|
الشعائر إقتصادياً
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2563 - 2009 / 2 / 20 - 09:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
آخر فقرة في سلسلة " الشعائر " الدينية ، في هذه الايام ، مناسبة ذكرى أربعينية إستشهاد الإمام الحسين بن علي عليهِ السلام . ولقد حّشدت الحكومة عشرات الآلاف من قوات الحرس الوطني والشرطة والامن والإستخبارات ، لحماية " الجموع المليونية " التي تشارك في إحياء هذه المناسبة الحزينة . وكذلك هيأت وزارة النفل حوالي ألف شاحنة ومنشأة وعدة قطارات ، لنقل المُعّزين الى كربلاء ومنها الى مدن الجنوب والوسط . - إستمر زخم المتوافدين منذ بداية الشهر الحالي ولأكثر من عشرة ايام . لم تتفق الجهات المعنية ، على تحديد عدد الزائرين ، حيث تراوحت التقديرات ، بين ثلاثة ملايين وسبعة ملايين ! - الكثير من الزوار ، قدموا مشياً على الاقدام ، من قُرى وأرياف البصرة والعمارة والناصرية وغيرها ، وربما إستقلوا مَركبات عمومية حكومية او أهلية في بعض المراحل ، ولكن من المؤكد ان معظمهم قطع مسافة اكثر من مئة كيلومتر مشياً خلال هذه الايام العشرة . وهذه الشعيرة هي " ماراثون " عراقي بإمتياز ! نعم ان هذه المسيرات الضخمة ، ورغم وجود " محطات " لشرب الماء والاكل على طول الطريق يقيمها المتبرعون عادة ، فأن الظروف المناخية والصحية ونوع الملابس والاحذية ، غير مؤاتية إطلاقاً للقيام بمثل هذا الماراثون . ناهيك عن عدم توفر مرافق صحية مناسبة او أماكن معقولة للنوم والإستراحة على الطريق الطويل . - نسبة مهمة من هذه الجموع من النساء ، من مختلف الاعمار . وبالتاكيد فأن معاناتهن اكبر ، لاسيما اللاتي يصطحبن الاطفال معهن . - إذا أخذنا معدلاً وسطياً لتقديرات عدد الزوار ، وإعتبرنا انهم " اربعة ملايين " ، وان " 1 % " منهم ، من الاجانب " بصورة تقريبية لعدم توفر إحصائيات دقيقة " ، يصبح عدد الاجانب حوالي " 40000 " ، معظمهم من ايران ودول الخليج . ولو إفترضنا ان كل واحدٍ منهم قد صرف " 1000 " دولار كمعدل ، للإقامة والاكل والتسوق ، يكون الوارد المتاتي " 40 " مليون دولار ، وهو مبلغ صغير مقارنة بحجم هذه المناسبة . عِلماً ان الغالبية العظمى من الزوار المحليين من ارياف الوسط والجنوب وبغداد ، هم من المُستضعفين والقابعين تحت خط الفقر . وان المردود الاقتصادي الناتج عن زيارتهم ، يكاد لا يُذكر . فمن المناسب ان يتم التركيز مستقبلاً ، على جذب " الزائر " الاجنبي ، وتوفير البنى التحتية ، من مطارات وفنادق ومطاعم واسواق ومُنتجات محلية ، وكادر متخصص بالسياحة الدينية . حيث ان الوارد المُتوقع الحالي هزيل ومتواضع . - من المفروض وإعتباراً من هذه السنة ، تفعيل هيئة خاصة بالسياحة الدينية ، والإهتمام الجاد بالجانب الإحصائي بمختلف جوانبهِ ، للإستفادة منه في عمل دراسات علمية ، بُغية تطوير شامل لهذا الحقل الاقتصادي الهام ، الذي لو اُحسن إستغلاله ، لساهم بفعالية في تنشيط حركة العمل وحل مشكلة البطالة . - نادرة جداً ، المدن التي تستقبل هذا الكم الهائل من البشر ، خلال ايامٍ معدودة . فإذا لم تكن كربلاء والنجف ، متفوقتان ، من هذه الناحية ، على مكة والمدينة ، فإنهما ليستا بالتأكيد أقل منهما شأناً . أنا لا أقصد بالطبع ، المقارنة بين الفرائض هناك والشعائر هنا . بل أعني الجانب الاقتصادي الاجتماعي تحديداً . وبينما تمتعت مكة والمدينة ، برعاية وإستقرار ، منذ قرون ، وخصوصاً في الخمسين سنة الاخيرة ، حيث توسعت المنشآت وزُودت بأحدث التجهيزات ، إضافة الى تحديث وتطوير كافة البنى التحتية المرافقة ، ليس في هاتين المدينتين فقط ، بل في محيطهما كذلك . فأن كربلاء والنجف ، بالعكس من ذلك ، تعرضتا خلال العقود الماضية ، ليس الى الإهمال والتهميش فقط ، بل الى التخريب والتدمير ايضاً . - الى جانب الابعاد الدينية والمذهبية ، لهذه المناسبات ، والتي لا تقتصر على فترة محددة فقط ، بل هي تتوزع على طول السنة . فأن البُعد الاقتصادي مُهم وجدير بالبحث والتطوير ، وليس من المبالغة ، إذا قلنا ، ان الاُفق المُنتظر من السياحة الدينية " إذا تعاملنا مع الموضوع بحِرفية عالية " ، سيكون كبيراً ويشكل رافداً مهماً للدخل القومي . خصوصاً وان الاماكن المُسْتهدفة لا تنحصر في منطقة واحدة ، فما عدا كربلاء والنجف ، هنالك الكوفة والكاظمية وسامراء والاعظمية وغيرها . فإذا إستطعنا ان نجذب ما بين مليونين وثلاثة ملايين زائر اجنبي سنوياً الى هذه المراقد الشريفة ، نكون قد كسبنا عدة مليارات من الدولارات وخلقنا آلاف فرص العمل للعاطلين . وإذا كان النفط والغاز ، سوف ينضبان خلال مئة سنة إفتراضاً ، فأن مزاراتنا العديدة باقية على مّر الزمن !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلٌ سحري لمشكلة رئاسة مجلس النواب !
-
الخارطة السياسية الجديدة في محافظة نينوى
-
لجنة - العد والفرز - أم - لجنة العدو - ؟ !
-
لكي لا يتكرر - 8 - شباط اسود آخر
-
على هامش إنتخابات مجالس المحافظات
-
شعارات المالكي .. بين النظرية والتطبيق
-
مليون صوت مُجّيَر مُسبقاً لأحزاب الاسلام السياسي
-
حرب المُلصقات : - مَديونون - و - شنو الداعي ؟ - !
-
- مبايعة - أوباما والدروس المستخلصة
-
القائمة الوطنية العراقية ..تدمير من الداخل
-
دعايات نصف مُغرضة !
-
أهالي ضحايا حلبجة ينتظرون الجواب
-
الإصلاح السياسي في اقليم كردستان .. ضرورة مُلّحة
-
إستثمار نَزْعة العمل الطوعي الجماعي
-
ميزانية 2009 ، تحتَ رحمة سعر برميل النفط
-
شعب غزة .. بين همجية إسرائيل والسلطات المغامرة والفاسدة
-
لِيِكُنْ عيد رأس السنة الإيزيدية ، عطلة رسمية في الاقليم
-
محمود المشهداني ..نهاية مسيرة رَجُل.. بداية مرحلة جديدة
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى .. إضاءة
-
تكافؤ الفرص في إنتخابات مجالس المحافظات
المزيد.....
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت
...
-
الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم
...
-
“شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش
...
-
قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|