أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - الحاضر والغابر من حديث البصرة !















المزيد.....

الحاضر والغابر من حديث البصرة !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 787 - 2004 / 3 / 28 - 13:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لماذا أناخت القوات البريطانية بدباباتها في البصرة ، وهي تجتاح أرض العراق جنبا الى جنب ، مع القوات الامريكية ، والقوات الحليفة الأخرى في حرب الامبريالية – الدكتاتورية الأخيرة ؟
كنت كثير ما سألت نفسي هذا السؤال ، وربما سأل غيري من العراقيين ، أو من غيرهم نفسه سؤلا كهذا ، وقد يجيب مجيب أن طبيعة العمل العسكري اقتضت ذلك، وإذا كانت طبيعة المعارك توجب المكان هذا ، فلماذا لم تختر دولة أخرى ، عدا بريطانيا ، أو مجموعة دول من الحلفاء التي يربو عدها على اربع وثلاثين دولة بالعد الأمريكي، وليس بعدٍ غيره ؟
وقد يقول هذا المجيب : إن الانجليز يملكون من تجارب الحرب في العراق الكثير، فهم الذين نزلوا في الحرب العالمية الأولى أول ما نزلوا في البصرة ، حين أرادوا مقاتلة العثمانيين على أرض العراق ، وبهذا فهم يعرفون طبيعتها كأرض ، ويعرفون طرق التعامل مع أهلها كبشر ، ورغم وجاهة هذا الجواب ، لكنه يبقى جوابا قد تجاوزته الأحداث والزمان معا ، فالأمريكان جيوشا وأساطيلا ما كانوا غرباء على الخليج وأهله ، وقواتهم منذ مايزيد على عقد من الزمان ، وفيما سمي بحرب الخليج الثانية ، قد تجاوزت البصرة ، ووصلت الى السماوة ، وعلى هذا يظل الشك يحوم حول جواب كهذا .
يقول الناطق العسكري البريطاني الرسمي الحالي الرائد ، ديفيد كينغ ، تعليقا على ما يقوم به مرتزقة ايران ، مثلما يطلق عليهم أهل البصرة ، من أعمال مشينة، كقتل اخوتنا المسيحيين دون وجه حق ، أو ملاحقة النساء السافرات دون أدنى خجل ، هذه الأعمال التي يريدون من ورائها تحويل البصرة الى ولاية اسلامية ! في احتلال ايران السلمي لها ، أو للمحافظات الجنوبية التي هي تحت أمرة القوات البريطانية ، والتي تضم الناصرية والعمارة كذلك ، يقول هذا الناطق : نحن لسنا هنا لفرض اسلوب حياتنا على غيرنا ، نحن هنا من أجل توفير الأوليات الأساسية كي نساعد العراقيين في الوقوف على أقدامهم .
لاحظوا معي الدجل الانجليزي الذي اعتاد عليه الأنجليز ، والذي يتوارثونه جيلا عن جيل ، ألم يخطب جد هذا الرائد ، الجنرال مود فينا نحن العراقيين قائلا : جئنا محررين لا غزاة ! والأن يقول هو : انهم في البصرة ليس من أجل فرض اسلوب حياتهم على سكانها ، حسنا ، ولكن كيف يسمحون لنفر أن يفرضوا اسلوب حياتهم على أهل البصرة ؟ أليس أمن مواطني البصرة ومواطناتها من مسؤوليتهم الأمنية والأدبية ؟
قبل وجود الجنود البريطانيين لم يقتل مسيح واحد بحجة بيعه الخمرة ، ولم تطارد أمراة سافرة في شوارعها ، ثم ما هي الأوليات الأساسية التي يريد البريطانيون أن يوفروها للعراقيين ، إذا كان المواطن العراقي الذي يعيش تحت حكمهم لا يأمن على حياته ولا على عرضه ؟
هذا كل ما نقل عن هذا الناطق العسكري البريطاني ، فهل كان السبب هو عدم رغبة القوات البريطانية فرض اسلوب حياتهم ، والذي لم يطالبهم أحد من العراقيين بفرضه ، بقدر ما يطالبهم أهل البصرة بصون حرامات الناس وحياتهم ، وألا تفرض جهة أيّا كانت هذه الجهة اسلوب معينا عليهم في ملبس أو مأكل ، وأن تحترم الحرية الشخصية للفرد فيها ! ؟
