة والتعاونيات الاستهلاكية بصورة خاصة. لابد أن يسعي التعاونيون لانتزاع حقوقهم لدعم الحركه التعاونيه الاستهلاكيه وحمايتها من الاحتكارات التجاريه واساليب المنافسه غير النزيهه وصولا لتمكنها من الاسهام في حل المشكله التموينيه من حيث سوء التوزيع وارتفاع الاسعار. والضغط علي الحكومة للسماح للتعاون الاستهلاكي بمزاوله تجاره الجمله في كل فروعها جنبا الي جنب مع شركات القطاع العام وبالتيسيرات نفسها التي تمنحها الدوله ودعم الجمعيه التعاونيه للسلع الاستهلاكيه. وان تخصص الدوله اعتمادا نقديا كافيا كقروض ميسره معتدله. إضافة الي ذلك العمل الجاد علي إصلاح التعاونيات القائمة وتشجيع قيام الجمعيات الاستهلاكيه وتوسيع نطاقها وحجم عملها ومجال عضويتها لامكان الرقابه علي نشاطها من ناحيه ولحمايه المشتركين فيها من المغالاه في الاسعار من جانب تجار التجزئه وحفزهم علي تحسين نوعيه السلع من ناحيه اخري. وتكوين جمعيات حمايه المستهلكين.. لكشف الغش في الاعلانات التجاريه وتنشيطها من خلال تعليم وتثقيف المراة، كعامل فعال لضبط الاستهلاك. لابد لنا من تفعيل دور التعاونيات في زياده الانتاج السلعي والخدمي بمايكفل اشباع احتياجات نسبه اكبر من السكان اعتمادا علي الانتاج المحلي ومن ثم تقليل الواردات وتضييق فجوه الميزان التجاري. و تفعيل دور التعاونيات في الحد من ظاهرتي الفقر والتهميش للفئات والمناطق الاجتماعيه الدنيا بمايؤدي الي تنشيط الطلب وتقليل الفوارق الاجتماعيه، وتاكيد دورها في تحسين جوده المنتجات بمايكفل لهذه المنتجات القدره التنافسيه في الداخل والخارج ويسهم بالتالي في زياده الامكانات التصديريه.
#محمد_الفاتح_عبد_الوهاب_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السودان ... التحول الديمقراطي وقراءة في معايير وأسس الحكم ال
...
-
التنمية والمشكلات المؤسسية للعمل الطوعي
-
أثر الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوداني
-
النهوض بالمرأة وإشراكها ضمان لأمن وسلام دارفور
-
المحاصيل والمنتجات المعدلة جينياً وانتهاك حقوق البشر في الغذ
...
-
التضخم !!!
-
نظام الكوته والتمثيل النسبي ضمان مشاركة منصفة للمرأة في الان
...
-
مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية
-
التعاونيات وسيلة مثلي لاستغلال التمويل الأصغر في التنمية ومك
...
-
قانون الانتخابات والأنظمة الانتخابية
-
أثر الممارسة الانتخابية للمرأة من خلال التعاونيات في تفعيل م
...
-
محو الأمية التعاونية ضرورة لتحقيق التنمية الزراعية والريفية
-
الديمقراطية، الأحزاب السياسية والانتخابات
-
الطريق نحو إصلاح تعاوني عاجل -تطوير وتنمية الجهاز الإداري وا
...
-
أعيدوا النظر في أسس وسياسات التمويل الأصغر
-
التعاونيات مشاركة مع القطاع الخاص وليس منافسة
-
التنمية الزراعية والتنمية الريفية في توفيرالغذاء والرعاية ال
...
-
الذرة ... بنك السودان والقرار القاصر
-
موازنة العام 2008م هل تساهم في بناء أمة سودانية؟
-
منظمات المجتمع المدني... والعقد الاجتماعي
المزيد.....
-
الصين تحظر تصدير مواد للصناعات العسكرية إلى أميركا
-
فايننشال تايمز: هل بدأت روسيا بدفع فاتورة الحرب؟
-
الوون الكوري الجنوبي يهوي عقب إعلان الأحكام العرفية
-
مصر تكشف عن موعد استحقاق ودائع سعودية بقيمة 5.3 مليار دولار
...
-
تونس.. عائدات السياحة تتجاوز 2.2 مليار دولار وسط توقعات قياس
...
-
وزير مالية إسرائيل: البرلمان سيصوت الأحد على موازنة 2025
-
قرار صادم.. رئيس كوريا الجنوبية يعلن الأحكام العرفية بالبلاد
...
-
استمرار تدهور مناخ الأعمال بقطاع السيارات في ألمانيا
-
بحضور ماكرون.. السعودية توقع اتفاقيات مع شركات فرنسية
-
مصر.. ساويرس يمنح الجامعة الأمريكية أكبر تبرع في تاريخها ويت
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|