|
المصالحة الفلسطينية ضرورة وليست خيارا
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 04:27
المحور:
القضية الفلسطينية
هل كان من الضروري أن يحدث الانقسام والحصار ومجزرة غزة لنكتشف أهمية وضرورة المصالحة والوحدة الوطنية؟وهل كان من الضروري المراهنة مجددا على العالم الخارجي بكل أبعاده الإقليمية والدولية الرسمية والشعبية لنكتشف أن ما حك جلدك مثل ضفرك ولن يكون احد أكثر فلسطينية من الفلسطينيين؟ وهل كان الأمر يحتاج لكل هذه المعاناة المباشرة من تقتيل واستيطان واعتقالات وتصفيات وتحريض وتخوين وتكفير لأهلنا في غزة و الضفة والمعاناة غير المباشرة لأهلنا في الشتات وهم يبكون ويتألمون على ما وصلت إليه أمورنا في الداخل،لنكتشف أن لا بديل عن الوطن إلا الوطن ولا بديل عن المشروع الوطني إلا المشروع الوطني التحرري،ولنكتشف أن الوطن ليس حكومة وسلطة وأن غزة ليست فلسطين؟وهل كنا بحاجة للانتظار حتى يصل اليمين الصهيوني للحكم في إسرائيل الذي لا يؤمن بالسلام ولا يعترف بأي مواثيق واتفاقات مع الفلسطينيين لنكتشف أن المفاوضات عبثية وأن ما جنته إسرائيل منها أكثر بكثير مما جناه الفلسطينيون ولنكتشف أن المشروع الوطني مهدد بالضياع والقضية الوطنية برمتها أصبحت في مهب الريح؟.
لقد انفض الموسم، الموسم الذي صاحب العدوان على غزة، إلا ممن يصرون على توظيف المشهد المأساوي لأغراض ليس لها علاقة بفلسطين،سواء كان هؤلاء قوى سياسية أو فضائيات.خرجت الجماهير العربية والإسلامية والأجنبية في مسيرات ومظاهرات ،احتجوا ولعنوا وهددوا وبكوا ثم عادوا إلى بيوتهم في انتظار مجزرة صهيونية جديدة ومظاهرات جديدة ،ربما التحرك الشعبي يبلغ رسالة مهمة للأنظمة وخصوصا العربية والإسلامية التي لها مشاكل مع الجماعات الإسلامية ومع جمهورها بشكل عام، وربما يُبنى علي هذا التفاعل الجماهيري مع القضية للمستقبل إن أحسنا كفلسطينيين توظيفه للمصلحة الوطنية وليس لحسابات حزبية،ولكن لا يمكن لهذه الجماهير تقديم مدد حقيقي الآن للفلسطينيين لمواجهة العدوان الصهيوني، ونحن نقدر الظروف التي تعيشها الجماهير مع أنظمة الحكم,جمعت ملايين الدولارات وآلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية الخ ودخل منها القليل والكثير ينتظر إذنا من العدو .عُقدت قمة الممانعة في الدوحة ولم ينتج عنها إلا قرارات هروب للأمام ومزيد من انقسام الحالة العربية،واجتمعت دول الاعتدال ولم يخرج عنها إلا تأكيد مواقف سابقة وإحساس متزايد بالخوف على أنظمتهم ووجودهم.الفلسطينيون وحدهم بقوا في الميدان في مواجهة الدمار والحصار وعذابات الآلاف من أسر الشهداء والجرحى وفي مواجهة الاعتداءات والاستيطان وفي مواجهة حكومة إسرائيلية يمينية قادمة لا تهدد فقط حركة حماس والمقاومة بل تهدد مشروع السلام الفلسطيني وتعلن بوضوح أن الضفة جزء من ارض إسرائيل ولا تقسيم للقدس ،فماذا نحن فاعلون؟. مع أنه ليس اللقاء الأول للحوار الذي يجري في القاهرة فهناك ماراثون طويل من الحوارات التي عمقت الشرخ أكثر مما جسرت الهوة ،ومع ذلك كلنا أمل أن أطراف المعادلة من الفلسطينيين- وخصوصا حركتي فتح وحماس- أصبحوا أكثر إدراكا لخطورة المرحلة ولثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم ،وأكثر إدراكا لمعادلة جديدة للصراع في المنطقة تُطبخ على نار هادئة سيكون وقودها كل الحالة النضالية الفلسطينية والتاريخ الوطني،معادلة ستتجاوز منظمة التحرير وحركة فتح وحركة حماس وكل من ينتمي لنهج الثورة والجهاد،وكلنا أمل أن يدرك الذاهبون للقاهرة للمصالحة بان الانقسام الداخلي حوَّلنا إلى لاعبين صغار في قضية هي قضيتنا الوطنية،ومع ذلك فإننا نؤمن انه لا يمكن أن يمر أي مخطط تصفوي لقضيتنا إلا إذا وجد المخططون أدوات فلسطينية لتمريره ومن هنا تأتي أهمية المصالحة الوطنية.