دعونا نعود للتاريخ الغابر القريب ، والى أيام حرب الخليج الثانية ، فقد صرح وزير خارجية أمريكا السابق ، جيمس بيكر ، زمن الرئيس جورج بوش الأب بأنه
قد ايقض من نومه على إثر مكالمة تلفونية من سفير الاتحاد السوفيتي في الولايات المتحدة الأمريكية ، قبيل نشوب تلك الحرب بساعات معدودة ، وكان وقتها قد توقع أن السفير يريد أن ينقل له خبرا من بغداد فحوهاه هو أن صداما قد قرر سحب قواته من الكويت ، لكن أحلام بيكر هذه قد تبخرت حين وضع أذنه على سماعة التلفون ، لينقل له تأكيدات قطعية من السيد هاشمي رفسنجاني ، رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية بعدم تدخل ايران لا من قريب ولا من بعيد في الشأن العراقي في حالة نشوب حرب بين أمريكا والعراق .
هذه الحادثة تكشف لنا كيف تصاغ سياسة المساوماة خلف الكواليس ، بين ايران وغيرها من الدول ، وبعيدا عن النفاق الاعلامي ، والبكاء على الشيخ أحمد ياسين!
هذا عن ايران ، فكيف هو الحال مع دهاة السياسة من الانجليزية ؟ دعونا نعود الى الغابر البعيد من التاريخ ، إذ يكتب المستر ستيفن هيمسلي لونكريك في كتابه : أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث* ، وفي واحد من احتلالات ايران للبصرة، كيف خان الانجليز سكان البصرة الذين كان يعيشون بينهم ، وكيف اتصل اسطولهم سرا بالايرانيين الذين استولوا على البصرة في منتصف نيسان سنة 1776 م ، وباحتلال سلمي بعد حصار دام سنوات ، وكيف انسحب الوكيل البريطاني مع حاشيته ، مبديا بذلك أقل ما يمكن من الرفعة وسمو النفس ، ثم كيف ساهم مرتزقة من العرب في هذا الاحتلال الذي أفضى الى هلاك الناس في المدينة، وها هو الكاتب ذاته يرسم لنا صورة عن حال البصرة بعد الاحتلال الايراني السلمي لها ، وتخلي البريطانيين عن أهلها فيكتب : ( وقد عانى سكان البصرة أوانئذ تفشي الطاعون المروع ، والخدمة العسكرية الصارمة ، وأهوال المجاعة ، واحتلال الايرانيين للبيوت ، ولو لم يكونوا منحطي القوى ، وخائري العزائم ، لحدثت ثورة عارمة تقضي على الحكم الايراني . وعلى هذا لم يبق في نفوس أهل البصرة إلا بصيص أمل كان معلقا بالقبائل المجاورة ... وكان المنتفكيون في هذه الاثناء يقفون بالمرصاد لضعف أو وهن يستغلونه في الايرانيين ) وقد نجح المنتفكيون بقيادة الشيخ ثامر ، فيما بعد ، من ابادة جيش ايراني كبير عند منطقة الفضيلية ، ولم ينجُ منه إلا ثلاثة أنفار فروا راجعين الى البصرة ، وكان الشيخ ثامر لا يوالي العثمانيين ، ويمقت الايرانيين الذين رفض كل عروضهم ، ومنها جمل دينية ذات طابع شيعي .
لقد تحولت البصرة بعد هذا الاحتلال من مدينة الى قرية ، وقل عدد سكانها ، وتفشت الأمراض بينهم ، ثم فرض الايرانيون ثمن احتلالهم لها على كل واحد منهم ، وخمدت الحياة التجارية كلية ، مما اضطر الشركة البريطانية الى غلق معملها فيها .
