عارف علي العمري
الحوار المتمدن-العدد: 2562 - 2009 / 2 / 19 - 08:13
المحور:
الصحافة والاعلام
حرية الصحافة في اليمن تمضي نحو طريق مجهول, واحتراف العمل الصحفي جريمة قد تؤدي بصاحبها إلى دهاليز السجون, وكسر العظام, ومصادرة الممتلكات, والعيش في دائرة الخوف, والترقب للمجهول القادم, نعم هي إذاً الصحافة مهنة المتاعب, والخوف والقلق والملاحقات البوليسية في اليمن , تمر الأيام فتزاد حالات الانتهاكات الصحفية بشكل مخيف, ففي حين كانت الانتهاكات في عام 2005 ثلاثة وخمسين حالة انتهاك ، قفز عدد الانتهاكات إلى سبعة وستين حالة انتهاك في عام 2006 ، وفي عام 2007 بلغت الانتهاكات مائة واثني عشر حالة ، أما عام 2008 فقد بلغت الانتهاكات التي طالت الحريات الصحفية مائتين وثمانية وأربعين حالة انتهاك أي بمعدل خمس انتهاكات في الأسبوع الواحد ، تنوعت بين الضرب والاختطاف والاعتقال والمحاكمة والتهديد والمنع من التغطيات الصحفية ومن الحصول على المعلومة ، إلى الحرمان من منح تصاريح إصدار الصحف وحجب المواقع الالكترونية وسحب تراخيص الصحف بقرارات إدارية, بحسب ما أورده التقرير الصادر عن منظمة صحفيات بلاقيود, وكان قد سبق تقرير صحفيات بلاقيود تقرير أخر, صادر عن لجنة حماية حقوق الصحفيين الدولية أكد أن الصحفيين اليمنيين عملوا في ظروف حرجة خلال العام الماضي 2008م. وقال التقرير إن الصحفيين اليمنيين تعرضوا للرقابة من مسئولين حكوميين، كما تعرضوا لملاحقات جنائية مدفوعة بدوافع سياسية، مشيرا إلى أن اليمن وضعت قانونا متشددا للصحافة فرض قيوداً على التغطية الصحفية حول رئاسة الدولة، وأمن الدولة.
وأكدت لجنة حماية الصحفيين أن السلطات اليمنية لم تحقق أي تقدم في التحقيقات بشأن موجة الاعتداءات العنيفة ضد الصحافة التي حدثت في عام 2005. وقد وجدت لجنة حماية الصحفيين في تقرير تحقيقي أجرته عام 2006 أن الشهود والأدلة يشيرون إلى تورط عملاء للحكومة في عدد من الاعتداءات , ووجهت لجنة حماية الصحفيين وجماعات صحفية أخرى اللوم إلى الحكومة اليمنية على إدامة ثقافة الإفلات من العقاب فيما يتصل بالاعتداءات على الصحافة ,
العام الميلادي الجديد 2009م كان بداية سيئة جداً على الواقع الصحفي وبلغت فيها الانتهاكات ضد الصحفيين رقم مخيف , قد يبشر بان العام الحالي لن يكون أفضل من سابقه, وكانا الشهرين الماضيين قد شهدا عدداً من الانتهاكات والاعتداءات بحق الصحفيين، ففي سابقة وصفت بالخطيرة قامت إدارة شركة الكبوس التجارية بالاعتداء بالضرب على عدد من الصحفيين كانوا قد حضروا لتغطية حادثة الحريق الهائل الذي اندلع في إحدى مصانع الشركة في منطقة عصر بالعاصمة وصادرت كاميراتهم عنوة، وفي السياق نفسه كانت إدارة قناة اليمن الفضائية قد اتخذت قرارا قضى بتوقيف المذيع أحمد المسيبلي عن العمل وإيقاف مستحقاته نتيجة إضافته لفقرة عن قمة الدوحة إلى خبر انعقاد القمة الاقتصادية في الكويت، إلى جانب تعرضه لتهديد بعد ساعة وربع من قراءة النشرة بقطع لسانه, وفي محافظة البيضاء تعرض الصحفي حسين اللسواس لاعتداء من قبل مرافقي محافظ المحافظة الذين انهالوا عليه ضربا في ساحة منزل المحافظ بعد تجريده من هاتفه السيار وبطاقته الشخصية والمهنية, كما قامت نيابة الصحافة والمطبوعات باحتجاز الزميل علي السقاف رئيس تحرير صحيفة "الوحدوي" على خلفية قضايا نشر وقرار سابق يقضي بتغريم الصحيفة (50) ألف ريال , وأخيراً الاعتداء على سيف الحاضري مدير عام مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام .
