أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد مقصيدي - لماذا نرفض إمارة المؤمنين















المزيد.....

لماذا نرفض إمارة المؤمنين


محمد مقصيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 09:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خلاص النفوس ليس من شأن الحاكم المدني , واحدة من الخلاصات التي حاول أن يجعلها جون لوك إحدى قواعد التعاقد السياسي داخل الدولة في كتابه رسالة في التسامح . المبدأ ذاته يتناطح حوله الكثيرون في العالم العربي . وإن كان الأمر قد حسم منذ زمن طويل في أوربا والدول التي قطعت أشواطا في إحترام حريات وحقوق الإنسان , فإن العالم العربي الإسلامي لا يزال يعيش تحت صخرة سيزيف . الصخرة التي عليه أن يحملها فوق ظهره بلا معنى بكل آلامها . الصخرة التي لا تتركنا نتنفس الهواء بحرية . الصخرة التي تدحرجت قادمة عبر قرون إلى اليوم فوق العظام البشرية . هل مكتوب أن نعيد إنتاج نفس مسار أوربا عبر محاكم التفتيش وصكوك الغفران والتحالف بين المؤسسة الدينية والسياسية ضد الشعب ؟ هل نحن في حاجة إلى بروتستانتية إسلامية حتى نصل إلى مرحلة تكف فيها المؤسسات الدينية عن تخذير الشعب وإستغلاله وتسخيره كعبيد لصالح الأنظمة المخزنية ؟

لقد مارست وتمارس الدولة المغربية إستعمال الدين كوسيلة لترويض المغاربة وإرهابهم أحيانا أخرى . لكن , إلى متى يمكنها المراهنة على ذلك ؟ لقد تغير المنطق التاريخي الذي كانت فيه السلطة السياسية في حاجة إلى تعميد ديني , لقد إنتهى بدون رجعة الزمن الذي كان فيه تأسيس الدول يتم بمباركة فقهاء الزوايا . يمكننا أن نفهم ذلك التداخل الديني السياسي في القرون الوسطى , حيث كانت نشأة كل السلط السياسية من أدارسة ومرابطين وموحدين وعلويين ...وغيرها تجد مرتكزاتها المرجعية والإيديولوجية للإنقلابات السياسية أو في تداول السلطة بالإرتكاز على الوهج الديني . إذ كانت شعاراتها الكبرى الإصلاح الديني أكثر منه الإصلاح السياسي . الشيء ذاته لم يكن غريبا على ثقافة الإسلام السياسي عموما . فمنذ وفاة الرسول , حدث الصراع حول السلطة السياسية بمرجعية دينية كما جاء في الحديث 3467 من صحيح البخاري حول النزاع بين الأنصار والمهاجرين حول الرئاسة , الذي كاد أن يتطور إلى معركة دموية حول السلطة السياسية , المعركة التي لم تدفن أحقادها كثيرا إذ تأججت وحضرت في عروق الصراع بين علي ابن إبي طالب من جهة وزوجة الرسول عائشة وعثمان بن عفان من جهة أخرى . لا أريد الإبتعاد في التاريخ كثيرا , لكنني أردت الإشارة أن المرور إلى السلطة السياسية كان دائما ولا يزال بضوء أخضر ديني . هنا , يمكن إستيعاب مجموعة من المؤسسات السياسية ودورها كإمارة المؤمنين مثلا , التي لا مبرر لها سوى كبح جماح المؤسسة الدينية وجعلها خاضعة تماما للمؤسسة السياسية .

المؤسسة الملكية تعاملت بذكاء مع المؤسسة الدينية وقلبتها من أداة ضغط ضدها وسلطة موازية إلى وسيلة ناجعة لخدمة تصورها السياسي بل أصبحت أداة ضرورية أحيانا لإستمرار صلاحياتها المطلقة وممارسة الوصاية على كل المكونات السياسية . كما أن بعض الاحزاب والحركات استغلت بدورها أيضا هذا التغلغل للفكر الديني الذي وصل في أحايين كثيرة للفكر الخرافي لدى الفئات الشعبية وحاولت أن تبني لها قاعدة تمكنها من مساومة النظام الحاكم .

