|
خرافة السعلاة تعود إلى الانترنيت
نجم عذوف
الحوار المتمدن-العدد: 786 - 2004 / 3 / 27 - 10:49
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كلنا يعلم حكاية السعلاة التي كانت تخرج من النهر في الليل وتنادي على آهل البيت بأسمائهم ، وكأنها من أهل البيت ، وبصوت مألوف . هذه الحكاية الخرافية التي طالما سمعنا عنها الكثير من الروايات حينما كنا صغارا ، كان الكثير من يبالغ في الرواية حيث يقول انه شاهدها ليلا وهي تخرج من النهر مجللة بالشعر الأسود وتمشي بقامة قصيرة معتدلة ، أطرافها العليا تتدلى ولها وجه قريب الشبه من الآدميين . يقولون إنها كانت تنتظر قرب البيوت القريبة من الشواطئ كثيرا تسترق السمع للحديث .. وكيف تنادي النسوة أفراد العائلة ، وفي ليلة أخرى كانت تأتى لتقف خلف البيت وتنادي مثلما سمعت ... :- أم مرهون شلونج خيه فدون أن تعرف المرأة من المنادي ترد بصوتها .. :- هلا بيج خيه وتارة تنادي بصوت للأطفال تستحثهم على الخروج .. :- عبوسي يمه تعال بره هكذا كانت حكاية السعلاة التي كانوا يطلقون عليها باللهجة العامية ( السعلوة) . وكم أرعبتنا هذه الحكاية ، كانوا أهلنا يحثونا على عدم الخروج ليلا كي لا تخطفنا السعلاة ... كنا لا نعلم إن هذه خرافة أم حقيقة ولكننا كنا نصدق ذلك ليس إلا . هذه الخرافات وهذه الأساطير كانت تكثر في ذلك الزمان وقد توارثها الأبناء من الآباء قديما ، منها الكثير التي يطول سردها هنا .. فعلى سبيل المثال حكاية ( سحال ذيله أبو الطبك) لا نعرف ما هو وأهلينا لا يعرفون ما هو أيضا وما شكله ولكنهم توارثوا هذا الشيء على فطرتهم ممن سبقهم . كانوا يخيفوننا به ويقولون إذا لم تناموا مبكرا سيأتي إليكم ويأخذكم إلى وكره لكي تكونوا لقمة سهلة في فمه . ما هو لا نعرف وهم كذلك لا يعرفون ولكننا مرعوبون وخائفون ونحن نرقد في فراشنا من( سحال ذيله أبو الطبك ) كل هذه الحكايات الخرافية لاوجود لها من الصحة مجرد كانت حكايات أسطورية فقط . عادت هذه الحكايات الخرافية في القرن الواحد والعشرين ، قرن التكنولوجيا والعلم والتطور الفكري والثقافي ولكن بحلة أخري ومكان أخر ، فأما المكان فهو الانترنيت وصفحاته ،أما الحلة فهم الذين يكتبون في صفحات الانترنيت ، وكأنما كل من كتب جملة مفككة لا تليق بنحو اللغة التي يكتب بها وبرؤيا غير مفهومة وغير واضحة كأنه امتلك ناصية الصحافة والفكر . هكذا سول للكثير ممن يكتبون على هذه الصفحات التي تفتقد إلى الرقيب اللغوي والفكري .. والادهى من ذلك انهم يضعون صورهم فوق المواد الرديئة التي ينشروها وبأشكال شتى ، تارة يضعون صور وهم يحتمون خلف حيوانات بريئة لا تعي ما هي اللعبة التي يمارسها هؤلاء وتارة يقفون خلف حدائق فخمة يعربون فيها انهم يعيشوا ترفا في البلدان الأوربية ، ليأتي القارئ المسكين الذي يبحث عن موضوع جميل سوف يقراه أو قصيدة يريح بها همه النفسي والفكري ، ليقرا موضوع لا يمد بصلة لأي شيء ، حيث حينما يقرأ لا يعرف ماذا يريد هذا أن يقول وتارة من الصعب قراءة كلمة عربية ينطق بها من يكتبها ويقرأها .. ربما يكتبون ألغازا لغوية أو ربما ينحتون كلمة جديدة لتضاف إلى قاموس اللغة . هناك مشكلة كبرى إن هؤلاء مصدقون انهم كتاب أو شعراء وكثيرا ما كانوا يتحدثون وبكذبة مثل كتاباتهم الموهومة أن الشاعر الفلاني الكبير أرسل إليهم رسالة عبر الانترنيت فهنأهم بإنجازهم العظيم .. هؤلاء مصابون بمرض الوهم في غياب الرقابة الفكرية واللغوية . في الستينات كتب أحد الشعراء قصيدة يهجو فيها شعراء كان له خلاف معهم ولكنهم شعراء كبار ويمتلكون لغة جميلة وفكر رائع