|
حواتمة: صعود اليمين الاسرائيلي يفرض مراجعة جادة لكامل التجربة المديدة للمفاوضات، وإعادة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 2562 - 2009 / 2 / 19 - 10:17
المحور:
القضية الفلسطينية
حاوره: منير عبد الرحمن ـ عمان
س1: أعلنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وباقي الفصائل الفلسطينية أنها تلقت دعوة مصرية من أجل الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة في 22/2/2009 ... ما هي القضايا المطروحة على جدول الحوار الوطني الفلسطيني، وما هي فرص نجاح هذا الحوار المنتظر لإنهاء الانقسام الفلسطيني ؟ بداية يجب العلم بأن الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، يشكل مرحلة مهمة في معالجات قضايا الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، وقضايا ما بعد حرب العدوان الوحشي على قطاع غزة، وكل القضايا التي جدت بعد 10 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، وهو الموعد الذي كان قد تم الاتفاق عليه من قبل لبدء الحوار الشامل، إلى أن أعلنت حماس يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنها تقاطع الحوار، وطرحت شروطاً جديدة على الورقة المصرية وفتح، مما أدى إلى تعطيل الحوار. وبالعودة إلى الجديد سنجده يكمن في الحرب وما تبعها، فهناك بحر من الدماء والدموع في قطاع غزة يستدعي من كل الفصائل أن تستجيب لنداء العقل والروح، وهي العملية الواقعية من أجل إنهاء الانقسام، الذي تستثمره "إسرائيل" وجيش الاحتلال، بينما يبقى الخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني أولاً والشعوب العربية ثانياً، لذا ما بعد الحرب يستوجب حواراً فلسطينياً شاملاً، وترحيل جميع الخلافات إلى مائدة الحوار، وأن يرعى هذا الحوار بالجامعة العربية 6 دول عملاً بقرار قمة دمشق العربية (آذار/ مارس 2008) هي مصر، الأردن، سوريا، السعودية، اليمن، لبنان، إلى أن نحل كل قضايا الخلاف. فجميع الفصائل بلا استثناء اتفقت على أن تكون المرجعية هي إعلان القاهرة، الذي وافقنا عليه جميعاً بلا استثناء في آذار/ مارس 2005، وبرنامج وثيقة الوفاق الوطني التي وقعنا عليها جميعاً في الحوار الشامل الذي تم في غزة في 26 حزيران/ يونيو 2006، إضافةً إلى ورقة الدعوة المصرية للحوار الوطني الفلسطيني الشامل. بصراحة الحوار الشامل الوطني يحتاج إلى حل العقدة التي تتمثل في مواقف حماس، والقوى الإقليمية التي لا تبدي استعداداً حتى هذه اللحظة إلى انطلاق الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، كما اقترحت القيادة السياسية المصرية في 22 شباط/ فبراير، وتضع شروطاً تثقل على الحوار وتنقله إلى متاهة اللجان التي تطول وتطول وربما إلى ما بعد القمة العربية القادمة في آذار/ مارس 2009 وأبعد من ذلك. س2: هل ستنجح حماس في تشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أم أن ردة الفعل الواسعة من قبل القوى الفلسطينية بما فيها الديمقراطية بين لحماس أن هذا المشروع مصيره الفشل ؟ أولاً وقبل كل شيء ما طرحه مشعل هو عنوان جديد لتحالف القوى الثمانية في دمشق، وهناك اصطفافات إلى جانب حركة حماس من فصائل فلسطينية ليس لها أي عمق شعبي في الضفة والقطاع، إضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي. بلغة واضحة البحث عن بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أعلن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات أنها ممثلهم الشرعي والوحيد، أمر مرفوض ولن يجد طريقه للتطبيق، فجميع المحاولات الإقليمية والدولية لتصفية منظمة التحرير باءت بالفشل، أما الحديث عن منظمة بديلة فهو أمر للتسويق الإعلامي السياسي المحضّ. لقد أثبتت فصائل منظمة التحرير (الجبهة الديمقراطية، فتح، الشعبية) في قطاع غزة أنها قاومت كما قاومت حماس والجهاد في نفس الخندق، وقدموا جميعاً شهداء في الدفاع عن أبناء شعبنا، وأعداد متقاربة من الشهداء، وأداء متشابه جداً، وكان يمكن أن يرتقي لو استجابت حماس لندائنا بتشكيل جبهة مقاومة متحدة وغرفة عمليات عسكرية مشتركة، وقيادة سياسية وأمنية واجتماعية موحَّدة في قطاع غزة لمعالجة تداعيات حرب العدوان الوحشية، وهذه كانت ولا زالت الخطوات الأساسية للصمود والمقاومة أمام احتمالات العدوان المتكرر بعد أن فاز بالأغلبية اليمين واليمين المتطرف بالانتخابات الإسرائيلية. نحن نناضل لإصلاح ودمقرطة كل مؤسسات منظمة التحرير وفي المقدمة انتخاب مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير (برلمان موحد) وفق التمثيل النسبي الكامل لكل الشعب الفلسطيني داخل وخارج الأرض المحتلة، فشعبنا في الخارج 68% من الكل الفلسطيني لم ينتخب أحداً، محروم من ذلك عملاً باتفاقات أوسلو البائسة والجزئية منذ عام 1993 حتى يومنا. علينا جميعاً التمييز بين شرعية ومرجعية منظمة التحرير التاريخية (الوطنية، العربية، الإقليمية، الدولية)، وبين ضرورة إصلاح ودمقرطة كل مؤسسات المنظمة. س3: تقوم مصر بجهود من أجل التوصل لاتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية عامة وبين "إسرائيل"، هل تشاورت الجبهة الديمقراطية وباقي الفصائل في هذا الموضوع، وهل تم بلورة رؤية مشتركة قدمت لمصر أم أن كل ما يجري يستند على رؤية كل فصيل لمصر ؟ وما هو الإطار العام للتهدئة التي تريدون التوصل إليها مع "إسرائيل" عبر مصر ؟ لقد تم التشاور بين (الجبهة الديمقراطية، فتح، الجهاد الإسلامي، الشعبية، حماس) في غزة في 9/2/2009، وفي القاهرة عقدت الجبهة الديمقراطية اجتماعات مع حماس وفتح والشعبية، وجرت بلورة رؤية مشتركة وتقدم ملموس على صعيد ملف التهدئة التي ستبدأ خلال أيام معدودة، وآليات الحوار الوطني الذي سينطلق في القاهرة في 22 شباط/ فبراير المقبل. وحول ملف "التهدئة" سيتم إنجازه خلال بضعة أيام على قاعدة وقف الخروقات الإسرائيلية وفتح المعابر المحيطة بقطاع غزة، ووجود أجواء إيجابية وتقدم ملموس على صعيد محادثات القاهرة بشأن ملفي التهدئة والحوار الوطني. وهناك تقدم ملموس على صعيد ملف التهدئة ولكن يوجد بعض النقاط و القضايا التي تحتاج لمزيد من الإيضاحات، وستكون هناك إمكانية لإعلان عن تهدئة بين الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي خلال الأيام القادمة. أما على صعيد الحوار الوطني الداخلي فإن تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة وفوز المعسكر اليميني المتطرف في الانتخابات الإسرائيلية، قد تلعب دوراً هاماً في إنجاح الحوار الوطني المزمع عقده في القاهرة على خلاف ما جرى بالسابق لإنهاء حالة الانقسام الداخلي. إن موضوع الحوار يربطه عدة قضايا هامة منها قضية الاعمار ورفع الحصار عن الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة بشكل نهائي، للمساعدة عربياً