لا ننكر أن الفكر الديني عموما يمنح بعضا من الهدوء النفسي كما يقول فرويد , ويساهم في التخفيض من الإحتقان الإجتماعي والمطالبة بالحقوق والحريات والإنخراط في الصراع من أجل العيش بكرامة . فليس حاملوا فكرة الإسلام السياسي عموما في عجلة من أمرهم ولن يطالبوا كثيرا بالمحاسبة مادامت هنالك محاسبة في الآخرة , وأنهم يعيشون دائما بالأمل الكبير , أمل الجنة . إن الخطاب الغيرمنطقي الذي تروجه الأحزاب والحركات الإسلامية سهل للغاية ولا يمكن معرفة نتائجه إلا بعد الموت . حيث ليست لتلك الأحزاب الإسلاموية والحركات مشروع سياسي واضح , بالمقابل فهي تتبنى موقف أخلاقي يعد الناس بأن ينقصوا من درجة محرار الإلحاد والتفسخ ويرفعون من نسبة كل ما يمكن القيادة إلى الجنة . وبالطبع هم لا يفعلون ذلك من أجل حياة المواطنين ولكن من أجل آخرتهم .

حزب العدالة والتنمية الذي يريد أن يغطي الشمس بالغربال , الإسلامويون أكثر من المغاربة لماذا لا يواجهون الخروقات السافرة لحقوق الإنسان ؟ لماذا لا يغرقوا البرلمان بملاحظاتهم حول المعطلين كما يفعلون حول المينيجيب ؟ حزب العدالة والتنمية الذي يتحالف كل منتخبيه في المجالس الجماعية البلدية والقروية مع الأحزاب الأخرى بلا استثناء ضد الشعب ؟ لماذا هذا الحزب الذي يدعي الإسلام رفع الدنيا ولم يقعدها بخصوص مدونة الأسرة ضد الأحزاب اليسارية , في حين عندما ذكرت الخطة مقرونة باسم الملك صوتوا بالإجماع دونما اعتراض ؟؟؟ فأين ذهب إسلامهم في تلك اللحظة ؟ حزب العدالة والتنمية الذي يداهن كباقي الأحزاب بنيات المؤسسة السياسية لأنه يتقاسم معهم الكعكة ؟ ذكرت فقط العدالة والتنمية لأنهم مشاركون في صنع السياسات الفاسدة في المغرب . أما تلك المسلسلات على شاشة التلفزيون التي يحاولون فيها إدعاء البطولة فلم تعد تنطلي حيلتها على أحد . الأمر نفسه بخصوص الحركات الإسلاموية الأخرى المتشددة والتوتاليتارية والتي لا تؤمن بالمساواة واحترام الرأي والإنسان . لا أريد التطرق إلى الحركات الإرهابية لأنهم بكل بساطة مجرمون مقنعون في ثوب سياسي .