هؤلاء هم الانجليز في سياستهم التي تصنعها الكواليس ، وليس قول الناطق العسكري الرسمي البريطاني ، وهو يتحدث في دجل واضح للصحفين في بصرة اليوم ، من أنهم لا يريدون فرض اسلوب حياتهم على سكانها ، بينما الحقيقة تشير الى مساوماة انجليزية – ايرانية تحفظ لكلا الطرفين مصالحهما في العراق وغيره، تمشيا مع السياسة الانجليزية المعتمدة اتجاه ايران ، والتي تعتمدها دول المنظومة الأوربية كلها ، تلك السياسة المعروفة : بسياسة الحوار الهاديء ، على عكس الشد الأمريكي معها ، ولهذا فقد اختيرت القوات البريطانية كي تبسط سيطرتها على المحافظات الجنوبية : البصرة والناصرية والعمارة ، وفقا لترتيبات جرت بين الحلفاء وايران قبيل أن تشتعل نيران الحرب .
وعلى هدي من سياسة الحوار الهاديء هذه يكون قتل عراقي مسيحي يبيع خمرة في البصرة ، أو مطاردة امرأة سافرة فيها ، من باب الجمل الدينية الشيعية التي حاول القائد الايراني صادق خان مداعبة مشاعر الشيخ ثامر المنتفكي فيها ، والتي رفضها الشيخ المذكور رفضا قاطعا ، وعلى هذا بات على الناس في البصرة أن يستوعبوا تاريخهم البعيد والقريب ، ويتيقنوا أن لا طهران ولا لندن تريد بهم خيرا ، وعلى هؤلاء الساعين الى تشكيل ولاية فيها أن يتعضوا بإمارة ابن لادن وملا عمر في افغانستان ، ذلك حين صارت تلك الامارة هباء منثورا ، وحين صار ابن لادن وملا عمر من الكلاب الضالة التي تطاردهم القوات الأمريكية والباكستانية والايرانية وغيرها من قوات الدول الاخرى ، بعد أن اقتضت مصلحة تلك الدول القضاء على تلك الإمارة التي أتى بها الأمريكان وحلفاؤهم من القرون الوسطى في وقت من الأوقات .
* اتمنى من صميم القلب لو أن كل عراقي قرأ هذا الكتاب رغم غثاثة اسلوبه وترجمته .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظرف الشعراء ( 11 ) : مسلم بن الوليد
- هروب الظالم وهجرة المظلوم !
- ظرف الشعراء (10) : حمّاد عجرد
- ألوان من الشعر : ثلاث قصائد
- العراقية والتهديدات العماشية-الايرانية الجديدة !
- ظرف الشعراء (9) : إبن مناذر
- عام على سقوط القتلة !
- ظرف الشعراء (8) : كثير عزة
- صبيحة والموقف الايجابي من المرأة !
- ظرف الشعراء (7) : أبو نواس
- الزرقاوي ورسالة مخابرات الدولة !
- أزمة السكن و تصريحات الوزير !
- ولكنه ضحك كالبكا !
- حين صار كوكس مُلا !
- رشى صدام من القصور الى الشوارع !
- ظرف الشعراء (6) : ليلى الأخيلية
- شباط : الماضي والحاضر !
- ظرف الشعراء (5) : دِعبل الخزاعي
- مرفوض في عمان مقبول في بغداد !
- ظرف الشعراء ( 4 ) : بشار بن برد


المزيد.....




- مسؤول أمريكي: إسرائيل أول دولة تتفاوض مع ترامب بشأن الرسوم ا ...
- ترامب يفكك أجهزة الحكومة: العاصفة تهز مركز الأرصاد الجوية
- الخارجية الإيرانية تؤكد أن طهران لم تسع قط لامتلاك أسلحة نوو ...
- حرائق الغابات تستعر في جميع أنحاء نيبال وتهدد القرى والبنى ا ...
- غزة: غارات إسرائيلية جديدة تقتل العشرات بينهم إعلامي وحصيلة ...
- حكومة الوحدة الوطنية تعفي الليبيين في تونس من الغرامات وتصدر ...
- المفوضية الأوروبية تفضل الحوار مع واشنطن لحل رسوم ترامب الجم ...
- ظاهرة جيولوجية غير مسبوقة.. صفيحة أرضية قديمة تبتلع أجزاء من ...
- الداخلية السورية تكشف ملابسات هروب 6 نزلاء من سجن السلمية في ...
- العثور على جسيمات بلاستيكية دقيقة في 9 أنهار أوروبية كبرى


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - الحاضر والغابر من حديث البصرة !