ودولياً حتى لا تتعقد العملية السياسية أكثر مما هي عليه الآن، هناك العديد من التحديات التي باتت تتطلب الإسراع بإنهاء ملف الانقسام الداخلي. وبخصوص ملف الاعتقال السياسي الذي يعتبر عثرة أمام الحوار الوطني، فـ "الجبهة الديمقراطية وأوساط واسعة ترفض الاعتقال السياسي وتطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، وسيكون هذا الملف ضمن جلسات الحوار قبل البدء وأثناءه". إن الآلية للحوار الوطني سيبدأ في 22 شباط/ فبراير 2009، حيث ستبدأ جلسات الحوار الوطني على يومين 22و23، دون جلسات احتفالية مثلما كان مقرر له بالسابق، ليتمخض عنه تشكيل ستة لجان رئيسية تتولى إنهاء كافة الملفات العالقة في شطريّ الوطن المحتل عام 1967 الضفة الغربية وقطاع غزة، أما اللجان الستة المنوي تشكيلها وهي "لجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ولجنة الإعداد لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولجنة إعادة بناء الأجهزة الأمنية، ولجنة الإعداد للانتخابات الرئيسية والتشريعية، لجنة المصالحة الداخلية، بالإضافة للجنة السادسة والتي توافق على تكوينها وهي لجنة من المسؤولين المصريين وجامعة الدول العربية التي ستكون مهامها التدخل في حال تعثر عمل إحدى اللجان الخمسة بالضغط وحل القضايا التي تتعثر أمامهم، وهذه اللجان ستبدأ عملها فعلياً في 28 فبراير الحالي لثلاثة أيام في مقر الجامعة العربية، ويتم عرضها على المسؤولين المصرين والفلسطينيين ضمن جلسات الحوار وعلى مجريات عملهم، حيث نأمل أن تكون الجلسة الاحتفالية في نهاية حوار وطني شامل وناجح. س4: ما هي الصيغة المناسبة لإعادة أعمار غزة؟ وهل يجب الانتظار إلى حين تحقيق المصالحة الفلسطينية؟ نحن في الجبهة الديمقراطية دعونا علنا وفي نقاشنا مع القيادة المصرية إلى بدء الإعمار فوراً وبلا تأخير لأن أوجاع وآلام شعبنا هائلة، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون صرح بأن ما رآه في غزة "يمزق القلوب" وممثلي الأمم المتحدة أكدوا أنهم لم يروا في حياتهم مثل هذا الحجم من الدمار والخراب. نحن دعاة أن يبدأ الإعمار فوراً وبلا تردد ودون ربطه بأي مرحلة من مراحل الحوار الفلسطيني. ونحن أيضا اقترحنا في لقائنا مع القيادة المصرية الأخذ بالصيغة اللبنانية التي اعتمدتها الدول المانحة العربية والأجنبية بعد عدوان صيف 2006 أي تحييد الأعمار عن الانقسامات والتجاذبات السياسية الداخلية وأن تنهض الدول المانحة بالأعمار مباشرة وفقا لخرائط وخطط وان تتعاون هذه الدول مباشرة مع المؤسسات الدولية الموجودة في قطاع غزة، وفي المقدمة منها وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) ومع الصليب الأحمر الدولي وممثليات الأمم المتحدة وتحت رقابة وآلية دولية للتعمير. وهكذا يجب أن يبدأ التعمير فوراً من دون ربطه بأي مرحلة من مراحل الحوار الفلسطيني وبدون ربطه بمواقف انقسامية أو أية مواقف للمحاور العربية أو الدولية. س5: كان هناك شرط إسرائيلي تردد في أروقة المباحثات في القاهرة، يتعلق في إقامة حزام أمني يقام ضمن مستوى الحدود بين مصر وغزة بعمق 500 متر، من أجل جعل أجزاء من غزة مناطق منزوعة من السلاح، ماذا جرى بشأن هذا الشرط ؟ هذه القضية طرحت في مباحثاتنا، وأكدنا نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بأننا نرفض نظريات "إسرائيل" القائمة على الحزام الأمني بشمال قطاع غزة وجنوبه، وهذا هدف من أهداف الحرب العدوانية الوحشية التي شنت على شعبنا في قطاع غزة وعلى كل الفصائل المقاومة الفلسطينية ومكونات الشعب الفلسطيني وبنيته التحتية، ولذلك نقول من جديد لا لحزام أمني بشمال قطاع غزة ولا لحزام أمني بجنوب قطاع غزة، وندعو لمراقبين دوليين بكثافة يشرفون على كل مناطق التماس وعلى كل المعابر بين قطاع غزة و"إسرائيل"، وأيضاً بين معبر رفح للحدود الفلسطينية ـ المصرية والإجراءات العملية، والمراقبين الدوليين بإمكانهم أن يحلوا هذه المسألة ولا حاجة أبداً لجدار أمني في شمال وجنوب قطاع غزة. س6: ما هي الانعكاسات المترتبة على صعود اليمين الإسرائيلي في الانتخابات الإسرائيلية على الصعيد الفلسطيني خاصة وعلى المسارين السوري واللبناني ؟ عصفت نتائج الانتخابات الإسرائيلية أوراق "التسوية"، أياً يكن من سيشكل الحكومة نتنياهو أم ليفني؛ لقد سبق وأن توقعنا هذه الحالة "الإسرائيلية" والجموح نحو اليمين واليمين المتطرف، التوسعي والعنصري، أي أننا لم نفاجأ بالنتائج، كما لا يمكننا المقارنة بين الأسوأ والأكثر سوءاً. فاللاءات "الإسرائيلية" على التسوية المتوازنة هي واحدة بالنتيجة في الطيف العام للأحزاب التي ستحكم، وفي ثنائية الرأسين كما عبرت عنها الانتخابات. وتجمع الأحزاب الصهيونية الثلاثة الكبرى "الليكود" و "كاديما" و "العمل" رسمياً وعلنياً على "لاءات" صهيونية تقليدية، هي عدم الاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القدس الشرقية، ومن الضفة العربية إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعلى هذا فأيٌ من المرشحين لتشكيل الحكومة لن يصل إلى أفق سياسي واضح للتسوية، وجاء زعيم "الليكود" ليطرح "حلاً اقتصادياً"، أمّا "كاديما" و "العمل" فإن موقفهما معروفاً عبر تجربة المفاوضات الفاشلة المديدة، إذ يطرحون إجراء "مفاوضات للمفاوضات" بلا أفق وأهداف متوازنة، ومرجعية القرارات الدولية، وغياب لأي "برنامج سياسي" لها سوى كسب الوقت وإنجاز "وقائع صهيونية جديدة" على أرض الضفة الفلسطينية، عبر مفاوضات من أجل المفاوضات وفي سياق "وقائع جديدة على الأرض"، وإنجاز ما يسمونه برنامج "أمني ـ سياسي"، لا يصل بالفلسطينيين إلى الحدود الدنيا من حقوقهم، الفارق الآن هو مجيء حزب "إسرائيل بيتنا" ليحل حزباً ثالثاً، وهو يدعو علناً لطرد الفلسطينيين، حيث نجح هذا الحزب الفاشي واليميني المتطرف، وقد تمكن من تجاوز "حزب العمل" التاريخي، حيث حلَّ الأخير رابعاً، وفي أسوأ نتائج في تاريخه. إن كتلة اليمين المتطرف قد اكتسحت يسار الوسط الصهيوني، فالأولى تستطيع أن توفر 65 مقعداً في (الكنيست) من أصل (120 مقعداً)، وهي يمكن لها أن تعتمد أيضاً على "الاتحاد الوطني" و "البيت اليهودي" وعلى حركة "شاس" الدينية الحريدية المتطرفة. مجمل هذه اللوحة يمكن تسميتها بالانقلاب اليميني (يمين ـ اليمين) واليمين المتطرف الذي يرفض أية تسويات إقليمية، ويتمسك بأسطورة "إسرائيل الكبرى"، وصميم إيديولوجيته تقوم على ضم الضفة الفلسطينية والقدس، واستنفاه إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، هذا فضلاً عن بنية "الليكود" برموزه الجديدة والملتحقين الجدد بصفوفه أمثال بيني بيغن (ابن مناحيم بيغن)، ويائير شامير (ابن اسحق شامير)، وموشيه يعلون رئيس الأركان السابق صاحب النظرية التي تسمى (كيّ الوعي الفلسطيني)، وآفي