طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:29
المحور:
القضية الفلسطينية
ربما لم يكن الشارع الفلسطيني في أمس الحاجة إلى رجلٍ يجمع شتاته بين اليمين واليسار أكثر من هذه الأوقات، فالحرب العدوانية البربرية على غزة من قبل القوات الإسرائيلية قد أماطت اللثام عن حقيقة الشرخ الواقع بين الفرقاء الفلسطينيين، والذي وصل بكل طرف منهم إلى تخوين الطرف الآخر إلى درجة لا يمكن للعقل أن يتصورها، وهو ما أوقع الفلسطينيين في حيرة، حيث أن الصورة القاتمة للواقع الحالي، هي أنه ما من أملٍ للوصول إلى توحيد الصفوف بأية حالٍ من الأحوال.
ولعل الرجل الذي يبدو لنا أن بإمكانه أن يجمع أخوة الشتات هو الرجل الذي تدور الأخبار في الكواليس عن قرب موعد الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية، وذلك في ما تسرب عن محادثات تسوية مسألة الأسرى الفلسطينيين في مقابل الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط، والجارية حالياً في الوسط العام.
إنه مروان البرغوثي، رهين الحبس منذ نيسان 2003 .
فمروان البرغوثي الذي يعطل الإفراج عنه عدم التوصل إلى تسوية في ملف المناضل أحمد سعدات من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والذي يمتلك كاريزما فريدة من نوعها، قادرة على التعامل مع الجميع، وكسب احترام جميع أبناء الأرض المحتلة، يُعد وحده الشخصية الموجودة على الساحة حالياً ، والتي بإمكانها أن تحقق الوحدة بين الفرقاء، ليقفوا صفاً في الجبهة الداخلية بمواجهة الكيان الإسرائيلي.
فبعد رحيل الرئيس ياسر عرفات عن الساحة العربية – سواء اختلفنا حوله أو اتفقنا - لم يجد المواطن البسيط شخصاً بإمكانه أن يعقد عليه آماله، يتحدث عنه في كل ظرف كان، في أوقات الفرح وأوقات الحزن، يكون صوت الجميع، ويعمل من أجل الجميع. فلم يستطع أياً كان أن يشغل الفراغ الذي تركه الرئيس الراحل، أن يكون رمزاً تلتف حوله القلوب، يكون مفاوضاً بامتيازه، ومناضلاً بامتياز.
لذا فإن قرب موعد الإفراج عن مروان البرغوثي يطرح على القيادات الفلسطينية تحديات جديدة، وهي أنها على موعد مع رقم صعب في المعادلة الوطنية، شخصٍ لن تستطيع أي قيادة أن تتجاوزه، وألا تضعه في حساباتها، ولعل ذلك هو السبب الذي يدعوني للقول بأن البرغوثي هو الشخص الذي بإمكانه أن يعيد الوحدة إلى الفصائل الفلسطينة، وأن يكون صمام الأمان للنضال الفلسطيني المشترك في المستقبل القريب.
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