قرصنة وحجب ماذا بعد ؟؟
ومثلما تعرض الصحفيون للضرب والاعتداء والاهانة والزج بهم في السجون, تعرضت بعض المواقع الإخبارية والمنتديات السياسية للحجب والقرصنة من قبل السلطة وحزبها الحاكم الذي يصر على التفرد بكل شيء بدء من الانتخابات وانتهاء بمواقع الأخبار, ورغم نفي وزارة الاتصالات التدخل في الشؤون السياسية وتأكيدها على أنها ليست إلا مزود خدمة فقط, وان بعض المواقع التي تدعي الحجب ليست مستضافة لدى شركة «يمن نت» التابعة للوزارة وان بعضها يعاني مشاكل فنية, تنفي إدارة المواقع المحجوبة صحة ما تورده وزارة الاتصالات وتقول إن الهدف من حجب الموقع هو استهدافاً واضحاً لحرية التعبير والكلمة عبر الوسائل الإلكترونية, وحذرت من تجاوزات السلطة تجاه حرية الإعلام وعدم احترامها "والتي تأتي ضمن سلسلة ممنهجة تقوم بها السلطة في سبيل قمع الحريات في اليمن التي وصلت إلى حد إسكات الأصوات الحرة .
تقرير لجنة حماية الصحفيين الدولية انتقد الرقابة الحكومية المستمرة على ما ينشر في مواقع الإنترنت من انتقادات لها رغم أن انتشار الإنترنت في اليمن منخفضا جدا، إذ يقدر بأن 300,000 يمني استخدموا شبكة الإنترنت في عام 2008، وهو جزء ضئيل من مجموع سكان البلاد الذي يبلغ 22 مليون نسمة – حسب التقرير – مشيرا إلى أن اليمن قامت بحجب إمكانية الوصول المحلية إلى عدة مواقع يمنية تنشر أخباراً وتعليقات, تختص بالسياسة اليمنية, وكان من بين المواقع التي تم حجبها خلال العام المنصرم موقع صحيفة البلاغ وموقع يمن حر, وعدد من المنتديات السياسية منها موقع المجلس اليمني, بالإضافة إلى حجب موقع حضرموت نيوز , ويمن توربال , والطيف, ولازالت بعضها حتى كتابة هذا التقرير محجوبة عن المتصفحين داخل اليمن .
سياسة الانشطار والتفريخ
ولم يتوقف الحد عند هذا بل سعت وزارة الإعلام إلى التوقف عن منح التراخيص للصحف وانتقلت من هذا إلى ما يشبه تقزيم للهامش الديمقراطي الذي شهدته بلادنا بعد إعلان التعددية السياسية, حيث قامت بإلغاء تراخيص بعض الصحف اليمنية الصادرة كصحيفة الصباح, على خلفية تغطيتها لأحداث الجنوب, متناسية في الوقت ذاته أن الإعلام حر في إطار أخلاقيات شرف المهنة, الذي ينص على أن لكل فرد الحق في إبداء أرائه بالطريقة التي يراها مناسبة, وانه من حق الجميع الحصول على المعلومات وتداولها كما لهم الحق في امتلاك وسائل الإعلام المعبرة عن توجهاتهم وأرائهم وقضاياهم السياسية والاجتماعية, لم يتوقف الحد عند هذا بل قامت الوزارة باتباع سياسة الانشطار الصحفي حيث قامت بإصدار تراخيص لصحف ( مفرخة ) ومستنسخة كصحيفة منبر الشورى, التي تشبه في إخراجها وعنوانها واحدة من أهم وأقوى صحف المعارضة وهي صحيفة (الشورى) التابعة لاتحاد القوى الشعبية التي قادت حملة قوية ضد ما أسمته بـ(التوريث في الحكم والوظائف العامة) ثم معارضتها الشديدة لأسلوب الحكومة في التعامل مع تمرد حسين بدر الدين الحوثي بصعدة. ووصف وكيل نقابة الصحافيين اليمنيين سعيد ثابت سعيد ذلك بأنه (فضيحة أخلاقية يكشف عن نوازع شريرة ويهدف إلى تشوية العمل الصحفي)، معتبراً أن إخراج الصحيفة الجديدة (منبر الشورى) التي تتبنى طرحاً مناقضاً ومختلفاً تماماً عن صحيفة (الشورى) الأصلية سيحدث إلتباساً لدى القارئ بين صحيفة معروفه وهي الشورى، وبين صحيفة لا زالت جديدة وتعبر عن حزب آخر، وهو ما اعتبره ثابت مخالفاً للأعراف والقوانين الصحافية، وقال: "إن الهدف قد يكون دافعاً سياسياً لإضعاف صحيفة الشورى .
هذا اذاً هو هامش الديمقراطية في اليمن اعتداء على الصحفيين, ومضايفة لهم, حجب للمواقع الإخبارية, تفريخ للصحف المعارضة لتوجهات الحكومة, ونزواتها المتسرعة في كل شيء, نرقب نهاية العام الحالي بان يكون عاماً لإفساح الطريق أمام الصحفيين أن ينقلوا الأخبار ويغطوا الفعاليات, بكل حرية بعيداً عن عين الشرطي, ومقص الرقيب, فهو عاماً ساخن بسخونة الانتخابات البرلمانية القادمة مجهولة التوجه والمصير.
#عارف_علي_العمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