ايتام من حزب "الاتحاد الوطني" أحد أبرز دعاة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين، والوزير السابق ناتان شارانسكي الذي يمثل المستوطنين في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، تقاطعات دموية عنصرية في نخبة وصفوة هذا الحزب اليميني المتشدد. وبشتى الأحوال ليس لي أن أتوقع لمن سيشكل الحكومة، وأقصد هنا في صف التكتل اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو أن يستطيع أن يعلن عن (وفاة عملية السلام) كما يطالبه ليبرمان، وذلك لأنه يعرف أن الكيان الصهيوني يعتمد اعتماداً مباشراً على واشنطن، حيث لا يستطيع أن يُجهر تماماً بما يتصادم مع مصالحها وعناوينها المعلنة، وبما يؤدي إلى إغلاق البيت الأبيض في وجهه، مع ملاحظة أن تسيبي ليفني قد أدخلت معها بالانتخابات التصويت على الإدارة الأمريكية ذاتها وكأنها مرشحتها، ومن خلال الوثائق التي وقعتها مع رايس، كما أنها حاولت التلويح بالرئيس الأمريكي أوباما وسياسته في حملتها، حيث أطلقت مقولاتها وخطاباتها التي تفيد بأن "فوز الليكود سيؤدي إلى صدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة"، ومع كل هذا هكذا جاءت النسب، بما يشير إلى مزيد من الجنوح المجتمعي الإسرائيلي نحو التطرف. وقد تذهب ليفني إلى تشكيل "حكومة وحدة وطنية" وهو ما ينطبق على الأحزاب الثلاثة "كاديما، الليكود، العمل"، وربما سيسعى نتنياهو أيضاً إلى ذلك، وفي حال فشله فإنه سيتحالف مع أحزاب سلفية دينية ويمينية متطرفة، حيث سيصبح رهينة لها، وعليه أتوقع احتمال ضعيف "ليكود، كاديما، عمل"، أي الانتقال من يسار الوسط، نحو يمين الوسط بما تعني كلمة يمين بمدلولها المستجد والمتطرف على اللوحة والمشهد الصهيوني، وبالإدراك أن حزب "كاديما" خلال سنوات حكم الثلاث لم يقدم أي شيء ملموس على صعيد الضفة الفلسطينية، سوى المراوحة بمفاوضات فاشلة. إن هذا يملي على الصعيد الفلسطيني مراجعات جادة وسريعة، لكامل التجربة المديدة للمفاوضات والموقف من مرجعيتها، والوحدة الوطنية وإعادة إصلاح ودمقرطة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. س7: هل تعتقد بحدوث نوع من التدخل الأمريكي لدفع الحكومة الإسرائيلية القادمة باتجاه السير في عملية السلام والبدء بالتفاوض مع السلطة الفلسطينية من النقطة التي توصلت إليها السلطة مع "إسرائيل" قبل الانتخابات الإسرائيلية ؟ أولاً ينبغي أن نؤكد بأننا نعتمد على شعبنا وعلى أصدقائنا وحلفائنا في هذا العالم، وأعتقد أن شعبنا قد ملّ من انتظار الإدارات المتعاقبة الأمريكية لانتظار حل منصف نسبياً ما، بيد أن التجربة تقول بأن الدماغ الأمريكي هو براغماتي، فالشعوب والأنظمة التي لا تدافع عن مصالحها، لا يأبه لمطالبها العقل الأمريكي، بل يأبه لمن يهدد مصالحه الكبرى، وهذا الذي يحظى باهتمامه، ويحظى بمساوماته ونشدان الحلول. لقد وقع تغيير كبير اجتماعي داخل الولايات المتحدة، حيث يشكل أوباما مصالحة أمريكا مع ذاتها تجاه تاريخها، وهذا هام، وسيكون الداخلي الأمريكي هو الأساس، وموضوعة الضرائب والطبقات الوسطى والتحديات الاقتصادية والانهيار المالي، فالاتجاه التقدمي الليبرالي الأمريكي هو الذي رجح كفة أوباما نحو سدة الرئاسة، وسنرى إذا كان يستطيع أن يلبي مطالبه، وتقديري أنه سينحى في المسائل الاجتماعية الأمريكية نحو الوسط، وبحكم وضع أمريكا الخاص، لا تستطيع أن نحمل