ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 04:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نتفق مع البعض حول تبعثر واقعنا السياسي ونعترف بذلك ، نظراً لتعدد الرؤى واختلاف أساليب ووسائل المقاربة بين كل منها ، فالقضية الفلسطينية ظلت على الدوام مرتبطة بمحيطها الإقليمي سواء في لبنان أو سورية ومصر ، وحولها يتفق الجميع على مركزيتها ، لكنهم اختلفوا في درجة التعاطي معها حسب ما يراه كل طرف من فوائد سياسية يمكن تحصيلها .
لكن هذا الواقع السياسي المبعثر ، لا يوحي بدوره إلى تبعثر هويتنا التي هي آخر ما يحفظ للمرء كيانه ، ولا ينبغي أن يؤدي إلى ذلك المؤدى الخطير الذي عبثت فيه إيران بكل استخفاف ، عندما اعتبرت دولة البحرين جزءاً من أراضيها ، حتى لو جاءت في التصريحات والخطب الحماسية التي لا تغني من شيء ، إلا انه ينم عن رغبة داخلية هدفها ، إما الاستفزاز السياسي بغرض التذكير بالماضي الأثيم والأليم الذي انتهى إلى غير رجعة ، أو للهواية بكيانية العرب والتشكيك بهويتهم التي باتت قاب قوسين أو أدنى محل تشكيك دائم ، لم يجر في عهد الشاه مثلما هو جار الآن في عهد الأمامية الخمينية التي تتلطى خلف مشروع الولاية الدينية بغرض التنازل عن هوية الآخرين خدمة لذاك المشروع ، الحامل الأساسي للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط .
والأشد غرابة في الأمر أنه بالوقت الذي تشرع فيه آيات طهران التشكيك في هوية البحرين وتاريخه ، تتشبث في حلفها الستراتيجي مع سورية الذي يتجاوز مصالح العرب ويناقضها في كل زاوية وبقعة ، فسورية التي من المفروض أنها قلعة من قلاع الصمود العربي ، كما دأب نظامها الحاكم على التسمي بهكذا تسميات ، لم تحرك ساكناً إزاء ما تعرض له البحرين من تشكيك وعبث في هويته التي لا تنفصل عن هوية جواره العربي حتى لو توسعت هوة الخلاف السياسي بين العرب ، وتزداد الأمور غرابة أن دمشق التي تسير الآن بحسب الهوى الإيراني كانت المظلة التي استظل بها العرب عبر التاريخ وعلى أرضها ارتفع أول علم عربي بعد ثورة انتصرت فيها على محاولة التتريك قبل مئة عام .
فعروبة النظام السوري الحليف الصدوق لإيران ، تجاه فلسطين والجولان في أشد حالات التضخم ، بينما في البحرين والاحواز وأبو موسى في أشد حالات الخجل والانزواء ، حيث أنه غير قادر على فعل أي شيء تجاه عروبته في الجولان وفلسطين ، اللهم سوى ذرف الدموع ورفع الإعلام وإطلاق الصيحات وتدبيج البيانات ، وهذا أضعف الإيمان ، الذي يغيب كلياً ويتوارى عن الأضواء خلف الأطماع الإيرانية في البحرين والاحواز .
إن الهوية العربية في أقصى الشرق هي ذاتها في أقصى الغرب ، ولا تحتمل الازدواجية ولا الأساليب التلفيقية ، لأنها بذلك ستصبح هويتان ، هوية شعاراتية نواجه بها إسرائيل ، وهوية مصلحية نهادن بها إيران .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