فقال.. ( تسافل الشعر حتى صار ينظمه ... قيس ابن لفته وعنياة الحسيناوي ) . لو جاء هذا الشاعر اليوم وقرأ على صفحات الانترنيت كل من هب ودب يكتب وبطريقة ( فنكوشية ) على وزن طلاسم ( شمس المعارف الكبرى ) لضرب على رأسه وولى هاربا من قرن تزدحم فيه المعرفة والفكر والعلوم الأخرى ولقال ( ما هكذا يا سيدي تورد الإبل ) ولو مكان المتنبي العظيم حاضرا يومنا هذا بعد الألف ونيف من السنوات لما قال لذلك الأسود في مساجد البصرة ( نست أمك أسمتك زيتونا .. لان في الزيتون نورا .. وأنت لا نورا ولا نارا ) ولكن ربما يهجو صفحات الانترنيت بما أوتيت من لاحول ولا قوة .. اعتقد إننا لابد أن نصدق ( السعلوة ) و ( سحال ذيله أبو الطبك ) ونعتقد انهم حقيقة طالما نبصر الآن ونسمع على هذه الصفحات كثير من هذه السعالي المرعبة الشكل .. أين أنت الآن يا أبا الأسود الدؤلي وأين أنت ألان أيها الفراهيدي وأين أنت ألان يا سوق عكاظ من كل هؤلاء .. الرفق بنا من هؤلاء الإنشائيون الذين لا يعو معنى اللغة والصحافة . حينما كنا في الدراسة المتوسطة كان الإنشاء اجمل واكثر رتابة وله معان كثيرة اكثر من هؤلاء الأدعياء . دعوة لإلغاء ما هو خرافي ولا أساس له من الحقيقة وإبداله بحقيقة المنطق والفكر المتجدد ، إبدال الوهم بالمعرفة والمعرفيين والدال والمدلول .. انه علم السيمياء وعلم التكنولوجيا الفكرية .. ولنذهب إلى فيزياء اللغة وكيمياء المعرفة للاشتغال في دائرة المعرفة الجادة والموضوع البناء والقصيدة التي ترقى إلى أشكال جمالية اللغة والفكر . عذرا للمشرفين على صفحات الانترنيت ولكن ذكر إن نفعت الذكرى .. وليكن هناك الرقيب الذي يرد بشكل جميل ( قصيدتك أو موضوعك ) غير صالح للنشر فأنه لا يستوفي شروط النشر الصحيح لغويا أو فكريا . ولنوقف نزيف السب والشتم والمهاترات على صفحات الانترنيت للنيل من المبدعين والرائعين للذين يستحقون كل الحب والاحترام .. اكرر اعتذاري مرة أخرى لكل العاملين على هذه الصفحات ولجهودهم الرائعة والجميلة لخدمة الفكر والإعلام الراقي والموضوعة المبدعة . لتخرج لنا الصفحات بأكثر جمالية وبصور بعيدة عن ذقون مستعارة وصور حيوانات لا ذنب لها بالثقافة والنشر وبعيدا عن الترف الصوري . بعيدا عن قصائد على وزن ( زبيبة والملك ) وبعيدا عن مواضيع على وزن ( كتابات عبد الجبار محسن ) . ارحمونا يرحمكم الله .. دعونا نستمتع بالإبداع الحق .. وليستفاد القارئ من كل ما يكتبه الرائعين والمبدعين .. وليكن حاضرا معنا الآن أبو العلاء المعري ليعيد اليوم ما قاله بالأمس .. ( أني وان كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل )
#نجم_عذوف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 11
-
بين اشيائي حروف تحتضر
-
زفرة باتجاه المتخفي المعلن
-
كلٌ باتجاهِ الاخر
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة التاسعه
-
ثَمةَ أشياءٍ تختزلُ الوسادة
-
الهطول الاخير للزبدِ البري
-
خفايا تَحتَ ظِلالِ الفَجرِ
-
تحتَ صوتِها شهوةٍ مهملةٍ
-
من يوصد الغفله الى/جمال حافظ واع
-
خرافة الريح
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثامنه
-
الحوار المتمدن .. هو الحوار الاكثر بهاءا واكثر اشراقا في زمن
...
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه
-
اقبية المراثي المستتره
-
حينما نتشاجر مع القصائد
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السادسة
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة
-
نشأة....... ونشأة أخرى
-
حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|