حتى ندرك أهمية المصالحة الوطنية علينا أن نتصور ما سيكون عليه حالنا لو فشلت جهود المصالحة الوطنية؟ما هو مستقبل قطاع غزة؟ ما هو حال ومصير الضفة والقدس؟ ما هو مصير الشعب الفلسطيني بالشتات؟ما هو مصير القضية الفلسطينية برمتها؟.فلنفترض أن الحصار قد رُُفع عن القطاع وأن التهدئة قد ثبتت وان المعابر(خصوصا معبر رفح) قد فُتحت بدون مصالحة،فماذا بعد؟هل ستكون غزة دولة قائمة بذاتها؟.وما العلاقة التي ستربطها بالضفة؟وهل ستتحول غزة قاعدة للانطلاق لتحرير الضفة فيما فصائل المقاومة ملتزمة بالتهدئة ؟وهل سيعترف العالم بدولة غزة كبديل عن الدولة الفلسطينية؟وهل سيكون لدولة غزة جواز سفر وبطاقة هوية ومناهج تعليم وسفارات خاصة بها؟.أيضا التساؤلات تفرض نفسها بالنسبة للضفة الفلسطينية،ذلك أن فصل غزة عن الضفة معناه أن تتفرد إسرائيل بالضفة استيطانا وتهويدا وان ينتهي وجود المشروع الوطني هناك حيث العدوان القادم سيكون على الضفة بعد أن تؤمن إسرائيل حدودها مع غزة بالتهدئة،وحيث الحكومة الفلسطينية هناك مجرد مسيرة لأعمال الحياة اليومية للمواطنين دون حول ولا قوة لها لوقف الاستيطان وحملات الاغتيال والاعتقال التي يقوم بها العدو.فشل المصالحة الوطنية معناه تكريس الانقسام واختزال فلسطين بغزة وقد لا تمانع دول كثيرة بالاعتراف بحكومة غزة إن كان ثمن هذا الاعتراف تخلي الفلسطينيين عن المقاومة و الضفة والقدس وحق العودة أو تركها للمجهول، وأسئلة كثيرة مقلقة ستفرض نفسها فيما لو فشلت المصالحة الوطنية. وأخيرا نناشد القادة الذاهبين للقاهرة أن لا تخذلوا شعبكم فالشعب وبالرغم من المرارة التي أصابته نتيجة ممارساتكم الخاطئة ما زال يراهن عليكم لإخراج الشعب والقضية من الحالة المدمرة التي يمر بها،ما زال الشعب يراهن على الحس الوطني عندكم ويراهن أنكم لا يمكن أن تخذلوا دماء الشهداء وعذابات الأسرى والجرحى والأرامل واليتامى،الشعب يمكنه أن ينسى كل أخطائكم وخطاياكم إن تصالحتم من اجل المصلحة الوطنية والمشروع الوطني،و الذي سيقدم منكم تنازلات أكثر للطرف الوطني الآخر سيحترمه الشعب أكثر لآن من يتنازل للمصلحة الوطنية هو الأكثر وطنية وليس الذي يكابر ويعاند ويتمسك بمصالحه الحزبية.بديل المصالحة هو نهاية المشروع الوطني التحرري وآنذاك لن يُحمِّل الشعب والأجيال القادمة إسرائيل المسؤولية عن ذلك بل سيحملها للنخب السياسية التي شاركت بالانقسام وتهربت من المصالحة.
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الفلسطينية بين تسوية مأزومة واجندة الإسلام السياسي
-
الشعب الفلسطيني لا يُقاد إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية
-
الحرب على غزة بين حسابات الأوطان وحسابات الأحزاب
-
العدوان على غزة والمفاهيم الملتبسة للنصر والهزيمة
-
مصير قطاع غزة والمشروع الوطني بين مجلس أمن متواطئ وقمة عربية
...
-
الحصار:المخاض العسير لولادة إملرة غزة
-
العقل السياسي العربي وتداخل الهويات:المشهد السياسي الفلسطيني
...
-
سؤال المصالحة الفلسطينية:كيف ننجح المصالحة وليس هل تنجح المص
...
-
إما أن يحافظ الفلسطينيون على مشروعهم الوطني أو يعودوا للوصاي
...
-
تساؤلات حول ولاية الرئيس أبو مازن
-
صعوبة الحياد ومنزلقات الانحياز في الحياة السياسية الفلسطينية
-
المصالحة الفلسطينية بين شروط الرباعية وممانعة حركة حماس
-
حكومة تسيير اعمال ام حكومة الطريق الثالث
-
مصر وتداعيات القضية الفلسطينية
-
حكومة تسيير أعمال أم حكومة الطريق الثالث؟
-
حركة «فتح» والمشروع الوطني ...والحكومة
-
ليست أزمة مفاوضات بل أزمة نخبة ومشروع وطني
-
مفارقات المشهد السياسي الإسرائيلي
-
مقال خارج السياق
-
وللعقل علينا حق
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|