الرجل أكثر مما يستطيع على الصعيد الداخلي. أما في مضمون السياسة تجاه قضايا الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي، فالجواب لم يحدث تغييراً بعد، صمت أوباما خلال العدوان على غزة، واستعادة أطقم إدارة كلينتون في مسألة الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني، ووجود هيلاري كلينتون على رأس الدبلوماسية، سيعيدنا إلى السقف الذي عمل عليه كلينتون قبل الانتفاضة الفلسطينية، ويمكن الإدراك أن صمت أوباما مرده عدم الخبرة بشؤون الشرق الأوسط، كما أنه لا يريد إثارة اللوبيات في البرلمان ومجلس الشيوخ الأمريكي. والجوهر هو أن أمريكا تديرها المؤسسات الاحتكارية الكبرى، وفي السياق يمكن قراءة نص التقرير الذي أعده "مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي"، وهو أحد أبرز الصناع الحقيقيين للسياسات في الولايات المتحدة، بل الصانع الفعلي "السري" للرئاسات. هذا التقرير بالتعاون مع مؤسسة "بروكينغز" ويحمل عنوان "استعادة التوازن: إستراتيجية شرق أوسطية للرئيس المقبل"، والتقرير نتاج جهود سنة ونصف قام بها 15 خبيراً في شؤون الشرق الأوسط، ومضمونه المحافظة بقوة على ثوابت "المصالح الإستراتيجية العليا الأمريكية في الشرق الأوسط"، وهذه المصالح هي ذاتها والفارق هو في المساحة الكبيرة المقدمة للمناورة السياسية والدبلوماسية التي تبدو بلا حدود، حيث سينتقل أوباما إلى الحوار المباشر مع سورية وإيران. أستطيع التقدير ووفقاً للتقرير أن الوضع سيتطلب من أوباما اهتماماً مباشراً لما يسميه بـ "التحدي الإيراني" والوضع الهش في العراق، ولبنان وفلسطين، وعملية "السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية" وسمعة أمريكا السيئة في المنطقة، وهنا مرةً أخرى سيعمل أوباما على التركيز على إيران، وسيتقدم منها بدون أية شروط مسبقة، مع حوافز كبيرة لمحاولة منعها مواصلة قدراتها النووية، وبذات الوقت سيعمل على حشد دولي لفرض عقوبات عليها في حال الفشل. الخلاصة للتقرير أن واشنطن تعمل على إعادة تموضع إستراتيجي في هذه البقعة الهامة في العالم، الأمر الذي أكدت عليه استخلاصات تقرير بيكر ـ هاملتون. على الصعيد الفلسطيني ينبغي فوراً إنهاء الخلافات والانقسام، نحو وحدة وطنية فلسطينية تواجه المستجدات السياسية. وأستطيع القول إجمالاً أن الإدارة الجديدة ستنقل الحال في السياسة الأمريكية الخارجية في منطقتنا، من دبلوماسية القوى الصلدة العارية في ولايتين لبوش، إلى دبلوماسية "القوة المخملية" أو القفازات الحريرية كما يقال، وبالإدراك أن الشرق الأوسط وموقعه الجيو ـ إستراتيجي وموارد الطاقة وأهميتها، والتزام أمريكا بـ "إسرائيل" سيبقى حيوياً للولايات المتحدة إلى عقود مقبلة، وهو ما ورد بالتقرير، والمطلوب أولاً موقف عربي واحد جماعي صريح الالتزام قولاً وفعلاً، يقول المصالح الكبرى الأمريكية تقابلها الحقوق المشروعة للعرب، أخيراً قبل عام من استلامه لن نشهد نشاطاً جدياً على صعيد الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني. س8: أين يقع دور اليسار الفلسطيني في ظل الاستقطاب الحادث بين فتح وحماس؟ الجبهة الديمقراطية والقوى التقدمية والديمقراطية هي التي راكمت على المزاج الجماهيري في صفوف شعبنا من اجل عقد الحوار الوطني الفلسطيني الشامل في مارس/ آذار 2005 بالقاهرة ثم هي نفسها بعد أن تعطل تنفيذ إعلان القاهرة هي التي راكمت الجهود من جديد ووقعت لاحقا وثيقة الأسرى لتصبح مسودة لحوار فلسطيني شامل من جديد. ولقد ضغطنا ونجحنا من أجل جمع الجميع مرة أخرى على مائدة الحوار الشامل في غزة وأنجزنا وثيقة برنامج الوفاق الوطني في 26 يونيو/ حزيران 2006 ووقعت عليه كل القوى. لكن أيضا هذه البرامج الوحدوية الديمقراطية تعطلت مرة أخرى بارتداد حماس وفتح عن وثيقة الوفاق الوطني وقيامهما بتوقيع اتفاق محاصصة ثنائي في مكة المكرمة 8 فبراير/ شباط 2007 فتح الباب لجحيم الحرب الأهلية والانقلابات السياسية والعسكرية. انتصرت الحلول الوحدوية الديمقراطية في إعلان القاهرة وبرنامج وثيقة الوفاق الوطني وقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، لبناء الوحدة الوطنية وفق قوانين حركات التحرر الوطني في العالم وتجربة شعبنا، وقوانين الانتخابات الديمقراطية وفق التمثيل النسبي الكامل لإعادة بناء مؤسسات السلطة والمجتمع في الضفة والقدس وقطاع غزة، ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وفي المقدمة انتخاب البرلمان الموحد (المجلس الوطني) للشعب في الوطن والشتات، ليضع البرنامج السياسي الموحد لإنجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني بتقرير المصير والدولة المستقلة والعودة، وهذه أطروحات الجبهة الديمقراطية ومساندة القوى الوطنية الديمقراطية الأخرى، ولكن جنوح فتح وحماس للاحتكار الانقسامي اللا ديمقراطي عطّل البرامج الوحدوية الديمقراطية (قرارات إعلان القاهرة، وثيقة الوفاق الوطني، قيادة سياسية موحّدة، جبهة مقاومة متحدة بغرفة عمليات مشتركة). النضال يتواصل لحوار وطني شامل أو العودة للشعب بانتخابات للسلطة ومنظمة التحرير والمجتمع في الوطن المحتل والشتات وفق التمثيل النسبي الكامل.
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حواتمة: وضع شروط مسبقة للحوار تهدف الى تعطيلة
-
حواتمة: الصيغة اللبنانية هي الصيغة الأسلم لاعمار قطاع غزة
-
حواتمة:الحديث عن مرجعية بديلة لمنظمة التحرير- فرقعة إعلامية
-
نايف حواتمة: قبل أن يقع الانقسام بين فتح وحماس، نحن دعاة قوا
...
-
حواتمة: يجب أن ننتقل من التنسيق إلى ما هو أرقى من جبهة مقاوم
...
-
حواتمة: أكد أن إصلاح منظمة التحرير لا يتم عبر التلاعب بشرعيت
...
-
نايف حواتمة - ربط للحوار الوطني الفلسطيني الشامل بأية قضايا
...
-
نايف حواتمة..... من المبكر جداً الحكم على السياسة الأمريكية
...
-
حواتمة في حوار مع فضائية أبو ظبي
-
نايف حواتمة: دعونا إلى جبهة مقاومة وغرفة عمليات وجبهة سياسية
...
-
حواتمة - ضرورة إعلان سياسي في غزة والضفة لإنهاء الانقسام وتش
...
-
حواتمة: استهدافات إسرائيلية محددة لإعادة صياغة المعادلات مع
...
-
حواتمة يؤكد علم دول عربية مسبقاً بالعدوان على غزة
-
حواتمة : ندعو الجميع إلى جبهة مقاومة متحدة في الميدان وإنهاء
...
-
مشروع إسرائيلي لضم 10% من الأراضي المحتلة عام 1967
-
حواتمة يدعو لتشكيل جبهة فلسطينية متحدة لمقاومة -عملية عسكرية
...
-
حواتمة: إنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية المدمّرة ط
...
-
حواتمة في حوار مع فضائية القدس ضمن برنامج -البوصلة-
-
الوحدة الوطنية والمرجعية ... ومطاردة البديهيات
-
حواتمة: عدم التوقيع على المشروع المصري قبل الحوار يحول الاتف
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|