لماذا نرفض استمرار مؤسسة أمير المؤمنين ؟

يقول أبيقور : لم أبالي أبدا بالعوام . لأن ما أعرفه لا يوافقونني عليه . وما يتفقون عليه لا أعرفه . أولا , فباعتبار الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الدين فهذا يمنحه اختصاصات سياسية لانهائية , وهذا يتعارض مع دولة الحق والقانون . ثانيا , فالملك هو ملك للكل ويحمي مصالح الكل , خاصة إذا عرفنا أن ثمة مغاربة يهود وآخرين غير مسلمين , وهذا يتعارض مع حرية الإعتقاد . فلا يمكن لأحد كيفما كانت سلطته أن يفرض على شخص معين أن يعتنق دينا معينا وإلا كان الأمر اضطهادا دينيا وهو لا يختلف بأي حال من الأحوال عن الأنواع الأخرى من الإضطهاد . لنتصور أن فرنسا مثلا أو إيطاليا كانت تمنع المغاربة من بناء المساجد ؟؟؟ سوف يقول الكل أنها هجمة تستهد ف الإسلام . لنتصور أن فرنسا منعت المغاربة من الحديث حول الإسلام مع الأوروبيين واعتبروه حملة تبشرية إسلامية كما يفعل المغاربة عندما يتحدثون عن خطر التبشير المسيحي على المغرب ؟؟؟ ولا يتحدثون عن خطر التبشير الإسلامي على الغرب . أشياء كثيرة لا أفهمها , في الأسابيع القليلة الماضية قرأت خبرا حول توقيف مجموعة من الأفارقة لأنهم حاولوا أن يبنوا كنيسة ليتعبدوا فيها , وأطلت علينا المؤسسات الدينية بشجبها المطلق وبأنها ستتصدى بكل جرأة للمحاولات التي تستهدف الإسلام . بالطبع كل ذلك يجري بمباركة السلطة السياسية وتحت إمارة المؤمنين . ألا يخجلون قليلا من أنفسهم ؟ لنتصور أن المغاربة في أوربا ردت عليهم الدول التي تستضيفهم أنها ستتصدى لكل محاولات زعزعة عقيدة المسيحيين واليهود ؟؟؟ حتى أن فرنسا عندما طلبت أن لا تدخل كل الشعارات الدينية لمؤسساتها الرسمية اعتبره المسلمون هجوما ضدهم علما أن اليهود أيضا منعوا من غطاء الرأس والمسيحيين من حمل الصليب . فكيف هذا التناقض في مواقف المؤسسات التيوقراطية ؟؟

إن المسألة الدينية مسألة شخصية , ولا يمكن أبدا إقحامها في الحقل السياسي . فلا يمكن في القرن الواحد والعشرين الإستمرار بدولة تيوقراطية لا تحترم الأدبيات الأولى لحقوق الإنسان وهي حرية الإعتقاد . إننا نرفض إمارة المؤمنين لكي لا تتم المزايدة على أحد بالشرعية الدينية . إننا نرفض إمارة المؤمنين لأن لا معنى لها في البنيات السياسية الديموقراطية . إننا لسنا في زمن الحروب الصليبية أو في عصور الفتوحات الدينية . لا يمكننا الإرتكاز على دعامات من أجل تحقيق الحرية والديموقراطية وكرامة الإنسان دونما فصل واضح بين الديني وهو علاقة الإنسان مع الله وبين الدنيوي وهو العلاقة بين الإنسان والإنسان . إن فصل الدين عن السياسة هو تقديس للدين أولا , وعدم إقحامه في صراعات حول السلطة .

إننا نرفض إمارة المؤمنين لأننا نرفض وجود الحاكم كخليفة الله على الأرض , فهو موجود في إطار تعاقد سياسي اجتماعي .
إننا نرفض إمارة المؤمنين لأننا نرفض أن تكون طاعة الشعب للحكام مفروضة كشرط أساسي من أجل طاعة الله , بل أن تكون من خلال بنية سياسية عقلانية وواضحة .
إننا نرفض إمارة المؤمنين لأن الدين لله والوطن للجميع .





#محمد_مقصيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزيمة الدونكيشوت الصهيوني وفضيحة السانشوبانسا
- ما بعد الداروينية
- تكريم الإسلامويين للمرأة بالجلد والإغتصاب وأشياء أخرى
- المرأة بين مطرقة الإسلام وسندان التاريخ- 2-
- المرأة بين مطرقة الإسلام وسندان التاريخ
- الإعلان المغربي لحقوق الإنسان والحكام
- في مديح الفقر:محمد السادس ملك الفقراء فضيحة أم فضيلة؟
- المغرب الكافكوي أو مستوطنة العقاب
- خرافة الإصلاح السياسي بالمغرب
- لماذا لا نستعمل الباب : ملاحظات حول الدستور المغربي الذي يكر ...
- حقوق الملك وواجباته
- الديموقراطيون المغاربة الجدد
- الحياة كمفهوم قدحي : نقد ذاتي


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد مقصيدي - لماذا نرفض إمارة المؤمنين